المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: هل الدجال حقيقة أم خرافة - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الرحل المغفلة أكثر من ستة أشهر والتي لا تستعمل إلا نحو اليوم واليومين

- ‌أخذ الذهب والفضة عن الجذعة

- ‌قوله: وإذا كان النصاب كله ذكورا

- ‌زكاة العدايل

- ‌تفريق الماشية، أو خلطها خوفا من الزكاة لا يجوز

- ‌إذا كانت على مياه متباعدة

- ‌الخلطة ليست في النخل، وإذا كان له أملاك في أماكن متفرقة

- ‌النقود المعدة لإنشاء مشروع لا يؤثر فيها الخلطة

- ‌باب زكاة الحبوب والثمار

- ‌في العنب زكاة، ويجب خرصه

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم الزكاة في الأراضي الزراعية

- ‌الأراضي التي يمتلكها الناسلا تخلو من حالين بالنسبة لوجوب الزكاة

- ‌المساكن المعدة للسكنى لا زكاة فيها

- ‌ الزكاة في غلة ما أعد للإيجارمن دور وعمائر ومحلات إذا حال عليها الحول

- ‌حكم الزكاة على السيارات المعدة للنقل

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ ترديد السورة الواحدة في الصلاة

- ‌ الصلاة على الجنازة فرض كفاية

- ‌ ليس على المرأة أذان ولا إقامة

- ‌ صفة سجود الشكر

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌المساجد التي تبنيها دولة كافرة لشعبها

- ‌استخدام الكفار لبناء المساجد

- ‌شراء الكنيسة لتكون مسجدا

- ‌الصلاة في الكنائس

- ‌الصلاة عند أهل الكتاب

- ‌البحوث

- ‌تمهيد: في تعريف النواقض، وأنواعها، وما يترتب عليها

- ‌المبحث الأول: الشرك الأكبر:

- ‌تعريفه:

- ‌حكمه:

- ‌أنواعه:

- ‌الأول: الشرك في الربوبية:

- ‌الثاني: الشرك في الأسماء والصفات:

- ‌الثالث: الشرك في الألوهية:

- ‌المبحث الثاني: الكفر الأكبر:

- ‌تعريفه:

- ‌حكمه:

- ‌أنواعه:

- ‌الأول: كفر التكذيب:

- ‌الثاني: كفر الجحود:

- ‌الثالث: كفر الإباء والاستكبار:

- ‌الرابع: كفر الإعراض:

- ‌الخامس: كفر الشك

- ‌السادس: كفر الاستهزاء بشيء من دين الله:

- ‌السابع: كفر البغض والكراهية لشيء من دين الله:

- ‌الثامن: كفر الخروج عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌التاسع: الخروج عن شريعة الله باعتقاد أن حكم غير الله أفضل من حكمه

- ‌العاشر: الكفر بتعلم السحر الموجب للكفر والعمل به:

- ‌الحادي عشر: مظاهرة الكفار على المسلمين:

- ‌المبحث الثالث: النفاق الأكبر:

- ‌تعريفه:

- ‌أنواعه:

- ‌حكمه:

- ‌الأدلة:

- ‌الخاتمة:

- ‌المسيح الدجال

- ‌المبحث الأول: تعريف عام بالدجال:

- ‌المطلب الأول: اسم الدجال وصفاته:

- ‌المطلب الثاني: مكان وزمان خروج الدجال، والبقاع المحرم عليه دخولها:

- ‌المطلب الثالث: فتنة الدجال، وكيف نتقيها

- ‌المطلب الرابع: مدة مكثه في الأرض، وأتباعه، ونهايته:

- ‌المبحث الثاني: اختلاف حول الدجال:

- ‌المطلب الأول: هل الدجال حقيقة أم خرافة

- ‌المطلب الثاني: حياة الدجال ووجوده الآن

- ‌المطلب الثالث: مقارنة بين ابن صياد والدجال، وأقوال العلماء في ذلك:

- ‌الخاتمة

- ‌أحكام زيارة القبور

- ‌المبحث الأول: تعريف المقابر:

- ‌المبحث الثاني: تعريف الزيارة:

- ‌المبحث الثالث: حكم زيارة المقابر للرجال:

- ‌المبحث الرابع: حكم زيارة القبور للنساء:

- ‌المبحث الخامس: حكم السفر من أجل زيارة القبور:

- ‌المبحث السادس: حكم زيارة قبور الكفار:

- ‌المبحث السابع: حكم زيارة القبور المكذوبة والمظنونة:

- ‌المبحث الثامن: بيان المواسم والأعياد المحدثة في زيارة القبور:

- ‌المبحث التاسع: وقت زيارة القبور:

- ‌المبحث العاشر: صفة الزيارة الشرعية:

- ‌الخاتمة:

- ‌فصل الخطاب في حكم الحجاب

- ‌المطلب الأول: تعريف الحجاب لغة واصطلاحا:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الوجه لغة واصطلاحا:

- ‌المطلب الثالث: تعريف بعض الألفاظ ذات الصلة:

- ‌المبحث الأول: حكم حجاب وجه المرأة في الصلاة، وفي حال الإحرام:

- ‌المطلب الأول: حكم حجاب وجه المرأة في الصلاة:

- ‌المطلب الثاني: حكم حجاب وجه المرأة في حال الإحرام:

- ‌المبحث الثاني: حكم حجاب المرأة خارج الصلاة:

- ‌المطلب الأول: تحرير محل النزاع

- ‌أولا: تحرير محل النزاع:

- ‌ثانيا: ذكر أقوال العلماء في المسألة:

- ‌المطلب الثاني: ذكر أدلة كل قول مع المناقشة والترجيح

- ‌أولا: أدلة القول الأول:

- ‌أولا: أدلتهم من الكتاب:

- ‌ثانيا: الأدلة التي تدل على وجوب ستر الوجه من السنة

- ‌ثالثا: دليل الإجماع على وجوب ستر وجه المرأة مطلقا

- ‌رابعا: دليل المعقول على وجوب تغطية الوجه:

- ‌ثانيا: أدلة القول الثاني:

- ‌المطلب الثالث: سبب الخلاف عند العلماء المتأخرين

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

- ‌شروط نشر البحوث بمجلة البحوث الإسلامية

الفصل: ‌المطلب الأول: هل الدجال حقيقة أم خرافة

‌المبحث الثاني: اختلاف حول الدجال:

‌المطلب الأول: هل الدجال حقيقة أم خرافة

؟ الدجال بين المثبتين والمنكرين:

تقدم معنا الحديث عن فتنة المسيح الدجال، ولعظم فتنته افتتنت به أقوام في القديم والحديث قبل خروجه، فأنكروا وجوده، ومنهم من أنكر خوارقه، وهذا خلاف للنصوص الصحيحة المتواترة الصريحة في إثبات خروج الدجال.

قال النووي عن القاضي عياض: " هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره، ونهريه، وإتباع كنوز الأرض له، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى عليه السلام، ويثبت الله الذين آمنوا، هذا مذهب أهل السنة، وجميع المحدثين، والفقهاء، والنظار، خلافا لمن أنكره وأبطل أمره "(1)

وقال قوام السنة الأصبهاني: " وأحاديث الدجال ثابتة متواترة

(1) شرح النووي على صحيح مسلم (18/ 58)، وانظر عارضة الأحوذي (9/ 80).

ص: 206

يجب الإيمان بها " (1) وقال الآجري في كتابه الشريعة: " كتاب التصديق بالدجال، وأنه خارج في هذه الأمة "

فأحاديث الدجال ثابتة متواترة، ويجب الإيمان به، ولقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من التكذيب به، وأخبر أن هناك من سيكذب به، وفي الأثر، عن عمر رضي الله عنه قال:«إنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم، وبالدجال، وبالشفاعة، وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا (2)»

المكذبون بالدجال فريقان:

1 -

فريق كذب بوجوده وحقيقته، وقال: إنما الدجال من الدجل والكذب، وهو رمز للخبث والشر، فهؤلاء ردوا النصوص، وكذبوا بها بحجج عقلية لا تستقيم، وهم: الخوارج، والجهمية، وبعض المعتزلة قديما، حيث زعموا أن الدجال كل رجل خبيث (3)

(1) الحجة في بيان المحجة (2/ 282).

(2)

مسند أحمد (1/ 223)، (برقم 156)، تحقيق أحمد شاكر، وقال: إسناده صحيح.

(3)

انظر: الحجة في بيان المحجة (2/ 416)، شرح مسلم للنووي (18/ 58).

ص: 207

وحديثا: نجد هناك من رد النصوص الصحيحة الثابتة في ذكر الدجال، وكذب بها، وقال: إن أحاديثه موضوعة ملفقة، لا يقبلها العقل (1)

وقال الشيخ محمد عبده: إن الدجال رمز للخرافات، والدجل، والقبائح (2) وتابعه محمد فهيم أبو عبية في تعليقه، وتحقيقه لكتاب النهاية لابن كثير حيث قال: إن الدجال رمز لاستشراء الباطل، وليس رجلا من بني آدم (3) ويكفي ردا على هؤلاء ما تقدم في المبحث الأول من نصوص ثابتة متواترة في الدجال مما يجب الإيمان بها.

2 -

الفريق الآخر أثبت وجوده، وآمن بأنه خارج آخر الزمان، ولكن خالف في خوارقه، وما يجري على يد الدجال، وقال: إنها ليست حقيقة بل خيال، ومن هؤلاء البخاري المعتزلي، ومن وافقه (4) وذكر ذلك السفاريني، عن ابن حبان (5) ونقل ابن كثير، عن ابن حزم، والطحاوي قولهما بأن ما يقع مع

(1) قال بذلك محمد فريد وجدي في دائرة المعارف القرن العشرين (8/ 58).

(2)

انظر: تفسير المنار (3/ 317) المسيحية لأحمد شلبي (61).

(3)

انظر أشراط الساعة للوابلي (315)، حيث تولى الرد عليهم، وذكر أقوالهم.

(4)

انظر شرح مسلم للنووي (18/ 58).

(5)

لوامع الأنوار (2/ 92)، وابن حبان قال ذلك عن جنة الدجال وناره.

ص: 208

الدجال ليس له حقيقة (1) واعتمد هذا الفريق على أدلة منها ما هو عقلي، ومنها ما هو شرعي.

فأما الدليل العقلي - وهو الذي اعتمده البخاري المعتزلي، وموافقوه - قولهم: إن كان ما مع الدجال حقيقة فيشتبه خارق الدجال مع معجزات النبي، ويدل على صحة دعواه، ولم يوثق بمعجزات الأنبياء؛ إذ تشتبه حينها مع خارق المدعي الكذاب.

وهذا غلط؛ لأن الدجال لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له، وإنما يدعي الإلهية، وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله، ووجود دلائل الحدوث فيه، ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه، وهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة، أو خوفا وتقية من أذاه؛ لأن فتنته عظيمة تدهش العقول، وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأرض، فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله، ودلائل الحدوث فيه والنقص، فيصدقه من صدقه في هذه الحالة.

ولهذا حذرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته، ونبهوا على نقصه، ودلائل إبطاله.

وأما أهل التوفيق فلا يغترون به، ولا يخدعون بما معه لما

(1) النهاية في الفتن (1/ 83).

ص: 209

ذكرناه من الدلائل المكذبة له، مع ما سبق لهم من العلم بحاله، ولهذا يقول له الذي يقتله، ثم يحييه: ما ازددت فيك إلا بصيرة (1)

أما الدليل الشرعي الذي تأوله من قال: إن ما مع الدجال خيالات وتخاريف وليست حقيقة:

أ- عن المغيرة بن شعبة قال: «ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال ما سألته، وإنه قال لي: ما يضرك منه؟ قلت: لأنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال: بل هو أهون على الله من ذلك (2)»

قالوا: أهون على الله من أن يكون ما معه حقيقة، بل يرى ذلك وليس بحقيقة (3)

والقائلون بأن ما معه حقيقة وليس بخيال يؤولون قوله صلى الله عليه وسلم: «بل هو أهون على الله من ذلك (4)» ، أي هو أهون من أن يجعل ما يخلقه على يديه مضلا للمؤمنين، ومشككا لقلوب المؤمنين، بل ليزداد الذين آمنوا إيمانا، ويرتاب الذين في قلوبهم مرض، فهو مثل قول الذي

(1) انظر: شرح مسلم للنووي (18/ 58)، باختصار وتصرف، نهاية البداية والنهاية (1/ 84).

(2)

صحيح البخاري كتاب الفتن، باب ذكر الدجال (13/ 89 فتح).

(3)

انظر: لوامع الأنوار (2/ 92).

(4)

صحيح البخاري كتاب الفتن، باب ذكر الدجال (13/ 89 فتح).

ص: 210

يقتله الدجال: «ما كنت أشد بصيرة مني فيك (1)» ، لا أن قوله:«هو أهون على الله من ذلك» أنه ليس شيء من ذلك معه، بل المراد: أهون من أن يجعل شيئا من ذلك آية على صدقه، ولا سيما وقد جعل فيه آية ظاهرة في كذبه وكفره، يقرؤها من قرأ، ومن لا يقرأ زائدة على شواهد كذبه من حدثه ونقصه.

والحامل على هذا التأويل أنه ورد في حديث آخر مرفوع، رجاله ثقات:«ومعه جبل من خبز ونهر من ماء (2)» ، وفي حديث آخر:«معه جبال من خبز، والناس في جهد إلا من تبعه ومعه نهران (3)» فهذه النصوص تثبت أن مع الدجال خبزا حقيقة وليس خيالا، وتمطر السماء بأمره حقيقة لا خيالا.

ب - أما الدليل الآخر الذي تأوله من قال: إن ما مع الدجال خيالات وليس حقيقة هو ما ورد في جنته وناره من قوله صلى الله عليه وسلم: «إن معه ماء ونارا، فناره ماء بارد، وماؤه نار (4)»

وفي رواية شعيب بن صفوان: «فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس نارا فماء بارد (5)» ، وفي حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «وأنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول إنها

(1) صحيح البخاري الحج (1882، 1882)، صحيح مسلم الفتن وأشراط الساعة (2938، 2938)، مسند أحمد (3/ 36، 3/ 36).

(2)

صحيح البخاري الفتن (7122، 7122)، صحيح مسلم الفتن وأشراط الساعة (2939، 2939)، سنن ابن ماجه الفتن (4073، 4073)، مسند أحمد (4/ 252، 4/ 252).

(3)

انظر: فتح الباري (13/ 93)، شرح مسلم للنووي (18/ 74).

(4)

انظر: فتح الباري (13/ 93)، شرح مسلم للنووي (18/ 74).

(5)

صحيح مسلم الفتن وأشراط الساعة (2934، 2934)، سنن أبي داود الملاحم (4315، 4315)، سنن ابن ماجه الفتن (4071، 4071)، مسند أحمد (5/ 405، 5/ 405).

ص: 211

الجنة هي النار (1)»، أخرجه أحمد. فظاهر هذه النصوص يشير إلى أن جنة الدجال وناره ليست بحقيقة، بل خيال، لذلك قال بعض العلماء: قد يكون الدجال ساحرا فيخيل الشيء بصورة عكسه.

ومن قال: إن ما مع الدجال حقائق، وليست تخيلات قال: إن الله يجعل باطن الجنة التي يسخرها الدجال ويشعلها: نارا، وباطن النار جنة، وهذا ما رجحه ابن حجر في الفتح.

وقيل: إن ذلك كناية عن النعمة والرحمة بالجنة، وعن المحنة والنقمة بالنار، فمن أطاعه فانعم عليه بجنة يؤول آخره إلى دخول نار الآخرة وبالعكس.

وعند النظر في النصوص التي ذكرت فتن الدجال وما يجري على يديه من خوارق، يرى أن بعضها حقيقة وصدق، وبعضها تخييل وتزييف كيف لا وهو الدجال الكذاب.

لذا أقول: إنه ليس كل ما مع الدجال وما يأتي به حقيقة، بل يكون منه ما هو دجل وكذب وتخييل؛ لما ثبت في الحديث من استعانته بالشياطين، «فيقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك، أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه،

(1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء (3338)، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة (2936).

ص: 212