المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العدد 36 - بتاريخ: 01 - 08 - 1926 ‌ ‌أأوضاع خالدة ؟ الناطقون - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٤

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 35

- ‌سنتنا الرابعة

- ‌قرطاجنة

- ‌نظرة في إصلاح الفاسد من لغة الجرائد

- ‌أخوان الأدب

- ‌دجلة

- ‌المعاهدة العراقية الإنكليزية التركية

- ‌حروف الكسع في الألفاظ العربية والمعربات

- ‌أوضاع عصرية

- ‌جميل صدقي الزهاوي والآنسة مي

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 36

- ‌أأوضاع خالدة

- ‌المعاهدة العراقية الإنكليزية التركية

- ‌إخوان الأدب

- ‌معنى اسم بغداد

- ‌اللغة العامية

- ‌دفع المراق في كلام أهل العراق

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب الانتقاد

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 37

- ‌بعد القطيعة

- ‌عقوبات جاهلية العرب

- ‌الآنسة جرترود لثيان بل

- ‌اللكنة العامية

- ‌تاريخ الطباعة العراقية

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 38

- ‌القارعة

- ‌حقائق عن تاريخ العراق

- ‌تاريخ الطباعة العراقية

- ‌مشاهير العراق

- ‌نموذج من تراجم الظرفاء

- ‌دفع المراق في كلام أهل العراق

- ‌استفتاء

- ‌جواب الاستفتاء

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 39

- ‌الدرع الداودية

- ‌المحامل العربية

- ‌علم العقود

- ‌الألفاظ الارمية

- ‌الزهر القتيل

- ‌تاريخ الطباعة العراقية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 40

- ‌أوروكاجينا

- ‌المحفى العراقي الجديد

- ‌الألفاظ الارمية

- ‌نموذج من تراجم العلماء

- ‌دفع أوهام

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌الملا عثمان الموصلي

- ‌معنى كلمة عراق

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 41

- ‌البطائح الحالية

- ‌المحفى العراقي الجديد

- ‌نموذج من تراجم العلماء

- ‌الوصل في لغة عوام العراق

- ‌الألفاظ الارمية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌بقلم قسطاكي الياس عطار الحلبي، الجزء الأول طبع

- ‌في القاهرة سنة 1936 في 86 ص بقطع الثمن

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 42

- ‌الشاعر

- ‌أصل كلمة العراق ومعناها

- ‌بحث في الهاء

- ‌نظرة وابتسامة

- ‌السوارية

- ‌الضمائر في لغة عوام العراق

- ‌الألفاظ الارمية

- ‌تاريخ الطباعة في العراق

- ‌البطائح الحالية

- ‌فوائد لغوية

- ‌أنوفلس لا أبوفلس

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌المصري

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 43

- ‌فلب أو فلبس العربي

- ‌كتاب وفيات الأعيان

- ‌صفحة من تاريخ البصرة والمنتفق

- ‌معرفة يوم الشهر القمري من يوم الشهر الشمسي

- ‌نموذج آخر من تراجم الشعراء

- ‌الطربال ومعانيه وأصله

- ‌الدكتور ارنست هرتسفلد

- ‌الضمائر في لغة عوام العراق

- ‌الجزائر

- ‌الألفاظ الارمية

- ‌تاريخ الطباعة في العراق

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 44

- ‌مكشوفات أور

- ‌نزوات اللسان

- ‌جليبة أو بئر ربقة

- ‌الجزائر

- ‌نموذج آخر من تراجم الشعراء

- ‌ترجمة البيتوشي

- ‌الألفاظ الارمية

- ‌الكبائش أو الجبايش

- ‌تاريخ الطباعة في العراق

- ‌الفعل في لغة عوام العراق

- ‌فوائد لغوية

- ‌الكمرك والديوان والمكس

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

الفصل: ‌ ‌العدد 36 - بتاريخ: 01 - 08 - 1926 ‌ ‌أأوضاع خالدة ؟ الناطقون

‌العدد 36

- بتاريخ: 01 - 08 - 1926

‌أأوضاع خالدة

؟

الناطقون بالضاد من أرباب العلم والقلم هم اليوم على ثلاثة أقسام: قسم يريد اتخاذ الألفاظ الأعجمية الجديدة وأساليب سبكها وإدخالها في لغتنا. وأصحاب هذا الرأي هم المهاجرون من العرب النازلون في أميركة وأوربة وترى منهم بين المصريين جماعة غير قليلة. وعذرهم أن الحياة هي في التغير والتبدل وان هذه الزيادة غنى وثروة للغة.

وقسم لا يريد شيئا من ثروة الأعاجم ولو كان زهيدا. وهم حملة الأقلام في سورية وفلسطين والعراق وبعض مصر. وحجتهم أن الغنى لا يتوقف على ما يعيق حركة جسم اللغة، بل ما يعينها ويمثل دمها وأعضائها فتكون لها قوة جديدة وعونا لها وثروة. وإلا فما كان مخالفا لأوضاع العرب ولغتهم فإنه لا يتحد بها بل يشينها ويمرضها، لا بل ربما أودى بحياتها، فجسم الإنسان إذا تجاوز سمنة القدر اللازم له عد مريضا لا صحيحا.

وقسم يقول بان خير الأمور أوساطها. فعلينا أن نأخذ من لغة الأجانب ما لا يمكن أن نحققه في لغتنا ولا نجد فيها ما يؤدي معناه؛ أو أن ما يقابله في

ص: 55

اللغة الضادية هو اليوم مجهول. فيتخذ المعرب من كلام الأغراب ريثما نعرف ما يعوض عنه في لغتنا وأرباب هذا الرأي منتشرون في جميع الديار العربية اللسان.

فأصحاب الرأي الأول يقلون إذ يرون أن الغنى على غير وجه مشروع سرقة والثروة غير مرغوب فيها أن أضرت صاحبها. أما رأي القسم الثالث فأنه رأي حسن وهو رأي أغلب المعتدلين في الوصول إلى تحقيق الأماني. أما رأي القسم الثاني فهو في نظرنا من أحسن المذاهب. أن وفق له رجال واقفون على لغة من اللغات الإفرنجية ومطلعون على أسرار اللغة المبينة العدنانية. ومن أصحاب هذا الرأي في بغداد العربي الصميم الأديب أبو قيس عز الدين علم الدين التنوخي وكاتب هذه السطور صديقه المعجب به.

أنتدب أبو قيس لنقل كتاب الطبيعيات لمؤلفه الفرنسي فرنان ماير إلى العربية فأفرغه في قالب يكاد يرضي جميع أبناء يعرب: إلا إنه غالي في وضع الألفاظ حتى أضطر إلى مخالفة أصول القواعد المعهودة التي أقرها جميع النحاة من أصحاب سيبويه ومن معارضيه.

ولهذا نستأذن صديقنا في إبداء رأينا في هذا الصدد:

وأول كل شيء نأخذه عليه انه عرب كلمة بقوله (فيزياء) حملا لها على كيمياء. لكن كيمياء هي كذلك في اليونانية بخلاف فيزياء. فكان يحسن أن يقال فيها فوسيقي وزن موسيقي. لأن الكلمة اليونانية فوس (بعد تجريد علامة الإعراب منها وهي س) ومعناها الطبيعة مكسوعة بأداة النسبة أو الصفة وهي عندهم (قي) إذن كان يجب أن يقال فيها (فوسيقي) كما قال السلف موسيقي وارثماطيقي وافودقطيقي وطوبيقي وسوسفطيقي وريطوريقي وبيوطيقي (راجع مفاتيح العلوم للخوارزمي ص141 وما يليها من طبعة بويل في ليدن).

هذا إذا أردنا التعريب على أساليب السلف. بيد إننا ندعي أن كلمة (فوس) اليونانية أو الإغريقية هي كلمة عربية الأصل. أخذها اليونانيون عن العرب حينما كان يجمعهم صعبد واحد مختلطين بعضهم ببعض. (وفوس) بالعربية (توس)

ص: 56

معنى ومبنى. فقلب الإغريقيون التاء فاء كما قلبوها في ألفاظ غيرها. وقد يحتمل أن بعض العرب كان يتلفظ بها بالفاء وهو غير بعيد، لأن اللغويين لم يذكروا لنا اختلاف جميع القبائل ولغاتهم للفظة الواحدة بل ذكروا منها بعضا ليذكروا بها القوم ويملوا ما كان من هذا الغرار على ذلك المنحى. أما ورود التاء والفاء متبادلة على لغة بعض القبائل فظاهر من هذه الألفاظ: المحتد المحفد. سحت وسحق بمعنى قشر. تش سقاءه وفشه. النكات والنكاف وهناك غيرها وهي كثيرة. وعليه لو قال صديقنا (التوسيات) بدلا من (الفيزياء) لما لامه أحد، بل لوافقه عليها كثيرون والعالم للتوسيات: توسي لكنه خالف الصراط السوي في الوضع الأول والثاني فلا أرى من يتبعه في وضعه هذا غير أفراد قلائل.

على إننا وأن كنا نرى أن التوسيات من المعرب الحسن أو من الوضع العربي الصميم. إلا أننا لا نستحسنه لأن السلف سبقونا إلى وضع لفظ لهذا العلم وسموه علم الطبيعة وهي الشائعة في كتب علمائنا الأقدمين. قال في كشف الظنون علم الطبيعة علم يبحث فيه عن أحوال الأجسام الطبيعية وموضوعة الجسم. أهـ ويقال فيه علم الطبيعي (أي علم الجسم الطبيعي) وعلم الطبائع والعالم به طبيعي أو طبائعي. قال في صبح الأعشى (248: 13) نقلا عن كتاب التعريف بالمصطلح الشريف: (الدروز. . . ينكرون المعاد من حيث هو،

ويقولون نحو قول الطبائعية: إن الطبائع هي المولدة والموت بفناء الحرارة الغريزية كانطفاء السراج بفناء الزيت إلا من اعتبط) أهـ. وقد ذكر دوزي المستشرق في معجم (الملحق بالمعاجم العربية في 23) أن الطبيعي وعلم الطبائع وردتا عند العرب بمعنى (أي التوسيات أو الفيزياء كما يقول صديقنا) والعالم بعلم الطبيعي: طبيعي وطبائعي: وقد اثبت ذلك بشواهد نقلها عن كتب العرب؛ غير الشواهد التي أتينا بها.

وقد يعترض علينا الصديق التنوخي قائلا (ص ج): إنا أن ترجمنا فيزيك بالطبيعة لم تتخصص الترجمة: أو قلنا الحكمة الطبيعية عبرنا عن كلمة بكلمتين وصعبت النسبة. وإذا نسبنا إلى الموصوف وقلنا طرشلي الحكمي ظنه القارئ حكيما فيلسوفا: أو إلى الصفة وقلنا الطبيعي ظنه باحثا عن المواليد

ص: 57

الثلاثة كأرسطو وبلينيوس القديم وبوفون. أهـ

قلنا: اتضح مما قدمناه قبيل هذا أن الفيزيك هي علم الطبيعة أو علم الطبيعي وعلم الطبائع وأن العالم به هو الطبيعي أو الطبائعي فهو من المترجم إلى العربية كلمة بكلمة منذ القدم. فإذا وصفنا طرشلي قلنا عنه: الطبائعي ولا حاجة إلى ذكر الحكمة فإن الحكمة الطبيعية غير معروفة عند العرب بل عند الأتراك. وقولك الطبائعي يميزه عن (المواليدي) وهو العالم بعلم المواليد وعلم المواليد هو وأما الناتور والست بغير هذا المعنى فهو الدهري (بضم الدال) عند العرب.

نتيجة هذا البحث إننا لا نرى حاجة إلى إدخال كلمة جديدة في لغتنا تغلق علينا باب المعرفة أو توصد في وجهنا إدراك كتب السلف في حين أننا في منوحة عنها وغنى: فضلا عن أن المعرب لا يقابله عند الإفرنج شيء فهو من المعرب الموهوم والخطأ.

وسمى أديبنا الفاضل كتابه (مبادئ الفيزياء) فنحن لا نوافقه على كلمة مبادئ هنا جريا على ما في معاجم لغة الأجانب فمعنى أو هو مجموع معارف أولية تسير بك إلى مطلوبك من علم أو فن أو صناعة (راجع معجم لاروس) من غير أن تطلعك على كامله الذي تسعى إليه. وسمت العرب هذا الطرف من العلم غير الكامل: (ذروا) قال ابن مكرم في مادة ذرو: (وفي حديث سليمان بن صرد قال لعلي كرم الله وجهه: بأني عن أمير المؤمنين ذرو من قول تشذرلي فيه بالوعيد فسرت إليه جوادا.) ذرو من قول أي طرف منه ولم يتكامل. قال ابن الأثير: الذرو من الحديث ما ارتفع إليك وترامى من حواشيه وأطرافه من قولهم ذرا

فلان أي ارتفع وقصد. . . والذرو لغة في الذرء. انتهى

ونحن إن قلنا: نفضل (ذرو من الطبيعيات أو من الطبائع) على قوله: (مبادئ الفيزياء) لا نريد أن نخطئ كلام العربي الغيور. بل نفضله عليه من باب إتقان نقل المعنى الموجود في الافرنسية إلى العربية فالذرو والذرء من واد واحد كما أن هو من هذا الوادي عينه.

ص: 58

هذا واعتراضنا على صاحبنا الودود غير متوقف على هاتين الكلمتين. بل على طريقته التي جرى عليها في وضع ألفاظ كثيرة ننكرها عليه وعلى كل من يتخذها لأنها مخالفة لأوضاع العرب البتة وهي هذه محرار (ثرمومتر) محلاب (لكتومتر) محماض (آسيديمتر مدفأة (بوال ثم قال في شرحها: (آلة الدفء وهي من أوضاع الشيخ عبد القادر المغربي.) أما نحن فنقول: لا يمكن أن تكون اللفظة مدفأة وزان مكنسة. بل مدفئة كمطفئة أي بضم الميم فسكون الدال فكسر الفاء يليها همزة مفتوحة وفي الأخر هاء من فعل أدفأ. لأن اسم الآلة لا يصاغ من اللازم كما سنذكره. مرضخة (كاس نوازيت - مرطاب (هغرومتر مروآح (آنيمومتر مرواز (بارومتر مزجة (سير مسعار (كالوريمتر مضرام (بيرومتر مضغاط (مانومتر معبرة (اكلوز مضغطة (ماشين دي كومبرسيون مغوصة (اسكافاندر مقدرة (مترونوم مقواة (دينامومتر مكثاف (دانسيمتر مكحال (الكوومتر ممطار (بلوفيومتر مملاح (بيزسيل - ملطاس (مارتوبيلون - منزحة (بومب دي مهبط (افال الميزاب (المحز العميق

فأغلب هذه الألفاظ مشتقة من الفعل اللازم وهو مما لم يرد في لفظ واحد من كلام العرب على كثرة أسماء الآلات. ولهذا لا يجوز أن يقال البتة: محرار ومحماض ومرطاب ومرواح ومضرام ومقواة ومكثاف وممطار ومملاح فكلها تقاوم المزية العربية اشد المقاومة وتأباها. وأن كان لا بد من وضع لفظ عربي لكل هذه الأدوات فيجب أن يشتق لها من المزيد وأن يكون المعنى: آلة يتحقق بها الأمر الفلاني مثلا آلة يتحقق بها درجة الحر. ولمثل هذا المعنى يتخذ له استفعل لأنه يأتي بمعنى وجد الشيء أو تحققه أو أصابه. قال ابن قتيبة في أدب الكاتب: (وتأتي استفعلت بمعنى وجدته كذلك تقول: استحدثه أي

ص: 59

أصبته (بمعنى وجدته) جيدا وأستكرمته واستعظمته وأستسمنته واستخففته واستثقلته: إذا أصبته كذلك. أهـ

فإذا علمنا ذلك سهل علينا وضع ألفاظ كثيرة نصوغها صيغة اسم الفاعل فنتخذها أسماء للآلة لأنهم اعتبروا أسماء الأدوات من قبيل الفاعل، فلما قالوا مكنسة تصوروا فيها أنها هي الكانسة وكذلك القول في المبرد والمرقم والمزبر ونحوها. وعليه إذا أردنا أن نسمي آلة بأنها تصيب الحر أي تجده أو تتحقق من وجوده قلنا: مستحِر بكسر الحاء للثرمومتر. ومستحمض للاسيديمتر. ومسترطب للهغرومتر. ومستروح للانيمومتر ومستضرم للبيرومتر ومستقواة للدينامومتر ومستكثف للدنسيمتر ومستكحل للالكوومتر ومستمطر للبلوفيومتر ومستملح لمقياس الملح. وإذا أردت جمعها فلك الخيار بين وجهين فإما أن تقول مستحرات ومستحمضات إلى آخرها جريا على القياس في جمع المؤنث السالم للأسماء غير المعقولة. وأما أن تكسرها على محار (بتشديد الراء) ومحاميض ومراطيب ومراويح ومضاريم إلى آخرها. على غرار ما قال السلف في جمع مكسر مقعس مقاعيس (التاج واللسان في قعس) وفي مستنكر مناكير (عن سيبويه وراجع اللسان والتاج في نكر) وفي جمع منقطع مقاطيع (التاج في صفد) إلى غيرها وهي كثيرة عندهم.

ومما يستحب التنبيه عليه هنا هو أن لبعض الألفاظ التي اتخذها صديقنا المحبوب معنى سابقا غير المعنى الذي أشار إليه فالمرضخة عند السلف: حجر يرضخ به النوى كالمرضاخ - والمرواح: نوع من العنب كثير الماء كبير النوى - والمسعار كالمسعر هو ما تسعر به النار أي تضرم به - والمكحال: الملمول يكتحل به كالمكحل والملطاس: معول غليظ تكسر به الحجارة وحجر يدق به النوى - والمنزحة الدلو وشبهها مما تنزح به البئر. إلى غير ما ذكرناه. أفلا يخشى أن تختلط المعاني الحديثة بالمعاني القديمة. إذا ما التجأ العربي إلى التنقير عنها في دواوين اللغة؟ لكن قد ينقدنا الأخ هذا النقد عينه للكلم التي وضعناها - فجوابنا إن لمصطلحاتنا في الكتب معاني معقودة بنواصي المعقولات. لا باعنة مالا يعقل أي

ص: 60

بالآلات. والبون بين الاثنين بين لكل ذي عينين. أما مصطلحات الأخ الحبيب فإنها تختلط بالآلات القديمة كما ترى.

وفي بعض الحروف التي وضعها المعرب طائفة لا توافق المؤدي المطلوب وهي تلك الأسماء المشتقة من فعل متعد. فالمحلاب مثلا يصح أن تسمى به الآلة التي يحلب بها لا الآلة التي تكشف لنا ما في اللبن الحليب من صفاته التي يتميز بها. والمسعار الآلة التي

يضرم بها النار لا الآلة التي يقاس بها قدار الحرارة التي تخرج من الجسم بأي تأثير كان. وهكذا نقول عن المضغاط والمضغطة إلى أمثالها.

ونستحسن المرواز للبارومتر. فإنه اشتقاق صحيح وكذلك المكثفة لإناء التكثيف والمغوصة للآلة التي يتخذها الغائص في بلوغه إلى قعر البحر ليرى ما فيه ونخير المبدغة على المرضخة. لأن هذه لكسر النوى بخلاف المبدغة فإنها مشتقة من بدغ الجوز واللوز أي كسره وهذا ما يريده الإفرنج من قولهم - ونستحسن الملطاس بالمعنى الجديد الذي يريده ومن هذا القبيل أيضاً المنزحة بمعناها الحديث.

والمزجة تصح على الموضع الذي يكثر فيه الزجاج لا للمكن بتشديد النون وهو بيت من الزجاج تكن فيه النباتات من الأذى أما المضغاط فلا يؤدي المعنى المطلوب من المانومتر. لأن المانومتر آلة تتخذ ليعرف بها مبلغ توتر البخار والغاز أي آلة تدل على أن البخار أو الغاز بلغ أقصاه من الامتلاء وفي لساننا المبين لفظة بديعة تؤيد هذا المعنى وهو حظرب يقال حظرب الوتر والحبل: أجاد فتله وشد توتيره وضرع محظرب: ضيق الإخلاف فاسم هذه الآلة يكون المحظرية وهي من أبدع الكلم التي تصور لنا أن هذه الآلة تدلنا على أن البخار والغاز ملأ الموضع فحظر به.

وأما المعبرة أو حوض المرور فكلاهما لا يؤيد معنى الفرنسية لأن معنى هذه الكلمة عندهم خشب يوضع في مجرى الماء يسد ويفتح على هوى صاحبه ليتمكن من إجرائه وإمساكه. وهذا ما سماه العرب بالصناعة وزان جبارة فلا حاجة إلى إدخال كلمة في لغتنا نحن في غنى عنها. قال في القاموس: الصناعة

ص: 61

مشدودة وكسحاب (كذا والصواب وكسحابة): خشب يتخذ في الماء ليحبس به الماء ويمسكه حينا. أهـ

والعراقيون يقولون في معنى مهبط النهر المنحدر وهو احسن لأنه عربي فصيح ويقولون: فلان انحدر في سباحته إذا اندفع مع مجرى الماء وأما الميزاب فمعروف عند العرب أنه يقابل عند الإفرنج أي المرزاب أو المرزيب عند العراقيين. وأما المحز العميق فيوافق في العربية المسلك والمزلق والمزلج والمزل والطريقة وياما أكثرها ولنبق المئزاب لمؤداه الحقيقي.

فيتحصل مما تقدم بسطه حتى الان، ومما أوضحناه من الاطراد على القياس أن ما لم

يجيء على هذا المنحى لا يرضى به فصيح ولا يتخذه في كلامه. ويجدر بنا هنا أن نتذكر قول ابن جني في كتابه الخصائص (132: 1) ضعف الشيء في القياس. وقلته في الاستعمال. مرذول مطرح. أهـ وقال في 362: 1 ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب. ألا ترى انك لم تسمع أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ولا مفعول وإنما سمعت البعض فقست عليه غيره أهـ. وقال في ص367: ألا ترى أنه ليس كل ما يجوز في القياس يخرج به سماع فإذا حذا إنسان على مثلهم وآم مذهبهم لم يجب عليه أن يورد في ذلك سماعا ولا أن يرويه رواية. أهـ

فهذه الأقوال كلها جديرة بأن تكتب بماء الذهب. وهي كلها تعمد ما ذكرناه من الجري على أساليب اللغة المبينة وتضعف عمل من خالفه كما يتضح لأدنى تأمل.

هذا ونحن لم نتعرض هنا لكل لفظة وضعها العربي الصميم. بل وضعنا لك منه ومن غيره من أغراض كلامهم ما يستدل به ويستغنى ببعضه من كله بإذنه تعالى وطوله.

والآن نتقدم إلى ذكر بعض التعابير الإفرنجية النزعة التي اتخذها الكاتب البارع والتي لا نوافقه عليها ونفضل عليها تعابيرنا العربية الصحى والفصحى. قال حرسه الله في ص195: تنفتح الحنفيات انفتاحا تلقائيا (ثم شرح في الحاشية

ص: 62

هذا التعبير لتأكده من عجمته فقال: أي من تلقاء نفسه. وأظن أن الفصحاء يقولون في مثل هذا الموطن تنفتح الحنفيات عفواً.

وقال في تلك الصفحة بسطة البخار ثم شرحها في الحاشية بقوله أي انبساط البخار بعد انضغاطه. وأظن أن السلف يقول في مثل هذا المعنى: انفشاش البخار. وحينئذ لا حاجة إلى الشرح إذ العراقيون يعرفون هذا المعنى ويتلفظون به وهو من فصيح كلام البلغاء.

وقال في ص197 فيدير بدورانه محورا فلزيا أفقيا يسمى (شجرة) الآلة. وافضل عليها هذا التعبير: فيدير بدورانه محور فلز معترضا يسمى (سرنا) بفتح السين وسكون الراء يليها نون. أما قولنا محور فلز لا محورا فلزيا، فهو لأن الفصحاء اجتنبوا بقدر ما أمكنهم استعمال الألفاظ المنسوبة كلما تيسر لهم. نعم قول الصديق محورا فلزيا لا غبار عليه. لكنه اثقل من قولك محور فلز. وذوق كل كاتب دليله في مثل تفضيل سبك عبارة على سبك عبارة أخرى. وأما قولهم أفقيا بمعنى قائم في عرض الشيء. فإن المعربين وقروا أسماعنا

بها. وهو من المعرب الحرفي عن الأجناب. أما كتبة العرب الفصحاء فقد قالوا ويقولون محور فلز معترضا. وأما الشجرة فليست معروفة في لغتنا بالمعنى الذي يشير إليه والمعروف في كتب أهل الفن هو السرن. قال فينلون في كتاب الحيل الروحانية ص60 اتخذ سرنا فيه دوارة ذات أسنان يدير هذه البكرة. ويكون طرف السرن خارجا من الطشت عليه حلقة. . .) وذكر السرن مراراً عديدة وفسر بشجرة الآلة بالإفرنجية كما قال صديقنا، لكن الشجرة غير معروفة عند الأقدمين بالمعنى المذكور بل عند الأغراب لا غير.

وفي تلك الصفحة: النقطتان المبتتان وأظن أنه لو قال النقطتان الساكنتان لفهمهما العربي.

وفي ص199 وعمل هذه الآلة لا ترفقه بسطة البخار. وأظن أن المراد من قوله هذه هو: ولا ينفش البخار مع عمل هذه الآلة.

وذكر روح لقمان في ص201 بمعنى الأثير وهو غير معروف عند العرب بل عند الترك. بخلاف الأثير فقد عرفوه قال القزويني: انظر إلى حكمة

ص: 63

البارئ كيف جعل كرة الأثير دون فلك القمر كيما ما يحترق بحرارتها الأدخنة الغليظة الصاعدة وتلطف البخارات العفنة ليكون الجو أبدا شفافا. أهـ

وقال في تلك الصفحة: إذا التبخر مصحوب بامتصاص الحرارة؛ وأظنه يريد أن يقول: إذا مع التبخر امتصاص الحرارة.

وقال في آخر ص302 وما يليها (ونرى حينئذ فقاقيع صغيرة تنفصل من جدران الدورق) وقد اكثر المعربون العصريون من ذكر جدران الإناء والحوض والطريق وغيرها والعرب الفصحاء لم ينطقوا بمثل هذا الكلام بل قالوا أعضاد جمع عضد. قال ابن مكرم في تفسير الجرموز: حوض متخذ في قاع أو روضة مرتفع لأعضاد فيسيل منه الماء ثم يفرغ بعد ذلك. وقال الفيروزابادي في تفسير المجنب: شبح كالمشط بلا أسنان يرفع به التراب على الأعضاء والفلجان ومثله في لسان العرب وتاج العروس. أما الجدر وجمعه الجدران فخاض بالحائط باعتبار الارتفاع ومثله الجدار والجمع جدر. والحال ليس في الآنية والحوض والدورق وقحف الرأس والأعضاء كلها ما يصح تسميته بالجدران بل بالاعضاد كما رأيت من كلام مشاهير اللغويين.

ومن تساهله في التعريب قوله في ص208: وتكثيف هذا البخار يعطينا ماء نقيا. قلنا:

واحسن منه: يخلف لنا ماء نقيا. أو ينعقد ماء نقيا - ثم قال: ويجنى الماء المقطر في دورق. وهو معرب التعبير وأظن احسن منه قولنا ويتلقى الماء المقطر في. . . .

وفي ص260 تشغل المياه على سطح الكرة مساحة. . . وأظن الفصحاء يقولون للمياه على سطح الكرة مساحة. . . وفيها يتغشى ظاهرها بضبابة وأظن انه لو يقول ظاهرها صبابة. لكان اقرب إلى الفصحى.

ونحن لا نريد أن نتتبع المؤلف في جميع ما تساهل فيه من التعبير لكننا نقول أنه تسامح فيه كثيرا. ولعله فعل ذلك لشيوع مثل هذه الصيغ في كلام تلامذته. ومع ذلك كله إننا لا نحمل تلك التجوزات على الغلط، بل نقول إن السبك العربي أوزن في النفس من سبك الأعاجم (لأن واضع اللغة على ما قال ابن جني: لما أراد صوغها وترتيب أحوالها هجم بفكره على جميعها. ورأى بعين

ص: 64

تصوره وجوه جملها وتفاصيلها، وعلم أنه لا بد من رفض ما شنع تآلفه منها فنفا عن نفسه ولم يمرره بشيء من لفظه وعلم أيضاً أن ما طال وأمل بكثرة حروفه لا يمكن فيه من التصرف ما أمكن في اعدل الأصول وأخفها.) أهـ

وقد وقع في الكتاب أغلاط طبع لم تنقح في الأخر من ذلك في صفحة أوعلى أن يجدوا فيها تطبيق الحادثات الطبيعية التي درسوها، فيعدلون بذلك عن الاعتقاد. . . والصواب فيعدلوا. وقد جاءت الهمزة الواقعة في الأخر والمكسور ما قبلها مكتوبة على الياء المنقوطة مثل طوارئ (في ص أ) والقارئ (في ص ج) ومثلهما كثير في الكتاب والصواب إهمال الياء. وفي ص د: التصرف بلغتنا بدلا من في لغتنا. وفي ص1 فإنا نحتاج لحني القضيب لبذل قوة اليدين واثني القضيب الثاني لاستعمال المطرقة والصواب: إلى بذل - إلى استعمال. وفي ص2. تؤثر عليه عوضا عن تؤثر فيه. وفي ص3 فحينما تكون قوتا القبيلين متماثلتين تحصل بينهما الموازنة، ولعلها: تقع بينهما الموازنة. وفي ص4 ميال لاسترداد شكله الأول. ولعلها إلى استرداد شكله الأول. وفي ص5 كل ما هو قابل للزيادة. لعلها كل ما يقبل الزيادة وفي ص5: فإذا جاءت قوة ثانية أحدثت وحدها الامتداد عينه في النابض، فنقول. . . ولعلها نقول فزاد عليها المنضد فاء. وأحسن منها: قلنا. وفي تلك الصفحة ولكنه إذا أحدثت القوة ق وحدها الامتداد عينه. . . فنقول. . . والمنضد قلب العبارة ولعلها: ولكنه إذا مددت القوة ذلك الامتداد عينه. . . قلنا. وفي ص 6 تسقط إلى

الأرض. ولعلها على الأرض. وفي تلك الصفحة والصواب وفي ص7 سقطت نحو الأرض، ولعلها على الأرض وفي تلك الصفحة إلَاّ إذا كان له اتجاه الشاقول، ولعلها إلَاّ إذا اتجه اتجاه الشاقول. وفي تلك الصفحة السطح الأفقي ولعله السطح المعترض. وكل مرة جاءت كلمة عمود جاء الجار بعدها (على) ولعلها بدل من اللام ففي ص7 كل سطح يقع عموديا على الشاقول وفي ص8 هو خط عمودي على، وفيها أن سطح الماء عمودي على اتجاه الخيط، ولا جرم أن الأصل هو عمودي ل. . . لأن العمود مشتق من عمد، وعمد يتعدى بنفسه وحيث لا يمكن الوصل يعدى بالحرف أي

ص: 65

باللام. وفي ص9 يبلغ 40000 كيلومترا، عوضا عن كيلو متر بالجر. وفي ص10 وكذلك إذا علقت اللوحة من أية نقطة أخرى، بدلا من القول بأية نقطة أخرى.

وهكذا يعثر القارئ في كل صفحة من صفحات الكتاب بغلط طبع لمصحح عن تقويمه في موطنه وفي جدول التصحيحات فأملنا في طبعته الثانية خلوها منها.

على أننا لا ننكر على صديقنا الكاتب المجيد تلك المحاسن التي جلا كتابه بها على قراء العربية. فكما أنه جاء ببعض ألفاظ مخالفة لمحكم كلام العرب. جاء أيضاً بألفاظ عربية صرفة لم يستعملها قبله أحد. أو هجم على عبارات وفق لها كل التوفيق وبز بها على أقرانه ووصفائه.

فمن الألفاظ التي استصوبناها سعرة بمعنى وكتيم ومرونز ومسقطة ومضغطة ومغوصة وموقتة (غير مهموزة الواو وقد وردت خطأ بالهمزة في الكتاب) ونقالة إلى غيرها.

ومن حسن تعريبه لكلام الأعاجم قوله في ص3 عن الموازنة: لنلاحظ ما يجري في لعبة (جر الحبل) هنالك حبل يتجاذبه قبيلان قوامهما عشرون طالبا كل قبيل عشرة فحينما تكون قوتا القبيلين متماثلتين تحصل بينهما الموازنة ويبقى الحبل في محله ولكنه حينما تزيد قوة أحدهما على الأخر تختل تلك الموازنة فينجر القبيل الضعيف المغلوب إلى القبيل القوي الغالب. أهـ

وقال في ص27 عن المسقطة: إذا هب الهواء على رجل بيده مظلة فمالت قليلا بيده حتى عارضت المهب بجوفها شعر حاملها بشيء يقاوم المظلة وقد تفلت من يده جارية مجرى

الهواء ولا يقوى على ضبطها إلَاّ إذا ضم خيمتها والطائر إذا أراد السقوط كسر جناحيه وضمهما لتضعف مقاومة الهواء فيسرع سقوطه وأما إذا نشرهما اتسع سطح المقاومة لأن الهواء وأن سكن يقاوم منشور الجناحين بالنظر إلى سقوطه كما يقاوم المظلة وهو في هبوبه ومن أجل ذلك يبطيء سقوطه كالمسقطة (براشوت) التي تقي الطائر شر السقوط فإنها تنشر

ص: 66