المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثالث والعشرون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٦

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجنب يتوضأ ثم ينام

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب إذا التقى الختانان

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة عشر

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الحيض

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

- ‌باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن في حجر امرأته وهي حائض

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من سمى النفاس حيضًا

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مباشرة الحائض

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ترك الحائض الصوم

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستحاضة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل دم المحيض

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاعتكاف للمستحاضة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصَةً مُمَسَّكة فَتَتَبَّع بها أثر الدم

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المحيض

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مخلقة وغير مخلقة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: إقبال المحيض وإدباره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب: لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عِرق الاستحاضة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المرأة تحيض بعد الإِفاضة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا رأت المستحاضة الطهر

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة على النفساء وسنتها

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب التيمم

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المتيمم هل ينفخ فيهما

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم للوجه والكفين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌‌‌لطائف إسناده:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب التيمم ضربة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وجوب الصلاة في الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عقد الأُزر على القفا في الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا كان الثوب ضيقًا أي كيف يفعل المصلي

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة في الجبة الشامية

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية التعري في الصلاة

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يستر من العورة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة بغير رداء

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يذكر في الفخد

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب في كم تصلي المرأة من الثياب

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذ صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إن صلّى في ثوب مصلَّب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى من ذلك

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الأحمر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أصاب ثوب المصلّي امرأته إذا سجد

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الحصير

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الخمرة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌باب الصلاة على الفراش

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السجود على الثوب في شدة الحر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في النعال

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الخفاف

- ‌الحديثُ التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يتم السجود

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافي في السجود

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌الحديث الثالث والعشرون

‌الحديث الثالث والعشرون

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ: أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ وَالأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ".

قوله: "إن الله عز وجل وكل بالرحم" بتخفيف الكاف، يقال: وكله بكذا إذا استكفاه إياه، وصرف أمر إليه، وللأكثر: بالتشديد، وهو موافق لقوله تعالى:{مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11].

وقوله: "يا ربِّ نطفةٌ" أي: بالرفع والتنوين، أي وقعت في الرحم نطفة، وفي رواية القابِسي بالنصب، أي: خلقْتَ يا ربِّ نطفةً، والنُّطفة بضم النون وتجمع على نُطَف، وأصلها الماء الصافي قلَّ أو كثُر، وتُستعمل النطفة أيضًا في كل شيء خفي.

وقوله: "يا ربِّ عَلَقَةٌ" بفتح اللام، وهي الدم الجامد الغليظ، ومنه قيل للدابة التي تكون في الماء: عَلَقة؛ لأنها حمراء كالدم، فالعلقة قطعة من الدم.

وقوله: "يا ربِّ مُضْغَة" أي: قطعة من اللحم، وهي في الأصل قَدْرُ ما يُمضغ، ويجوز نصب الاسمين عطفًا على السابق المنصوب بالفعل المقدَّر.

وقول الملك ليس فيه فائدة الخبر ولا لازمها؛ لأن الله علاّم الغُيوب، وإنما المراد منه التماس إتمام خَلْقِه، والدعاء بإفاضة الصُّورة الكاملة عليه، أو الاستعلام عن ذلك، فهو على حد قوله تعالى:{رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36]، فإنها قالته تأسُّفًا وتحزُّنًا.

ص: 126

وبين قول الملك: يا ربِّ نطفة، يا ربِّ علقة، يا ربِّ مُضغة أربعون يومًا، لا في وقتٍ واحد، وإلا لكانت النطفة علقة مضغة في ساعة واحدة.

وقد بيَّنَ المرادَ حديثُ ابن مسعود الآتي في كتاب القدر عند المصنِّف: "إن خَلْقَ أحدِكُم يُجمع في بطن أُمه أربعين يومًا، ثم يكونُ علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعثُ الله مَلَكًا، فيُؤمر بأربعة: برزقه، وأجله، وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفُخُ فيه الروح

إلخ" فحديث ابن مسعود هذا بجميع طرقه يَدُلُّ على أن الجنين يتقلَّب في مئة وعشرين يومًا في ثلاثة أطوار، كل طورٍ منها في أربعين، ثم بعد تكملتِها يُنفخ فيها الروح.

وقوله: "فإذا أراد أن يَقْضِيَ خَلْقَه" أي: أن يُتم خَلْقَ ما في الرَّحِم من النُّطفة التي صارت عَلَقة، ثم مضغة.

وقوله: "أذكرٌ أم أُنثى؟ " التقدير: أهو ذكرٌ أم أُنثى، فذَكَرٌ خبر للمبتدأ المقدر، أو التقدير: أذكر هو أم أُنثى، فذكرَ مبتدأ، وسوَّغ الابتداء به وإن كان نكرةً تخصيصُه بثبوت أحد الأمرين، إذ السؤال فيه عن التعيين، وللأصيلي: أذكرًا أم أُنْثى بالنصب. بتقدير: أتخلُقُ ذكرًا أم أُنثى.

وقوله: "شقيٌّ أم سعيدٌ" بحذف أداة الاستفهام لدِلالة السابق عليه، وفيه من الإِعراب ما في الذي قبله.

والشقِيُّ عند الأشاعرة: مَن وَجَبَتْ له النار، بمقتضى ما في الأزل. والسعيد: مَن وَجَبت له الجنة بمقتضى ما في الأزل. وعند الحنفية: الشقي: العاصي، والسعيد: المطيع. فالشقيُّ عندَهم قد يَسْعَد، والسعيد قد يَشْقى، لكن بالنسبة إلى الأعمال الظاهرة، وأما ما في علم الله تعالى فلا يتغيّر.

وتمسك الأولون بهذا الحديث وأمثاله، كقوله في "الصحيحين":"ما مِنْكم من أحد إلا وقد كُتِبَ مقعدَهُ من النار أو مقعدَهُ من الجنة". وتمسَّكَ الحنفيةُ بمثل قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39].

والحقُّ أن النزاع لفظي، فالذي سَبَق في علم الله لا يتغيّر ولا يتبدّل، والذي

ص: 127

يجوزُ عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، ولا يبعُد أن يتعلق ذلك بما في علم الحَفَظة والموكلين بالآدمي، فيقعُ فيه المحو والإِثبات، كالزيادة في العُمُر والنقص، وأما ما في علم الله فلا محوَ فيه ولا إثبات. وقوله:"فما الرزق" قليلًا أو كثيرًا، حلالًا أم حرامًا، والرُّزق في اللغة الحظُّ قال تعالى:{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 82]، أي: حظكم من هذا الأمر، والحظُّ هو نصيب الرجل، وما هو خاصٌّ له دون غيره.

وقيل: الرزق: كل شيء يُؤكل ويُستعمل، وهذا باطِل؛ لأن الله تعالى أمرنا بان نُنْفِقَ مما رَزَقَنا، فقال تعالى:{أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} فلو كان الرزق هو الذي يُؤكل، لما أمكن إنفاقه.

وقيل: الرزق: هو ما يُملك، وهذا باطل أيضًا؛ لأن الإِنسان قد يقول: اللهم ارزُقْني ولدًا صالحًا، وزوجةً صالحةً، وهو لا يملِكُ الولد والزوجة.

وقالت المعتزلة: الرزق: هو تمكين الحيوان من الانتفاع بالشيء، والحَظْرُ على غيره أن يمنعه من الانتفاع به. فالحرام ليس برزق عندهم، وعند أهل السنة: الحرام رزق؛ لأنه في أصل اللغة الحظ والنصيب، كما مرّ، فمن انتفع بحرام، كان ذلك الحرام نصيبًا له، فوجب أن يكون رزقًا له. وأيضًا قال الله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [المنافقون: 10]، وقد يعيش الرجل طول عمره لا يأكل إلا من الحرام، فوجب أن يكون طول عمره لم يأكل من رزقه شيئًا.

وقوله: "وما الأجل؟ " وفي رواية: "والأجل" بدون ما، والأجل: هو مدة حياة الشخص، أو وقت موته؛ لأنه يُطلق على غاية المدة وعلى المدة.

وقوله: "فيَكْتُب في بطن أُمه" أي: بالبناء للمعلوم، وفاعلُ يكتب، قيل: يرجع إلى الله تعالى، وقيل: يرجع إلى الملك. ويُروى بصيغة المجهول.

وظاهر الحديث أن هذه الكتابة هي الكتابة المعهودة في صحيفته. وفي رواية لمسلم عن حُذيفة بن أسِيْد التصريح بذلك، بلفظ: "ثم تُطوى الصحيفة،

ص: 128

فلا يُزاد فيها ولا يُنْقَص". وفي حديث أبي ذرٍّ: "فيقضي الله ما هو قاضٍ، فيكتُبُ ما هو لاقٍ بينَ عينيه". ويجوز أن تكون مجازًا عن التقدير.

وقوله: "في بطن أمه" ظرف لقوله: "يكتب"، فهو المكتوب فيه، والشخص هو المكتوب عليه، والمكتوب هو الأمور الأربعة المذكورة.

والمراد بجميع ما ذُكِر من الرزق والأجل والشقاوة والسعادة والذكورة والأُنوثة أنه يظهر ذلك للملك، ويُؤمر بإنفاذِه وكتابته، وإلا فقضاء الله وعلمه وإرادته سابق على ذلك.

قال عياض: اختلفت ألفاظ هذا الحديث، يعني: حديث ابن مسعود السابق في مواضع، ولم يُختلف أن نفخ الروح فيه بعد مئة وعشرين يومًا، وذلك تمام أربعة أشهر، ودخوله في الخامس، وهذا موجود بالمشاهدة، وعليه يُعَوَّل فيما يُحتاج إليه من الأحكام في الاستلحاق، عند التنازع وغير ذلك، بحركة الجنين في الجَوْف.

وقد قيل: إنه هو الحكمة في عدة المرأة من الوفاة بأربعة أشهر وعشر، وهو الدخول في الخامس كما صرح به سعيد بن المسيِّب كما عند الطبري عنه أنه سُئِل عن عدة الوفاة، فقيل له: ما بال العشر بعد أربعة أشهر؟ فقال: يُنفخ فيها الروح.

وزيادة حُذَيْفة ابن أَسِيد مشعرة بان المَلَك لا يأتي لرأس الأربعين، بل بعدها، فيكون مجموع ذلك أربعة أشهر وعشرًا، وهو مصرح به في حديث ابن عباس، "إذا وقعتِ النُّطفةُ في الرحم، مكثت أربعة أشهر وعَشْرًا، ثم ينفخ فيها الروح".

ومعنى إسناد النفخ للمَلَك، أنه يفعله بأمر الله، والنَّفخ في الأصل إخراج ريح من جوف النافخ، ليدخُلَ في المنفوخِ فيهِ، والمراد بإسناده إلى الله تعالى أن يقول له: كن فيكون.

ص: 129