الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكر مالك في "الموطأ" أنه يلزم الجمال أن يحبس لها إلى انقضاء أكثر مدة الحيض، وكذا النفساء. واستشكله ابن الموّاز بأن فيه تعريضًا للفساد كقطع الطريق. وأجاب عِياض بأن محلَّ ذلك مع أمن الطريق، كما أن محله أن يكون مع المرأة مَحْرم.
ويأتي في الحديث الذي بعده الكلام على طواف الوداع.
رجاله ستة:
الأول: عبد الله بن يوسُف. والثاني: الإمام مالك. وقد مرّا في الثاني من بدء الوحي. ومرَّ عبد الرحم بن أبي بَكر في الرابع والعشرين من كتاب الوضوء. ومرت عَمرة بنت عبد الرحمن في الحديث الذي قبل هذا. ومرت عائشة في الثاني من بدء الوحي. ومرَّ أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم في باب: كيف يُقبض العلم بعد الأربعين من كتاب العلم.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وصيغة الإخبار كذلك، والعنعنة في ثلاثة مواضع، ورواته كلهم مدنيون غير عبد الله بن يوسُف فإنه مصري ثم تِنّيسي.
أخرجه البخاري هنا، ومسلم في الحج عن يحيى بن يحيى، والنسائي فيه عن الحارث بن مِسكين، وفي الطهارة عن محمد بن مسلمة.
وفي الحديث ذكر صَفِيّة بنت حُيي بن أخطب بن ثعلبة بن عُبيد بن كعب بن الخَزْرَج بن أبي حَبيب بن النَّضْر بن النحام بن تخوم من بني إسرائيل من سِبط هارون بن عِمْران، وأمها بَرّة بنت سموأل، كانت عند سلام بن مِشْكم، وكان شاعرًا، ثم خَلَفَ عليها كنابةُ بن أبي الحقيق وهو شاعر، فقتل يوم خَيبر.
وعن أبي بَرْزة: لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم خَيْبر، كانت صفيّة عروسًا في مجاسدها،
فرأت في المنام أن الشمس نزلت حتى وقعت على صدرها، فقصَّت ذلك على زوجها، فقال لها: ما تمنَّيْن إلا هذا الملك الذي نزل بنا. قال: فافتتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب عُنُق زوجها صبرًا. وقيل: إنها رأت قبل ذلك أن القمر وقع في حَجْرها، فذكرت ذلك لأمها، فلطمت وجهها، وقالت: إنك لتَمُدّينَ عُنُقَك إلى أن تكوني عند ملك العرب، فلم يزل الأثر في وجهها، حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألها عنه، فأخبرته.
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة.
وروى ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفيّة بنت حُيي بسبعة أرْؤُس. وخالفه عبد العزيز بن صُهيب وغيره عن أنس، فقال فيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع سَبْيَ خيبر، جاءه دِحية، فقال: أعطني جارية من السَّبْي. فقال: "اذهب فخُذ جاريةً"، فأخذ صفية بنت حُيي. فقيل: يا رسول الله: إنها سيدة قُريظة والنَّضير، ما تصْلُحُ إلا لك. فقال له:"خذ جارية غيرها".
وقال ابن عبد البر: اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصارت في سهمه، ثم أعتقها وجعل عِتْقَها صَداقها، لا يختلفون في ذلك، وهو خصوصي عند أكثر الفقهاء له صلى الله عليه وسلم إذ كان حكمه صلى الله عليه وسلم في النساء مخالفًا لحكم أمته.
وعن إسحاق بن يسار قال: لما افتَتَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الغموصَ حِصْنَ بني أبي الحقيق، أُتي بصفية بنت حُيي ومعها ابنة عمٍّ لها، جاء بهما بلال، فمر بهما على قتلى يهود، فلما رأتهم المرأة التي مع صفِيّة، صكَّت وجهها، وصاحت، وحثَتِ التراب على وجهها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعْزبُوا هذه الشيطانة عني"، وأمر بصفية، فجُعلت خلفه، وغَطّى عليها ثوبه، فعَرَفَ الناس أنه اصطفاها لنفسه. وقال لبلال: أنُزِعَتِ الرحمة من قلبك حين تمر بالمرأتين على قتلاهما.
وقال الواقدي: لم يخرجُ من خَيْبَر حتى طَهُرَتِ صفيّة من حيضها، فجعلها وراءه، فلما صار إلى منزلٍ على ستة أميال من خَيْبر، مال يريد أن يُعْرِس بها، فأبت عليه، فوجد في نفسه، فلمّا كان بالصهباء، وهي على بريدِ من خَيْبر، نزل
بها هناك، فمشَّطَتها أم سُليم وعطَّرتها، وكانت أضوأَ ما يكون من النساء، فدخل على أهله، فلما أصبح، سألتها عما قال لها، فقالت: قال لي: "ما حملك على الامتناع من النزولِ أولًا؟ " فقلت: خشيتُ عليك من قُرب اليهود. فزادها ذلك عنده.
وعن عَطاء بن يسار: لما قدمت صفية من خَيْبر، أُنزِلَت في بيت لحارثة بن النعمان، فتسمَّع نساء الأنصار فجئنَ ينظُرن إلى جمالِها، وجاءت عائشة مُتَنَقِّبَة، فلما خرجت، خرج النبي صلى الله عليه وسلم على إثرها، فقال:"كيف رأيت يا عائشة؟ " فقالت: رأيت يهودية. فقال: "لا تقولي ذلك، فإنَّما أسلمت وحسُنَ إسلامُها".
وعن سعيد بن المسيِّب قال: قدمت صفيَّةُ وفي أُذُنها خُوصة من ذهب، فوهبت منه لفاطمة ولنساءٍ معها.
وقال ابن سعد، عن ثابت، عن سُمَيّة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفرٍ، فاعتلَّ بعيرٌ لصفيّة، وفي إبل زَيْنب بنت جَحْش فضلٌ، فقال لها:"إن بعيرَ صفية اعتلَّ، فلو أعطيتها بعيرًا". فقالت: أنا أُعطي تلك اليهودية، فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الحجة والمحرم شهرين أوثلاثة لا يأتيها، حتى قالت زينب: يئستُ منه.
قال ابن عبد البر: كانت صفيةُ حليمةً فاضلةً عاقلةً، وكان لها جارية، فأتت عمر بن الخطاب، وقالت له: إن صفيّة تُحِبُّ السبتَ، وتصِلُ اليهود. فبعث إليها عمر، فسألها عن ذلك. فقالت: أما السبتُ فإن لم أحبَّه منذ بدَّلني الله يوم الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحمًا، وأنا أصِلُها. قال: ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان. قالت: اذهبي فأنت حُرة.
ودخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال لها: ما يُبكيك؟ قالت: بلغني أن عائشة وحفصة تنالان مني، وتقولان: نحنُ خيرٌ من صفية، نحن بناتُ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه. قال: "ألا قلتِ لهنَّ كيف تَكُنَّ خيرًا مني، وأبي هارون وعمي
موسى، وزوجي محمد؟ ".
أولم النبي صلى الله عليه وسلم عليها تمرًا وسَويقًا، وقسم لها، وكانت إحدى أمهات المؤمنين.
وعن زيد بن أسلم: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في موضعه الذي تُوفي فيه، واجتمع إليه نساؤه، فقالت صفية بنت حُيي: إني والله يا نبي الله لوَدِدْتُ أن الذي بك بي. فغَمَزْنَ أزواجُه ببصرِهِنَّ. فقال: "مَضْمِضْنَ". فقلن: من أي شيىء؟ فقال: "من تغامُزِكُنَّ بها، والله إنها لصادقة".
روت عن: النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، اتَّفَقا على واحدٍ.
وروى عنها: ابن أخيها، ومولاها كِنانة، وزَيْن العابدين بن علي بن الحسين، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن صَفْوان.
توفيت سنة اثنين وخمسين في خلافة معاوية.