الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللكنة العامية
إذا تحول لسان المتكلم من حرف إلى حرف آخر، وكان ذلك لعارض خلقي فيه سمي (لثغ) وقيل به (لثغة) كالذي يتحول لسانه من السين إلى الثاء. ومن الراء إلى الغين أو غير ذلك؛ وإذا لم يكن ذلك فيه لعارض خلقي بل كان لكونه أعجميا أو لكونه كثر اختلاطه بالعجم سمي (الكن) وقيل به (لكنة).
وتنسب لكنة الالكن إلى القوم الذين هو منهم، أو إلى القوم الذين حصلت
الذات. . . وأن نسعى ما أمكن إلى الغاية التي كانت دائما نصب عينيها إلا وهي أيجاد أمة قوية منورة مفلحة في العراق.)
وكان جواب رئيس الوزراء على هذا الكتاب اصدق صورة لما يعتقده فيها العراقيون الخلص الذين اطلعوا على سرائر سياستها في العراق وما كانت تبتغيه له من الرقي والنجاح وما بذلته من الجهود لاستتباب وضعه السياسي.
وأكبر شاهد على منزلتها ما جاء في كتاب التعزية الذي بعث به جلالة ملك بريطانية وملكتها إلى والدة الفقيدة إذ جاء فيه: (أن الأمة البريطانية ستلبس الحداد وتحزن على فقدها سيدة قامت بفضل قواها العقلية ومواهب إدراكها وقوة أخلاقها العالية وشجاعتها الأدبية بخدمات مهمة نافعة لبلادها نفعا يأمل أن يبقى أثره خالدا في بلادها والبلاد التي اشتغلت فيها بمنتهى الإخلاص والتضحية) أهـ
ي. غنيمة
فيه اللكنة بمخالطتهم، فيقال هو يرتضخ لكنة فارسية. أو يرتضخ لكنة رومية أو غير ذلك، والعامة في العراق اليوم يرتضخون لكنة فارسية، لكثرة اختلاطهم بالفرس؛ بسبب القرب والمجاورة. ولكنتهم تقع في حرفي: القاف والكاف، أما القاف فيتحول فيه لسانهم إلى ثلاثة حروف: الكاف الفارسية والكاف والجيم وأما الكاف فيتحول فيه لسانهم إلى الجيم الفارسية فقط. ولنذكر لك من المظان التي تتحول فيها ألسنتهم من القاف إلى الحروف الثلاثة المذكورة
(استطراد) قد اصطلحت هنا أن اكتب القاف المتحولة إلى الكاف الفارسية ق
هكذا (كك) والمتحولة إلى الكاف هكذا (ك) والمتحولة إلى الجيم هكذا (ج) بأن أضع فوق الحرف المتحولة إليه قافا صغيرة، لتدل على أن أصل الحرف هو القاف؛ وكذلك افعل في الكاف التي يتحول فيها لسانهم إلى الجيم الفارسية فأكتبها هكذا (ج) بأن أضع فوقها شكل همزة لتدل على أن اصلها هو الكاف
اعلم أن تحولهم من القاف إلى الحروف المذكورة غير مطرد ولا مقيس في كلامهم؛ وليس لنا من قاعدة نرجع إليها في تحول القاف إلى أحد الحروف المذكورة بل العمدة في ذلك على السماع منهم، فإننا نسمعهم ينطقون بالقاف كافا فارسية في نحو قام، ويقوم، وقائم، وفي قعد، ويقعد، وقعود، وقاعد، وفي قدر، ويقدر؛ دون المصدر واسم الفاعل، فلا يقولون فيهما كدرة بل قدرة؛ ولا يقولون كادر بل قادر، وفي قلب، ويقلب، وقلب، وقالب (بالكسر) وأما القالب بفتح اللام فلا يقولون فيه كالب بل يقولونه بالقاف الصريحة ويقولون في جمعه قوالب ولم يقولوا كوالب. وفي قشر ويقشر وتقشر ومقشر وفي قصع القملة، يقصعها
قصعا، فهو قاصع والقملة مقصوعة؛ وفي قرب يقرب، قربا، وقرابة، فهو قريب؛ وفي قلى (المشددة) اللحم يقليه تقلية فهو مقلي واللحم مقلى، وفي قمر، يقمر، قمرا، فهو قامر، وفي قطع، يقطع، قطعا؛ فهو قاطع؛ وذاك مقطوع؛ وكذلك انقطع، ينقطع؛ فهو منقطع، وفي قمطت الأم الصبي، تقمطه؛ فهو مقمط في القماط. وفي قمط الديك الدجاجة، يقمطها، قمطا؛ فهو قامط وهي مقموطة، وفي قضى، يقضي، فهو قاضي؛ وانقضى، ينقضي، فهو منقضي، وفي قبض، يقبض، قبض؛ فهو قابض وذلك مقبوض. وفي قضب (مقلوب قبض وهو مستعمل في كلامهم) يقضب، قضبا، وقضبة؛ فهو قاضب وذاك مقبوض. وفي قبل، يقبل؛ فهو قابل، ومقبول؛ وكذلك اقبل، يقبل؛ فهو مقبل، وفي قبن (بالتشديد) الشيء بالقبان يقبنه؛ فهو مقبن (بالكسر) وذاك مقبن (بالشد المفتوح). وفي قحم؛ يقحم؛ فهو قاحم. وفي قرض، يقرض، قرضا؛ فهو قارض وذاك مقروض، وقال، يقول، قولا؛ فهو قائل. وقصد، يقصد، قصدا فهو قاصد وذاك مقصود. وفي قرطف الشعر (أي أخذ منه بالمقص) يقرطفه فهو مقرطف
(بالكسر) والشعر مقرطف (بالفتح). إلى غير ذلك من الأفعال، والأسماء التي تتحول فيها ألسنتهم من القاف إلى الكاف الفارسية
وهناك أفعال وأسماء لا حولون قافها كافا فارسية نحو قشبه يقشبه قشبا (أي أصابه بالمكروه من القول) وقل الشيء يقل فهو قليل إلا انهم إذا صغروا كلمة قليل حولوا قافها إلى الكاف الفارسية فقالوا كليل وأما مصدر هذا
الفعل اعني القلة فيحولون قافها جيما كما سيأتي، وقنع يقنع قناعة فهو قانع، وقنعه (بالتشديد) يقنعه تقنيعا فهو مقنع وقهره يقهره قهرا فهو قاهر وذاك مقهور. وقرقر بطنه يقرقر قرقرة. فهذه الأفعال مما نسمعهم يبقون فيها القاف على حالها ولا يبدلونها كافا فارسية.
ومن الأسماء التي ينطقون فيها بالقاف من غير تبديل؛ القندرة والقنديل والقبقاب والقلم والقديم والقرآن والقرش (وربما حولوا قاف هذا إلى الجيم) والقش والقسيس والقسم (بمعنى اليمين) والقند (بمعنى السكر) والقانون (لآلة الطرب) والقولنج والقطايف والقلم والقزاز.
وأما تحويلهم القاف إلى الكاف العربية فذلك في فعلين واسم واحد ولم أجد لها رابعا. أما الفعلان فهما قتل وقفخ بمعنى صفع. فيقولون: في قتل: كتل وفي يقتل؛ يكتل. وفي قاتل: كاتل. وفي مقتول: مكتول. وكذلك في قفخ: كفخ يكفخ فهو كافخ وذاك مكفوخ. وأما الاسم
فهو الوقت. فيقولون: الوكت وفي جمعه أوكات
وأما تحويلهم القاف إلى الجيم فذلك في مادة فيقولون جسم وفي يقسم؛ يجسم. القسمة؛ الجسمة. وفي قاسم وقسام، جاسم وجسام. وفي المقسوم: مجسوم. ومنه قول شاعرهم في شعرهم المسمى عندهم بالزهيري:
(يا جارة الدهر ما أنصف تعالي
…
نخلط همومنا ونجسم سوية)
وكذلك في قدم (المشددة) يقولون؛ جدم. وفي يقوم؛ يجوم. وفي تقديم: تجديم. وفي مقدم؛ مجدم. وكذلك في قنى المال يقنيه؛
جناه يجنيه. وفي القنبة؛ الجنبة. هذا من الأفعال، وأما من الأسماء فيقولون في المقباس
المجباس وربما قالوا مكباس أيضا. وفي قدح جدح. وفي قدر وقدور جدر وجدور. وفي قدام جدام. وفي قدم جدم وهذه خاصة بأهل البادية. وفي قرية جرية. وفي قريب جريب. وربما قالوا كريب أيضا. وفي القارح جارح. وفي القسب (بمعنى التمر اليابس) الجسب وفي قاسم جاسم. وفي صديق صديج وربما قالوا صديك أيضاً وفي قليل جليل بكسر الجيم ومنه قولهم: (لا جليل) يريدون لا قليل. وفي قلة جلة ومنه قولهم (من جلة التتن وقول شاعرهم:
(من جلة الخيل شدو
…
على الجلاب سروج)
وفي قنب جنب، وفي قناع جناع. وفي مقنعة مجنعة. وفي عاقل عاجل.
ومنه قول شاعرتهم:
(واش زهفج يا عاجلة
…
شيطان لو سحر كوي)
وأما حرف الكاف فتتحول فيه ألسنتهم إلى الجيم الفارسية المثلثة كقولهم في كان جان دون المضارع فلا يقولون يجون بل يكون. وفي كب الماء جب وفي يكب يجب وفي كاب جاب وفي مكبوب مجبوب وفي كتفه يكتفه تكتيفا فهو مكتف وذاك مكتف. وفي كثر يكثر تكثيرا (دون الثلاثي المجرد منه) وفي كذب يكذب كذبا فهو كاذب وكذاب وكذلك كذب يكذب تكذيبا فهو مكذب. وفي كرع في الماء يكرع تكريعا (دون الثلاثي المجرد منه) وفي كسب يكسب فهو كاسب وكذلك كسب (المشدد) فهو مكسب وفي كشف (المشدد) يكشف فهو مكشف. وفي انكلب فهو منكلب (يستعملون هذا الفعل بمعنى كلب) ومنه قولهم: (ما عضني
جلب إلَاّ انجلب) وفي كل يكل فهو كال. وفي
كال يكيل كيلا فهو كايل. ففي هذا كله يتحول لسانهم من الكاف إلى الجيم الفارسية المثلثة النقط
وتحويلهم الكاف إلى الجيم المذكورة اكثر وقوعا في الأسماء ولا حاجة إلى التطويل بذكر جملة من تلك الأسماء هنا بل نذكر لك جملة مما لا تجري فيه لكنتهم ولا يحولون كافه إلى الجيم الفارسية ومن الأسماء: فمن ذلك كتاب وكتب وكذلك الكبة لضرب من الطعام يعملونه. والكبابة للغزل الملفوف والكبر (وزان صرد) لهذا الشجر المعروف. والكرب والكربة لأصول سعف النخل. والكروش جمع كرش. والكحل والمكحلة. والكراث لهذه البقلة المعروفة. والكرد والأكراد والكردي. والكرسي والكراسي. والبكار لأنبوب التارجيلة والكروة والكر والكرة لهذا الجحش الصغير. والكارة للحزمة من الحطب وغيره التي تحمل على الظهر أو على الرأس. والكشمش لضرب من الزبيب. والكافر والكفار. والكلة لهذا الستر الرقيق، والكلام وأن قالوا في الكلمة جلمة بالجيم الفارسية. والكنز والكنوز، والمكنسة، والكون، بمعنى الحرب والفتنة. والكيف بمعنى المسرة وإذا استعملوا اسم استفهام قالوا جيف (بالجيم الفارسية).
واعلم أن جميع ما ذكرناه في هذا الباب من الأفعال والأسماء إنما أوردناها على طريق المثال وما أكثرنا من ذكرها وتعدادها إلَاّ لمزيد الإيضاح لأن لكنة العامة في حرفي القاف والكاف لا تقع تحت ضابط يضبطها وإنما العمدة في معرفة مواقعها على السماع.
معروف الرصافي