الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصواب: "أنزلناها وفرضناها: بيناها (1) "، فبيناها تفسير فرضناها، لا أنزلناها (2).
قلت: يا عجبًا لهذا الرجل! وتقويلِه لابن عباس ما لم يقلْه، فالبخاري نقلَ (3) عن ابن عباس تفسيرَ أنزلنا: بيناها، وهو نقل صحيح، ذكره الحافظ مغلطاي من طريق ابن المنذر بسنده إلى ابن عباس، فما هذا الاعتراض البارد؟ (المشكاة: الكُوَّة بلسان الحبشة): مرادُه: أن أصلها كلمة حبشية، فصارت مُعَرَّبة باستعمال العربِ لها، وقد مرّ أن الكوَّة -بضم الكاف وفتحها-.
* * *
باب: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الآية [النور: 6]
2324 -
(4745) - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ عُويمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي عَجْلَانَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنعُ؟ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ. فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ، فَسَألهُ عُويمِرٌ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، قَالَ عُويمِرٌ: وَاللَّهِ! لَا أَنتُهِي حَتى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) في "م": "بينا".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 964).
(3)
"نقل" ليست في "ج".
عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ عُويمِرٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَجُل وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فتقْتُلُونَهُ، أَمْ كيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ". فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُلَاعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كتَابِهِ، فَلَاعَنَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ حَبَسْتُهَا، فَقَدْ ظَلَمْتُهَا، فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"انْظُرُوا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أسحَمَ، أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلَا أَحْسِبُ عُويمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا. وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أحُيْمِرَ، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا". فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم منْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ.
(فجاء عُويمر، فقال: يا رسول الله! رجلٌ وجد مع امرأته رجلًا): في "الإفهام" لم يُسَمَّ في رواية عُويمر المرميُّ به، وفي قصة هلالِ بنِ أمية سُمي المرميُّ به شَريكَ بنَ سَحْماء.
[ووقع في "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي في ترجمة عويمر العجلاني: أنه رمى زوجته بشَريكِ بن سَحْماء](1)(2)، وهذا قد سبقه إليه ابن الأثير في "أسد الغابة"(3)، وفيه نظر، فشريكٌ لم تُرْمَ به صريحًا إلا زوجةُ هلالِ بنِ أميةَ، لا زوجةُ عويمرٍ العجلاني.
ووقع في "تهذيب الأسماء واللغات" -أيضًا- في قسم المبهمات:
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(2)
انظر: "تهذيب الأسماء واللغات"(2/ 355).
(3)
انظر: "أسد الغابة"(4/ 338).
واختلفوا في الذي وجدَ مع امرأته رجلًا، وتلاعنا، على ثلاثة أقوال:
أحدها: هلال بن أمية، والثاني: عاصمُ بنُ عدي، والثالث: عُويمر العجلاني.
قال الإمام أبو الحسن الواحدي: أظهرُ هذا الأقوال أنه عويمرٌ؛ لكثرة هذه الأحاديث، قال (1): واتفقوا على أن الموجود زانيًا شريكُ بن السَّحْماء (2). انتهى.
وفيه تعقُّبات:
أحدها: قوله: اختلفوا في الملاعِنِ، فقد ثبت قصةُ ملاعنة هلالِ بنِ أمية، وقصةُ ملاعَنَةِ عُويمرٍ العجلاني، فكيف يُختلف في ذلك؟
وإنما لعله نقص شيء، وهو أن يقال: اختلفوا في الآية على أيِّ سبب نزلت؟ وهذا ممكن، والجمعُ بينهما أن القصتين قريبتا (3) الوقوع، فجاز أن ينزل بسببها التعقب (4).
الثاني: قوله: والثاني عاصمُ بنُ عدي، هذا (5) باطلٌ، فعاصمٌ قَطُّ لم (6) يلاعِن، إنما سأل لعويمرٍ (7) العجلاني.
(1)"قال" ليست في "ع" و"ج".
(2)
انظر: "تهذيب الأسماء واللغات"(2/ 576).
(3)
في "ج": "قريبان".
(4)
في "ع" و"ج": "التعقيب".
(5)
في "ج": "فهذا".
(6)
في "ع": "لا".
(7)
في "م": "العويمر".
التعقُّب الثالث: قوله: و (1) اتفقوا أن الموجود زانيًا شريكٌ، ممنوع، فهو لم يوجد زانيًا، وإنما هم اعتقدوه كذلك، ولم يثبت ذلك في حقه في (2) ظاهر الحكم، فكأن صواب العبارة أن يقال: واتفقوا على أن المرميَّ به شريكُ بنُ سَحْماء، وهذا الاتفاق متعقَّب كما سبق؛ فإنه لم يُصرَّحْ به إلا في قصة هلال، لا في غيرها، ويَبعد كلَّ البعد أن يكون مَرْميًا به في الواقعتين.
ووقع في "سيرة الدمياطي" في تفاصيل سني الهجرة في السنة التاسعة فيها: "لاعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينَ عُويمرٍ العجلاني وبين امرأته في مسجده بعدَ العصرِ في شعبانَ"، وكان عويمرٌ قدمَ من تبوكَ، فوجدَها حبلى، وكان قبل ذلك قال: إن غزوة تبوك في رجب، وقدم منها في رمضان، [وحيئذٍ فإذا كان القدوم من تبوكَ في رمضان](3)، فكيف تكون الملاعنةُ في شعبان في المسجد؟
وقد وجدت ذلك أيضًا في بعض شروح (4) البخاري، فقال: وكانت الملاعَنَةُ في شعبانَ في سنة تسع، وكان عويمرٌ قدمَ من تبوك، فوجدها حبلى، وعاش ذلك المولود سنتين، ثم مات، وعاشت أمه بعده يسيرًا، ذكره (5) بعضُهم، لكن في "كتاب أبي داود": أنه كان -يعني: الغلامَ- أميرًا على مصر، وما يُدعى لأبٍ (6). انتهى.
(1) الواو ليست في "ج".
(2)
"في" ليست في "ع".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(4)
في "ع" و"ج": "نسخ".
(5)
في "ج": "ذكر".
(6)
رواه أبو داود (2256).
ورأيت بخط الحافظ مغلطاي على "حواشي أسد الغابة": خولةُ بنتُ قيسٍ الأنصاريةُ زوجُ عُويمرٍ العجلاني التي لاعَنَها، ذكرها مقاتل في "تفسيره"، وهذا غريب. انتهى ما في "الإفهام".
(فإن جاءت به أَسْحَمَ): أي: أسودَ، والسُّحْمَةُ: السوادُ.
(أدعجَ العينين): أي: شديدَ سوادِهما (1) في شدَّةِ البياض.
(خَدَلَّج الساقين): -بخاء معجمة ودال مهملة مفتوحتين فلام مشددة مفتوحة فجيم-؛ أي: عظيمَ الساقين.
(وإن جاءت به أُحَيْمِرَ): قال الزركشي: كذا وقع غيرَ مصروف (2)، والصوابُ صرفُه، تصغير (3) أحمر، وهو الأبيض (4).
قلت: عدمُ الصرف -كما في المتن- هو الصواب، وما ادَّعى هو أنه عينُ الصواب هو عينُ الخطأ، وبالله التوفيق.
(كأنه وَحَرَة): -بفتحات وحاء مهملة-، وهي دُوَيبة حمراء كالقَطاةِ تلزق (5) بالأرض، وجمعها وَحَرٌ (6)، شبهه بها؛ لحمرتها وقصرِها (7).
قال السفاقسي: وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الشبهَ بالولد، ثم لم يحكم
(1) في "ج": "سوادها".
(2)
في "ج": "غير منصرف".
(3)
في "ع": "تصغيره".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 966).
(5)
في "ج": "تلصق".
(6)
في "ع" و"ج": "وحرة".
(7)
في "ج": "شبهه بها لقصرها وحمرتها".