الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة وأجوبة
الضراوة
سألنا أحد الأدباء من بغداد قال: ذكرت لغة العرب في جزءها الأخير (154: 4) أن الضراوة هي العادة المكتسبة من المداومة على الشيء أو من كثرة مزاولته إياه ونحن لا نوافقها عليه إذ هي ليست بمعنى الفرنسية بل هي بمعنى (العدوة ولزوم الشر) على حد ما جاء في (كتاب كليلة ودمنة المطبوع طبعة جديدة مدرسية مبنية على قدم نسخة مخطوطة مؤرخة وقد أبرزتها بحلتها البديعة مطبعة الأباء اليسوعيين في بيروت في الباب الثالث وهو باب البوم والغربان إذ جاء في ص174 منه: (واشد من ذلك كله في نفسي ضراوتهن ثم علمهن بمكانكن وجرأتهن عليكم مثل الذي ذقتم منهن. . .)
فقد جاء في آخر الكتاب أي في معجم الألفاظ في ص303 ما نصه: (ضراه: أغراه وهيجه. - الضراوة العداوة ولزوم الشر.) أهـ وهذا كله يفسد رأي ما ذهب إليه صاحب لغة العرب. فكيف الجمع بين هذين القولين؟
قلنا: شارح اللفظة واهم ووهمه بين لكل ذي عينين، إذ ليس في كتب اللغة ما يؤيد رأيه، بل ولا في كتب الأدب كلها جمعاء. قال في لسان العرب في مادة ضري؛ ضري به ضرا وضراوة؛ نهج به. وقد ضريت بهذا الأمر
ضراوة. . . وقد ضراه (بالتفعيل) بذلك الأمر. . . وأصله من الضراوة وهي الدربة والعادة. . . يقال ضري الشي بالشيء: إذا اعتاده فلا يكاد يصبر عنه. أهـ ولم نجد لها في أي كتاب كان معنى العداوة أو الشر أو لزومه وفي الحديث: أن للإسلام ضراوة أي عادة ولهجا به لا يصبر عنه، على ما جاء في النهاية لابن الأثير ونقله عنه صاحب اللسان والتاج وغيرهما.
فالضراوة الواردة في كليلة ودمنة معناها: الدربة والعادة كما فسرناها في أول كلامنا. ومن له نص يخالف هذه النصوص فليأتنا به ونحن أول من يذعن للحق إذا ما ظهر.
المتقن
وسألنا آخر قال: للإفرنج لفظة يريدون بها جماعة الأساتذة التي تعلم في المدرسة الجامعة
دروسا تعود إلى موضوع واحد عام ويسمونها فاكلتة فيقولون: فاكلتة الطب وفاكلتة الحقوق وفاكلتة الآداب وفاكلتة العلوم. أو إن شئت فقل: ما يسمى فرع الجامعة الذي يعنى بتدريس شعبة خاصة من شعبها. فلقد رأينا كل بلد عربي اللسان يدخل هذا الفرع من التدريس يسميها باسم جديد فما رأيكم فيها؟
قلنا: سمت الجامعة الأميركية هذه الشعبة بالفرع فقالت: فرع الطب وفرع الفلسفة واللاهوت إلى غيرها. وسمت الكلية اليسوعية هذه الشعبة بالمكتب فقالت: مكتب الطب ومكتب الحقوق ومكتب التجارة. أما أهل دمشق فسموها بالمعهد. فقالوا: معهد الطب ومعهد الحقوق. والبغداديون سموها بالكلية فقالوا: كلية الحقوق وكلية الزراعة وكلية الطب. وسماها الأمير شكيب ارسلان بالدار فقال دار الآداب إلى غيرها. وفي كل هذا من الخبط والخلط ما يوقع سوء الفهم للألفاظ. فالكلية لفظة حديثة يقابلها بالفرنسية والجامعة يقابلها كجامعة مصر والجامعة الأميركية وجامعة كنبرج وجامعة اكسفرد. والمكتب والكتاب: موضع تعليم الكتاب وبالإفرنجية فلا يصحان لكلمة والمدرسة العالية هي بالإنكليزية وبالفرنسية
والمعهد وضع لما يسميه الفرنسيون وإن كان يأتي بمعان أخرى.
فلم يبق لنا إلَاّ أن نضع اسما جديدا لكلمة فاكلتة واحسن ما يؤدي هذا المعنى (متقن) كمصحف (أي بضم الميم وإسكان التاء وفتح القاف وفي الآخر نون) ويجمع على متاقن كمصاحف ومخادع جمع مصحف ومخدع. ومتقن اسم مكان من أتقن الشيء إذا احكمه. والمتعلم لا يدخل تلك المدارس إلَاّ ليحكم درس العلم الذي يتفرغ له. وجماعة معلمي المتقن هم (التقنون) جمع تقن (بكسر الاول أو بفتح فكسر) وكل منهم تقن. قال في اللسان: رجل تقن وتقن: متقن للأشياء حاذق. ورجل تقن (بكسر الأول) هو الحاضر المنطق والجواب. أهـ. ومعلمو المتاقن هم كذلك.
الكهربا والكهربية لا الكهرباء والكهربائية
جاء في جريدة الفضيلة في صحيفتها 55 في الصفحة 2 ما هذا نصه:
ما قول. . . الأب أنستاس ماري الكرملي في كلمة الكهرباء، هل هي مذكرة أم مؤنثة. وهل يجوز أن يقال (الكهربائية) للدلالة على القوة الكهربائية الخفية التي نستعملها في دفع الترام وسائر المحركات. وإذا كانت هذه الكلمة مذكرة فما هو الفرق بينها وبين كلمة
الكهرباء المستعملة للدلالة على الحجر الأصفر الثمين وهل كلمة الكهرباء عربية الأصل؟
الكهرباء والصواب كهربا (بدون مد) ولا عبرة بعلامة التأنيث هنا؛ (فهي كزكريآء وعاديآء وارميآء وكلها أسماء رجال). وكذلك خليفة وراوية (لمن يروي الشعر) وعلامة فهي كلم مذكرة أيضا. لأنها وضعت للذكور. وأما الكهربائية والصواب الكهربية فهي غير الكهرباء، فالكهربية: خاصية تكون في بعض الأجسام تجذب إليها في بعض الأحوال الأجسام الخفيفة التي تقرب منها وينقدح من الاحتكاك بها شرارة وإذا قويت أحدثت هزة عصب في الحيوانات. فقولك الكهربية معناها الخاصية الكهربائية فاستغنوا عن الموصوف بالصفة ثم اعتبروها اسما على ما هو معروف في مثل هذه المعاني كالوطنية والقومية والشعوبية بمعنى محبة الوطن وروح القوم ومحبة الشعوب (مع كراهية للعرب) على ما هو مشهور في معاني هذه الألفاظ.
والكلمة كهربية مشتقة من الكهربا وهو صمغ متحجر (لا حجر) صلب
متكسر شبيه بالشفاف أو يكاد يكون شفافا يختلف لونه بين الأصفر الفاقع والأحمر الياقوتي. والمشهور في العراق الأصفر الفاقع. وفي هذا الصمغ المتحجر خاصية جذب الأجسام اللطيفة ولهذا سميت تلك الخاصية الكهربية نسبة إليه كما أن الكلمة الإفرنجية (الكتريسيتية) مشتقة من (إلكترون) ومعناها الكهربا، فالاشتقاق واحد في اللغتين.
والكهربا يكتب بدون مد ويقال في النسبة إليه كهربية بحذف الألف على ما هو معروف ومقرر في كتب النحاة لان ما آخره بألف مقصورة ينسب إليه بحذف الألف فيقال في النسبة إلى مصطفى (بالقصر) مصطفي بتشديد الياء. أما أن. أن الكهربا مقصور لا ممدود فظاهر من كلام صاحب التاج. قال في مستدرك مادة كهكب: (ومما يستدرك عليه: الكهرب، ويقال الكهربا مقصورا لهذا الأصفر المعروف. ذكره ابن الكتبي والحكيم داود. وله منافع وخواص وهي فارسية واصلها (كاه ربا) أي جاذب التبن. قال شيخنا: وتركه المصنف تقصيرا، مع ذكره لما ليس من كلام العرب) أهـ
أما كيف سرى هذا الغلط (أي كهربائية لا كهربية إلى لغتنا). فهو لأن الذين ترجموا كتب الأجانب إلى لغتنا في مستهل القرن التاسع عشر كانوا أغرابا أو أعرابا لم يحكموا درس القواعد العربية. ولهذا يحسن بنا أن نعود إلى الفصيح ونقول كهربية لا كهربائية. فإن
الأولى أخف وارشق واصح قياسا.
وعليه لا يجوز ان يستعمل الكاتب الكهربية في موضع الكهرب أو الكهربا والذين استعملوها هم من أحداث كتبة العراق الذين لا يميزون بين الحمل والجمل وكيف يكون الكهربا أو الكهرب (وهو الصمغ المتحجر) كهربية وهي خاصية تكون في ذلك الصمغ؛ والخاصية غير الجوهر كما لا يخفى.
وفي الكهرب والكهربا أو الكهربان لغات منها: ما ذكرها صاحب التاج في مستدرك مادة كهم، قال: ومما يستدرك عليه، الكهرم كجعفر. والكهرمان هو الكهرب والكهربان لهذا الأصفر المعروف. أهـ ومنها ما ذكرها غيره؛ من ذلك: الكهروا (أي بفتح الكاف وإسكان الهاء وضم الراء وفتح الواو يليها ألف مقصورة) وقد ذكرها صاحب معجم أوصاف بلدان العرب العلامة دي خوي الهولندي الشهير نقلا عن السلف.