الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المكاتبة والمذاكرة
الجرعاء أو الجرعة
قرأنا في الزهراء الزاهرة (222: 4) ما نصه:
(خلط الكثيرون في تعيين مأخذ هذا الاسم الذي أطلقه اليونان على القسم الشرقي من بلاد نجد وسواحل الخليج الفارسي (كذا) فرأينا أن ندلي بكلمة عن بحث صغير أعددناه للطبعة الثانية من كتابنا (الفهرست) أو (معجم الخريطة التاريخية للممالك الإسلامية). ورأينا أن نعرض له في مجلة الزهراء الغراء حتى نقف على رأي الباحثين من أهل العلم والفضل قبل إثباته في المعجم.
اجمع ثقات العرب على أن:
جرعاء مالك - بالدهناء شرق (كذا) حزوى.
وأن حزوى - من جبال الدهناء تمتد من اليمامة إلى ديار تميم.
والخط - سيف البحرين وعمان. وقراه: القطيف، والفقير، وقطر، واليهفوف (كذا)(وتنسب إليه الرماح الخطية)
وجاء في دائرة المعارف الفرنسوية (كذا ولم ينسبها إلى مؤلفها) عن سترابون وغيره: عاصمة بلاد وهي أيضا فرضة بلاد التي هي سواحل بلاد العرب على الخليج الفارسي وأن هذه الفرضة سميت حوالي القرن الخامس الميلادي بالخط.
وعليه تكون:
مأخوذة من (جرعاء) أي جرعاء مالك.
فما رأي الباحثين من أفاضلنا في ذلك.
محمد أمين واصف
قلنا: 1 - لم نعثر إلى الآن على من قال من اليونانيين أن جرعاء هي القسم الشرقي من بلاد نجد وسواحل خليج فارس وكان يجدر بالكاتب أن يذكر أسماء الذين ذهبوا إلى هذا الرأي.
2 -
ليس في البحرين قرية تسمى اليهفوف قديما ولا حديثا إنما هي هفهوف (بهاءين وبدون تعريف)(راجع لغة العرب لتصحيح هذا الاسم 39: 3) والترك يذكرونها باسم هفوف وكلاهما غلط.
3 -
جرعاء مالك في اليمن أي في الدهناء في شمالي حضرموت وغربي عمان وشرقي حزوى (راجع صفة جزيرة العرب للهمداني ص180 س26) فكيف تكون جرعاء التي ذكرها اليونانيون جرعاء مالك؟ - فالوهم إذا واضح.
4 -
الجرعاء التي ذكرها اليونانيون هي - على ما نرى أو على ما يتبين لنا - انها الجرعاء من باب التغليب - وهي غير جرعاء العجوز وغير جرعاء مالك (راجع مجلتنا 274: 2)
5 -
الجرعاء هي التي قال عنها الهمداني في صفة جزيرة العرب (ص137)(ثم رجع إلى البحرين فالاحساء منازل ودور لبني تميم، ثم لسعد من بني تميم وكانت سوقها على كثيب يسمى (الجرعاء) تتبايع عليه العرب) أهـ. وذكرها في ص164 في بيتي شعر قالهما عند دفن ابنه في بلبول:
سقى الله بلبولا وجرعاءه التي
…
أقام بها ابني مصيفا ومربعا
كأن لم أذد يوما برجمة من حمى
…
عدوا ولم ادفع به الضيم مدفعا
6 -
جاء في معلمة لاروس الكبرى: الجرعاء أو الجرعة: مدينة قديمة في عربة القفرة على خليج فارس وتعرف اليوم بالاحساء.
7 -
ذكرها بلينيوس وقال: الجرعاء جرعاوان: الواحدة في ديار العرب والثانية في بلاد مصر.
8 -
ذكرها اللغوي الفرنسي في معجمه اليوناني فقال: الجرعاء مدينة من بلاد كلدة وبلدتان أخريان إحداهما في ديار مصر والأخرى في جزيرة العرب.
9 -
إذا وعيت كل ما ذكرناه هنا، ولا سيما ما ذكرناه في السنة الثانية في الصفحة 274 يتبين لك جليا أن الجرعاء هي غير جرعاء مالك وغير جرعاء العجوز بل الجرعاء من باب التغليب وهي كما قلنا مجاورة للاحساء أو للقطيف وكانت تسمى في العهد القديم (وفير) على أحد الآراء إلَاّ أنها من المؤكد كانت بجوار الاحساء الحالية وليس أبدا جرعاء
مالك التي هي في الدهناء والدهناء بعيدة كل البعد عن الاحساء.
وإتماما للفائدة نعرب للقراء ما كتبه أحد الإفرنج عن الجرعاء. قال نؤيل دي فرجر ما معناه:
(كانت تمتد غربة القفرة من اليمن إلى الفرات. ويفصلها عن الحجاز (عربة الحجرة) جبال قائمة على وادي لغور في الشرق. هذا وتخومها مضطربة قلقة؛ ربما كان منها ظهور عربة الوسطى (أي انجادها) التي لا نعرف منها إلَاّ شيئا زهيدا حتى يومنا هذا.
(وإن وضعنا في هذا التقسيم ساحل خليج فارس، على ما فعل دنفيل نرى ثم الجرعاء القديمة التي كانت قلبا نابضا عاما لمظهر دهاء تجارة القبائل الرحل، التي كانت تجتاب تلك الديار الموحشة. قال اغاثرخيد كان
الجرعاويون قوما من أغنى الأقوام المعروفة يومئذ على الأرض ومع ذلك كنت تراهم يسكنون بلادا قفرة، غير أن مسقط بلادهم كان ينبوع ثروتهم.
(ويقول سترابون الذي تلقى هذه الأنباء عما أورده أصحاب الاسكندر بعد أن يدخل المسافر البحر الحبشي ويصعد الساحل مسافة 2400 استاديون يصل إلى الجرعاء، وهي مستعمرة للكلدان طرأوا عليها من ربوع بابل. وحول المدينة ممالح عديدة؛ ودورها مبنية من قطع ملح ضخمة، يرشها أصحابها لكي لا تشققها الشمس بحرارتها. وشغل هؤلاء الناس نقل غلات ديار العرب وافاويهها إلى سائر الأقطار قاطعين تلك القفار الموحشة.
(ويذكر ارستوبول أن أهالي الجرعاء كثيرا ما كانوا يختلفون إلى ربوع بابل. بل ربما كانوا يبلغون تفساح (هي دير الزور الحالية أو أنحاؤها) ومن هناك كانت سلعهم تنفذ إلى آسية الغربية.
(ويرى هرن أن خليج الجرعاء والمدينة المسماة بهذا الاسم كانا حيث يرى اليوم خليج القطيف، والمدينة المعروفة بالقطيف الواقعة على الساحل الغربي من خليج فارس هي بين الدرجة 26 والدرجة 27 عرضا في الشمال وجزيرتي تيلوس وارادوس هما على رأيه جزيرتا البحرين الكبريان المشهورتان بلآلئهما. والدر في بحرهما هو اليوم كثير. وتلك الفرائد هي مصدر ثروة أولئك الناس في الزمن القديم. ويقول العلامة الألماني المذكور: إن جزيرة دودان الوارد ذكرها عند العبريين هي إحدى جزيرتي البحرين، أو ربما كانت
جزيرة كاظمة، الواقعة فويقها شمالا. وبهذه الصورة تؤول ثروة تلك الديار. وهي ثروة قد ارتاب بعض مؤرخي الكتب المنزلة وغير المنزلة في صحتها ممن تكلم عن تلك الأرجاء. لا جرم أن خليج فارس كان في
تلك الأزمنة الواغلة في القدم السبيل المفتوح للعرب في تجارتهم كلما ساروا إلى الهند عن طريق البحر.
(قلنا: فإن كان الأقدمون حاولوا أسفارا طويلة على البحار مع ما كانت عليه الملاحة من الطفولة فيجب علينا أن نتكهن انهم لم يبتعدوا كثيرا ن الشواطئ؛ إذ كانوا يجدون فيها كنا أو كنفا يتقون فيها شر العواصف وعليه كان سكان شرقي جزيرة العرب في احسن موطن ليبحروا منه إلى الهند؛ ويأتوا منها بحاصلاتها النفيسة ليبدلوها بسلع الفينيقيين. فقد ورد في سفر حزقيال: (كان ولد دودان يتاجرون ويتجهون إلى بلاد كبيرة ويبادلون أصحابها بالقرن والعاج والساسم (حزقيال 15: 27)، وعند عودتهم من تلك الأسفار النائية الخطرة كانت تجتمع قوافل دودان على سواحل جزيرة العرب القريبة من الجرعاء وتذهب إلى أرجاء بابل أو إلى ديار فينيقية البحرية مجتاحة فلوات واسعة الأطراف فلقد قال أشعيا في سفره (13: 21): بيتوا في غاب العرب؛ يا قوافل الدودانيين.
(اجل، لم يكن من الممكن للحضر أن يأووا إلى قفار بعيدة الآفاق، بل إلى رياضها التي كانت تنشئها الطبيعة في تلك الأرض الموحشة الخالية فقولك (عربة القفرة) كلمة يصدقك اسمها مسماها. والزوايا المريعة تعد على الأصابع ولا تراها إلَاّ في الندرة فتجلي ناظريك بخضرتها لتريحك عن ذلك المرأى المضجر بهيئته المتكررة وليس في تلك الفلوات ماء بل ضروب من الانبتة الشائكة)
انتهى كلام الكاتب الفرنسي: وليس لنا شيء لنزيده عليه.
حالة التمر في كليفرنية
يبلغ إتاء نخلنا في هذه السنة 800. 000 أو 900. 000 باون (والباون هو نصف كيلو) واغلب تمره من جنس (دقلة النور) من ديار المغرب الأوسط، وقد غرس منه شيء كثير في ربوعنا وهو غير حسن لأنه أن لم يعن بنخله شاص أو كاد يشيص.
أما نخل العراق فقد وافقه هواء بلادنا واستعذاها وراع فيها؛ لكن نقله إلى هنا كلفنا أثمانا باهضة.
من باسادينا (كليفرنية): بول بوبنوي