الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزائر
آل افراسياب وخراب الجزائر
في سنة 1078 (1667م) اضطر العثمانيون أن يفتحوا البصرة مرة ثانية وكان دخولهم الأول إليها على يد اياس باشا والي بغداد؛ ولكن البصريين انتقضوا على عامل الأتراك وأخرجوه؛ وذلك بنفوذ حسين باشا آل افراسياب، فكرَّ عليهم الأتراك وفتحوا البصرة. وانهزم حسين باشا بعد حروب شديدة وكانت القيادة التركية في هذه الحرب أول بيد مرتضى باشا والي بغداد فتغلب مرتضى باشا وانهزم حسين باشا إلى الأطراف ولكن أهل البصرة انتقضوا على مرتضى باشا فاتكفأ هاربا من البصرة. وعاد حسين باشا إليها ثم كانت القيادة التركية بيد إبراهيم باشا والي بغداد أيضا فأشتد الهول وأبلت الجزائر بلاء حسنا في هذه الواقعة وانحسم الأمر صلحا بين إبراهيم باشا وحسين باشا ثم قصده الأتراك بوزيره وصهره يحيى اغا وفي هذه الثالثة انتهت ولاية آل افراسياب، وانهزم حسين باشا إلى الهند، وتسلم البصرة يحيى اغا وخربت الجزائر خرابا عاما وفر أهلها في نتيجة هذه الحرب إلى بلاد الحويزة وتفرقوا في نواحي خوزستان.
وهذه المواقعة الأخيرة دامت أربعة أشهر، وكانت حملة العثمانيين شديدة وجيشهم لهاما. قال السيد نعمة الله الجزائري من أهالي الصباغية:(دنا إلينا جيش السلطان محمد الرابع - فكانوا يرمون القلعة (قلعة الحصار) كل يوم ألف مدفع وكانت الأرض ترجف من تحت أقدامنا) وهذه القلعة التي ذكرها السيد نعمة الله هي (العلية) نسبة إلى علي باشا آل افراسياب وقد كانت قبلا قلعة صغيرة عند ملتقى الرافدين تسمى (القرنة) وحولها رهط الجزائريين وهذا هو مبدأ القرنة البلد المعروف اليوم ولكن علي باشا جدد بناءها فعرفت بالعلية وزاد حسين باشا في تشييدها وصيرها ثلاث قلاع كل واحدة منها محيطة بالأخرى وبينهما فرجة صالحة للمقاتلة ويحيط بثلاث جوانبها الشط وبالجانب الرابع خندق وعليه سدود ولما طوي بساط آل افراسياب استرجعت اسمها الأول (القرنة).
ترجمة آل افرسياب
كان أبوهم افراسياب يعرف بالديري، نسبة إلى موضع في شمالي البصرة يعرف بالدير. وفي ذلك الموضع كانت منارة يزعم بسطاء العقول أنها من بنايات الجن وذكر عبد علي بن رحمة الله الحويزي في كتابه (قطر الغمام) أن افراسياب من بقايا آل سلجوق وأن أهل الدير أخوال افراسياب ومنشأ إمارة هذه الأسرة (العائلة) أن افراسياب كان كاتبا من كتّاب الجند في البصرة فأنتقض أهل البصرة على علي باشا الحاكم الرومي (أي التركي) فعجز هذا عن إعطاء أرزاق الجند المحافظين عليه فباع البصرة من افراسياب بثمانية أكياس رومية
في كل كيس 3000 محمدية وهي عملة تركية كانت رائجة في العراق وترك البصرة لافراسياب وخرج مشترطا عليه أن لا يقطع الخطبة من اسم السلطان وتوجه ذلك الرومي إلى الأستانة.
فحكم في البصرة افراسياب وأحبته الناس وتوسع في بسط نفوذه في الجزائر ومنع الجوائز التي كانت تتقاضاها موالي الحويزة من البصرة ومنع الجراية التي كانت لهم على الجانب الشرقي من شط العرب. وكان ابتداء حكومته سنة 1005هـ (1596م) واستمرت سبع سنين.
ثم حكم من بعده ابنه علي باشا واستمرت حكومته 45 عاما وقد كثرت في أيامه العوارف والرفاهية وكان مظفرا فتحت في أيامه كل الجزائر بعد أن عجز عنها جند السلطان وقصده جيش الشاه عباس الصفوي فثبت في وجهه وتشدد في مقاومته حتى فشل الجيش الفارسي ونكص راجعا وذلك سنة 1036.
ثم حكم من بعده حسين باشا آل افراسياب ودامت مدة حكمه 21 سنة، ثم ختمت بزوال إمارة آل افراسياب وكان حسين باشا فاضلا راجت في عهده سوق
الأدب وكذلك في عهد أبيه وكان يميل إلى التشيع وبذلك اصطنع البلاد ودانت له الجزائر وكان آل افراسياب يحسبون أنهم ملوك مستقلون وكانت لهم في إقطاعيتهم امتيازات كبيرة حتى أن روح الاستقلال الحقيقي كان ظاهرا ولكن لم يكن مقضيا به رسميا فأراد حسين باشا المجاهرة به وسعى له سعيه ووجد استحسانا وإعانة من الجزائريين فحارب الأتراك ثلاثا غلب مرتين وغلب في الثالثة التي انتهت بخراب الجزائر فهرب إلى الدورق ثم إلى شيراز ثم إلى الهند وانكفأ هناك حتى مات.
وقد جاء ذكر لعلي باشا آل افراسياب في ديوان ابن معتوق الذي امتدحه في قصيدته التي مطلعها:
طلبت عظيم المجد بالهمة الكبرى
…
فأدركت في ضرب الطلى الدولة الكبرى
إلى أن قال:
ما البصرة الفيحاء إلَاّ قلادة
…
ونحرك من دون النحور بها أحرى
تمادى زمانا عهدها فتمنعت
…
وجادت بوصل بعد ما منعت دهرا
علي الشرقي
تداعى للسقوط
قرأنا في تذكرة الكاتب لأسعد خليل داغر في ص129 ما هذا نصه:
(ويقولون: (ويسقط منها ما كان متداعيا للسقوط) ولا يخفى أن كلمة (للسقوط) يجب إسقاطها إذ هي حشو لا حاجة إليه. ومعناها مستفاد من كلمة تداعى، يقال تداعى البنيان أي تصدع من جوانبه وآذن بالانهدام، وهكذا انقض أو أنقاض) اه. أفصحيح أنه لا يقال؟
قد قلنا مرارا أن اسعد خليل داغر قد اخطأ في كتابه اكثر مما أصاب. وهذا دليل جديد على وهمه، لأن تداعي للسقوط هو من باب التوكيد لا غير. نعم إن قد تداعى بعين ذلك بنفسه لكن التوكيد غير ممنوع، وقد استعمل هذا التعبير ابن خلدون في مقدمته في كلامه عن الحسبة راجع عبارته في هذه المجلة 307:4.