الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، لِذَلِكَ مَدح نَفْسَهُ". قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نعَمْ، قُلْتُ: وَرَفَعَهُ؟ قَالَ: نعَمْ.
(ولا شيء (1) أَحَبُّ إليه المدحُ من الله): قال الزركشي: استنبط منه عبد اللطيف البغدادي جواز قول (2): مدحتُ الله، وليس صريحًا؛ لاحتمال أن يكون المراد (3): إن الله يحب أن يمدحه (4) غيرُه؛ [ترغيبًا للعبد في الازدياد مما يقتضي المدح، ولذلك يمدح نفسه؛ لأن المراد: يحب أن يمدحه غيره](5)(6).
قلت: الظاهرُ الأولُ، ولذلك مدح نفسه [شاهدُ صدق على صحته، وما اعترضَ به على عدم الصراحة بإبداء الاحتمالِ المذكورِ ليس من قِبَلِ نفسه](7)، بل ذكره الشيخ بهاءُ الدين السبكي في "أول شرح التلخيص".
* * *
باب: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: 158]
({لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}): قال ابن الحاجب وغيره من المحققين:
(1)"شيء" ليست في "ج".
(2)
في "م" و"ع": "قولك".
(3)
"أن يكون المراد" ليست في "ج".
(4)
في "ج": "يمدح".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(6)
انظر: "التنقيح"(2/ 921).
(7)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
[أي: وكَسْبُها، والمعنى: أن النفس التي لم تكن آمنت من قبلُ، أو كسبت في إيمانها خيرًا، لا ينفعها إيمانُها](1) وكسبُها، والآية من اللَّفِّ والنَّشْر، وبهذا (2) التقدير تندفع شبهةُ المعتزلة؛ الزمخشريِّ وغيرِه؛ إذ قالوا: سَوَّى الله بينَ عدم الإيمان وبينَ الإيمان الذي لم يقترن بالعمل الصالح في عدم الانتفاع به.
قال التفتازاني (3): والاعتراضُ بأن "أو" لأحد الأمرين، ففي سياق النفي يفيد العموم كالنكرة؛ على ما ذُكِرَ في قوله تعالى:{وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24]، فعدمُ النّفع يكون للنفس التي لم يكن فيها الإيمانُ ولا كسبُ الخير مدفوعٌ بأن هذا لا يستقيم هنا؛ لأنه إذا انتفى الإيمان، انتفى كسبُ الخير في الإيمان بالضرورة، فيكون ذكره لغوًا من الكلام، فوجب حملُ "أو" على المعنى الذي ذكره الزمخشري، وهو التسوية بين النفس التي لم تؤمن قبل ذلك اليوم، والتي آمنت ولم تكسب خيرًا.
والحاصل (4): أن العموم إنما يلزم إذا عُطف أحدُ الأمرين على الآخر بأو، ثم سُلّط النفيُ عليه؛ مثل: لم تكن آمنتْ أو عملَتْ، لا إذا عُطف بأو نفيٌ (5) على نفي أمرٍ؛ كما تقول: لم تكن آمنت، أو لم تكن كسبت (6)،
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(2)
في "ع": "وهذا".
(3)
في "ع": "الزمخشري التفتازاني".
(4)
في "ع": "حاصلًا".
(5)
"نفي" ليست في "ع".
(6)
"أو لم تكن كسبت" ليست في "ع".
وهاهنا قد تعذر الأول؛ للزوم التكرار، فتعين الثاني.
قال: وأجيب عن التمسك بأن الآية من باب اللف التقديري (1)؛ أي: لا ينفع نفسًا إيمانها، ولا كسبُها في الإيمان لم تكن آمنت من قبلُ، أو كسبت فيه، فتوافق (2) الآيات والأحاديث الشاهدة بأن مجرد الإيمان ينفع، ويورث النجاةَ من العذاب، ولو بعد حين، ويلائم مقصود الآية حيث وردت بخبر الذين أَخْلَفوا ما وَعَدوا من الرسوخ في الهداية عندَ إنزال الكتاب؛ حيثُ كَذَّبوا وصدفوا عنه؛ أي: يوم تأتي الآيات لا ينفعهم تلهُّفُهم على ترك الإيمان بالكتاب، ولا على ترك العمل بما فيه، وقريبٌ من ذلك ما قال ابن الحاجب: إن المعنى لا ينفعُ نفسًا إيمانهُا ولا كسبُها، وهو العمل الصالح، لم تكن آمنت من قبلُ، ولم تعمل العملَ الصالح، فاختُصر؛ للعلم به.
(1) في "ع": "التقدير".
(2)
في "ع": "يوافق".