الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: "وهي في حُجرتها" بضم الحاء المهملة جملة حالية.
وقوله: "فتُرَجِّله وهي حائض" أي: فترجل شعر رأسه، والحال أنها حائض.
وألحق عُروة الجنابة بالحيض قياسًا، وهو جلي؛ لأن الاستقذار بالحائض أكثر من الجُنُب، وألحق الخدمة بالترجيل.
وفي الحديث دلالة على طهارة بدن الحائض وعرقها، وجواز مباشرتها، وأن المباشرة الممنوعة في قوله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، المراد بها الجِماع أو ما دونه من دواعي اللذة لا اللمس.
ودل الحديث على أن إخراج المعتكف جزءً منه كيده ورأسه غير مُبطِل لاعتكافه، كعدم الحنث في إدخال بعضه دارًا حلف لا يدخُلَها، وأن الحائض لا تدخل المسجد.
وقال ابن بطّال: فيه حجة على الشافعي في قوله: إن المباشرة مطلقًا تنقُض الوضوء.
قال في "الفتح": لا حجة فيه؛ لأن الاعتكاف لا يُشترط فيه الوضوء، وليس في الحديث أنه عقَّبَ ذلك الفعل بالصلاة، وعلى تقدير ذلك فمسُّ الشعر لا ينقض الوضوء.
قلت: ما أجاب به غير ظاهر، فإن كمال النبي عليه الصلاة والسلام يقتضي أنه لا يكون معتكفًا في المسجد إلَاّ على طهارة. وقوله: إنه ليس في الحديث أنه عقَّب ذلك الفعل بالصلاة. يقال فيه: إنه ليس في الحديث أنه توضأ عُقِيب ذلك.
رجاله ستة:
الأول: إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زَاذَان التَّميمي أبو إسحاق الرازِيّ
الفرّاء المعروف بالصغير، وكان أحمد يُنْكِر على من يقول له الصغير؛ ويقول: هو كبير في العلم والجلالة.
قال أبو زُرعة: هو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة وأصح حديثًا منه، لا يحدث إلَاّ من كتابه، وهو أتقن وأحفظ من صفوان بن صالح. وقال أبو حاتم: من الثقات، وهو أتقن من أبي جعفر الجمال. وقال صالح جزرة: سمعت أبا زُرعة يقول: كتبت عن إبراهيم بن موسى مئة ألف حديث، وعن أبي بكر بن أبي شيبة مئة ألف حديث. وقال النسائي ثقة. وفي سؤالات الآجُري عن أبي داود السِّجِسْتاني: قال أبو داود: كان عند إبراهيم حديث بخطِّ إدريس، فحدث به، فانكروه عليه، فتركه. قال ابن حجر: وهذا يدل على شدة توقّيه. وقال الخليلي في "الإرشاد": ومن الحفاظ الكبار العلماء الذين كانوا يُقْرَنون بأحمد ويحيى: إبراهيم بن موسى الصغير، ثقة، إمام.
روى عن: هشام بن يوسف الصَّنْعاني، والوليد بن مُسلم، ويحيى بن أبي زائدة، وعيسى بن سُليمان، وخالد الواسطي، ويزيد بن زُرَيْع، وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود. وروى الباقون عنه بواسطة، ويحيى بن موسى خَتّ بفتح المعجمة وتشديد المثناه، وأبو زُرعة، وعَمرو بن منصور، وابن وارَه، والذُّهلي، وغيرهم.
مات سنة بضع وعشرين ومئتين.
والرازِيُّ في نسبه نسبة إلى الرَّي بالفتح، بلد معروف بين الدَّيْلم والجبال، له رَسَاتيق وأقاليم كثيرة، والنسبة إليه رازي، ألحقوا في النسب زايًا على خلاف القياس.
الثاني: هشام بن يوسف الصَّنْعاني أبو عبد الرحمن الأَنْبارِي من أبناء الفرس، قاضي صنعاء.
قال إبراهيم بن موسى: سمعت عبد الرزاق يقول: إن حدثكم القاضي،
يعني هشام بن يوسف، فلا عليكم أن لا تكتُبوا عن غيره. قال الحسين بن الحسن الرازي عن يحيى بن مَعين: لم يكن به بأس، هو أضبط عن ابن جُرَيْج من عبد الرزاق، وكذا قال الدوري عن يحيى، وزاد: وكان أعلم بحديث سفيان من عبد الرزاق، وهو ثقة. وقال إبراهيم: وسمعت هشامًا يقول: قدم الثوري اليمن، فقال: اطلبوا كاتبًا سريع الخط، فارتادوني، فكنت أكتب. وقال ابن أبي حاتم عن أبي زُرعة: كان هشام أصح اليمانيين كتابًا. وقال مرة أخرى: كان أكثرهم وأتقنهم وأحفظهم. وقال أبو حاتم: ثقة متقن. وقال العِجْلي: ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات". وقال أحمد: عبد الرزاق أوسع علمًا من هشام، وهشام أنصف منه. وقال الحاكم: ثقة مأمون. وقال الخليلي: ثقة متَّفَق عليه، روى عنه الأئمة كلهم.
روى عن: معمر، وابن جُرَيْج، والقاسم بن فَيّاض، والثوري، وعبد الله بن بُجَيْر، وإبراهيم بن عُمر بن كَيْسان، والنُّعمان بن أبي شَيْبة الجندي، وغيرهم.
وروى عنه: ابن عمه زكرياء بن يحيى بن تميم بن عبد الرحمن الصَّنْعاني، ومحمد بن إدريس الشافعي، وعلي بن المديني، ويحيى بن مَعين، وإسحاق بن راهَوَيه، وعبدالله بن محمد المُسْنِدي، وإبراهيم بن موسى الرازي، وموسى بن هارون البَرْدَعي، وغيرهم.
الثالث: عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيْج -بالتصغير- الأُمَوي مولاهم أبو الوليد أو أبو خالد المكي، أصله رومي.
قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: من أول من صنف الكتب؟ فقال: ابن جُرَيْج، وابن أبي عَروبة.
وقال ابن جُريج: لزمت عطاء سبع عشرة سنة، وجالست عمرو بن دينار بعدما فَرَغْتُ من عطاء سبع سنين، وكان يقول: ما دَوَّنَ العلمَ تدويني أحدٌ.
وقال طلحة بن عُمر المكيّ قلت لعطاء: من نسأل بعدك؟ فقال: هذا الفتى
إن عاش. وقال عطاء: شابُّ أهل الحجاز ابن جُرَيْج.
وقال علي بن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، فذكرهم، ثم قالِ: فصار علم هؤلاء إلى من صنف في العلم منهم من أهل مكة عبد الملك بن جُرَيْج.
وقال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي وغير واحد: لمن طلبتم العلم؟ فكان يقول: لنفسي، غير ابن جُرَيْج، فإنه قال: طلبته للناس.
وقال يحيى القطان: ابن جُرَيْج أثبت في نافع من مالك. وقال أحمد: ابن جُريج أثبت الناس في عطاء. وقال يحيى بن سعيد أيضًا: كنا نسمّي كتب ابن جُرَيج كتب الأمانة، وإن لم يحدثك بها ابن جُرَيْج من كتابه لم ينتفع به. وسئل عنه أبو زُرعة فقال: بخٍ من الأئمة. وقال ابن خِراش: كان صدوقًا. وقال العجلي: مكي ثقة. وقال الشافعي: استمتع ابن جُرَيْج بسبعين امرأة. وقال أبو عاصم: كان من العُبّاد، وكان يصوم الدهر إلا ثلاثة أيام من الشهر.
وقال الأثرم عن أحمد: إذا قال ابن جُريج: قال فلان، وقال فلان، وأُخْبِرتُ، جاء بمناكير، وإذا قال: أخبرني، وسمعت. فحسبك به.
وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله غير مرة يقول: كان ابن جُرَيْج من أوعية العلم. وقال المِخْراقي عن مالك: كان ابن جُرَيْج حاطب ليل. وقال إسماعيل بن داود عن ابن مَعين: ليس بشيء في الزُّهري. وقال ابن أبي مَرْيم عنه: ثقة في كل ما رُوي عنه من الكتاب.
وقال جعفر بن عبد الواحد عن يحيى بن سعيد: كان ابن جُرَيج صدوقًا، إذا قال: حدثني. فهو سماع، وإذا قال: أخبرني. فهو قراءة، وإذا قال: قال. فهو شبه الريح.
وقال سليمان بن النضر ما رأيت أصدق لهجة من ابن جُرَيْج. وقال عبد الرزاق: ما رأيت أحسن صلاةً من ابن جُرَيْج.