الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إحرام المرأة في وجهها)، وإنما هذا قول بعض السلف لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهاها أن تنتقب، أو تلبس القفازين، كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف، مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة، والبرقع أقوى من النقاب فلهذا ينهى عنه باتفاقهم؛ ولهذا كانت المحرمة لا تلبس ما يصنع لستر الوجه كالبرقع ونحوه فإنه كالنقاب (1).
(1) مجموع الفتاوى ج 26 ص 441.
المبحث الثاني: حكم حجاب المرأة خارج الصلاة:
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تحرير محل النزاع
، وذكر أقوال العلماء في المسألة
أولا: تحرير محل النزاع:
اتفقوا على جواز كشف الوجه ورؤيته؛ لضرورة كعلاج وشهادة
ونحو ذلك
واتفقوا على جواز كشف الوجه ورؤيته إذا كان بقصد النكاح (1)
واتفقوا على وجوب ستر وجه المرأة إذا ترتب على كشفه فتنة.
واتفقوا على تحريم النظر إلى وجه المرأة إذا كان بشهوة.
وفيما يلي بعض نصوصهم الدالة على ذلك:
أولا: الحنفية:
قال في المبسوط: " وهذا كله إذا لم يكن النظر عن شهوة، فإن كان يعلم أنه إن نظر اشتهى لم يحل له النظر إلى شيء منها. . . وكذلك إن كان أكبر رأيه أنه إن نظر اشتهى؛ لأن أكبر الرأي فيما لا يتوقف على حقيقته كاليقين "(2).
قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار ". . . ودلت
(1) انظر المغني 7/ 69، 73
(2)
المبسوط ج 10 ص 153
المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة؛ لأنها منهية عن تغطيته لحق النسك لولا ذلك، وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة. . . محمل الاستحباب عند عدم الأجانب، وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها عند الإمكان، وعند عدمه يجب على الأجانب غض البصر " (1).
وقال: " وتمنع " المرأة الشابة " من كشف الوجه بين الرجال " لا لأنه عورة؛ بل " لخوف الفتنة " كمسه، وإن أمن الشهوة " (2).
وقال في بدائع الصنائع: " ثم إنما يحل النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة منها من غير شهوة، فأما عن شهوة فلا يحل "(3).
وقال في الفتاوى الهندية: " يجوز النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة منهن، وذلك الوجه والكف في ظاهر الرواية. . . . وإن غلب على ظنه أنه يشتهي فهو حرام "(4).
وقال في البحر الرائق: " والأصل أنه لا يجوز أن ينظر إلى وجه الأجنبية بشهوة؛ لما روينا إلا للضرورة إذا تيقن بالشهوة
(1) حاشية ابن عابدين ج 2 ص 528.
(2)
الدر المختار ج 1 ص 406.
(3)
بدائع الصنائع 5/ 122.
(4)
الفتاوى الهندية ج 5 ص 329.
أوشك فيها " (1).
ثانيا: المالكية:
قال في بلغة السالك: قوله: " (غير الوجه والكفين) إلخ: أي فيجوز النظر لهما، لا فرق بين ظاهرهما وباطنهما بغير قصد لذة ولا وجدانها، وإلا حرم. وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها؟ وهو الذي لابن مرزوق قائلا: إنه مشهور المذهب: أو لا يجب عليها ذلك، وإنما على الرجل غض بصره؟ "(2).
قال في حاشية الدسوقي: " قوله: (غير الوجه والكفين)، أي وأما هما فغير عورة، يجوز النظر إليهما، ولا فرق بين ظاهر الكفين وباطنهما، بشرط ألا يخشى بالنظر لذلك فتنة، وأن يكون النظر بغير قصد لذة، وإلا حرم النظر لهما. وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها؟ وهو الذي لابن مرزوق قائلا: إنه مشهور المذهب، أو لا يجب
(1) البحر الرائق ج 8 ص 218.
(2)
بلغة المسالك ج 1 ص 193.
عليها ذلك، وإنما على الرجل غض بصره؟ " (1)
وقال في الفواكه الدواني: " اعلم أن المرأة إذا كان يخشى من رؤيتها الفتنة وجب عليها ستر جميع جسدها، حتى وجهها وكفيها، وأما إن لم يخش من رؤيتها ذلك، فإنما يجب عليها ستر ما عدا وجهها وكفيها "(2).
وقال في المنتقى شرح الموطأ: " جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، فإذا كشفت بعض ذلك، ولم يكن ثم من ينظر إليها، جاز لها ذلك، ولم يجز في موضع يكون فيه من ينظر إليها؛ لأنه ناظر إلى عورة منها، والوجه والكفان، وإن قلنا: ليسا بعورة منها، فإنه لا يجوز لأجنبي النظر إليهما إلا على وجه مخصوص، فحكم المنع متعلق بها "(3).
قال في حاشية العدوي: " وأما عورة الحرة مع الذكور المسلمين الأجانب، فجميع جسدها إلا وجهها وكفيها "(4) وقال: " واعلم أنه إذا PgPg 317
خشي من الأمة الفتنة وجب الستر؛ لدفع الفتنة لا لأن ذلك عورة " (5).
قال في شرح مختصر خليل: " عورة الحرة مع الرجل الأجنبي جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين ظاهرهما وباطنهما، فيجوز النظر لهما بلا لذة، ولا خشية فتنة، من غير عذر ولو شابة "(6).
ثالثا: الشافعية:
قال النووي في روضة الطالبين: " نظر الرجل إلى المرأة، فيحرم نظره إلى عورتها مطلقا، وإلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة، وإن لم يخف فوجهان، قال أكثر الأصحاب، لا سيما المتقدمون: لا يحرم. . لكن يكره، والثاني يحرم "(7).
وقال في الإقناع: (نظره)، أي الرجل (إلى) بدن امرأة (أجنبية) غير الوجه والكفين، ولو غير مشتهاة قصدا (لغير حاجة) مما سيأتي (فغير جائز) قطعا. . . ولو نظر إليهما بشهوة، وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد، وأمن الفتنة حرم قطعا، وكذا يحرم النظر إليهما عند الأمن من الفتنة فيما يظهر له من نفسه من غير شهوة على الصحيح، كما في
(1) حاشية الدسوقي ج 1 ص 214
(2)
الفواكه الدواني ج 2 ص 214.
(3)
المنتقى شرح الموطأ 4/ 105.
(4)
حاشية العدوي ج 1 ص 215.
(5)
حاشية العدوي ج 1 ص 215، وانظر مواهب الجليل ج 1 ص 492.
(6)
شرح مختص خليل للخرشي ج 1 ص 247.
(7)
روضة الطالبين ج 7 ص 21.
المنهاج كأصله " (1).
قال في مغني المحتاج: " ولو نظر إليهما بشهوة، وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد، وأمن الفتنة حرم قطعا، (وكذا) يحرم النظر إليهما (عند الأمن) من الفتنة فيما يظهر له من نفسه من غير شهوة (على الصحيح) "(2)
قال في حاشية الجمل: " قوله: إلا لحاجة، ومن الحاجة: ما لو تعين ستر وجه المرأة طريقا في دفع النظر المحرم إليها، فيجوز حينئذ، وتجب الفدية "(3).
رابعا: الحنابلة:
قال في الإنصاف: " الراجح في مذهب الإمام أحمد رحمه الله: أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة: لا يجوز. وإن كانت الشهوة منتفية، لكن يخاف ثورانها "(4)
وقال: " فوائد: منها: قوله (ولا يجوز النظر إلى أحد ممن ذكرنا لشهوة). وهذا بلا نزاع، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ومن
(1) أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج 3 ص 109 - 110.
(2)
مغني المحتاج ج 3 ص 129.
(3)
حاشية الجمل على شرح المنهج ج 2 ص 507.
(4)
الإنصاف 8/ 29.
استحله كفر إجماعا. كذا لا يجوز النظر إلى أحد ممن تقدم ذكره إذا خاف ثوران الشهوة، نص عليه، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره. ومنها: معنى الشهوة التلذذ بالنظر " (1).
وقال في كشاف القناع: " وهما: أي الكفان (والوجه) من الحرة البالغة (عورة خارجها) أي: الصلاة (باعتبار النظر، كبقية بدنها) "(2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (. . . وأما النوع الثاني من النظر، كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية، فهذا أشد من الأول. . . وكذلك النظر إلى عورة الرجل لا يشتهى كما يشتهى النظر للنساء ونحوهن. . . وكذلك النظر إلى الأمرد بشهوة هو من هذا الباب، وقد اتفق العلماء على تحريم ذلك، كما اتفقوا على تحريم النظر إلى الأجنبية، وذوات المحارم لشهوة، وكل قسم من هذه الأقسام متى كان معه شهوة كان حراما بلا ريب، سواء كانت شهوة تمتع بنظر الشهوة، أو كان نظرا بشهوة الوطء، وإنما وقع النزاع بين العلماء في القسم الثالث من النظر، وهو النظر إليه لغير شهوة، لكن مع
(1) انظر الإنصاف 8/ 30.
(2)
كشاف القناع 1/ 266.