الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحيض
ولابن عساكر والأصيلي إسقاط البسملة، ولأبي ذر تقديم كتاب على البسملة، وقد تقدم توجيه كل من الأمرين عند كتاب الإيمان، وفي رواية باب بدل كتاب، والتعبير بالكتاب أولى.
لما فرغ مما ورد في بيان أحكام من الأحداث أصلًا وخلقًا، شرع في بيان ما ورد في الحيض الذي هو من الأنجاس، وترجم بالحيض دون النفاس، وإن كان المراد بقوله:"كتاب الحيض" أي: وما يذكر معه من النفاس والاستحاضة، لكثرة وقوعه بالنسبة إلى وقوع النفاس. وللحيض خمسة عشر اسمًا، جمعها الناظم في قوله:
للحيض عشرةُ أسما وخمستُها
…
حيضٌ محيضٌ محاضٌ طمثٌ اكبارُ
طمسٌ عراكٌ فراكٌ مع أذى ضحك
…
درسٌ دراسٌ نفاسٌ قرءٌ اعصارُ
وهو في اللغة: السيلان. يقال: حاض الوادي، إذا سال، وحاضت الشجرة إذا سال صمغُها، وفي الشرع: دم يخرج من قَعْر رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة.
والاستحاضة: الدم الخارج في غير أوقاته، ويسيل من عرق فمه في أدنى الرحم، اسمعه العاذل بالذال المعجمة كما مرَّ في الوضوء، وحكى ابن سِيده إهمالها، والجوهري بدل اللام راء.
والذي يحيض من الحيوانات تسعة، جمعها الراجز في قوله:
امرأةٌ وفرسٌ وضبُعٌ
…
ووزَغٌ حيةٌ الخفاشُ عُوا
وناقةٌ وأرنبٌ ثمانِ
…
تحيضُ كلُّها بلا بُهتانِ
وهذهِ الصفةُ أيضًا جامعة
…
لفيلةٍ معها فهي التاسِعَهْ
وقول الله تعالى:
وللأصيلي: "عز وجل" بجر "قول" عطفًا على قوله: "الحيض" المجرور بإضافة كتاب إليه، وفي رواية:"قول الله" بالرفع، ثم قال:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} .
{الْمَحِيضِ} مصدر كالمجيء والمبيت، أي: الحيض، أي: عن حكمه. وروى الطبري عن السُّدّي أن الذي سأل أولًا عن ذلك هو ثابت بن الدَّحْداح، فقد روى مسلم وأبو داود عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت، فسُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت الآية، فقال اصنعوا كلَّ شيءٍ إلا النكاح، فأنكرت اليهود ذلك، فجاء أُسَيْد بن حُضَيْر وعبّاد بن بِشْر، فقالا: يا رسول الله: ألا نُجامِعُهُنَّ في الحيض، يعني: خلافًا لليهود، فلمَ يأذن في ذلك.
وقوله: {قُلْ هُوَ أَذًى} قال الطيبي: سمي الحيض أذىً لنتنه وقذره ونجاسته، فهو مؤذ لمن يقربه. وقال الخطابي: الأذى المكروه الذي ليس بشديد، كما قال تعالى:{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} [آل عمران: 111]. فالمعنَى أن المحيض أذى، يُعتزل من المرأة موضعه، ولا يَتَعدّى ذلك إلى بقية بدنها.
وقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} أي: اجتنبوهن، والمحيض الأول هو الحيض اتفافًا، وهذا الثاني معناه الحيض أيضًا عند الجمهور، وقيل: زمانه، وقيل: مكانه، وهو الفرج، وهذا اقتصاد بين إفراط اليهود الآخِذين في ذلك بإخراجهن من البيوت كما مر، وتفريط النَّصارى فإنهم كانوا يُجامعوهن ولا