الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتاه كتابُ يزيد أن أبعث مع عراك حرسيًا حتى ينزله دَهْلَك، كجعفر، جزيرة بين بر اليمن والحبشة، وخذ من عراك حمولته، فقال عبد الواحد لحرسيّ: خذ بيد عراك فابتع من ماله راحلة، ثم توجه به إلى دهلك حتى تقره بها، ففعل الحرسي ذلك، وما تركه يصل إلى أمه. قال: وكان أبو بكر بن حزم قد نفى الأحوص الشاعر إلى دهلك، فلما ولي يزيد بن عبد الملك، أرسل إلى الأحوص فأقدمه عليه، فمدحه الأحوص فأكرمه.
وقال عقيل بن خالد: كنت بالمدينة في الحرس، فلما صليت العصر، إذا برجل يتخطى الناس حتى دنا من عِراك بن مالك، فلطمه حتى وقع، وكان شيخًا كبيرًا، ثم جر برجله، ثم انطلق به حتى حصل في مركب في البحر إلى دهلك، فكان أهل دهلك يقولون: جزى الله عنا يزيد خيرًا، أخرج إلينا رجلًا علمنا الله الخير على يديه.
وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال موسى بن هارون: لا نعلم لعراك سماعًا من عائشة. روى عن ابن عمر وأبي هريرة، وزينب بنت سلمة، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن وخلق. وروى عنه ابناه ختيم وعبد الله وسليمان بن يسار، وهو من أقرانه، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ ومكحول، وعقيل بن خالد وغيرهم. قال ابن سعد: مات في خلافة يزيد بن عبد الملك بالمدينة، ولم يصرح غير ابن سعد بكونه مات بالمدينة، وليس في الستة عراك سواه إلا واحد، وهو عراك بن خالد.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه ثلاثة من التابعين، وهم يزيد وعراك وعروة، ورواته ما بين مصريّ ومدنيّ، ومرّ قريبًا الكلام على مواضع إخراجه. ثم قال المصنف:
باب السجود على الثوب في شدة الحر
أي والبرد، والتقييد بشدة الحر للمحافظة على لفظ الحديث، وإلاّ فهو في
البرد كذلك، بل القائل بالجواز لا يقيده بالجاجة.
ثم قال: وقال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقَلَنْسُوة ويداه في كمه. قوله: كان القوم، أي الصحابة كما يأتي في الأثر. وقوله: والقَلَنْسُوة، هي بفتح القاف واللام وسكون النون وضم السين المهملة وفتح الواو بعدها هاء تأنيث، وقد تبدل ياء مثناة من ثمت، وقد تبدل ألفًا وتفتح السين فيقال قلنساة، وقد تحذف النون من هذه، وهي غشاء مبطَّن يستر به الرأس، وقيل: هي التي يقال لها العمامة الشاشيّة، وفي المحكم: هي من ملابس الرأس، معروفة. وقيل: هي التي تغطَّى بها العمائم، وتستر من الشمس والمطر، كأنها، على هذا، هي رأس البُرْنُس.
وقوله: ويداه في كمه، جملة حالية، أي يد كل واحد في كمه، وكأنه أراد بتغيير الأسلوب بيان كل واحد منهم، ما كان يجمع بين السجود على العمامة والقلنسوة معًا، لكن في كل حالة كان يسجد ويداه في كمه، وللكشميهني "ويديه في كمه" بالنصب بفعل مقدر، أي ويجعل يديه. واستنبط منه أبو حنيفة جواز السجود على كَوْر العمامة، وكرهه مالك، ومنعه الشافعية محتجين بأنه لمّا لم يقم المسح عليها مقام الرأس، وجب أن يكون السجود كذلك، ولأن القصد من السجود التذلل، وتمامه بكشف الجبهة.
والحسن المراد به البصريّ، وقد مرّ في الخامس والعشرين من كتاب الإيمان، وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما، ولفظه عنه "أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على قَلَنْسُوته وعمامته".