الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الألفاظ الارمية
في اللغة العامية العراقية
-
قد فاتنا بعض الكلام عند إثبات الألفاظ على الحروف الأبجدية فرأينا أن نأتي عليها إتماما للفائدة واليكها:
(قاية) يقول العراقيون (رجل قاية، وقامة قاية) بمعنى عظيم وعظيمة ويرى بعضهم أن ذا اللفظ من التركية (قيا) أي الصخرة وترد على ألسنتهم من باب التشبيه. وعندنا إن ذلك وهم ظاهر. فإن (القاية) ارمية الأصل من (ج اي ا) والجيم هنا مصرية ومعناها العظيم والجبار والمجيد والجليل.
(جواية) جاء في مجلة لغة العرب (474: 4) أن الجواية في عرف النوتية اسم زورق يدخل البطائح. وعلقت إدارة المجلة تعليقا على الجواية جاء فيه أنها مشتقة من فعل تكوى (بواو مشددة) والذي عندنا أن هذا اللفظ ارمي الأصل من (ج وي ا) والجيم مصرية وتلفظ (كاوايا) بمعنى الداخلي نسبة إلى (ج وا) الجيم مصرية أيضا وتلفظ (كاوا) أي الداخل. أو (جوا) كما يقول العراقيون.
ويراد (بالجواية) السفن الداخلية التي تنقل البضائع والسلع والأمتعة من الخارج وتتوغل في داخل البطائح كما جاء في وصفها في الموضع المذكور من المجلة. ولا يخفى على القراء أن الارميين كانوا يشتغلون بالملاحة في العراق في الأزمنة الخالية.
فهذا رأي خاص بنا نزفه إلى القراء بكل تحفظ، وقد سمعنا في البصرة يقولون للسفينة التي تنقل البضائع من المراكب البحرية الكبيرة إلى المياه الداخلية (جاية) الجيم مثلثة فارسية. كأنها مفرد (جواية) مثل قرية وقرايا عند المولدين وفي لغة العوام.
(داروغة) تطلق على الرئيس والمتقدم من الناس ومن الحيوانات ما كان منها في رأس القافلة وهو الكراز في العربية الفصحى، ويستعمل هذا الحرف عند الفرس وأهل الهند ويذهب علماء الفرس إلى أن داروغة بضم الراء ضما صريحا
أو بالضم الممال به إلى الفتح كلمة جغتائية الأصل وكذا قال صاحب برهان قاطع والذي أراه أن اللفظ (داروغة) ارمي الأصل مبنى ومعنى وهو اسم فاعل على وزن فاعولا على القاعدة المتبعة عند
الارميين كما سيجيء بعد هذا. وذلك من فعل (درج) والجيم تلفظ هنا غينا فتصبح (درغ) بمعنى تقدم وتدرج فيكون معنى (داروغا) أو (داروغة) المتقدم.
(هوفة) بمعنى النسمة من الهواء والحركة الخفيفة والأمر الذي يمر سريعا ولا يثبت وإن كان هناك وجه لتعليل هذا اللفظ في العربية ونسبته إلى الهوف بالفتح وهي الريح الحارة أو الباردة الهبوب أو إلى الهوف بالضم ومعناه الرجل الخاوي الذي لا خير عنده أو من الهيف بمعناها المعروف في العراق أي الحارة أو من هفت الريح أي هبت فسمع صوت هبوبها فتكون من باب قلب المضاعف أجوف إلَاّ أن صيغة الكلمة ولفظها ومدلولاتها في هذه الديار تحملنا على القول بأنها من بقايا الارمية من (هـ وب ا) وتلفظ (هوبة) الباء فيها مثلثة. ومدلولاتها في تلك اللغة: الوهج والبخار والدخان والنسمة والنفخة والرائحة الخفيفة والهنيهة والزهيد من الشيء واليسير منه.
(حلانة الطيور) يجوز أن تكون الحلانة تصحيف الحلة (بفتح الحاء وتشديد اللام) في العربية الفصحى وهي الزنبيل الكبير من القصب كما تطلق أيضا الحلانة في العراق على زنبيل من خوص يوضع فيه التمر. وحلانة الطيور هي بشكل سلة من قصب تتخذ مسكنا للطيور كما يجوز أن تكون هذه الأخيرة من الارمية (ح ول ن ا) وتلفظ (حولانة) بضم الحاء ومعناها الكهف والغار والشق والحجر، وعندي إن التعليل الأول هو الراجح.
(سلهبة نار) تطلق مجازا على الولد الكثير الحركة أي كأنه لهبة نار وأكثر ما يستعمل هذا اللفظ نصارى العراق. والسلهبة من (ش ول هـ ب ا) بمعنى الهبة والضرم والحرارة.
(لهظ) أظن إن هذا اللفظ خاص بنصارى العراق، ويستعمله نساج الأزر من المسلمين فيقولون في الأقمشة المطرزة بالخيوط الذهبية أو المقصبة إذا كان لونها وهاجا (تلهظ) أو (تلهث) وهي من الارمية (ل هـ ط) بمعنى اشتعل واتقد وتلظى.
يوسف غنيمة