الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رحمه الله (1) ولعل ذلك يكون سببا في هدايته لهذا الدين حين يرى مصير قريبه، والله أعلم.
(1) ينظر: الاختيارات الفقهية ص 90.
المبحث السابع: حكم زيارة القبور المكذوبة والمظنونة:
بينا سابقا استحباب زيارة القبور للرجال على القول الراجح، بقصد السلام عليهم، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، والاعتبار، وهذا شامل لجميع قبور المسلمين، وأهل الخير والفضل منهم أولى بذلك.
لكن هناك قبور لرجال معروفين، قد علم أنها ليست مقابرهم، فهذه ليست فيها فضيلة أصلا، إلا إذا كانت قبورا لرجال مسلمين، لأنه ليس في معرفة القبور بأعيانها فائدة شرعية، بل إن عدم العلم بالقبور؛ وخاصة قبور الأنبياء من تمام التوحيد؛ لأن تعظيم الأنبياء إنما يكون بالإيمان بهم، واتباعهم والعمل بشرعهم.
أما القصد إلى قبورهم، ودعاؤهم من دون الله، والاستغاثة بهم ونحو ذلك، فهذا نقص في التوحيد، بل هو الشرك بالله عز وجل.
والصحابة - رضوان الله عليهم - قالوا بذلك فلم يدعوا قبرا ظاهرا من قبور الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يفتتن به الناس حتى قبر
النبي صلى الله عليه وسلم حجبوه في الحجرة. ومنعوا الناس منه بحسب الإمكان (1)
ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «لولا ذلك لأبرزوا قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا (2)»
وهذا الفعل من فقه الصحابة - رضوان الله عليهم - لأنهم أحرص الناس على نفع الناس، ودفع الضرر عنهم مما يخل بعقيدتهم، فلو كان إظهار القبور خيرا لسبقوا إليه.
ومع ذلك هناك قبور أحدثها الناس، وزعموا أنها من قبور الأنبياء، أو الصحابة، وهي كما يلي:
أولا: بيان بعض القبور المكذوبة:
يوجد قبور مضافة لبعض الأنبياء يعظمها الناس، ويقومون بزيارتها على غير دليل، بل بعضها كذب قطعا.
ومن ذلك ما يلي:
1 -
قبر نوح عليه الصلاة والسلام وهو قبر مشهور بالكرك
(1) ينظر: الفتاوى 27/ 271.
(2)
أخرجه البخاري في الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور 1/ 395، رقم (1330)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور 1/ 376، رقم (529).
وهو غير صحيح، ولم يقل أحد من أهل العلم: إن هذا قبر نوح، بل لم يرد فيه خبر صحيح أصلا (1)
2 -
القبر المنسوب إلى هود عليه الصلاة والسلام بجامع دمشق، وهو غير صحيح باتفاق أهل العلم؛ لأن هودا لم يأت إلى الشام؛ بل بعث إلى اليمن، وهاجر إلى مكة، فقيل: إنه مات باليمن، وقيل: بمكة (2)
3 -
قبور الأنبياء: يونس، وإلياس، وشعيب، وزكريا، سئل عنها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: لا تعرف (3)
وأما القبور المنسوبة إلى بعض الصحابة والتابعين، وهي كذب ما يلي:
1 -
قبر علي رضي الله عنه بالنجف، وهذا غير صحيح؛ لأن المعروف عند أهل العلم أن عليا دفن بقصر الإمارة بالكوفة، خوفا عليه من الخوارج أن ينبشوا قبره (4)
(1) ينظر: الفتاوى 27/ 61.
(2)
ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 651.
(3)
ينظر: الفتاوى 27/ 445.
(4)
ينظر: الفتاوى 27/ 446.
2 -
القبر المنسوب إلى أبي بن كعب في دمشق، ومن المعروف أن أبي بن كعب توفي في المدينة (1)
3 -
قبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الجزيرة وهو غير صحيح؛ لأن ابن عمر مات بمكة، وأوصى أن يدفن في الحل؛ لكونه من المهاجرين، فدفن بأعلى مكة (2)
4 -
قبر ينسب إلى أم كلثوم، ورقية رضي الله عنهما بالشام، وهذا غير صحيح؛ لأنهما توفيتا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة (3)
5 -
مشهد رأس الحسين الموجود في القاهرة، فقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشة القول بأن رأس الحسين كان بعسقلان، ثم نقل إلى القاهرة، وأجاب عن ذلك من وجوه عدة، وقال: " إن الذي ذكره من يعتمد عليه من العلماء والمؤرخين، أن الرأس حمل إلى المدينة، ودفن عند أخيه
(1) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 651.
(2)
ينظر: الاختيارات الفقهية ص 97.
(3)
ينظر: الفتاوى 27/ 494.
الحسن، وأما بدن الحسين فبكربلاء بالاتفاق " (1)
6 -
قبر علي بن الحسين الموجود بمصر، وهو غير صحيح قطعا؛ لأن علي بن الحسين توفي بالمدينة بإجماع أهل العلم، ودفن بالبقيع (2)
ثانيا: بيان بعض القبور المظنونة:
1 -
قبر الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام فأكثر الناس على أنه في مدينة الخليل في فلسطين (3) وأنكر ذلك بعض أهل العلم (4)
2 -
قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه بحمص، والمشهور عند الناس أنه قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه، وقد اختلف في ذلك هل هو قبره، أو قبر خالد بن يزيد بن معاوية (5)
3 -
قبر بلال بدمشق، وهو ممكن؛ لأن بلالا رضي الله عنه دفن هناك، لكن
(1) ينظر: الفتاوى 27/ 451 - 489.
(2)
ينظر: الفتاوى 4/ 516، وكذا 27/ 492.
(3)
ينظر: تاريخ الطبري 1/ 187.
(4)
ينظر: الإصابة 2/ 100.
(5)
ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 657.