الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- كما نرى - تحذير من إتيان العرافين، أو السحرة، أو الكهنة وتصديقهم. مشيرا إلى أن تصديقهم كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا حال الآتي فكيف حال المأتي.
والكفر - هنا - ظاهره الكفر الأكبر، وقيل: الكفر الأصغر، وقيل: من اعتقد أن العراف، أو الساحر، أو الكاهن يعرفان الغيب، ويطلعان على الأسرار الإلهية كان كافرا كفرا أكبر كمن اعتقد تأثير الكواكب وإلا فلا (1)
هذا شيء من الأدلة من الكتاب والسنة، كلها صريحة بتحريم السحر، وعده إما كفرا أو معصية كبيرة، مما يدل على أن السحر قد يكون كفرا، وذلك إذا كان فيه ما يقتضي الكفر، ويكون فسقا إذا لم يكن فيه شيء من ذلك، وهو السحر المجازي.
(1) نيل الأوطار، ج 7، ص 368 (بتصرف).
الحادي عشر: مظاهرة الكفار على المسلمين:
تعريفه: المظاهرة: المعاونة. وظاهر: نصر وأعان. والظهير: المعين. ومنه قوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (1)(2)
(1) سورة التحريم الآية 4
(2)
انظر: لسان العرب، ج 2، ص 657 - 658. والمصباح المنير، ص 147.
والمراد بمظاهرة الكفار: هو إعانتهم ومناصرتهم بسبب قد يؤدي إلى انتصارهم وعلو شأنهم على المسلمين.
أمثلته:
1 -
الإعانة لهم على المسلمين بالنفس أو المال أو السلاح.
2 -
الدفاع عنهم، أو عن مبادئهم باللسان أو القلم.
3 -
التجسس على المسلمين بدافع الرغبة في تيسير انتصار الكفار على المسلمين
حكمه: كفر أكبر، إذا كان بعد المعرفة من مختار غير مختل العقل، ولا مكره، ولا متأول (1)
يقول ابن حزم: ". . . فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختارا محاربا لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام
(1) كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة، انظر: تفسير ابن كثير ج 4 ص 346، وتفسير ابن سعدي ج 8، ص 109.
المرتد كلها. . . وأما من فر إلى أرض الحرب؛ لظلم خافه، ولم يحارب المسلمين، ولا أعانهم عليهم، ولا يجد في المسلمين من يجيره فهذا لا شيء عليه؛ لأنه مضطر مكره " (1) وقال أيضا:". . . . فإن كان هناك محاربا للمسلمين معينا للكفار. . . فهو كافر "(2). وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - وهو يتكلم عن نواقض الإسلام -: " الثامن مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين. . . "(3).
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: " وأكبر ذنب. . . وأعظمه منافاة لأصل الإسلام نصرة أعداء الله، ومعاونتهم، والسعي فيما يظهر به دينهم. . . "(4).
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية: " موالاة الكفار التي يكفر بها من والاهم هي محبتهم ونصرتهم على المسلمين. . . "(5).
الأدلة: كثيرة منها ما يلي:
1 -
(1) المحلى، ج 11، ص 199 - 200.
(2)
المحلى، ج 11، ص 200.
(3)
مجموعة التوحيد، ص 39.
(4)
مجموع الرسائل النجدية، ج 3، ص 57، وانظر الدرر السنية ج 7 ص 201.
(5)
فتاوى اللجنة الدائمة، ج 2، ص 47.
(6)
سورة آل عمران الآية 28
يقول الطبري: " ومعنى ذلك لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا وأنصارا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} (1)، يعني بذلك فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر "(2).
ويقول ابن سعدي وقوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} (3)، أي إلا أن تخافوا على أنفسكم في إبداء العداوة للكافرين، فلكم في هذه الحال الرخصة في المسالمة. . . لا في التولي الذي هو محبة القلب الذي تتبعه النصرة " (4).
2 -
وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5).
يقول الطبري - في تفسير هذه الآية -: " فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم. . . "(6).
(1) سورة آل عمران الآية 28
(2)
تفسير الطبري، ج 3، ص 152، وانظر تفسير ابن كثير، ج 1، ص 357.
(3)
سورة آل عمران الآية 28
(4)
تفسير ابن سعدي، ج 1، ص 178.
(5)
سورة المائدة الآية 51
(6)
تفسير الطبري، ج 6، ص 179.
ويقول القرطبي: (قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ} (1)، أي يعضدهم على المسلمين {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (2) بين تعالى أن حكمه كحكمهم. . .) (3)
ويقول ابن القيم - بعد أن ذكر هذه الآية: " فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم "(4). ولا يكون كذلك إلا خارج من الملة مثلهم.
3 -
في الآية إخبار عن المنافقين الذين أطمعوا إخوانهم - في الكفر - من أهل الكتاب في نصرتهم وموالاتهم على المؤمنين، وفي ذلك دلالة على أن مظاهرة الكافرين على المؤمنين من النفاق الأكبر
4 -
إجماع العلماء على كفر من ظاهر الكفار على المسلمين.
يقول ابن حزم: " وصح أن قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (6)
(1) سورة المائدة الآية 51
(2)
سورة المائدة الآية 51
(3)
الجامع لأحكام القرآن، ج 6، ص 217.
(4)
أحكام أهل الذمة لابن القيم، ج 1 ص 67.
(5)
سورة الحشر الآية 11
(6)
سورة المائدة الآية 51