المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الحادي والعشرون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٦

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجنب يتوضأ ثم ينام

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب إذا التقى الختانان

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة عشر

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الحيض

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

- ‌باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن في حجر امرأته وهي حائض

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من سمى النفاس حيضًا

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مباشرة الحائض

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ترك الحائض الصوم

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستحاضة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل دم المحيض

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاعتكاف للمستحاضة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصَةً مُمَسَّكة فَتَتَبَّع بها أثر الدم

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المحيض

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مخلقة وغير مخلقة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: إقبال المحيض وإدباره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب: لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عِرق الاستحاضة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المرأة تحيض بعد الإِفاضة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا رأت المستحاضة الطهر

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة على النفساء وسنتها

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب التيمم

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المتيمم هل ينفخ فيهما

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم للوجه والكفين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌‌‌لطائف إسناده:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب التيمم ضربة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وجوب الصلاة في الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عقد الأُزر على القفا في الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا كان الثوب ضيقًا أي كيف يفعل المصلي

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة في الجبة الشامية

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية التعري في الصلاة

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يستر من العورة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة بغير رداء

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يذكر في الفخد

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب في كم تصلي المرأة من الثياب

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذ صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إن صلّى في ثوب مصلَّب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى من ذلك

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الأحمر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أصاب ثوب المصلّي امرأته إذا سجد

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الحصير

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الخمرة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌باب الصلاة على الفراش

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السجود على الثوب في شدة الحر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في النعال

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الخفاف

- ‌الحديثُ التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يتم السجود

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافي في السجود

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌الحديث الحادي والعشرون

‌الحديث الحادي والعشرون

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمِنًى أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.

قوله: في تلك الحجة، أي التي حجها أبو بكر بالناس، قبل حجة الوداع بسنة. وقوله: في مؤذِنين، بكسر الذال والنون، أي رهط يُؤذِنون في الناس. وقوله: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، بإدغام "أنْ" في "لا"، فيحتمل أن تكون تفسيرية، ولا نافية، ويحج ويطوف رفع، ويحتمل أن تكون ناصبة فيحج ويطوف نصب، ويجوز أن تقرأ "يطَوَّف" بفتح الطاء وتشديد الواو، وعند المؤلف في التفسير من رواية صالح بن كيسان "أن لا يحجنَّ" وهو يعين ذلك للنهى، وللكشميهنيّ "ألا لا يحج" بتخفيف اللام للاستفتاح قبل حرف النهي.

وقوله: بعد العام، الظاهر أن المراد به بعد خروج هذا العام، لا بعد دخوله. وقال العيني: ينبغي أن يدخل هذا العام أيضًا بالنظر إلى التعليل، وهذا منتزع من قوله تعالى {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] والآية صريحة في منع دخولهم المسجد الحرام، ولو لم يقصدوا الحج، لكن لما كان الحج هو المقصود الأعظم، صرّح لهم بالمنع منه، فيكون ما وراءه

ص: 409

أوْلى بالمنع، والمراد بالمسجد الحرام هنا الحَرَم كله.

وقوله: لا يطوف بالبيت عُريان، فيه حجة لمن لايشترط ستر العورة في الطواف كما يشترط في الصلاة، والمخالف في ذلك الحنفية، قالوا: ستر العورة في الطواف ليس بشرط، فمن طاف عريانًا أعاد ما دام بمكة، فإن خرج لزمه دم. وذكر ابن اسحاق في سبب هذا الحديث، أن قريشًا ابتدعت في الجاهلية، قبل الفيل أو بعده، أنْ لا يطوف بالبيت أحد ممن يقدم عليهم من غيرهم أول ما يطوف إلاّ في ثياب أحدهم، فإن لم يجد طاف عريانًا، فإن خالف وطاف بثيابه ألقاها إذا فرغ، ثم لم ينتفع بها. فجاء الإسلام فهدم ذلك كله.

والمراد بالتأذين في الحديث الإعلام، وهو اقتباس من قوله تعالى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3]، أي إعلام، وكون أبي بكر بعث أبا هُريرة في مؤذنين قال الطحاويّ في مشكل الآثار: إنه مشكل، لأن الأخبار في هذه القصة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا بكر بذلك، ثم أتبعه عليًا، فأمره أن يؤذن، فكيف يبعث أبو بكر أبا هُريرة، ومن معه بالتأذين مع صرف الأمر عنه بذلك إلى عليّ، ثم أجاب بأن أبا بكر كان الأمير على الناس في تلك الحجة بلا خلاف، وكان علي هو المأمور بالتأذين بذلك، وكان عليًا لم يطق التأذين بذلك وحده، احتاج إلى من يعينه على ذلك، فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره، ليساعدوه على ذلك، ثم ساق من طريق المحرز بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع عليّ حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم "ببراءة" الى أهل مكة، فكنت أنادي معه حتى يَصْحَلَ صوتي، وكان هو ينادي قبلي حتى يعيى. وأخرجه أحمد وغيره أيضًا من طريق محرز بن أبي هُريرة.

والحاصل أن مباشرة أبي هريرة لذلك كانت بأمر أبي بكر، وكان ينادي بما يلقيه إليه عليّ، مما أُمر بتبليغه، وقد أشار البخاريّ إلي هذا الحديث في باب وجوب الصلاة في الثياب، ومرَّ بعض الكلام عليه واستيفاؤه إن شاء الله تعالى هنا. وقوله: قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف

إلخ، وهذا القدر من الحديث مرسل، لأن حميدًا لم يدرك ذلك، ولا صرح بسماعه له من أبي هريرة.

ص: 410

وقال بعضهم: كان حميد بن عبد الرحمن حمل قصة توجه عليّ من المدينة إلى أن لحق أبا بكر من غير أبي هُريرة، وحمل بقية القصة كلها من أبي هريرة، لكن قد ثبت إرسال عليّ من عدة طرق موصولًا، فروى الطبريّ عن أبي صالح عن عليّ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة، وبعثه على الموسم، ثم بعثني في أثره فأدركته فأخذتها منه، فقال أبو بكر: ما لي؟ قال: خيرٌ، أنت صاحبي في الغار، وصاحبي على الحوض، غير أنه لا يبلغ عني غيري أو رجل مني. وعند الطبراني عن أبي رافع نحوه، لكن قال: فأتاه جبريل فقال: إنه لن يؤديها عنك إلَّا أنت أو رجل منك. وروى الترمذيّ، وحسنه، وأحمد عن أنس قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم براءة مع أبي بكر، ثم دعا عليًا فأعطاها إياه وقال: لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلَّا رجل من أهلي.

وهذا يوضح قوله في الحديث السابق "لا يبلّغ عني" ويعرف منه المراد خصوص القصة المذكورة لا مطلق التبليغ. وعند أحمد من حديث علىّ "لما نزلت عشر آيات من براءة، بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال: أدركْ أبا بكر، فحيثما لقيته فخذ منه الكتاب، فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله، أَنَزَل فيّ شيء؟ فقال: لا، إلَّا أنه لن يؤدي" أو "لكن جبريل قال: لن يؤدي إلّا أنت أو رجل منك" قال العماد بن كثير ليس المراد أن أبا بكر رجع من فوره، بل المراد رجع من حجته، وهذا مثل قوله السابق: فقال أبو بكر: ما لي

إلخ.

وقال في "الفتح" لا مانع من حمله على ظاهره لقرب المسافة، وأما قوله عشر آيات، فالمراد أولها؛ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] وقد قال العلماء: إن الحكمة في ارسال عليّ بعد أبي بكر أن عادة العرب جرت بأن العهد لا ينقضه إلَّا من عقده أو من هو منه بسبيل، من أهل بيته، فأجراهم في ذلك على عادتهم، ولهذا قال: لا يبلغ عني إلَّا أنا أو رجل من أهل بيتي. وقيل: انما لم يقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ أبي بكر عنه ببراءة؛ لأنها تضمنت مدح أبي بكر، فأراد أن يسمعوها من غير أبي بكر، وهذا غفلة من قائله، حمله على ظنه

ص: 411

أن المراد تبليغ براءة كلها، وليس الأمر كذلك على الصحيح. فإن المأمور بتبليغه منها أوائلها فقط، كلما يأتي قريبًا، ويأتي حديث جابر أنه قرأها حتى ختمها.

والجمع بين ذلك وقوله "أن يُؤذِن ببراءة" يجوز فيه التنوين بالرفع على الحكاية وبالجر، ويجوز أن يكون علامة على الجر فتحة، على أنها علم للسورة، وهو الثابت في الروايات. وقوله: فأذن معنا عليّ .. الخ. قال الكرماني: فيه إشكال؛ لأن عليًا كان مأمورًا بأن يُؤِذن ببراءة، فكيف يُؤذن بأنْ لا يحج بعد العام مشرك؟ ثم أجاب بأنه أذنَ براءة، ومن جملة ما اشتملت عليه، أن لا يحج بعد العام مشرك، من قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، ويحتمل أن يكون أمران يُؤذِن ببراءة، وبما أُمر أبو بكر أن يُؤذِن به أيضًا، وقد تضافرت الروايات عن أبي هريرة بأن الذي كان ينادي به هو ومن معه من قبل أبي بكر شيئان: منعُ حج المشركين، ومنع طواف العريان، وأن عليًا أيضًا كان ينادي بهما وكان يزيد "من كان له عهد فعهده إلى مدته، وأن لا يدخل الجنة إلَّا مسلم" وكان هذه الأخيرة كالتوطئة لأن لا يحج البيت مشرك. وأما التي قبلها، فهي التي اختُصَّ عليّ بتبليغها.

وفي قوله: يؤذن ببراءة، تجوّز؛ لأنه أمران يُؤذِن ببضع وثلاثين آية، منتهاها عند قوله تعالى {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] فروى الطبري عن محمد بن كعب وغيره قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرًا على الحج سنة تسع، وبعث عليًا بثلاثين أو أربعين آية من براءة. وروى الطبريّ أيضًا عن أبي الصّهباء قال: سألت عليًا عن يوم الحج الأكبر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث أبا بكر يقيم الحج للناس، وبعثني بعده بأربعين آية من براءة، حتى أتى عرفة فخطب، ثم التفت إليّ فقال: يا عليّ، قم فأدِّ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأت أربعين آية من أول براءة، ثم صدرنا حتى رميتُ الجمرة، فطفقت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم؛ لأن الجميع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة.

ص: 412

وأما ما وقع في حديث جابر فيما أخرجه الطبريّ وإسحاق في مسنده والنّسائيّ والدارميّ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن أبي الزبير عن جابر "أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من عُمرة الجُعْرانة، بعث أبا بكر على الحج، فأقبلنا معه، حتى إذا كنّا بالعرج ثوّب بالصُّبح، فسمع رُغوة ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا عليٌّ عليها فقال: أميرٌ أو رسول؟ فقال: بل أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة أقرؤها على الناس. فقدمنا مكة، فلما كان قَبْل يوم التروية بيوم، قام أبو بكر فخطب الناس بمناسكهم، حتى إذا فرغ قام عليّ فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم كان يوم النحر كذلك، ثم يوم النفر كذلك، فيجمع بينه وبين ما مرَّ بأن عليًا قرأها كلها في المواطن الثلاثة، وأما في سائر الأوقات فكان يُؤذِن بالأمور المذكورة؛ أنْ لا يحج بعد العام مشرك

الخ، وكان يستعين بأبي هريرة وغيره في الأذان بذلك.

وعند التِّرمذيّ عن مِقْسَم عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر

" الحديث، وفيه "فقام عليّ أيام التشريق، فنادى: ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، ولا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عُريان، ولا يدخل الجنة إلَّا مؤمن". فكان عليّ ينادي بها، فإذا مُجَّ قام أبو هريرة فنادى بها، وروى صعيد بن منصور والتِّرمذيّ والنَّسائيّ والطَّبريّ عن زيد بن بتيع قال: سألت عليًا: بأي شيء بُعثت؟ قال: بأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مسلم مع مشرك في الحج بعد عامهم هذا، ومن كان له عهد فعهده إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأربعة أشهر.

وروى أحمد والنَّسائيّ عن مُحْرز بن أبي هُريرة عن أبيه قال: كنت مع عليّ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ببراءة، فكنا ننادي أن لا يدخل الجنة إلَّا نفس مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأَجَله أربعة أشهر، فهذا مضت فإنّ الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج بعد العام مشرك. فكنت أنادي حتى صَحِل صوتي. وقد قال حميد بن عبد الرحمن كما رواه البخاريّ في تفسير سورة براءة: إن يوم الحج الأكبر يوم النحر،

ص: 413

واستنبطه من قوله تعالى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: 3] ومن مناداة أبي هريرة بذلك بأمر أبي بكر يوم النحر، كما في رواية شُعيب عند المصنف في الجزية، فدل على أن المراد بيوم الحج الأكبر يوم النحر.

وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس: الحج الأصغر، وفي حديث ابن عمر عند أبي داود، وأصله في الصحيح، رفعه "أيّ يوم هذا؟ قالوا: هذا يوم النحر، قال: هذا يوم الحج الأكبر" واختلف في المراد بالحج الأصغر، فالجمهور على أنه العمرة، وصل ذلك عبد الرزاق عن عبد الله بن شداد، أحد كبار التابعين، ووصله الطبريّ عن جماعة منهم عطاء والشعبى، وعن مجاهد: الحج الأكبر القِران، والأصغر الإفراد، وقيل: يوم الحج الأصغر عرفة، ويوم الحج الأكبر يوم النحر؛ لأن فيه تتكمل بقية المناسك. وعن الثّوريّ أيام الحج تسمى يوم الحج الأكبر، كما يقال: يوم الفتح. وأيده السهيلى بأن عليًا أمر بذلك في الأيام كلها، وقيل: لأن أهل الجاهلية كانوا يقفون بعرفة، وكانت قريش تقف بالمزدلفة، فهذا كان صبيحة النحر وقف الجميع بالمزدلفة، فقيل له الأكبر لاجتماع الكل فيه.

وعن الحسن، سمي بذلك لاتفاق حج جميع الملل فيه وروى الطبريّ عن أبي جحيفة وغيره أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، وعن سعيد بن جُبير أنه يوم النحر، واحتج بأن اليوم التاسع وهو يوم عرفة، إذا انسلخ قبل الوقوف لم يفت الحج، بخلاف العاشر، فإن الليل إذا انسلخ قبل الوقوف فات. وعند التِّرمذيّ من حديث عليّ مرفوعًا وموقوفًا "يوم الحج الأكبر يوم النحر" ورجح الموقوف، وقد مرَّ في أوّل الحديث أن حجة أبي بكر كانت سنة تسع، واتفقت على ذلك الروايات، وعند عبد الرزاق عن أبي هريرة في قوله {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} قال؛ لمّا كان زمن الفتح اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجُعْرانة، ثم أمَّرَ أبا بكر الصديق على تلك الحجة، قال الزّهريّ: وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمَره أن يُؤذن ببراءة، ثم أَتْبَعَ النبي صلى الله عليه وسلم عليًا

الحديث.

قال عماد الدين بن كثير: هذا فيه غرابة، من جهة أن الأمير في سنة عمرة

ص: 414

الجُعرانة كان عتاب بن أَسيد، وأما حجة أبي بكر فكانت سنة تسع. قال في الفتح: يرفع الإشكال بأن المراد بقوله: ثم أمّر أبا بكر، يعني بعد أن رجع إلى المدينة، وطوى ذكر من ولي الحج سنة ثمان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من العمرة إلى الجُعرانة، فأصبح بها، توجه هو ومن معه إلى المدينة، إلى أن جاء أوان الحج، فأمر أبا بكر وذلك سنة تسع وليس المراد أنه أمر أبا بكر أن يحج في السنة التي كانت فيها عمرة الجُعرانة.

وقوله: على تلك الحجة، يريد الآتية بعد رجوعهم إلى المدينة. واستدل بقول أبي هُريرة: بعثني أبو بكر في تلك الحجة يوم النحر، على أن حجّة أبي بكر كانت في ذي الحجة ولم يخالف في ذلك إلَّا مجاهد وعكرمة بن خالد فإنهما قالا انها كانت في ذي القعدة. أخرجه ابن سعد عن مجاهد بإسناد صحيح، والحاكم في الإكليل عن عكرمة. وقول أبي هُريرة هذا دليلٌ عليهما، وأُجيب. بأنه إن ثبت قولهما، يكون المراد بيوم النحر صبيحة يوم الوقوف، سواء كان الوقوف وقع في ذي القعدة، أو في ذي الحجة. نعم، روى ابن مردويه عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده قال: كانوا يجعلون عامًا شهرًا وعامًا شهرين، يعني يحجون في شهر واحد مرتين في سنتين، ثم يحجون في الثالث في شهر آخر غيره. قال: فلا يقع الحج في أيام الحج إلَّا في كل خمس وعشرين سنة، فلما كان حج أبي بكر وافق ذلك العام شهر الحج، فسماه الله تعالى الحج الأكبر.

ولم يبق من مباحث هذا المحل إلَّا بيان ما قيل في قوله تعالى {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] وقد مرّ لك حديث سعيد بن منصور وغيره، عن عليّ أن من كان له عهد فعهده إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأربعة أشهر، واستدل بهذا الحديث على أن قوله تعالى {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} يختص بمن لم يكن له عهد مؤقت، أو لم يكن له عهد أصلًا، وأما من له عهد مؤقت فهو إلى مدته. وروى الطبريّ عن ابن إسحاق قال: هم صنفان، صنف كان له عهدٌ دون أربعة أشهر، فأُمهل إلى تمام أربعة أشهر، وصنف كانت له مدة عهده بغير أجل، فقصرت على أربعة أشهر. وروي أيضًا عن ابن عباس

ص: 415