الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الاستدلال: أن ذلك يدل على أن المعتاد عدم خروج المرأة إلا بجلباب وعند عدمه لا تخرج، ولم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب، مع أن الخروج كان لأمر مشروع وهو صلاة العيد، فما بالك بمن تخرج للأسواق وغيرها؟.
ثانيا: الأدلة التي تدل على وجوب ستر الوجه من السنة
.
الدليل الأول: الحديث الذي تقدم ذكره، وهو حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين حين قالت:«فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي (1)» الحديث.
ويستدل به من وجهين:
الوجه الأول: أنه حديث صحيح وصريح في وجوب تغطية الوجه، وإذا وجب على أمهات المؤمنين مع علو أخلاقهن، وبعدهن عن كل ما يشين المرأة، فغيرهن من باب أولى.
(1) من حديث عائشة رضي الله عنها، صحيح البخاري ج 4، ص 1517، ح 3910، باب حديث الإفك، صحيح مسلم ج 4، ص 2129، ح 2770، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف.
الوجه الثاني: قولها: «وكان رآني قبل الحجاب (1)» فيه دليل على أن الحجاب لم يكن واجبا في أول الإسلام، ثم وجب بعد ذلك، فوجب حمل الأحاديث التي جاء فيها كشف وجه المرأة على أنها كانت قبل فرض الحجاب، وهو حديث محكم لا مناص من الأخذ به.
الدليل الثاني:
حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " (3)»
وجه الاستدلال: فإذا كان هذا في القدم فالوجه أكثر فتنة فلا يعدو أن يكون تنبيها بالأدنى على الأعلى، والحكمة والنظر تأبيان ستر ما هو أقل فتنة، وهو: القدم، والترخيص في كشف ما هو أعظم فتنة، وهو: الوجه.
(1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4750، 4750)، صحيح مسلم التوبة (2770، 2770)، مسند أحمد (6/ 198، 6/ 198).
(2)
سنن النسائي (المجتبى) ج 8، ص 209، ح 5336، سنن الترمذي ج 4، ص 223، ح 1731، وقال:" حسن صحيح ".
(3)
(2) فقالت أم سلمة رضي الله عنها: " فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرا، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: ترخينه ذراعا، لا تزدن عليه
الدليل الثالث: ما جاء في صحيح البخاري: «أن المحرمة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين (1)»
وجه الاستدلال: فيه دليل على أن انتقاب المرأة في الإحرام، لا يجوز؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الحديث المتقدم، وهو من أعظم الأدلة على أن المرأة كانت تستر وجهها في الأحوال العادية، ومعنى لا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين، أي: لا تلبس ما فصل وقطع وخيط لأجل الوجه كالنقاب، ولأجل اليدين كالقفازين، لا أن المراد أنها لا تغطي وجهها وكفيها، كما توهمه البعض فإنه يجب سترهما، لكن بغير النقاب والقفازين. هذا ما فسره به الفقهاء والعلماء.
ولا يعني أن المرأة المحرمة التي منعت من النقاب تكشف وجهها عند وجود الرجال الأجانب، فقد قالت عائشة رضي الله عنها:«كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها، فإذا جاوزونا كشفناه (2)» وقد تقدم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تغطي
(1) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، صحيح البخاري ج 2، ص 653، ح 1741، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة.
(2)
صحيح ابن خزيمة ج 4، ص 203، ح 2691، مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 6، ص 30، ح 24067، سنن أبي داود ج 2، ص 167، ح 1833، قال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية ج 2، ص 32:" وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، وقد قال فيه مرة عن مجاهد عن عائشة، ومرة عن أم سلمة، كذا في الدارقطني والطبراني "، وقال في تلخيص الحبير ج 2، ص 272، وأخرجه ابن خزيمة، وقال في القلب من يزيد بن أبي زياد، ولكن ورد من وجه آخر، ثم أخرج من طريق فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، وهي جدتها نحوه، وصححه الحاكم، قال المنذري: قد اختار جماعة العمل بظاهر هذا الحديث.
وجهها وهي محرمة بغير النقاب إذا مر بها رجال أجانب (1)
الدليل الرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها (2)»
وجه الاستدلال: فقوله المرأة عورة دليل على أن المرأة
(1) انظر المطلب الثاني: حكم حجاب وجه المرأة في حال الإحرام.
(2)
من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، صحيح ابن خزيمة ج 3، ص 93 ح 1685، صحيح ابن حبان ج 12، ص 412، ح 5598، سنن الترمذي ج 3، ص 476، ح 1173، وقال:" حسن غريب "، مسند البزار ج 5، ص 427، ح 2061، وقال المنذري في الترغيب والترهيب ج 1، ص 141:" رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح "، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 4، ص 314:" رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح "، قال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية ج 1، ص 123:" أوله عند الترمذي، عن ابن مسعود مرفوعا: المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وصححه هو، وابن حبان، وابن خزيمة ".
جميعها عورة، فلم يستثن منها شيئا، والدين قد أمر بستر العورات أمر وجوب.
الدليل الخامس: عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له امرأة أخطبها، فقال: اذهب فانظر إليها؛ فإنه أجدر أن يؤدم بينكما، فأتيت امرأة من الأنصار، فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك كأنها أعظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها، فذكر من موافقتها (1)»
وجه الاستدلال: كراهة الأبوين أن ينظر إلى ابنتهما؟ وكراهة البنت لذلك، فلم تجعله ينظر إليها إلا بعد أن علمت أن ذلك قد رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فدل على أنه كشف الوجه خلاف الأصل.
الدليل السادس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل
(1) صحيح ابن حبان ج 9، ص 351، ح 4043، المستدرك على الصحيحين ج 2، ص 179، ح 2697، وقال:" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي وقال:" على شرط البخاري ومسلم "، وقال في الأحاديث المختارة ج 5، ص 169،:" إسناده صحيح "