الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: " فمن استهزأ بالله، أو بكتابه، أو برسوله، أو بدينه كفر ولو هازلا لم يقصد حقيقة الاستهزاء إجماعا "(1).
وقال الشيخ حمد بن عتيق: " اعلم أن العلماء قد أجمعوا على أن من استهزأ بالله، أو رسوله، أو كتابه. . . فهو كافر. . واستدلوا بقوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (2){لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (3)
(1) تيسير العزيز الحميد، ص 553.
(2)
سورة التوبة الآية 65
(3)
سورة التوبة الآية 66
السابع: كفر البغض والكراهية لشيء من دين الله:
معنى البغض والكراهية:
قال ابن منظور: " البغض والبغضة: نقيضة المحبة "(1).
وقال الفيومي - في الكره -: " وكرهته أكرهه من باب تعب كرها بضم الكاف وفتحها ضد أحببته "(2). من كلام هذين الإمامين
(1) لسان العرب، ج 1، ص 239، وانظر: ج 3، ص 250.
(2)
المصباح المنير ص 203.
وغيرهما (1) اتضح أن البغض والكراهية نقيض المحبة.
وبما أن الحب انجذاب النفس إلى الشيء الذي ترغب فيه. فإن البغض والكراهية: نفار النفس إلى الشيء الذي ترغب عنه (2)
وهو نوعان: الأول: الطبعي: وهو أن يعاف الشيء لنفور الطبع عنه.
مثاله: أن يكره بعض التكاليف الشرعية لما فيها من المشقة، لا أنه يكره أمر الله، وإنما يعتقد أن ما شرعه الله هو الحق والصواب ويرضى به.
قال الإمام البغوي: " وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} (3) قال بعض أهل المعاني: هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه، لما فيه من مؤنة المال، ومشقة النفس، وخطر الروح لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى. . . . "(4)
(1) انظر: القاموس المحيط، ج 2، ص 325، ومختار الصحاح ص 59، ص 569.
(2)
انظر: المفردات للراغب، ص 55.
(3)
سورة البقرة الآية 216
(4)
تفسير البغوي، ج 1 ص 204.
وهذا الكره ليس المقصود - هنا - إذ إنه لا ينافي الرضى والتسليم.
قال ابن القيم: " وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه. ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه وطعنوا فيه. وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة. وإنما هو الصبر، وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهية؟ وهما ضدان.
والصواب أنه لا تناقض بينهما، وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى، كرضى المريض بشرب الدواء الكريه. . . ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها. . . " (1).
الثاني: الاعتقادي - وهو المراد هنا - وهو ما تضمن الكراهية لأمر الله، أو أمر رسوله صلى الله عليه وسلم لاعتقاد أنه خلاف الحق والصواب
مثاله: البغض للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لما جاء به لاعتقاد أنه خلاف الصواب، كمن يكره ما شرعه الله في ميراث المرأة، أو شهادتها ونحو ذلك، ومن ثم يعترض ويتسخط (2)
(1) مدارج السالكين، ج 2 ص 175.
(2)
انظر: مدارج السالكين، ج 2، ص 175، وتيسير ذي الجلال والإكرام، ص 69.
حكمه: البغض للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لما جاء به كفر بالاتفاق - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - وغيره (1)
الأدلة: ومما يدل على ذلك:
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} (2){ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} (3).
قال الإمام الشنقيطي: " والآية الكريمة تدل على أن كل من أطاع من كره ما نزل الله في معاونته له على كراهته، ومؤازرته له على ذلك الباطل أنه كافر بالله، بدليل قوله تعالى فيمن كان كذلك:{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (4)(5)
(1) انظر: بيان مسائل الكفر والإيمان، ص 61.
(2)
سورة محمد الآية 25
(3)
سورة محمد الآية 26
(4)
سورة محمد الآية 27
(5)
أضواء البيان ج 7 ص 587. وانظر: تفسير البغوي ج 4 ص 183.
وإذا كانت طاعة الكاره لما أنزل الله، ومؤازرته على كراهته كفر، فكيف بالكاره.
وغير هذه الآيات آيات كثيرة كلها، تدل على أن كراهة ما أنزل الله من صفات الكافرين، وعادتهم مع جميع الرسل من عهد نوح إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم. (1)
مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} (2){ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (3).
وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} (5).
كما وصف الله بها المنافقين.
قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (6).
(1) انظر: أضواء البيان، ج 7 ص 180.
(2)
سورة محمد الآية 8
(3)
سورة محمد الآية 9
(4)
سورة الحج الآية 72
(5)
سورة المؤمنون الآية 70
(6)
سورة التوبة الآية 54