الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: مدة مكثه في الأرض، وأتباعه، ونهايته.
المبحث الثاني: اختلافات حول الدجال، وفيه ثلاث مطالب:
المطلب الأول: الدجال بين المثبتين والمنكرين.
المطلب الثاني: حياة الدجال، ووجوده الآن (خبر تميم الداري).
المطلب الثالث: مقارنة بين ابن صياد والدجال، وأقوال العلماء في ذلك.
الخاتمة.
هذا وإن كان كثير من الكتب والمراجع تكلمت عن الدجال، وبعضها جمع المعلومات في مبحث واحد إلا أني حاولت التلخيص والتنقيط والتقسيم لهذه المعلومات؛ لأضيف ولو لمسة جديدة لما كتب، هذا والله أسأل أن ينفعني بما علمني، ويغفر لي زللي، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المبحث الأول: تعريف عام بالدجال:
المطلب الأول: اسم الدجال وصفاته:
وردت نصوص السنة النبوية بذكر هذه الفتنة العظمى باسم " المسيح الدجال "، أو " الدجال " فما معناهما؟!
معنى المسيح:
" المسيح " فعيل، فتأتي إما بمعنى فاعل، أو بمعنى مفعول، ومن هنا كان اختلاف العلماء في اشتقاق لفظ " المسيح " خاصة، وأنه ورد إطلاقها على مسيح الهداية " المسيح عيسى عليه السلام "، وأطلقت على مسيح الغواية والضلال " المسيح الدجال "، وقد ذكر القرطبي ثلاثة وعشرين قولا في اشتقاق هذا اللفظ (1) وقيل: إنه أوصلها إلى خمسين قولا (2)
والمسح في اللغة: إمرارك يدك على الشيء السائل والمتلطخ، تريد إذهابه بذلك (3) وسمي بالدجال " مسيحا "؛ لأن عينه الواحدة ممسوحة، فهو فعيل بمعنى مفعول. وقيل: بل سمي مسيحا؛ لأنه يمسح الأرض في أربعين يوما فهو فعيل بمعنى فاعل.
أما عيسى ابن مريم عليه السلام فسمي " مسيحا "؛ لأنه كان يمسح على المريض فيبرأ بإذن الله، فهو فعيل بمعنى فاعل، وقيل: بل سمي مسيحا؛ لأنه مسح بالبركة، مسحه زكريا عليه السلام فهو فعيل
(1) انظر: التذكرة (ص 795).
(2)
انظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي (309).
(3)
انظر: لسان العرب لابن منظور (2/ 593)، القاموس المحيط (309).
بمعنى مفعول (1)
وقيل: المسيح ابن مريم الصديق، وضد الصديق المسيح الدجال، أي الضليل الكذاب. خلق الله المسيحين: أحدهما ضد الآخر (2)
والناظر لأقوال العلماء يجد لها مساغا في اللغة، فقد يجتمع أن يسمى " المسيح " بهذا الاسم لأكثر من مناسبة وسبب، والله أعلم.
معنى الدجال:
الدجل في اللغة: هو بمعنى التغطية، يقال: دجل الشيء. غطاه، وهو دجال: كاذب؛ لأن الكذب تغطية، ويأتي بمعنى التمويه والتلبيس والخلط أيضا، والدجال هو: المسيح الكذاب، وسمي بذلك لتمويهه على الناس، وتلبيسه، وتزيينه الباطل، وفعال: من أبنية المبالغة أي: يكثر منه الكذب والتلبيس (3)
هذا عن اسمه، أما عن أوصافه فلقد أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر أوصافه، وتبيين حاله أكثر من غيره من الأنبياء، لأنه آخر الأنبياء وليقينه أنه خارج في هذه الأمة لا محالة.
(1) انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 326)، لسان العرب (2/ 594) بزيادة وتصرف.
(2)
انظر: لسان العرب (2/ 595).
(3)
انظر: لسان العرب (11/ 236). القاموس المحيط (1289).
ففي صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:«قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: " إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذره قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور (1)»
ويمكن تلخيص أوصافه كما وردت في النصوص بما يلي:
1 -
رجل شاب.
2 -
" هجان - أزهر - أقمر " أي: أبيض به حمرة من شدة بياضه.
3 -
قصير.
4 -
أفحج: متباعد ما بين الساقين.
5 -
شديد جعودة الشعر مع كثافته.
6 -
أجلى الجبهة.
7 -
عريض النحر، ضخم الجثة.
8 -
أعور العين، ولقد ركز رسول الله صلى الله عليه وسلم على عور عينه؛ لأنها صفة ظاهرة لكل أحد، ولا يمكنه التخلص منها.
وقد ذكرت بعض الأحاديث أن العين العوراء هي اليمنى، وجاء
(1) صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال (فتح الباري (13/ 90).
في أحاديث أخرى أنها اليسرى، وتكلم العلماء على هذا الاختلاف، فرجح بعضهم أن العور هو في العين اليمنى؛ لأن أحاديثها مما اتفق البخاري ومسلم على إخراجه (1)
وذهب النووي (2) رحمه الله إلى أن جميع الروايات التي وصفت عينيه كلتاهما بالعور روايات صحيحة، فالعور في اللغة العيب، وعينا الدجال كلتاهما معيبتان.
أما العين اليمنى: فورد أنها عوراء طافئة بالهمز، أي لا ضوء فيها، فلا يرى بها، وهذه العين ممسوحة غير ناتئة ولا غائرة.
أما العين اليسرى فهي معيبة لظهورها وبروزها، وهي المذكورة في الأحاديث بأنها " طافية " من الطفو والبروز، وهذه العين لم يذهب نورها فهو يرى، ويبصر بها، وذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه العين خضراء كالزجاجة.
9 -
من صفاته: عقيم لا يولد له.
10 -
مكتوب بين عينيه: ك ف ر، يقرؤها كل مؤمن قارئ أو ليس بقارئ، وهذه كتابة حقيقية تدل على كذبه.
(1) انظر: فتح الباري (13/ 97).
(2)
شرح النووي على مسلم (18/ 62)، (2/ 235).
11 -
تنام عينيه ولا ينام قلبه
تنبيه:
قيل: إن الدجال ليس بإنسان بل هو شيطان موثق ببعض الجزائر، وقيل: إن أمه كانت جنية عشقت أباه فأولدها إياه، فكانت الشياطين تعمل له العجائب، فحبسه سليمان عليه السلام، وقيل: إنه من أولاد شق الكاهن أو هو نفسه، وقال السفاريني بعد ذكره لهذه الأقوال:" وهذا القول ليس بصائب "(1)
ثم إنها كلها أقوال لا تستند إلى نص صريح، بل النصوص الصحيحة في وصف الدجال، وفي بيان حاله تعارضها، وأمور الغيب محصورة في الخبر الصادق فقط.
(1) لوامع الأنوار (2/ 86).