الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة وأجوبة
صادق وصدق عليه
سألنا أحد أدباء البلدة أيجوز أن يقال: صادق فلان على المعاهدة؟ وأن كان لا يقال فما هو الأفصح؟
قلنا: لم يرد صادق فلان على المعاهدة في كلام فصيح بمعنى اقرها وأثبتها ووافق عليها؛ بل صادقها فقد جاء في الإتقان للسيوطي (122: 1) إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله؛ فتفسرها لنا؛ وتأتينا بمصادقة من كلام العرب. أهـ
وبعضهم حاول إبدال صادقها بصدق عليها طلبا للأفصح من الكلام. وهذا أيضا لم يرد. والمنقول عنهم: صدقها بحذف الجار في هذا الفعل الثاني كما في الأول. قال في نهج البلاغة (طبع بيروت 92: 2): (ومن أعطى الاستغفار لم يحرم المغفرة ومن أعطى الشكر لم يحرم الزيادة؛ وتصديق ذلك كتاب الله. قال الله في الدعاء: أدعوني استجب لكم) أهـ. ولم يقل والتصديق على ذلك كتاب الله.
وفي معجم البلدان لياقوت الحموي (من طبع الإفرنج 22: 1) وحكي عن بعض اليونان أن الأرض كانت في الابتداء تكفأ لصغرها وعلى طول الزمان تكاثفت وثبتت. وهذا القول يصدقه القرآن؛ لو أنه زاد فيها أنها ثبتت بالجبال. أهـ
ومن ثم لم يصح كلام الكاتب المجيد أسعد خليل داغر في كتابه تذكرة الكاتب في ص35 في قوله: (ويقولون: صادقت الوزارة على تعيين فلان) و (صدق الملك على الحكم) واصلح بعضهم هذا الخطأ بخطأ آخر وهو (صدقه)(أي من باب التفعيل) وكلها غلط. أهـ
فنحن نقول له: يا طبيب داو نفسك لأن صدقه (من باب التفعيل) صحيح لا غبار عليه على ما أثبتناه من النصوص وكذلك صادقه والذي لم تنطق به العرب هو صادق عليه وصدق عليه أي عقد الفعل بالجار وإلزامه به. على أنه قد يجوز هذا أيضاً من باب التضمين فمعنى صادقه وافقه عليه؛ ولكون هذا يتصل إلى مفعوله بأداة الجر لجاز عندهم وصل صادقه بالحرف المذكور. وكذلك القول في صدقه فانه يتضمن المعنى المشار إليه. على أن الأفصح يبقى صادقه وصدقه (من باب التفعيل). وأما قول اليازجي وداغر ومن لف لفهما
أن الصواب هو: أجاز المعاهدة أو أمضاها أو اقرها أو وافق عليها فكلها من المرادفات؛ لكن هيهات أنها تؤدي مؤداها. ولكل من هذه الأفعال معنى يقابله في اللغات الإفرنجية وهي كلها من المرادفات لكنها ليست بالمطلوبة هنا.
رمز
وسألنا المذكور: كثيرا ما اقرأ في مجلات مصر وسورية وفلسطين ومؤلفات أهاليها: هو رمز كذا. أفهذا صحيح؟
قلنا: الصحيح شيء والفصيح شيء آخر أما أنه صحيح فله وجه في العربية إذ ليس من غلط في لغتنا على ما ندعي. وأما أنه فصيح فليس بصحيح. فان فعل رمز يعدى إلى مفعوله بالى قالوا: رمز إليه. ولهذا لا يجوز أن يقال هذا رمز الشيء الفلاني بل: رمز إلى الشيء الفلاني. وعليه ترى جميع الفصحاء ينطقون بمثل هذا الكلام أما ضعفاء الكتاب فيخالفونه لما هناك من باب التأويل والتضمين الواسع المدخل. والمعول عليه هو رمز إلى وهو الفصيح.
كرس
وسألنا أيضاً عن فعل كرس (مضعف العين) وعن معناه. قال قرأت في المقتطف (645: 68): وقد كرس (والفعل بصيغة ما لم يسم فاعله وبكسر الراء المشددة. والكلام عن تمثال لتيتي شيري) لاوزيرس اله ابيدوس. فما معنى كرس وهل جاءت في كلام الفصحاء؟
قلنا: كلمة كرس هنا معناها خصص وارصد (بالمجهول) وهي كلمة نصرانية لا معنى لاستعمالها في العربية لأن لغتنا مستغنية عنها وهي قديمة الدخول في لساننا نقلها عرب الأندلس المسيحيون في المائة الثالثة عشرة للميلاد أو في المائة السابعة للهجرة عن اليونانية على رأي دوزي المستشرق الهولندي. وعندنا أنها من اليونانية بمعناها. وأما الأولى فمعناها زيت التقديس يمسح به ما يراد ارصاده بالله أو بالقدسيات.
على أن فصحاء العرب كرهوا اتخاذ هذه الكلمة لما في معناها من الحقارة ففي لسان العرب؛ التكريس ضم الشيء بعضه إلى بعض ويجوز أن يكون من كرس المنة (بكسر الكاف) حيث تقف الدواب. . . وابوال الإبل والغنم وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في
الدار. أهـ ولهذا نرانا في مندوحة عن استعمالها معتاضين عنها بألفاظ عربية صرفة. مثل: خصص وارصد وسبل (بتضعيف الباء) وقدس (بالتضعيف) إلى أمثالها وهي كثيرة.
على إننا قد بحثنا عن وجودها في مؤلفات العرب غير النصارى فلم نجد لها أثرا. فنبذها إذا خير من الاحتفاظ بها على غير طائل.