الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حروف الكسع في الألفاظ العربية والمعربات
المراد بحروف الكسع، ما يزاد منها في آخر الكلام للدلالة على معنى جديد يزيد اللفظة الأولى، قال الأزهري: العندليب: رباعي اصله العندل ثم مد بياء، وكسعت بلام مكررة، ثم قلبت ياء.
ويقال أيضاً لهذه الحروف حروف الإلحاق ومنه قول النحاة يلحق بآخر الفعل المضارع نون مشددة مفتوحة أو نون ساكنة
يقال لها نون التوكيد. وتسمى أيضاً الحروف المذيلة، لأنها تزاد في أواخر الكلم وهي بالإنكليزية
واللغة العربية من اللغات القديمة التي كسعت بعض الألفاظ الثلاثية فصيرتها رباعية. لأحداث معنى لم يكن في الأصل الثلاثي. ومن الكواسع المطردة في لغتنا تاء التأنيث اللاحقة في أواخر الأسماء والصفات المذكورة فيقولون في عم وخال وأخ: عمة وخالة وأخت (وكتبت الهاء تاء مبسوطة لأن الخاء ساكنة والكلمة ثلاثية، وألا ما جاز ذلك). هذا في الأسماء وقالوا في الصفات حسنة وحلوة وعربية في تأنيث حسن وحلو وعربي. وأما في الأفعال فأنهم بسطوا التاء للإشارة إلى الفعلية فقالوا: نجحت وسمعت وانقادت لتأنيث نجح وسمع وانقاد. وجعلوا هذه التاء في الأول للإشارة إلى المضارعية فقالوا: تنجح وتسمع وتنقاد في مؤنث ينجح ويسمع وينقاد.
وأصل هذه التاء أو الهاء مقطوع من تاء (أنثى) التي هي في اصل الوضع تاء مثناة لا تاء مثلثة. وتثليثها حديث وقد وقع بعد التثنية بكثير. يشهد وجودها بالمثناة في سائر اللغات السامية. فإنها منقطعة بثنتين في بعض اللغات وتلفظ بثنتين. ومنها منقطة بثنتين أيضاً لكنها تلفظ بثلاث. ومنها تنقط بثلاث وتلفظ بثلاث. لكن وجود
المؤنثات العربية منقطة بثنتين في أواخرها تدلنا على أن اصل تلك التاء كانت منقطة بثنتين.
ومن الكواسع المطردة في العربية: ألف التثنية في الرفع وياء التثنية في النصب والجر فيقولون في تثنية رجل وامرأة وحسن وحسنة: رجلان وامرأتان وحسنان وحسنتان. وهذه الألف مقطوعة من لفظة (اثنان) التي يقال فيها في حالتي النصب والجر اثنين وعليه انهم لما استثقلوا قولهم رجل اثنان وامرأة اثنتان قالوا: رجلان وامرأتان. فأفادوا في كلمة ما
كانوا يريدون أن يدلوا عليه بكلمتين.
ومن الأدوات المذيلة واو الجماعة في جمع المذكر السالم المرفوع وتقلب ياء في النصب والجر. فيقولون الكاتبون والكاتبين والأصل فيهما الواو. وهي مقطوعة من (كوم) فقولهم الكاتبون اصله (كاتب كوم) أي جماعة من الكتاب، فاكتفوا بالواو من الكوم للإشارة إلى ما يريدون. وأما الياء فهي مبدلة من الواو للدلالة على حالة النصب ويحتمل أن يكون اصل القوم أو الجوم (الكوم) فميزوا لفظة عن لفظة تمييز العاقل وهو قوم أو جوم من غير العاقل وهو كوم.
وأما تاء جمع السالم من المؤنث كما في مومنات جمع مومنة
فان التاء فيها مقطوعة من كلمة (فئة) فقولهم مومنات معناه فئة من المومنة. وهكذا استغنوا بحرف من الكلمة للدلالة على معنى الكلمة كلها. وأما الألف الزائدة قبل تاء الجمع فإما أن تكون مقلوبة عن همزة فئة. وأما أنها زيدت تمييزا لها من المؤنثة المفردة أي من قولهم مؤمنة. ومن هذا القبيل ياء النسب إلى الأعلام من رجال ومدن.
وما وقع في اللغات العربية والسامية وقع مثله في اللغات التي ليست من أخواتها. ونكتفي بهذا القدر من الشواهد لان ما بقي منها هو على هذا المنحى وكذلك القول في لغات الأجانب.
ولما كان عصر انحطاط العربية في القرون المتوسطة اتخذ العرب ألفاظا جمة من لغة الفرس وجروا فيها جري الأجانب في لغتهم، فقالوا: أستاذ دار وديوان خانه وطرازدان وتركستان وبيرقدار، لأستاذ الدار والمضيف وغلاف الميزان وديار الترك وحامل البيرق، فلم يذيلوا الألفاظ كما فعل السلف الفصيح اللسان. بل جاروا في أسلوبهم الفرس قصورا منهم وعجزا.
أما اليوم وقد اختلطنا بالأجانب الإفرنج وأخذنا في نقل علومهم العصرية إلى لغتنا. نرانا في حاجة إلى العودة إلى مناحي السلف في ضربنا الألفاظ على مضاربهم ووشيبا على طرازهم.
فمن ذلك ألفاظ كثيرة طبيعية وطبية وكيموية تنتهي أواخرها بأدوات هي كواسع لها، فتكون كواسع في لغتنا أيضاً من ذلك قولهم كبريتاة وخلاة وليموناة وهي في لغة على أن الجميع يكتبونها كبريتت وخلات (أو آسيتت وهذه في منتهى القبح) وليمونات
(ومنهم من يقول سترات وهي من المضحكات المبكيات).
أما أنه يجب علينا اتخاذ هذا المصطلح فواضح مما قدمناه من أعمال السلف قبل الإسلام بمئات من السنين في وضع المذيلات وهناك سبب آخر وهو: ليس لنا مبنى نعبر به عن الفكر الحديث وأن وجدنا منه ما يقاربه فأنه لا يقوم مقامه ولا يفيد مفاده، فمن الواجب التمسك به لعدم استغنائنا عنه. والسبب الثالث هو أن هذا المصطلح دخل في لغة العلم مهما كان أهلها فلقد دخل في اللغات الحامية والآرية (أو اليافثية) فلم يبق علينا إلا إدخالها في لغتنا السامية (وقد دخلت في العبرية الحديثة).
وكتابة تلك التاء بصورة هاء في الآخر من الواجب للدلالة على أفرادها، فإن العرب جعلوا الألف والتاء المبسوطة (هكذا ات) للألفاظ المجموعة، ولذلك لا تراها في لفظة مفردة، مصدرا كانت أو اسما أو نعتا. وحروفها تزيد على الأربعة. إلا رأيتها
مكتوبة على الوجه الذي نوجهك إليه فقد قالوا: ملاشاة ومباهاة ومساعاة في المصادر، وموماة وسعلاة وسلحفاة في الأسماء وعقاب عقنباة وعبنقاة وبعنقاة في الصفات. ولا ترى كلمة واحدة في بحر اللغة كلها وفيها المفردة منتهية بألف وتاء؛ بل بألف وهاء، ليس إلا. وإنما فعلوا ذلك ليسهل الجمع عليهم ويتميز عن المفرد فقالوا في جمع تلك الكلم: ملاشيات ومباهيات ومساعيات وموميات (في الجمع السالم وموام في الجمع المكسر وهو المشهور) وسعليات (وفي المكسر سعال وهو المشهور) وسلحفيات (وسلاحف في المكسر وهو المشهور) وعقبان عقنبيات وعبنقيات وبعنقيات.
أما الذين قالوا في جمع الألفاظ المذكورة في لسانهم كبريتاتات وخلاتات أو آسيتاتات وليموناتات فقد نطقوا بالهندية أو الكردية أو بالصينية أو بلغة لا نعرف نعتها. هذا فضلاً عن أن العربي الصميم إذا سمع الكبريتات والخلات والسترات تصور أنه يسمع ألفاظا مجموعة، مفرداتها كبريتة وخلة وسترة وهناك البلاء وصريف الأسنان. فالكبريتة القطعة من الكبريت على ما هو معهود في لغتنا من أن الهاء (أو التاء) اللاحقة بعض الأسماء المحتملة التجزئة تفيد الكسرة أو القطعة أو الطائفة منها. أما الخلة فللطائفة من
الخل، وابن المخاض، وابنة المخاض، والثقبة الصغيرة. أو عام والرملة الفردة، والخمر والحامضة منها أو المتغيرة بلا حموضة والمراة الخفيفة ومكانة الإنسان الخالية بعد موته والحاجة والفقر
والخصاصة والخصلة إلى غيرها من المعاني: فانظر بعد هذا إلى ما يستهدف له الكاتب إذا أصر على كتابة تلك الألفاظ بتاء مبسوطة.
والفضيحة تظهر في سترات لمن لا يقول ليموناة. فأنه يجمع سترة والسترة في كلامنا الفصيح: ما يستر به. وقد غلبت على ما ينصه المصلي قدامه من سوط أو عكازة أو غير ذلك سواء ستر جسمه بتمامه أم لا. وسترة السطح: ما يبنى حوله. والسترة في لغتنا العامية العصرية: ما يستر به الرجل أعلاه إلى عورته. فأي المعنى يريد من يقول السترات أفليس خير له أن يقول ليموناة لأن سترات مشتقة من (سترون) الإفرنجية وسترون معناه الليمون فتكون ستراة ليموناة لا غير؟
ومن هذا القبيل الألفاظ الإفرنجية العلمية المنتهية بياء ونون فيقولون بنين (لا كافئين أو قهوئين كما نطق بها بعض جهلة المعربين) وجبنين (وبعضهم قال كاسئين أو كازئين ولو قالوا كاسين أو كازين لكانا دون الأولين شناعة وقباحة) وحيوين
(وبعضهم يقول فيتامين) فان حرفي هذا الكسع (أي الياء والنون) يدلان على خلاصة تستخلص من المادة التي تكسع بها. فالبنين أو القهوين شبه قلوي ينزع أو يجرد من البن (الذي يسميه البعض قهوة وهو سائغ جائز) وهو مقو للقلب ومنبه له ويتخذ في الطب كثيرا. - والجبنين مادة تقوم اغلب ما في اللبن من الأحين أو جوهر الاح والحيوين جوهر لم يحل تحلية كيمية لكنه يدخل في الأعضاء على يد الأطعمة فيسهل تمثيلها في البدن.
ومثل هذه الكلم المنتهية بهذا التذييل كثيرة ولا يمكن الاهتداء إلى معناها ما لم تعد اللفظة إلى الأصل الراجعة إليه ويفرد في آخرها هذا الكسع المركب من حرفين الناطق بالضاد إذا عرف موطن هذا الكسع والغاية منه، ورآه في آخر كلمة عربية انجلى له معناه بخلاف ما إذا سمع كافئين وكاسئين أو فيتامين.
وهناك ألفاظ تنتهي بواو وزاي (والبعض ينطق بها بواو وعين والأول احسن لما نبينه) للدلالة على سكر يكون في المادة التي تكسع به مثل غلوكوز وسكروز ولكتوز فيقال في تعريبها دبسوز وصقروز ولبنوز. لأن غلوكوز مركبة من غلوكوس باليونانية ومعناه الحلو أو الدبس فإذا كسعت الكلمة. كسعت أصولها أي غلوك فإذا علمت أن غلوك هو الدبس قلت دبسوز ولا
يجوز أن تكسعها بالسين لان السين من علامات الأعراب عندهم فحينئذ يظن
القارئ أن دبسوس هي كلمة يونانية اصلية لم تذيل بشيء يغير جوهر معناها. اما سكروز فيجب أن يقال صقروز لأن العرب عرفت ضربا من السكر منذ العهد القديم وهو سكر التمر المعروف بالصقر. فسكروز وهو صقروز ويراد به سكر الابلوج (قصب السكر) المشابه له في أجزائه. كما أن الدبسوز سكر العنب والنشويات وأما اللبنوز فهو سكر اللبن. وهنا يظهر الخطأ في قولك لكتوس إذا استعملت الكلمة الإفرنجية وكسعتها بالسين لا بالزاي، أي إذا قلت لكتوس لا لكتوز فانك توهم أن الكلمة أصلية لا كسع فيها. ولهذا وجب التمييز بين كسع وكسع فضلا عن أن العود إلى الكلمة العربية وكسعها بالواو والزاي اصبح من اللازم اللازب عليك.
ومن هذا القبيل ما يكسع بحرفي (يت) فيقال في من: منيت فلا تقل مانيت لأن الكلمة الإفرنجية سامية الأصل من (من) والمراد بالمنيت سكر يكون في المن وفي بعض الفطر والكرفس إلى غيرها. - ويقال حلويت في ما يسمى بالإفرنجية دلسيت وهي مادة سكرية تكون في ذنيب الثعلب (هو اسم نبات يعرف عند الإفرنج باسم وعند العراقيين باسم ذنيب
الواوي (أي ابن آوى) وذنيب الثعلب. لأن سنبله يشبه ذنب أحد هذين الحيوانين) - ويقال غبيريت وهو من المواد السكرية ويكون في الغبيراء. - والعضليت (اينوزيت) وهو سكر يكون في العضلات أي في لحمها ولحم الرئة والكلية والكبد والطحال والمعثكلة (البنكرياس) والدماغ. - ومثلها الصنوبريت (البينيت والبلوطيت (اي كرسيت وسي الحلويت (أي اليسودولسيت وذلك أن الكلمة (يس) اليونانية مقلوبة السي العربية ومعناها المساوي والمثل والمشابه والمماثل في كلتا اللغتين ويجوز لك أن تقول: سيحلويت أو سحلويت من باب النحت وهو هنا بين وحسن، لأن معناه (مشابه الحلويت) أو (مساوي الحلويت) فركب من المضاف والمضاف إليه وهذا ما يرى مثاله في قول الأقدمين عبشمس في عبد شمس، ومرقسي في المنسوب إلى امرئ القيس والشفعنتي في المنسوب إلى الشافعي مع أبي حنيفة.
على أننا لا نوافق بعضهم في قولهم الحامض الكبريتيك والحامض الكبريتوس وذلك لأن الكواسع في الكبريتيك والكبريتوس موصوفية النزعة لا وصفيتها. ولهذا نخير عليها: الحامض الكبريتي في الأول والحويمض (مصغرة) الكبريتي في