المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السادس والعشرون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٦

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجنب يتوضأ ثم ينام

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب إذا التقى الختانان

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة عشر

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الحيض

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

- ‌باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن في حجر امرأته وهي حائض

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من سمى النفاس حيضًا

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مباشرة الحائض

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ترك الحائض الصوم

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستحاضة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل دم المحيض

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاعتكاف للمستحاضة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصَةً مُمَسَّكة فَتَتَبَّع بها أثر الدم

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المحيض

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مخلقة وغير مخلقة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: إقبال المحيض وإدباره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب: لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عِرق الاستحاضة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المرأة تحيض بعد الإِفاضة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا رأت المستحاضة الطهر

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة على النفساء وسنتها

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب التيمم

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المتيمم هل ينفخ فيهما

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم للوجه والكفين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌‌‌لطائف إسناده:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب التيمم ضربة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وجوب الصلاة في الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عقد الأُزر على القفا في الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا كان الثوب ضيقًا أي كيف يفعل المصلي

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة في الجبة الشامية

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية التعري في الصلاة

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يستر من العورة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة بغير رداء

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يذكر في الفخد

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب في كم تصلي المرأة من الثياب

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذ صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إن صلّى في ثوب مصلَّب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى من ذلك

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الأحمر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أصاب ثوب المصلّي امرأته إذا سجد

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الحصير

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الخمرة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌باب الصلاة على الفراش

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السجود على الثوب في شدة الحر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في النعال

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الخفاف

- ‌الحديثُ التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يتم السجود

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافي في السجود

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌الحديث السادس والعشرون

‌الحديث السادس والعشرون

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي".

قوله: كان قِرام، بكسر القاف وتخفيف الراء، ستر رقيق من صوف ذو ألوان، أو رقم ونقوش. وقوله: أميطي، أمر من أماط أي: أزيلي وزنًا ومعنى، فإنه لا تزال تصاوير، أي بغير ضمير، والهاء في فإنه ضمير الشأن، وفي رواية "تصاويره" بإضافته إلى الضمير، فضمير "إنه" للثوب. وقوله: تَعْرِض، بفتح أوله وكسر الراء، أي تلوح، وللإِسماعيليّ "تَعَرّض" بفتح العين وتشديد الراء، وأصله تَتَعَرَّض، ودل الحديث على أن الصلاة لا تفسد بذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقطعها، ولم يعدها، لكن تكره الصلاة حينئذ، لما فيه من سبب اشتغال القلب المفوت للخشوع. وظاهر الحديث لا يوفي بجميع ما تضمنته الترجمة إلَّا بعد التأمل؛ لأن الثوب، وإن كان ذا تصاوير، لكنه لم يلبسه، ولم يكن مصلبًا، ولا نهى عن الصلاة فيه صريحًا.

والجواب أمّا أولًا فإن منع لبسه بطريق الأوْلى، وأما ثانيًا فبإلحاق المصلب بالمصوّر، لاشتراكهما في أن كلًا منهما قد عُبِد من دون الله تعالى، أو أشار إلى الحديث المذكور فيه التصليب كما مرّ، وأما ثالثًا فإن الأمر بالإِزالة مستلزم للنهي عن الاستعمال، وتمسك الشافعية بما وقع فيه النهي عن القِرام الذي فيه التصاوير، بأن التصاوير كلها محرمة. وقد قال النوويّ منهم: قال العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر متوعد عليه بالوعيد

ص: 447

الشديد، وسواء صنعه لما يمتهن أو لغيره، فصنعه حرام بكل حال، وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فَلْس أو إناء أو حائط أو غيرها، فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان، فليس بحرام.

ونقل إمام الحرمين وجهًا: أن الذي يرخص فيه مما لا ظل له، ما كان على ستر أو وسادة، وأما ما على الجدار والسقف فيمنع، والمعنى فيه أنه بذلك يصير مرتفعًا فيخرج عن هيأة الامتهان، بخلاف الثوب، فإنه بصدد أن يمتهن، وتساعده عبارة مختصر المزني "صورة ذات روح إن كانت منتصبة" ونقل الرافعيّ عن الجمهور أن الصورة إذا قطع رأسها ارتفع المانع، وقال المتولي في "التتمة" لا فرق، وقال النوويّ جواز اتخاذ الصور إذا كانت لا ظل لها، وهي مع ذلك مما يوطأ ويداس، أو يمتهن بالاستعمال، كالمخاد والوسائد، هو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين.

وقول الثّوري ومالك وأبي حنيفة والشافعيّ: ولا فرق في ذلك بين ما له ظل وما لا ظل له، فإنْ كان معلقًا على حائط أو ملبوسًا أو عمامة أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهنًا، فهو حرام. وقال في الفتح: ويستفاد من الحديث، أي حديث عائشة المذكور في الباب، أنه لا فرق في تحريم التصوير بين أن تكون الصورة لها ظل أو لا، ولا بين أن تكون مدهونة أو منقوشة ومنقورة أو منسوجة. وحكى أبو محمد الجُوَينيّ أن نسج الصورة في الثوب لا يمتنع؛ لأنه قد يلبس. وطروه المتولّي في التصوير على الأرض ونحوها. وصحح النوويُّ تحريم جميع ذلك، قال: ويستثنى من جواز تصوير ما له ظل ومن اتخاذه لعبُ البنات، لما ورد من الرخصة في ذلك، هذا حاصل كلام الشافعية في المسألة.

وحاصل مذهب المالكية فيها هو أن تمثال ما له روح إن كان له ظل وهو يدوم، كالرصاص والنحاس، حرام اتفاقًا، وإن كان لا يدوم، كالفخار، ففيه قولان، والمشهور المنع، وهذا إذا لم يكن للعب البنات، وإلاّ فهو جائز. وهل يلتحق ما يصنع من الحلوى بالفخار أو بلعب البنات؟ محل تأمل، وإن كان لا ظل له بأن كان في ثوب ونحوه، فإنْ كان ممتهنًا بالتوسد والوطء والفراش، كان

ص: 448

خلاف الأَوْلى، وإن كان غير ممتهن، بأن كان معلقًا مثلًا، كان مكروهًا كراهة تنزيه، وهذا كله إذا كان تام الصورة. وإن كان ناقص عضو فهو جائز. كما إذا كان جمادًا أو شجرًا أو غيره، فإنه جائز ولا فرق في نقص العضو بين الرأس وغيره، مما لا يحدث به على مشهور.

وصحح ابن العربيّ أن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيأتها تحرم، سواء كانت مما يمتهن أم لا وإن قطع رأسها أو فرقت هيأتها جاز، وهذا المذهب منقول عن الزُّهريّ، وقواه النوويّ، وقد يشهد له حديث القِرام المارّ، وحديث النَّمرقة الآتي في اللباس. وقيد مجاهد جواز تصوير الشجر بما لا يثمر، وأما ما يثمر فالحقه بما له روح. قال عياض: لم يقله أحد غير مجاهد، ورده الطحاويّ بأن الصورة لمّا أبيحت بعد قطع رأسها، التي لو قطعت من ذي الروح لما عاش، دل ذلك على إباحة ما لا روح له أصلًا. قال في الفتح: وأظن مجاهدًا سمع حديث أبى هريرة المخرج في اللباس "فليخلقوا حبَّة، وليخلقوا ذرة" فإنّ في ذكر الذرة إشارة إلى ما له روح. وفي ذكر الحبة إشارة إلى ما ينبت مما يؤكل، وأما ما لا روح فيه ولا يثمر، فلم تقع الإشارة إليه.

وقال ابن العربيّ: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حَرُم بالإجماع، وإن كانت رَقْمًا فأربعة أقوال:

الأول: يجوز مطلقًا على ظاهر قوله في حديث زيد بن خالد "إلا رَقمًا في ثوب".

الثاني: المنع مطلقًا حتى الرقم، قلت: لظاهر حديث القِرام المتقدم.

الثالث: إن كانت الصورة باقية الهيأة قائمة الشكل، حَرُم، وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز. قال: وهذا هو أصح الأقوال. قلت: وحديث أبي هريرة الآتي قريبًا شاهد له.

الرابع: إن كان مما يمتهن جاز، وإن كان معلقًا لم يجز، قلت: وحديث عائشة الآتي شاهد له.

ص: 449

واستدلت المالكية لمذهبها بحديث أبي هريرة في السنن وصححه التِّرمذيّ وابن حبّان، ولفظه "أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلتُ إلَّا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قِرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُر برأس التمثال الذي على باب البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطئان، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي رواية النَّسائيّ "إما أن تقطع رؤوسها أو تُجعل بسطًا توطأ" ففي هذا الحديث بيان أن الصورة التي تمتنع الملائكة من الدخول في المكان الذي تكون فيه باقية على هيأتها، مرتفعة غير ممتهنة، فأما لو كانت ممتهنة أو غير ممتهنة، لكنها غيرت عن هيأتها، إما بقطعها من نصفها، أو بقطع رأسها فلا امتناع. وقد قال الخطابيّ: الصور التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح مما لم يقطع رأسه، أو لم يمتهن. واستدلوا أيضًا بحديث عائشة المخرج عند المصنف في اللباس "فجعلناه وسادة أو وسادتين" وفي رواية "فاتخذت منه نُمْرُقَتين، فكانتا في البيت يجلس عليها" ولفظه عند مسلم "فجعلته مِرْفقتين، فكان يرتفق بهما في البيت".

وعورض حديث عائشة هذا بحديثها الذي مرّ في القِرام، وحديثها المخرج في اللباس، حيث قالت فيه "إن هذه النمرقة لتجلس عليها وتوسدها، فامتنع من الدخول حتى أزالتها" فظاهر الأول يدل على أنه عليه الصلاة والسلام استعمل الستر الذي فيه الصورة بعد أن قطع وعملت منه الوسادة، وهذا يدل على أنه لم يستعمله أصلًا، ويمكن الجمع بينهما بأنه لا يلزم من جواز اتخاذ ما يوطأ من الصور جوازُ القعود على الصورة، فيجوز أن يكون استعمل من الوسادة ما لا صورة فيه، ويجوز أن يكون رأى التفرقة بين القعود والاتكاء، وهذا بعيد جدًا، أو يجمع بأنها لما قطعت الستر، وقع القطع في وسط الصورة مثلًا، فخرجت عن هيأتها، فلهذا صار يرتفق بها، ويؤيد هذا الجمع حديثُ أبي هريرة المتقدم.

وقال الداوديّ: إن حديث النمرقة فاسخ لجميع الأحاديث لدالة على

ص: 450

الرخصة، واحتج بأنه خبر، والخبر لا يدخله النسخ، فيكون هو الناسخ، ورُدَّ هذا بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وقد أمكن الجمع فلا يلتفت لدعوى النسخ، وكون الخبر لا يدخله النسخ رده ابن التين، بأن الخبر إذا قارنه الأمر، جاز دخول النسخ فيه. ويمكن الجمع أيضًا بأن الثاني كانت تصاويره من ذوات الأرواح، والأول كانت من غير الحيوان.

وأما الحنفية فقد قالوا إن الصور التي تكون فيما تبسط وتفرش وتمتهن خارجة عن النهي الوارد في التصاوير، لحديث زيد بن خالد "إلا رقمًا في ثوب" وكان أبو حنيفة وأصحابه يكرهون التصاوير في البيوت بتمثال، ولا يكرهون فيما يبسط، ولم يختلفوا أن التصاوير في الستور المعلقة مكروهة، ونقل عن الحنفية أنه لا تكره الصلاة إلى جهة فيها صورة إذا كانت صغيرة أو مقطوعة الرأس، وأما الحنابلة فمذهبهم جواز الصورة في الثوب، ولو كان معلقًا، على ما في خبر أبي طلحة، لكن إنْ ستر به الجدار منع عندهم، وكذا إن لُبس أو عُلق على ما هو الراجح عندهم، ويجوز إن افترش أو جعل مخدة، والذي يحرم صورة الحيوان، فإن أُزيل منها ما لا تبقى معه حياة لم تكره. ولم يحضرني الآن تفصيل مذهبهم، وهو قريب من مذهب المالكية.

وقد قال الرافعيّ: في دخول البيت الذي فيه الصور وجهان، قال الأكثر يكره، وقال أبو محمد يحرم، فلو كانت الصورة في ممر الدار لا داخلها، كما في ظاهر الحمام، أو دهليزها، يمتنع الدخول. قال: وكان السبب فيه أن الصورة في الممر ممتهنة، وفي المجلس مكرمة. قال في الفتح: وقصة إطلاق نص المختصر، وكلام الماوردي وابن الصّبّاغ وغيرهما: لا فرق. قلت مذهب المالكية حرمة الدخول في محل فيه صورة محرمة مطلقًا. وذهب بعض السلف إلى أن الممنوع ما كان له ظل، وأما ما لا ظل له فلا بأس باتخاذه.

قال النوويّ هذا مذهب باطل وما قاله مردود، فإن هذا المذهب أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن القاسم بن محمد الذي هو أحد فقهاء المدينة السبعة، وكان من أفضل أهل زمانه، وهو الذي روى حديث النمرقة عن عائشة،

ص: 451