الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المشارفة والانتقاد
58 -
جامع التصانيف الحديثة التي طبعت في البلاد الشرقية
والغربية والأميركية من سنة 1920 إلى سنة 1926
وفي آخره فهرست أبجدي لأسماء المؤلفين، عني بجمعه وترتيبه يوسف آليان سركيس الدمشقي طبع سنة 1927م.
المطبوعات في العالم كله تسير سيرا هائلا وللإفرنج مجلات وكتب خاصة لإطلاع أهل البحث على ما يطبع في مختلف المباحث. أما نحن الناطقين بالضاد فليس لنا من هذا الأمر إلَاّ الشيء النزر في بعض المجلات ولقد عني صديقنا يوسف آليان سركيس بوضع كتاب يفي بهذا الغرض و (جامعه) هذا يقع في 163 صفحة بقطع الثمن وقد أودعه جميع ما طبع في العالم من المصنفات العربية ما عدا الروايات فأنه تكلم عن المهم منها وأما سائر ما يصنف ويترجم وينقل إلى لغتنا فقد جنح عنه لعدم خطورته.
ومن جملة ما تعرض المذكرة مطبوعات العراق لكننا لا نراه قد ذكر عشر ما طبع في هذه المدة. فعسى أن يزين كتابه هذا بجميع ما صدر في ديارنا في طبعته الثانية. فالجامع على كل حال مما يحرص على اقتنائه كل أديب يرغب في إغناء خزانته بنفائس المصنفات.
59 -
رواية فابيولا أو بيعة الدياميس
للكردنال نيقولاوس وسمن استخرجه إلى العربية من الفرنسية القس توما أيوب السرياني، طبعت طبعة ثانية منقحة بالطبعة السريانية في بغداد سنة 1925 في 871 ص
كلمة واحدة تعرّف هذا الكتاب: (رواية فابيولة هي أمتع رواية وضعت لتصوير حالة النصارى في القرون الأولى للمسيح فهي تتدفق شعورا رقيقا حساسا جليل الفائدة لكل من يطالعها ومغازيها من اشرف المغازي وفي كل صفحة لذة جديدة لما فيها من تسلسل الفوائد المعقودة بها)
حسبنا مدحا لها أنها نقلت إلى جميع لغات الأمم المتمدنة وراجت اعظم رواج وطالعها ويطالعها جميع طبقات الناس على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وارساسهم وقد قيض لنقلها
إلى العربية كاتب كفو وهو القس توما أيوب الحلبي فلقد صاغها في مبنى عربي متين لا غبار عليه سوى أنه اختار عويص الألفاظ لإفراغ تلك المعاني في القوالب العربية فلم تجيء العبارة متدفقة أو سلسة مع أن المشهور أن إنشاء الروايات يجب أن يكون خاليا من كل غريب في اللفظ والمبنى وأن يكون قريب المنال: ولهذا لا نوافق الكاتب على بعض التعابير كقوله في ص12 وتحت الرواق نشاهد شيئا كثيرا من الاساود والاشذاب الفاخرة. وهو يريد أن يقول: ونشاهد في الرواق شيئا كثيرا من الأدوات والأثاث الفاخرة. ومثل هذا التعقيد في كل صفحة. وتعديدها يطول. والكتاب لا يخلو من أغلاط الطبع أو لعلها من أغلاط النسخة الأولى أو من وهم المترجم نفسه كقوله في ص9 من السنة الاثنتين والثلاثمائة. والمشهور من السنة الثانية والثلاثمائة. وفيها: يبتغون التسلي والنزهة، والأحسن والتنزه لأنه معطوف على التفعل. وفيها ميدان مرس، والأشهر ميدان المريخ لأن مرس عندهم من آلهة الحرب وهو المريخ بالعربية أو أن يقال ميدان التدريب لأن الجيوش كانت تدرب فيه على المقارعة والطعان، وفي ص12 في فناء المنزل الأولى. وقد تكرر تأنيث الفناء مرارا عديدة في الصفحات التالية. وفناء مذكر لا مؤنث كما هو مشهور. وفي ص13 الميشولوجية والصواب الميثولوجية بثاء مثلثة. وفي ص14 بزجاج سميك، والزجاج لا يكون في مثل هذا المقام سميكا (أي مرتفعا) بل ثخينا والسميك بهذا المعنى شامية عامية لا يعرفها الفصحاء وفي ص15 ليس مرجعة لفائدتها. . . وكانت إبرتها. . . على المضدة. . . إنما هي حليها عدلت عن استعمالها. . . والصواب إلى فائدتها. . . على المنضدة. . . عدلت عن استعمالها. وأحسن منها: إنما هي حليها عدلت عن لبسها، لأن الحلي تلبس. وهكذا يتعثر القارئ في كل صفحة تقريبا بشيء من خطأ الطبع أو خطل الوضع أو بتعبير يحتاج إلى تدفق وتسلسل.
على إن هذا كله لا يمنع المطالع من تذوق ما في تلك الرواية من حسن الأسلوب وبراعة التخييل وبداعة التمثيل. فنحث القراء على الوقوف عليها.
بلوغ الإرب في معرفة أحوال العرب
- 3 -
تكلمنا قبلا عن الجزءين الأول (299: 4و245) والثاني (في 363: 4) من هذا الكتاب
النفيس فلنقل الآن كلمتنا الأخيرة عن الجزء الثالث منه:
ذكر في الحاشية 1 من الصفحة 19 ما ورد فيه رواية أستاذه ورواية التاج وفي ص24 في الحاشية 1 عرف بحسن ذوقه صحة نسب الشعر فبين المولد منه وميزه عما هو أعلى منه سبكا ومعنى ومبنى. وفي ح1 من ص33 صحح رواية مخطوءا فيها جاءت في تهذيب الألفاظ المطبوع في بيروت. وفي ص34 ح2 ترى تحقيقا آخر سدد فيها رواية فاسدة وردت في علم من أعلام المدن الواردة في صحيح البخاري.
ومما يشكر عليه المحرر أنه أوضح مسألة الشهور العربية وطرز الوقوف على الأيام التي تبتدئ بها. ففيها فوائد لا تقف عليها إلَاّ بشق النفس في سائر المصنفات.
وإن أردت أن تتحقق ما للسيد محمد بهجة من الوقوف على أسرار المحو ودقائقه فعليك أن تراجع ح2 من ص87 فإنك تجد فيها ما تطيب به نفسا وتقر به عينا.
وتطلبه لتسلسل المعنى في كل ما ينشد للأقدمين مما يتتبعه بيتا بيتا ولذا تراه لا يرضى برواية أستاذه في ما رواه في ص96 في ح3 وراجع في ما يقارب هذا المطلب ما قاله في ص100 ح7 وفي ص104 ح3 تره يحفي في تحقيق الأعلام وهو أمر يتطلب دقة نظر وتوغل في حفظ الأعلام. ومثله قل في ص105 ح2 وص107 ح1 وقد لاحظنا في هذا الصدد أنه لا يذكر بلفظة تبجيل أو تعظيم أدباء النصارى وبخلاف ذلك إذا كانوا من المسلمين. ونحن نجله عن أنه يتقصد غاية من عمله هذا والذي نظنه فيه أنه من قبيل النسيان، فعسى أن يساوي بين حملة الأقلام وناشري ألوية الأدب من غير تعصب أو تحزب، فدولة العلم دولة تجمع على صعيدها أصحاب جميع الأديان وتعاملهم معاملة واحدة لأن التفقه
رائدهم والحقيقة مرماهم، ليس إلَاّ. وقد كال للأب لويس معلوف صاحب المنجد كما كال للأب لويس شيخو (راجع ص119 ح4)
ومما ورد في تحقيقه للأعلام ما قاله في ص113 ح2 وفي ص119 ح4 وقد قال عن دجلة: اسم للنهر الذي يمر ببغداد، ولا تنصرف ولا يدخلها الألف واللام. وغلط صاحب المنجد، المعجم المدرسي فأدخلهما عليها كما غلط في مسائل كثيرة فيه فليحذر عنه اه كلام الناشر. أما نحن فلا نجسر على أن نخطئ صاحب المنجد هنا بل نقول إن الرواية الفصحى دجلة بدون أداة التعريف لكن يجوز الدجلة بأل. وقد ورد ذلك في نسخ قديمة من
مروج الذهب للمسعودي وجاءت بآلة التعريف في هذا الكتاب المطبوع في مصر على هامش تاريخ ابن الأثير في 144: 1 كما وردت بدون ال في الصفحة عينها. مما يدل على جواز استعمالها. وكذا نرى في المروج المطبوعة في باريس في 223: 1 وقد تكررت مرارا نقلا عن نسخة قديمة محفوظة في خزانة الأمة في باريس وكل مرة جاءت محلاة بأل التعريف. وفي محيط المحيط واقرب الموارد: دجلة. . . علم لا تنصرف وقد تدخلها أل فيقال الدجلة اه. وقولهما (قد تدخلهما) دلالة على الجواز الضعيف. إذا ليس من الغلط في شيء.
وعندنا نسخة خطية من مروج الذهب كتبت سنة 1049 أي قبل نحو ثلثمائة سنة وكل مرة وردت دجلة عرفها بأل ولم تأت مرة واحدة خالية من الأداة المذكورة. نعم ليست كتابة النساخ حجة لكن كتابتهم واتفاقها مع صورة الكلمة مطبوعة في كتب المحدثين من إفرنجية وشرقية ولا سيما إننا نعلم أن الإفرنج يحافظون على تصوير الكلم على الوجه الذي يرونه في النسخ، وكذلك قل عن اتفاقها وأصحاب محيط المحيط واقرب الموارد وأحكام باب الأعراب عن لغة الأعراب في مادة دجل ص447 وهذا نص عبارته (الدجلة بالكسر والفتح (كذا): أحد الأنهر الأربعة الخارجة من الفردوس) كل ذلك لا يبين أن الأب لويس معلوف صاحب المنجد هو أول وأهم ولا هو أول قائل بهذا القول وهؤلاء كلهم نقلوا كلام الاختري القائل في سنة 952هـ (الدجلة بالكسر نهر بغداد)
نعم نقول ونكرر القول فنعيد الكلام أن الأفصح بكسر دال (دجلة) ونزع
آلة التعريف لكن الخلاف ليس خطأ بل هو من قبيل الضعيف من الرواية وبهذا القدر كفاية.
وفي حاشية تلك الصفحة: الحضر. . . بناها الساطرون بن اسطيرون الجرمقي) اه
وعبارة ياقوت في معجمه: ويقال إن الحضر بناها الساطرون بن اسطيرون الجرمقي. وبين الروايتين فرق. فإن ياقوت لا يجزم بصحة اسم الباني بل يضعف الرواية أو يجرحها بقوله (ويقال. . .) ولقد صدق، فإن الساطرون (وحقيقة اسمه سناطروق أو سنطروق) هو من ملوك الدولة الاشكانية أو الارشكية؛ وكان قد ملك بين سنة 77 و70 ق م. والحال إن الحضر كان موجودا قبله بعدة قرون حتى يقال إنه بني في عهد تكلت فلاسر في نحو منتصف المائة الثامنة قبل المسيح (راجع تاريخ سني الملك تكلت نينيب الثاني في ص34
للأب شيل الدمنكي).
ومن ثم يجب على من يكتب في عهدنا هذا أن لا يعول على أقوال الأقدمين من السلف بل أن يعرضه على رأي أصحاب المكشوفات العصرية المستندة إلى حقائق لا تنكر ثم يتكلم وإلَاّ عدت بضاعته من سقط المتاع وأزجيت وخيروا عليها مصنفات الأقدمين أنفسهم.
أفلكون غلط حضرة لصديق في تحقيقه هذا لنقله كلام ياقوت نقلا ونقلا غير صادق ومن غير أن يدقق النظر فيه يعتبر علمه وسائر تحقيقاته بلا جدوى؟ كلا! فقد يغلط هو، واغلط أنا، ويغلط غيرنا؛ لكن هذا كله لا يجرح في ما تثبته وتحققه من المسائل الأخرى. وهكذا القول عن أصحاب المعاجم النصرانية الثلاثة فهم كلهم عالة على الاختري، فإذا كان هناك ملام فالملام على الواهم الأول لا على ناقل الوهم والناقل يعتبر المنقول عنه إماما في اللغة.
وتحقيق الشيخ غير واف بل غير كاف في ما ذكره عن بني الأصفر. فالرأي الذي أشار إليه، رأي قديم قد نخر نخر قوامه حتى أنه لا يمكنه الوقوف بل لا يرضى به أبناء مدارسنا في هذا العهد. فإذا كان لقول بعض الأقدمين شيء من الصحة فيجب أن يحرر بهذه الصورة: ضفو (لا الأصفر وقرئ منذ الأزمان
المتطاولة في القدم: صفر كزحل لكن لم يجيء أبدا بصورة الأصفر إلَاّ عند بعض ضعفة النقلة) بن رعويل (لا ابن روم المنقول عن رمويل تصحيف رعويل) بن عيسو (لا يعصو أو العيس أو غيرها من الروايات الفاسدة) هذه حقيقة الرواية وإلَاّ فنقله عن الأقدمين (ح6 ص119)(بنو الأصفر: الروم وقيل ملوك الروم أولاد الأصفر بن روم بن يعصو بن اسحق. وقيل: الأصفر لقب روم لا ابنه. وقال ابن الأثير: إنما سموا بذلك لأن أباهم الأول كان أصفر اللون وهو روم بن يعصو ويقال عيصون أو لغير ذلك) اه. هو من النقل الذي لم يبق له معنى ولا سيما يظهر من خلال هذه الأقاويل ريب في صحة النسب أما اليوم فأن الحقيقة بانت على ما ذكرناه وليس هناك أدنى توقف.
وهذه النواقص في التحقيق لا ينقص من اعتبارنا له شيئا لأن الكمال لله جل جلاله.
ومن تحقيقات صديقنا الودود ما ذكره في ص148 ح3 و4 في نسبة قائل هذا البيت:
اعلمه الرماية كل يوم
…
فلما اشتد ساعده رماني
وهو معن بن اوس وأن صحيح رواية اشتد (بالشين) استد (بالسين المهملة) وكذلك صحح نسب هذا البيت:
فأصبحت لا اسطيع ردا لما مضى
…
كما لا يرد الدر في الضرع حالبه
إذ حقق أنه لعمير أخي معن بن اوس وليس لكعب بن جعيل كما ذهب إليه أستاذنا الالوسي.
ومما يستحق عليه كل ثناء ومديح ما علقه من الشروح على الأقوال الواردة بخصوص الانواء، ففي تلك السجعات من الكلام الغامض ما هو في حاجة إلى فتح مغلقه ولقد قام بهذه المهمة احسن قيام. وهو يمتد من ص246 إلى ص261 على أننا كنا نود أن يشير في بعض الشروح إلى ما في بعض الأقوال من الأوهام البينة أو الخرافات التي لا تعقل كقول المؤلف مثلا في ص284 عن لسان طريفة الكاهنة (رأيت جرذا يكثر بيديه في السد الحفر ويقلب برجليه من اجل الصخر) فلا جرم أن الكاهنة توخت السجعة لا الحقيقة إذ كيف الجرذ يقلب
برجليه من أجل الصخر.
وفي تلك الصفحة ورد قول المؤلف ثلاث مناجد. . . (وهي دواب تشبه اليرابيع) والذي احفظه أن مناجذ تكتب بالمعجمة مفردها خلد بالمهملة أو جلذ بالمعجمة وكلاهما مذكر فكان الأحسن أن يقال ثلاثة مناجذ وإن كان يؤول بالتأنيث، وتشبيه المناجذ باليرابيع بعيد والأحسن بالجرذان أو بالفئران.
على إن هذه الخرافة تزداد شناعة في قول المؤلف في ص285 (فأنطلق عمرو فإذا الجرذ يقلب برجليه صخرة ما يقلها (أي يحملها ولعل الصواب ما يقلبها) خمسون رجلا) فهذه خرافة ما وراءها خرافة، فكان يحسن تضعيفها أو جرحها أو إسقاطها بتاتا. إذ لا تتفق وتحقيقات هذا العصر؛ أو لا أقل من أن يسندها إلى أول راو رواها لأني أجل عمرا عن تصديق هذه المزاعم التي تضحك ومما يشهد على وضع هذه الحكاية من أولها إلى آخرها سقم الأبيات الواردة فيها.
وذكر الشارح في ح1 ص337 ابن حذيم وقال عنه (سماه جرجي زيدان (هكذا ورد بدون أدنى صفة مدح مع أنه يكيل منها مكاييل ضخمة لمن دون جرجي زيدان فضلا وخدمة للعربية) في تاريخ أدب اللغة العربية (م1 ص177) ابن حزيم بالزاي وهو خطأ فاضح. .
) ونحن لا نراه كما يراه الكاتب صاحب التعاليق بل نحمله على لغة أهل الشام ومصر الذين يلفظون الذال زايا. وليس في لغتهم فصاحة وهي لغة معروفة عند العرب قبل الإسلام.
وللمحشي جلد عظيم لتتبع صحيح الروايات فلقد اظهر في ح1 ص341 شيئا من هذا القبيل ما لا ينكره ناكر ولا نكير، وكذلك قل عما حققه في ص386 و408 و409
وارهف سيفه في ح ص 419 وضرب به ضعفة المفسرين فقد قال عنهم:
(بضعفة المفسرين الذين أصيب الإسلام منهم بداهية دهياء وفاقرة عظمى ورزية كبرى حكايات خرافية وأقاصيص منحولة وأساطير مفتعلة في تصوير ارم ذات العماد يسود من ذكرها وجه القرطاس وتتلكأ اليراعة في الجري بها واللسان في تلاوتها. . .) قلنا: لكننا وجدناها في كتب أعاظم المفسرين الأقدمين. فكيف العمل؟
والشارح لم يراع أحدا وربما انتصر لرأي ضعيف ليحمل على من يريد أن يؤذيه بقرصات لسانه ففي ص425 ضبط اسم القطامي الشاعر المشهور بفتح القاف ثم قال في الحاشية: (بفتح القاف وضمها كما نص عليه ابن الشجري في اماليه. والمجد في قاموسه. وعبد الرحيم العباسي في معاهده. وقول إبراهيم اليازجي في مجلة الضياء: إن الصواب الضم وهم من أوهامه الناشئة من غروره وهوسه وقلة تتبعه ودرسه!) اه
فكان يحسن بالأديب المتبحر أن يذكر لنا نص ابن الشجري والمجد وعبد الرحيم وإبراهيم اليازجي لنحكم الحكم الصادق، أما المجد فيقول: القطامي ويضم: الصقر. . . وشاعر كلبي. . . وآخر تغلبي. . . فالظاهر من هذا الكلام أن الفتح احسن من الضم إذ قدم الأول على الثاني لكن الزبيدي يقول في تاجه الفتح لقيس وسائر العرب يضمون: فهذا كلام يشعر أن قريش تضم وكذلك سائر العرب، وليس من يضم الأول إلَاّ قيس. والحال قيس دون قريش فصاحة وإن كانت من القبائل التي اخذ عنها اللسان العربي (راجع المزهر طبعة بولاق 104: 1) وقال ابن مكرم في مادة قطم: القطامي (وضبطها ضبط قلم بالضم) الصقر وبفتح. . . قيس يفتحون وسائر العرب يضمون اه. وعندنا كتب تاريخ وأدب وشعر ولغة مطبوعة بعناية المستشرقين في أوربة ومؤلفو تلك الأسفار من العرب الأقدمين، ولم نجد من ضبط اسم القطامي بالفتح لكنهم جميعهم ضبطوه بالضم ولم ينبهوا على الفتح أبدا. وكل
مرة ورد اسم هذا الشاعر في المعلمة الإسلامية ضبط بالضم ولم يضبط بالفتح مرة واحدة.
وصاحب المزهر (طبعة بولاق 214: 2) قال: القطامي (ولم يضبط حروفه) اسمه عمرو بن شتيم. فهذا هو الغلط الصريح لا غلط اليازجي والصواب أن اسمه عمير (كزبير) بن شييم (مصغر وبشين وياءين وميم)
وكنا نود أن نقف على عبارة اليازجي نفسها لنرى أخطأ الشيخ إبراهيم من قال بالفتح وعلى أي شيء اعتمد ليذهب إلى ماذهب؟ وعلى كل حال يظهر من كلام اللغويين أن الضم لغة العرب جميعهم إلَاّ قيسا والخطب هين لأن الجوهري اللغوي المدقق الكبير يقول في صحاحه: القطامي بالضم لقب شاعر من تغلب
واسمه عمير بن شييم والقطامي الصقر بضم وبفتح. اه. فهذا نص واضح يوافق اليازجي ويضاد أديبنا الغيور. فما يقول في الجوهري، فهل يجوز أن يشتم كما شتم اليازجي لأنه سبقه إلى هذا القول إذ اليازجي مقلد لا مجتهد أفلا يستنتج من قول الصحاح أن اسم الشاعر بالضم فقط وأما إذا كان بمعنى الصقر فبالضم وبالفتح على السواء؟
على إننا لا نحمل تلك الألفاظ الثقيلة إلَاّ على غيرته على الأدب واللغة وحب القومية، بيد أن للأمور أبوابا، فدخولها منها آثر في الناس وأنجع لبلوغ المرام.
وللأديب تحقيقات كثيرة لا يمكننا أن نأتي على ذكرها كلها إذ هذا يطول غير أننا نقول إن تعليقاته على كتاب أستاذنا الكبير زادت عشاقه وقربته من الإفهام وجعلته على طرف الثمام.
ومما اوجه إليه الأنظار الملحق الذي جاء به في ص463 فأنه وقع من هذا السفر الجليل موقع الطراز من الثوب فأنه أودعه من التحقيقات ما لا يظفر به إلَاّ بعد الإمعان في تتبع الحقائق والبحث عنها في أمهات الكتب.
وفي الختام نشكر الصديق الوفي على ما أداه لتاريخ العرب ونستزيده في هذا الموضوع لينجلي منه مبهمه ويتبع أقومه. فيكون للناطقين بالضاد نصيبهم من شمس الأدب على ما هم أهل له وهو الميسر!
هدايا الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف
60 -
قصر آل العظم في دمشق
وهو وصف دقيق لأبنيته وآثاره ونقوشه وزخارفه وأشعاره بحواش تجلي بعض غوامض كلمه وقد استعمل الأستاذ النسابة بمعنى النسب (في حاشية ص4) فهل هي فصيحة؟ وفسر القمرية بالنافذة أو الطاقة (ص12) وهي كذلك في سورية والذي نراه هنا أي في وصف القصر أن المراد بالقمرية شرفة بارزة من البناء لكنها مسدودة الأطراف بمشربيات أو بكوى يتطلع منها إلى ما حواليها. أي من النوع المعروف بالجوسق وهذا اللفظ شائع بهذا المعنى عند الأتراك منذ نحو مائة سنة أو أكثر. والطوان (ص15) كلمة تركية بمعنى وجه السقف من جهة
الحجرة. وفي ص16 الفسقية الحوض لاتينية، ونحن نظنها إيطالية إذ ليست في اللاتينية لفظة بهذا المبنى والمعنى ولعل الذي استدرج الأستاذ إلى هذا الوهم صاحب محيط المحيط. وهذا المعجم ركام أغلاط. وفي ص17 الفرنكة في عرف الدمشقيين: الغرفة العلوية للشتاء جمعها فرنكات. قلنا: والكلمة من أصل تركي من فرنكخانة وهي بناء كالخان يكون في الطبقة السفلى منه دكاكين ومخازن وفي الطبقة العليا حجر للسكنى ويرى مثل هذه الخانات أو الفرنكخانات في حلب وعكا والأستانة (في بك أو غلي المعروفة باسم بيرا عند الإفرنج) وقال في ص18 الدرابزين كلمة فارسية. والصواب أن الفرس لا يعرفونها وهي من أصل يوناني. وفي ص18 عراتيلي قال عنها في الحاشية لا نعلم معناها ولعلها عربيلي نسبة إلى بلدة عربيل قرب دمشق. ونحن نظن إنها الياسمين الجلناري اللون وهو اسمه عند الأتراك تصحيف اليونانية ارتريلي ومعناها الحمراء ويراد بها ما اسمها بالفرنسية وفي ص19
يا منزل البشرى ومغنى التهاني
…
ماراك طرف البشر طلق العنان
فقال في الحاشية: كذا في الأصل ولعلها (جاراك) ونحوها. قلنا لعلها مقلوب (مرآك). وفي ص21 يدخل به إلى براني حمام. قال عن البراني إنها جمع برنية وهي إناء خزف. ونحن نظن أن البراني هنا هو عكس ما سماه بالصدريني أي هو الموضع الذي يكون في مدخل الحمام أي حجرته الأولى وهو اصطلاح عامي شائع. هذا ما بدا لنا في هذا الصدد ولعلنا نحن الواهمون.
61 -
مخطوطات الخزانة المعلوفية في الجامعة الأميركية
في هذه الصفحات وصف مختصر لخمسمائة كتاب من نفائس كتب الخط العربية، وبينها بعض الكتب الفارسية والتركية والسريانية.
62 -
الأخبار المروية في تاريخ الأسر الشرقية
وهو رسم التأليف الذي وضعه صديقنا المؤرخ المحقق ولا يعوزه لإخراجه إلى حيز الوجود إلَاّ مضافرته على طبعه قيض الله له من يساعده في هذا الأمر.
63 -
تاريخ الطب
وهو القسم الأول من المحاضرتين اللتين كان قد ألقاهما صديقنا المعلوف
وقد تكلمنا عن القسم الأول في (361: 4) والآن نقول كلمتنا عن الثانية:
ذكر حضرته في ص21 الترقين وقال عنه في الحاشية: (وفي بعض المطبوعات (الترفين) بالفاء وهو خطأ لأن الترقين محرف الترقيم أو لغة فيه وهو علامة لأهل ديوان الخراج تجعل على الرقاع. . .) إلى آخر ما قال ونحن لا نوافقه على هذا التأويل لأنه وصف الترفين في النص بقوله: بزل أغشية الدماغ. . . إلى آخره فهو صحيح بالفاء لا بالقاف بهذا المعنى والكلمة من اليونانية تروفانن أي مثقب وهي آلة يثقب بها الرأس حتى يوصل إلى أغشية الدماغ. واشتقوا منها فعلا فقالوا رفن (بتشديد الفاء) والمصدر ترفين أي وسماه العرب النقت والنقث والحج. وفي ص28 قال في الحاشية: (ومنها (من القاثاتير) عند العامة القسطر أي الأنبوب ويقولون القسطل أيضا) ويظن الصديق أنها يونانية، قلنا: نعم قاثاتير يونانية لكن القسطل وهي الرواية المشهورة (ويقول بعضهم فيها القسطر) هو من اللاتينية أي قصر الماء. والكلمة قديمة وذكرها ياقوت في معجمه إذ يقول: القسطل في لغة أهل الشام: الموضع الذي تفترق منه المياه اه. قلنا: وهكذا هو في اللاتينية ثم توسعوا في معناها فنقلوها إلى الأنبوب.
وقال في حاشية ص41 ولعل منها (من اسم الطب عند اليونانيين اياتريكي) كلمة (ترياق) دواء السم. قلنا إن الترياق مشهورة أنها من كلمة يونانية غير التي ذكرها وهي ومعناها (ضد السبع) أي الترياق.
وفي كل ذلك نبدي آراء من باب الإشارة لا من قبيل التصحيح ونحن نشكر الصديق على
هداياه هذه ونتمنى له أن يطبع كتابه الكبير في الأسر الشرقية.
64 -
النشرة الأولى من منشورات لجنة الاصطلاحات العلمية
في بغداد
أصدرت هذه اللجنة نشرتها الأولى باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية وما استحسنته من الألفاظ التي يؤمل إدخالها في لغتنا العصرية. ولنا كلمة نقولها بهذا الصدد في جزء قادم.