الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فإذا رأيتِ الذي (1) يتبعون ما تشابه منه): بكسر التاء من رَأَيْتِ، على أن الخطاب لعائشة، وفتحها، على أنه لكل واحد، وعليهما كسر الكاف وفتحها من قوله:"فأولئكِ الذين سمى الله عز وجل"، قال ابن عباس: هم الخوارج (2).
* * *
باب: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36]
2256 -
(4548) - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا". ثُمَّ يَقُولُ أبو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئتمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36].
(ما من مولود يولد إلا والشيطانُ يمسُّه حين يولَد، فيستهلُّ صارخًا من مسِّ الشيطان إياه، إلا مريم وابنها): قال الزمخشري: الله أعلم بصحة هذا، وإن صح، فمعناه: أن كل مولود يطمع الشيطان في إغوائه، إلا مريمَ وابنَها؛ فإنهما كانا معصومَيْن، وكذلك كلُّ من كان في صفتهما؛ كقوله:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39 - 40].
(1) نص البخاري: "الذين".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 905).
واستهلالُه صارخًا من مَسِّه تخييلٌ وتصوير؛ لطمعه فيه؛ كأنه يمسُّه ويضربُ بيده عليه، ويقول: هذا ممن أُغويه، ونحوه من التخييل قولُ ابن الرومي:
لِمَا تُؤْذِنُ الدُّنْيَا بِهِ مِنْ صُرُوفِهَا
…
يَكُونُ بُكَاءُ الطفْلِ سَاعَةَ يُولَدُ
وأما (1) حقيقة المسِّ والنخس كما يتوهم أهل الحشو، فكلَّا، ولو سُلِّط إبليسُ على الناس ينخَسُهم، لامتلأت الدنيا صُراخًا وعِياطًا (2).
قال الشيخ سعدُ الدين التفتازاني رحمه الله: طعنَ أولًا في الحديث بمجرد أنه لم يوافق هواه، وإلَّا، فأيُّ امتناع في أن يمس الشيطانُ المولودَ حين يولد (3)، بحيث يصرُخ كما نرى ونسمع، ولا يكون ذلك في جميع الأوقات حتى يلزم امتلاء الدنيا بالصراخ، ولا تلك المسة للإغواء ليدفع بأنه لا يُتصور في حق المولود حين يولَد، وكفى بصحة هذا الحديث روايةُ الثقاتِ له، وتصحيحُ مثلِ البخاريِّ ومسلمٍ من غير قدحٍ من غيرهما، ثم أَوَّلَه -على تقدير الصحة- بأن المراد بالمس (4): الطمعُ في إغوائه، واستثنى مريمَ وابنهَا؛ لعصمتهما، ولمَّا لم يخص هذا المعنى بهما، عَمَّمَ (5) الاستثناء لكل من يكون على صفتهما (6)، وهذا إما تكذيبٌ للحديث بعد
(1) في "ع": "وإنما".
(2)
انظر: "الكشاف"(1/ 385).
(3)
"حين يولد" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "بالسمع".
(5)
في "ع": "عم"، وفي "ج":"بما عم".
(6)
في "ج": "على صفتها".
تسليم صحته، وإما قولٌ بتعليل الاستثناء والقياس.
وليت شعري من أين ثبت تحقق طمعِ الشيطانِ ورجائِه وصدقه في أن هذا المولود محلّ لإغوائه؛ ليلزمنا إخراجُ كلِّ من لا (1) سبيل له (2) إلى إغوائه، فلعله يطمع في إغواء مَنْ سوى مريم وابنها، ولا يتمكن منه.
ولما ورد عليه أن الاستهلال صارخًا من المس إنما يصح ترتُّبه على حقيقة المس دون مجازه المذكور؟
أجاب: أنه تخييل وتصوير لطمعه (3) بأن يوقع ذلك المعنى في الخيال بصورة محسوسة، وإلا، فلا استهلال، ولا صراخ.
وتحقيقه أنه استعارة تمثيلية، [شبه حال الشيطان في قصد الإغواء بحال من يمس الشيء باليد، ويعينه (4) لما يريد على ما ذكر (5)](6) في مثل: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67].
وكذلك قول ابن الرومي تخييلٌ وتصوير لانتقال الطفل إلى دار الحوادث والآفات، وتمثيلٌ بحالِ مَنْ تؤذيه (7) الدنيا بذلك، ويبكي لأجل ذلك، وإلا، فلا إيذانَ من الدنيا، ولا بكاءَ من الطفل، لأجل العلم بذلك.
(1)"لا" ليست في "ع".
(2)
"له" ليست في "ج".
(3)
"لطمعه" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "وتعيينه".
(5)
في "ع": "ذكره".
(6)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(7)
في "ع": "ترديه".