المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٦

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجنب يتوضأ ثم ينام

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب إذا التقى الختانان

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة عشر

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الحيض

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

- ‌باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن في حجر امرأته وهي حائض

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من سمى النفاس حيضًا

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مباشرة الحائض

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ترك الحائض الصوم

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستحاضة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل دم المحيض

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاعتكاف للمستحاضة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصَةً مُمَسَّكة فَتَتَبَّع بها أثر الدم

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المحيض

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مخلقة وغير مخلقة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: إقبال المحيض وإدباره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب: لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عِرق الاستحاضة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المرأة تحيض بعد الإِفاضة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا رأت المستحاضة الطهر

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة على النفساء وسنتها

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب التيمم

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المتيمم هل ينفخ فيهما

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم للوجه والكفين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌‌‌لطائف إسناده:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب التيمم ضربة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وجوب الصلاة في الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عقد الأُزر على القفا في الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا كان الثوب ضيقًا أي كيف يفعل المصلي

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة في الجبة الشامية

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية التعري في الصلاة

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يستر من العورة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة بغير رداء

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يذكر في الفخد

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب في كم تصلي المرأة من الثياب

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذ صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إن صلّى في ثوب مصلَّب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى من ذلك

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الأحمر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أصاب ثوب المصلّي امرأته إذا سجد

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الحصير

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الخمرة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌باب الصلاة على الفراش

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السجود على الثوب في شدة الحر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في النعال

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الخفاف

- ‌الحديثُ التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يتم السجود

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافي في السجود

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

ثم قال: قال أبو عبد الله: صبأ خرج من دين إلى غيره، وهذه في رواية المستملي وحده، ووقع في نسخة الصغانيّ: صبأ فلان انخلع، وكذلك أصبأ، والمراد بأبي عبد الله البخاريُّ نفسه. ثم قال: وقال أبو العالية: الصابئين فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور، وهذا أيضًا في رواية المستملي وحده، ووقع في نسخة الصغاني: أصبُ أمِل، وقيل: هم منسوبون إلى صابىء بن متوشلح عم نوح عليه السلام. وروى ابن مردويه بإسناد حسن عن ابن عباس قال: الصابؤن ليس لهم كتاب. وقال البيضاويّ: الصابئين قوم بين النصارى والمجوس. وقيل: أصل دينهم دين نوح. وقيل لهم عبدة الملائكة، وقيل: عَبَدة الكواكب.

وإنما أورد المصنف هذا هنا ليبين الفرق بين الصابي المروي في الحديث، والصابىء المنسوب لهذه الطائفة المذكورة. قلت: يحتمل عندي، وهو الظاهر، أنّ البخاريّ أتى بهذا قاصدًا تفسير اللفظ المذكور في الحديث، لما تدل عليه نسخة الصغانيّ. وهذا التعليق وصله ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه. وأبو العالية المراد به الرَّيَّاحيّ، وقد مرَّ في تعاليق الثاني من كتاب العلم. ثم قال

‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

قوله: المرض، أي المتلف وغيره، كزيادته ونحو ذلك، كشين في عضو. وقوله: أو خاف العطش، أي لحيوان محترم من نفسه أو رقبته، ولو في المستقبل، أو غير ذلك من كل محترم. وقوله: تيمم، وللأصيليّ وابن عساكر يتيمم، أي مع وجود الماء. ثم قال: ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة، وتلا {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف. هذا التعليق رواه أبو داود والحاكم عن يحيى من أيوب موصولًا بلفظ "احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذاتِ السلاسل، فأشفقت أن أغتسل فأهلك، فتيممت فصليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت

" فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله تعالى يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ

ص: 266

بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل شيئاً، وروياه عن عمرو بن الحارث وقال في القصة "فغسل مغابنه وتوضأ" ولم يقل "وتيمم" وقال فيه "لو اغتسلت مت". وذكر أبو داود أنّ الأوزاعيّ روى عن حسّان بن عطية هذه القصة، فقال فيها: فتيمم، ورواها عبد الرزاق من وجه آخر ولم يذكر التيمم، والسياق الأول أليق بمراد المؤلف، وإسناده قويّ، لكنه علقه بصيغة التمريض لكونه اختصره. وقال البيهقيّ: يمكن الجمع بين الروايات بأنه توضأ ثم تيمم عن الباقي. قال النوويّ هو متعين، ووجه استدلاله بالآية ظاهر من سياق اللفظ الذي ذكرناه، وقد أوهم ظاهر سياقه أن عمرو بن العاص تلا الآية لأصحابه وهو جنب، وليس كذلك، وإنما تلاها بعد أن رجع للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمّره على غزوة ذات السلاسل، كما يأتي في المغازي إن شاء الله تعالى.

وقوله: فلم يعنف، بحذف المفعول للعلم به، أي لم يَلُم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرًا، فكان ذلك تقريرًا دالًا على الجواز. وفي رواية الكشميهنيّ: فلم يعنفه، بزيادة هاء الضمير. وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاكَ، سواء كان لأجل بردٍ أو غيره. وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين، وجواز الاجتهاد في زمنه صلى الله عليه وسلم.

وعمرو هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هُصيص بن كعب بن لؤي القرشيّ السَّهميّ، يكنى أبا عبد الله، ويقال أبو محمد. وأمه النابغة بنت حَرْمُلة، سُبيتْ من بني جلان بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وأخوه لأمه عمرو بن أُثاثَة العَدَويّ. كان من مهاجرة الحبشة، وعقبة بن نافع بن عبد القيس، وزينب بنت عفيف بن أبي العاص أُم هؤلاء وأُم عمرو واحدة، وهي بنت حَرْمُلة المذكورة. ذكروا أنه جعل لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرًا عن أمه، وهو على المنبر، قال: فسأله، فقال: أمي سلمى بنت حرملة، تلقب النابغة من بني عنزة، ثم أحد بني جلان، أصابتها رماح العرب فبيعت بعكاظ، اشتراها الفاكِه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جُدَعان، ثم صارت إلى العاص بن وائل، فولدت له فأنجبت، فإن كان جعل لك شيء فخذه.

ص: 267

والصحيح أن إسلامه كان في صفر سنة ثمان، قدم هو وخالد بن الوليد وطلحة بن عثمان مسلمين، فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إليهم قال:"قد رمتكم مكة بأفلاذ كبدها" وكان قدومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين بين الحُديبية وخيبر. قيل: إنه لم يأت من أرض النجاشيّ إلَّا معتقد الإِسلام، وذلك أنّ النجاشيّ قال له: يا عمرو كيف يَعْزُب عندك أمر ابن عمك؟ فوالله إنه لرسول الله حقًا. قال: أنت نقول ذلك؟ قال: إيْ والله، فأظعن فخرج من عنده مهاجرًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وذكر الزبير بن بكار أن رجلًا قال لعمرو: ما أبطاكَ عن الإِسلام وأنت أنت في عقلك؟ قال: إنّا كنا مع قوم لهم علينا تقدم، وكانوا ممن يوازي خلوبهم الخبال، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أنكروا عليه، فلذنا بهم، فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا وتدبرنا، فإذا هو حق بَيِّن، فوقع في قلبي الإِسلام، فعرفت ذلك قريش مني من إبطائي عما كنت أسرع فيه من عونهم عليه، فبعثوا إليّ رجلًا منهم، فناظرني في ذلك، فقلت: أنشدك ربك ورب من قبلك ومن بعدك، أنحن أهدى أم فارس والروم؟ قال: نحن أهدى. قلت: فنحن أوسع عيشًا أم هم؟ قال: هم، قلت: فما ينفعنا فضلنا عليهم إن لم يكن لنا فضل إلَّا في الدنيا، وهم أعظم منا فيها أمرًا في كل شيء؟ وقد وقع في نفسي أنّ الذي يقوله محمد من أن البعث بعد الموت ليُجزي المحسن بإحسانه، والمُسيء بإساءته حق، ولا خير في التمادي في الباطل.

وروي عن عمرو بن إسحاق قال: استأذن جعفر بن أبي طالب النبي صلى الله عليه وسلم. في التوجه إلى الحبشة، فأذن له. قال عُمير: فحدثني عمرو بن العاص قال: لما رأيت مكانه قلت: والله لأستقلنَّ لهذا وأصحابه، فذكر قصتهم مع النجاشيّ قال: فلقيت جعفر، فذهب معي خاليًا فاسلمت قال: وبلغ ذلك أصحابي فغنموني وسلبوني كل شيء، فذهبت إلى جعفر، فذهب معي إلى النجاشيّ، فردوا عليّ بكل شيء أخذوه.

ولما أسلم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه، لمعرفته وشجاعته، وأمَّره على

ص: 268

غزوة ذات السلاسل، وقال له:"يا عمرو، إني أريد أن أبعثك في جيش يُسلمك الله ويُغْنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، فقلت: يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، بل أسلمت رغبة في الإِسلام. قال: يا عمرو، نعم المال الصالح للرجل الصالح" فبعثه إلى أخوال أبيه العاص بن وائل من بَلِيّ يدعوهم إلى الإِسلام في ثلاث مئة، فسار حتى إذا كان بماء بأرض جُذام يقال له السلاسل، وبذلك سميت تلك الغزوة ذات السلاسل، خاف، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فأمده بمئتي فارس من المهاجرين والأنصار وأهل الشرف، فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وأمَّر عليهم أبا عُبيدة، فلما قدموا على عمرو قال: أنا أميركم، وإنما أنتم حدوي. وقال أبو عبيدة: بل أنت أمير من معك، وأنا أمير من معي، فأبى عمرو، فقال أبو عبيدة: يا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إليّ إذا قدمتَ إلى عمرو فتطاوعا ولا تختلفا، فإن خالفتني أطعتك. قال عمرو: فإني أخالفك، فسلّم له أبو عبيدة، وصلى خلفه في الجيش كله، وكانوا خمس مئة.

وكان عمرو أحد الدهاة المقومين في المكر والرأي والدهاء، وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إذا استضعف رجلًا في رأيه وعقله يقول: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد، يريد خالق الأضداد، وكان عمر رضي الله عنه إذا نظر إلى عمرو يمشي قال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلَّا أميرًا. وقال قُبيصة بن جابر: صحبت عمرو بن العاص فما وجدت رجلًا أبْينَ قرآنًا، ولا أكرم خُلُقًا، ولا أشبه سريرة بعلانية منه. وأخرج عن طلحة، أحد العَشْرة، رفعه:"عمرو بن العاص من صالحي قريش".

ورجال سنده ثقات، وأخرج أحمد أيضًا والنَّسائيّ بسند حسن عن عمرو بن العاص قال: فزع أهل المدينة فزعًا فتفرقوا فنظرت إلى سالم مولى أبي حُذيفة في المسجد، عليه سيف مختفيًا ففعلت مثل فعله، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"لا يكون فزعكم إلى الله ورسوله إلا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان". وأخرج ابن سعد بسند رجاله ثقات، إلى ابن أبي مليكة مرفوعًا "نعم أهل البيت

ص: 269

عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله، وكان عمرو بن العاص من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية، مذكور بذلك فيهم، وكان شاعرًا حسن الشعر، ومن شعره في أبيات له يخاطب عمارة بن الوليد عند النجاشيّ:

إذا المرءُ لم يترك طعامًا يحبه

ولم ينه قلبًا غاويًا حيث يمما

قضى وطرًا منه وغادر سبةً

إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما

ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عُمان، ولم يزل عليها حتى قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وولاه عمر بن الخطاب بعد موت يزيد بن أبي سفيان فلسطينَ والأُردن، وولى معاوية دمشق وبعلبك والبلقاء، وولى سعيد بن عامر بن خزيم حمص، ثم جمع الشام كلها إلى معاوية، وكتب إلى عمرو بن العاص فسار إلى مصر فافتتحها، فقتل المقاتلة، وسبي الذرية، ولم يزل عليها واليًا حتى مات عمر، فأقره عثمان عليها أربع سنين أو نحوها، ثم عزله عنها وولاها عبد الله بن سعد العامري.

وفي سنة خمس وعشرين انتفضت الإسكندربة، فافتتحها عمرو بن العاص، فقتل المقاتلة وسبي الذرية، فأمر عثمان برد السبي الذين سَبُوا من القرى إلى مواضعهم، للعهد الذي كان لهم، ولم يصح عنده نقضهم، وعزل عمرو بن العاص، وولى سعيد بن أبي سرح العامريّ، وكان ذلك بدء الشّرّ بين عمرو وعثمان، فاعتزل عمرو في ناحية فلسطين، وكان يأتي المدينة أحيانًا، ويطعن في خلال ذلك على عثمان، فلما قُتل عثمان سار إلى معاوية باستجلاب معاوية له، وشهد صفين معه، وكان منه بصفين وفي التحكيم ما هو عند أهل العلم بأيام الناس معلوم، ثم ولاه مصر، فلم يزل أميرًا عليها إلى أن مات بها، يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين، وقيل سنة ست، وقيل سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، والأول أصح. وكان له يوم مات تسعون سنة، وقيل: تسعة وتسعون. ويقال: عاش بعد عمر عشرين سنة. وكان يقول: أذكر ليلة ولد عمر، كان عمره لما ولد عمر سبع سنين.

ولما حضرته الوفاة قال: اللهم إنك أمرتني فلم أأْتمر، وزجرتني فلم أنزجر، ووضع يده في موضع الغُل وقال: اللهم لا قويّ فانتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا

ص: 270

مستكبر بل مستغفِر، لا إله إلَّا أنت، فلم يزل يرددها حتى مات. وروي عن الشافعيّ قال: دخل عبد الله بن عباس على عمرو بن العاص في مرضه الذي مات فيه، فسلم عليه وقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: أصبحت وقد أصلحتُ دنيايَ قليلًا وأفسدت من ديني كثيرًا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت، والذي أفسدت هو الذي أصلحت، لفزت، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبتُ، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمنجنيق بين السماء والأرض، لا أرقى بيدين، ولا أهبط برجلين، ففطني بفطنة أنتفع بها يا ابن أخي. فقال ابن عباس: هيهاتَ يا أبا عبد الله، صار ابن أخيك أخاك، ولا تشاء أن تبكي إلَّا بكيت، كيف يوم يرحل من هو مقيم؟ فقال عمرو: وعلى حبها من حين ابن بضع وثمانين سنة، تقنطني من رحمة ربي، اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك، فخذ مني حتى ترضى. فقال ابن عباس: هيهات يا أبا عبد الله، أخذت جديدًا، وتعطي خَلَقًا، فقال عمرو: وما لي ولك يا ابن عباس؟ ما أرسل كلمةً إلا أرسلت نقيضها. وعن عبد الرحمن بن شَمّاسة قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاةُ بكى، فقال ابنه عبد الله: لم تبكي أجزعًا من الموت؟ فقال: لا ولكن لما بعده. فقال له: قد كنت على خير، فجعل يذكره صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتوحه الشام. فقال له عمرو: تركت أفضل من ذلك، شهادة أن لا إله إلا الله، إني كنت على ثلاث أطباق ليس منها طبق إلَّا عرفت نفسي فيه، كنت أول شيء كافرًا، فكنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو مت يومئذ وجبت لي النار، فلما بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم-كنت أشد الناس حياءًا منه، فما ملأت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم حياءًا منه، فلو مت يومئذ قال الناسُ: هنيئًا لعمرو، أسلم وكان على خير، ومات على خير، وأحواله فترجى له الجنة، ثم بليت بعد ذلك بالسلطان وأشياء، فلا أدري أعَليّ أم لي، فإذا مت فلا تبكي عليّ باكية، ولا يتبعني مادح ولا نار، وشدوا عليّ إزاري، فإني مخاصم، وشنوا عليّ الترابَ شنًّا، فإن جنبي الأيمن ليس باحق بالتراب من جنبي الأيسر، ولا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرًا، وإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدرَ نحر جَزور، أستأنس بكم.

ص: 271

له تسعة وثلاثون حديثًا، اتفقا على ثلاثة، وانفرد البخاري بطرف حديث، ومسلم بحديثين. روى عنه ولداه عبد الله ومحمد، وقيس بن حازم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو قيس مولى عمرو، وعبد الرحمن بن شماسة، وأبو عثمان النهديّ وقُبيصة بن ذُؤيب، وآخرون.

ص: 272