الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالضرورة من الدين، ولا خلاف أن هذا القدر كفر. . . " (1).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ". . . لا خلاف بين العلماء كلهم أن الرجل إذا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء، وكذبه في شيء أنه كافر لم يدخل في الإسلام "(2).
(1) إيثار الحق على الخلق ص 415.
(2)
مجموعة التوحيد ص 104.
الثاني: كفر الجحود:
تعريفه:
لغة: الإنكار - قد يكون الإنكار للشيء للجهل به، وقد يكون بعد المعرفة تعنتا - يقال: جحد الأمر أنكره مع علمه به، ومنه قوله تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (1).
وجحد فلان حقه: لم يقر به (2)
والمراد بكفر الجحود: هو الإنكار باللسان مع المعرفة بالقلب لأصل من أصول الدين، أو حكم، أو خير ثابت مما هو معلوم من الدين بالضرورة قصدا من غير جهل، أو إكراه، أو تأويل يعذر فيه صاحبه
(1) سورة النمل الآية 14
(2)
انظر: لسان العرب ج 1 ص 403، والمصباح المنير ص 35، وتفسير النسفي ج 2 ص 599.
يقو ل الخازن: " وكفر جحود، وهو أن يعرف الله تعالى بقبله، ولا يقر بلسانه ككفر إبليس "(1).
وقال النووي: " إن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك، فإن استمر حكم بكفره "(2).
وقال ابن القيم: " وأما جحد ذلك جهلا أو تأويلا يعذر فيه صاحبه، فلا يكفر صاحبه به، كحديث الذي جحد قدرة الله عليه، وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح، ومع هذا فقد غفر الله له ورحمه لجهله "(3).
أنواعه:
وهو نوعان: كما قال ابن القيم (4)
الأول: كفر مطلق عام: وهو أن يجحد جملة ما أنزله الله،
(1) تفسير الخازن ج 1 ص 31.
(2)
شرح صحيح مسلم للنووي ج 1 ص 128.
(3)
مدارج السالكين ج 1 ص 338 - 339.
(4)
مدارج السالكين ج 1 ص 338 " بتصرف "
وإرساله الرسول.
والثاني: كفر مقيد خاص، وهو أن يجحد شيئا من أصول الدين، كمن يجحد ربوبية الله، أو وحدانيته، أو صفة من صفاته، أو يجحد البعث، أو القضاء والقدر ونحو ذلك، أو شيئا من أحكام الإسلام الظاهرة المتواترة، كمن يجحد وجوب الصلاة أو الصيام ونحوهما. أو يجحد تحريم محرم كالفواحش أو الخمر ونحوهما، أو شيئا مما أخبر الله به من الأخبار الثابتة الظاهرة، كمن ينكر عذاب القبر، أو وجود الجن ونحوهما (1)
الأدلة: كثيرة منها ما يلي:
1 -
أن في هذا الإنكار جحدا لآيات الله، وقد حكم سبحانه بالكفر على من جحد آياته (2)
قال تعالى: {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ} (3). ولذا توعدهم بدار العذاب المخلد (4)
(1) انظر: مجموع الفتاوى ج 11 ص 405، والقول السديد ص 138، والدرر السنية ج 7 ص 88.
(2)
انظر: تفسير الرازي ج 25 ص 76، وروح المعاني ج 21 ص 3 - 4.
(3)
سورة العنكبوت الآية 47
(4)
انظر: تفسير الرازي ج 27 ص 120، وروح المعاني ج 24 ص 119، 120، والصارم المسلول ص 52.
فقال سبحانه وتعالى: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1){ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (2). ولا يخلد في النار إلا كافر كفرا أكبر.
2 -
أن في هذا الإنكار تكذيبا ظاهرا للأحاديث الصحيحة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تقرر ما جحد، وقد قرر العلماء أن من رد حديثا واحدا صحيحا، أو كذبه بغير تقية - مع علمه بصحته - فهو كافر (3) يقول إسحاق بن راهويه:" من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر، يقر بصحته، ثم رده بغير تقية فهو كافر "(4).
وقال ابن الوزير: " إن التكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم أنه حديثه كفر صريح "(5).
3 -
إجماع العلماء على كفر من جحد أمرا معلوما من الدين بالضرورة، وقد حكى هذا الإجماع جمع من العلماء.
يقول ابن قدامة - وهو يتكلم عن حكم من ترك الصلاة -
(1) سورة فصلت الآية 27
(2)
سورة فصلت الآية 28
(3)
انظر: نواقض الإيمان القولية ص 250.
(4)
الإحكام لابن حزم ج 1 ص 97.
(5)
العواصم والقواصم ج 2 ص 374.
" ولا خلاف بين أهل العلم في كفر من تركها جاحدا لوجوبها إذا كان ممن لا يجهل مثله ذلك. . . . وكذا الحكم في مباني الإسلام كلها، وهي: الزكاة، والصيام، والحج. . . "(1).
وقال القاضي عياض: " وكذلك أجمع المسلمون على تكفير كل من استحل القتل، أو شرب الخمر، أو الزنى مما حرم الله بعد علمه بتحريمه. . . "(2).
وقال ابن تيمية: " إن الإيمان بوجوب الواجبات الظاهرة وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعظم أصول الإيمان، وقواعد الدين، والجاحد لها كافر بالاتفاق "(3)
وقال أيضا: " والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه فإنه كافر مرتد باتفاق الفقهاء "(4). وقال ابن الأثير: " فمن أنكر فرضية أحد أركان الإسلام كان كافرا بالإجماع "(5). وقال ابن الوزير: " وكذلك لا
(1) المغني ج 8 ص 131.
(2)
الشفا ج 2 ص 611 - 612، وانظر ص 615.
(3)
مجموع الفتاوى ج 12 ص 495.
(4)
مجموع الفتاوى ج 3 ص 276 - 268.
(5)
النهاية لابن الأثير ج 4 ص 187.