الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المكاتبة والمذاكرة
معنى كلمة بغداد
سيدي الفاضل صاحب مجلة لغة العرب المحترم
تناولت الجزء الثاني من مجلتكم الغراء الصادر في أب فطالعته من أوله إلى آخره، فأشكركم على العناية التي تبذلونها في اختيار المواضيع المفيدة لأبناء العراق عامة.
لقد لفت نظري مقال الأديب يوسف أفندي غنيمة في معنى كلمة بغداد إذ ذهب حضرته إلى أن اسم بغداد ارمي المبنى والمعنى ويفيد مدينة الغنم أو الضأن ولما كنت أحد الكتاب الذين نقبوا عن معنى هذه المفردة في كتب الأقدمين والمحدثين ونشروا بعض آرائهم في مجلة لغة العرب في سنتها الأولى والثانية فلا أرى رأي الكاتب الفاضل. نعم. أني كنت قد نشرت في لغة العرب (390: 1) رأيا يكاد يكون كرأي الأديب المشار إليه إذ قلت أن كلمة بغداد مقتضبة من (بيت كداد) ومعناها مدينة الغزل أو الحياكة غير أني اليوم لا أرى ذلك الرأي.
وعندي أن بغداد مصحفة عن بل دودو أو بل دادا ومعناها مدينة الإله المحبوب، لأن (بل) تفيد معنى البعل أي الإله عند الأقدمين، ودودو أو دادا جاءت في معجم دليل الراغبين في لغة الارميين بمعنى الحبيب والمحبوب والعم والخال الخ. وكنت قد نشرت رأيي هذا على صفحات مرآة العراق فقط من ذلك المقال لفظة محبوب فجاء المعنى مبتورا ناقصا وقد نقل ذلك علي أفندي الظريفي وأثبته في كتابه مختصر تاريخ بغداد القديم والحديث ولم يشر إلى مصدره.
(ل، ع) بين بغداد و (بل دودو) أو (بل دادا) فرق في اللفظ بخلاف
ما إذا قلنا: بيت كدادا فأن الاكتفاء بالباء للدلالة على البيت أي المكان أو المدينة أشهر من أن يذكر. وكدادا بكاف فارسية فتنحت حينئذ الكلمتان بصورة بغداد فتكون الكلمة أوضح من الأول. لأن الكاف الفارسية تنقل إلى الغين في اغلب الأحيان وأما الألف الأخيرة فخاصة باللغة الارمية أما في العربية فتحذف. فانتقال بيت كدادا إلى بغداد واضح فضلا عما فيه من المعنى المثبت للمطلوب.
أما بل دودو أو بل دادا فإذا أردنا نحتها قلنا: بلداد، لكن هناك إبدال اللام بالغين وهو أمر لم نعهد له مثيلا كما لا نرى فيه سببا. ولو فرضنا أن الإبدال وقع لعلة نجهلها فيبقى علينا المعنى. فقولنا معنى بغداد (البعل المحبوب) لا يتحصل منها مدينة البعل المحبوب، إذ ليس في التركيب كلمة أو حرف يدل على البيت أو الدار بمعنى المدينة. ولهذا نرى في هذا التحليل تكلفا ظاهرا بخلاف تحليل الكاتب المفكر يوسف غنيمة.
معنى كلمة عراق
وبهذه المناسبة أقول أن كلمة عراق معناها بين النهرين وإليك البيان:
ورد في الآثار المكتشفة حديثا أن ديار العراق كانت تعرف قبل اكثر من ستة آلاف سنة باسم اورو، اورا، أو اوري وجاء في تاريخ شمر وأكد لمؤلفه الأستاذ كنك ص14 أن هذه البلاد كانت تعرف قديما في عهد الشمريين باسم (كي اوري) أو (كي اورا). بقي علينا أن نعرف كيف تصحفت كلمة اورو فصارت عراقا، قال لسترانج: يطلق المؤرخون على النصف الشمالي من بين النهرين اسم الجزيرة وعلى النصف الجنوبي العراق ومعناه الساحل وأصل معنى هذه المفردة مشكوك في صحته ولعله يمثل لنا اسما قديما مفقودا.
وقال الأب انستاس ماري الكرملي: وأما الرأي الأصح المتبوع فهو أن العراق تعريب أيراه الفارسية بمعنى الساحل لأنه على ساحل خليج فارس أو
ساحل شط العرب. وأنت تعلم أن كل كلمة فارسية تنتهي بهاء تعرب بجيم أو كاف أو قاف على ما هو مشهور مثل: رندج ودرمك ودلق، والأصل فيها رنده ودرمه ودله. وأما قلب الهمزة التي في أول الكلمة عينا فأشهر من أن يذكر وهي لغة قائمة برأسها تعرف بالعنعنة كالآسن والعسن والائتساف والاعتساف والاقر والعفر. ثم حذفت الياء من عيراق بعد التعريب لتحمل على وزن عربي واتفق أن مصيرها بهذه الصورة يفيد معنى عربيا فتأول العرب تلك التآويل التي يبدو تكلفها لأول وهلة لمن يتأمل أدنى تأمل) أهـ.
ومن المحتمل أن الفرس القدماء نقلوا إلى لسانهم معنى كلمة اورو التي تفيد بين النهرين، فقالوا: أيراه وأرادوا بها شاطئ البحر لأن اور معناها ديار أو بلاد و (أو) أو (أر) تفيد النهر في لغة الاكديين والاشكوزيين، راجع كتاب المتون الآشورية لمؤلفه ارنست ا. بدج ص39 المطبوع عام 1880م وأيضا معلمة التوراة ص44 - 77 ومنهم من ذهب إلى أن
العراق تصحيف (اور ايكو) فأور معناها ديار وايكو مجرى الماء
وعليه ظهر مما تقدم بيانه أن كلمة اورو أو اوري كانت شائعة الاستعمال في ديار العراق قبل شيوع كلمتي شمر وشنعار وقد ذهب الأستاذ موريس جسترو في تاريخه حضارة بابل وآشور الطبعة الثانية ص3 في الحاشية إلى أن كلمة شنعار هي شمر بعينها وتفيد معنى أرض وجاء في معلمة التوراة ص44 أن لفظ (شنعار) مركب من حرفين عبريين (شنا) ومعناه اثنان و (آر) أو (نهر) وأن الحرف آر من أصل اشكوزي أو كوشي بابلي وقد أطلق اليونان على هذه الديار لفظة (ميسوبوتامية) أي بين النهرين ووردت في التوراة
باسم ارام النهرين (تك 10: 24) ومعناها أراضي النهرين العالية وكان المصريون يسمون الطرف الشمالي من العراق نهرينا (بتحريك الحروف الثلاثة الأولى) والآشوريون يسمونه نهري (بتحريك الثلاثة الأولى) ويريدون بذلك الأراضي الواقعة بين الفرات ودجلة.
فالمطالع يرى كيف أن معظم المفردات التي أطلقت على هذه البلاد جاءت بمعنى (بين النهرين) فمن المحقق أن كلمة عراق المصحفة عن اورو معناها بين النهرين أيضا ومن أراد التوسع في ذلك فليراجع تاريخ شمر وأكد ص13 - 15 لصاحبه الأستاذ المحقق لونارد و. كنك الطبعة الثانية 1916م
رزوق عيسى
(ل. ع) لا يجمل بالكاتب أن يقول: (من المحقق) حينما يعرض آراء ويذهب إلى أحد منها. فلو قال: (فمن الظاهر) أو ما هو بمعناه لكان أليق به.
أما رأينا اليوم فهو أن العراق تعني البلاد المعرضة للغرق أو الديار المنخفضة وذلك أن وزن فعال المكسور الأول يفيد أحيانا معنى المفعول أو ما هو بمعنى المفعول أي المعرض لأن يكون مفعولا. من ذلك: الكتاب والبساط والفراش واللباس فمعناها: المكتوب، والمبسوط أو المصنوع لأن يبسط، والمفروش أو المعد للفرش، والملبوس أو المهيأ أو العتيد للبس. ومنه العراق. ولا جرم أن عرق بالمهملة وغرق بالمعجمة من واد واحد. ولهذا لا نرى نحن صلة بين الألفاظ التي ذكرها المؤلف نقلا عن الغير، وبين كلمة العراق.
وللعلامة الألماني الأثري ارنست هرتسفلد رأي في هذا المعنى بعث به إلينا قبل نحو أربع سنوات. فإذا ظفرنا به عرضناه للقراء. وقد رأينا أن القول: (الديار المعرضة للغرق) هو
اقرب للعقل، لأن الأسماء تطلق غالبا على ما يوافق الطبيعة لا ما تخترعه الأوهام.
أسماء الرافدين عند الأقدمين
حضارة بابل وأشور نشأت على ضفاف دجلة والفرات. فسهول بابل الغربية الخصبة كانت ولم تزل هبة هذين النهرين العظيمين؛ وكان كل منهما يجري رأسا فيصب في خليج فارس.
دجلة
كانت دجلة تعرف عند الشمريين باسم (ادجنا أو ادجلا) ثم زاد على اللفظة الأخيرة البابليون الساميون علامة تاء التأنيث فقالوا (إدجلت) وقد اختصروها على توالي الأيام فأصبحت (دجلة) وقد صحف الفرس الماذيون هذه اللفظة فقالوا (تغرا) ومعناها في لسانهم السهم، لشدة جريان هذا النهر؛ غير أن العبرانيين اقتبسوا كلمة ادجلا الشمرية وتصرفوا فيها فقالوا: حداقل (راجع سفر التكوين 14: 2) كما أبدلوا كلمة شمر بشنعار التي تفيد معنى النهرين.
وقد أطلق اليونان على دجلة اسم (تجرويس) ولا تزال معروفة عند الأوربيين بهذا الاسم إلى اليوم، وأما العرب فقالوا: دجلة وقد ورد هذا الاسم في سفر دانيال (4: 10)
الفرات
كان يعرف نهر الفرات عند الشمريين أولا باسم (فرانون) أي الماء أو النهر العظيم وكثيرا ما كانوا يطلقون عليه لفظة (فرا) فقط أي النهر وقد جاء ذكره في التوراة باسم النهر الكبير (تك 18: 15 وتث 7: 1) وجاء أيضا مرارا عديدة باسم النهر بدون زيادة اسم آخر عليه.
ثم أن البابليين ألحقوا بلفظة (فرا) تاء التأنيث فقالوا (فرات) وعنهم نقلها العبرانيون إلى لغتهم فقالوا فرات وفسروها بمعنى الغزير وجاءت عند الاكديين بمعنى النهر المتعرج غير أن الفرس الماذيين تصرفوا فيها قليلا فقالوا (فراتو) وأرادوا بها الماء العذب وقد أخذ اليونان هذه اللفظة عن الفرس فقالوا افراتس وأما العرب فقالوا فيه الفرات ومعناه العذب أيضا.
رزوق عيسى
تعريب مثل إفرنجي
سيدي الفاضل
أني أشكركم غاية الشكر على نقدكم كتابي (مرشد الطلاب إلى قواعد لغة الإعراب) فقد أظهرتم ما فيه من الحسنات والسيئات غير إنكم ذهبتم إلى أن عبارة (الق خبزك على الماء فتجده بعد أيام) لا معنى لها. والحقيقة أن هذه العبارة مترجمة عن الإنكليزية وتفيد معنى عمل المعروف مع جميع البشر. ولعوام العراق مثل مشهور يؤدي ذلك المعنى وهو قولهم: (سوي زين وذب بالشط).
وقال الشاعر العربي:
ازرع جميلا ولو في غير موضعه
…
فلا يضيع جميل أينما زرع
وقال آخر:
من يعمل الخير لم يعدم جوائزه
…
لا يذهب العرف بين الله والناس
هذا ما قصدت بيانه وحفظكم الله منارا للحقيقة سيدي.
رزوق عيسى
(ل. ع) الأمثال التي ذكرتها لها معنى لأنها مسبوكة سبكا عربيا. أما المثل المعرب عن الإنكليزية، فلا يؤدي معنى بتلك العبارة فكان يجب أن يقال مثلا: ألق خبزك على الماء، تر فعله بعد أيام. أو نحو ذلك.
الفارع والعون بمعنى الضابط
شاعت كلمة الضابط بمعنى العون أو الفارع وهي كلمة تركية الوضع عربية الأصل، قلقة الأحكام. لم يعرفها العرب البتة. وإنما أشاعها الترك قبل نحو 150 سنة لا أزيد. وهي من الألفاظ التي يجب قتلها لأن العرب كانت تعرف حرفا آخر اصح من هذا وضعا وأحكاما وهو العون والفارع. قال في لسان العرب: الفارع عون السلطان وجمعه فرعة. أهـ. وهذا هو تعريف الضابط فإنه عون لذي السلطة والسلطان، وأما الضابط فلا وجه له في العربية.