الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في العليم والعالم، فبينهما فرق، فليسا بمعنى واحد، وقد يجاب بما أسلفته آنفًا إذا تأملت.
* * *
باب: مَا جَاءَ فِي
فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ؛ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ. وَالدِّينُ: الْجَزَاءُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كمَا تَدِينُ تُدَانُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِالدِّينِ} [الماعون: 1]: بِالْحِسَابِ. {مَدِينِينَ} [الواقعة: 86]: مُحَاسَبِينَ.
(وسميت أُمَّ الكتاب؛ أنه يُبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة): قال السفاقسي: هذا التعليل مناسبٌ لتسميتها بفاتحة الكتاب، لا بأم الكتاب (1)(2).
وقد ذكر بعض المحققين: أن السبب في تسميتها أمَّ الكتاب اشتمالُها على كليات المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى، وهو ظاهر، و (3) من التعبُّد بالأمر والنهي، وهو في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]؛ لأن معنى العبادة: قيامُ العبد بما تُعُبِّدَ به وكُلِّفَه من امتثالِ الأوامر والنواهي.
وفي {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]-أيضًا-، و (4) من الوعد والوعيد،
(1) في "ج": "بأم القرآن".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 896).
(3)
الواو ليست في "ع" و"ج".
(4)
الواو ليست في "ع" و"ج".
وهو في {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]، وفي {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]، وفي {يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]؛ أي: الجزاء أيضًا.
وإنما كانت الثلاثة أصولَ مقاصد القرآن؛ لأن الغرض الأصلي منه الإرشاد (1) إلى المعارف الإلهية، وما به نظامُ المعاش (2)، ونجاة العباد (3).
والاعتراضُ بأن كثيرًا من السور كذلك، يندفع بعدم المساواة؛ لأنها فاتحة الكتاب، وسابقة السور، وقد اقتصر مضمونها على كليات المعاني الثلاثة بالترتيب على (4) وجه إجمالي؛ لأن أولها ثناء، وأوسطها تعبُّد، وآخرها وعد ووعيد، ثم يصير ذلك مفصلًا في سائر السور، فكانت منها بمنزلة مكةَ من سائر القرى على ما روي: من أنها مُهِّدَت أرضُها، ثم دحيت الأرض من تحتها (5)، فتستأهل أن تسمَّى أُمَّ القرآن؛ كما سميت مكةُ أُمَّ القرى، على أن وجه التسمية لا يلزم أن يَطَّرد.
(1) في "ع": "الأصيلي الإرشاد".
(2)
في "ع": "لمعاش".
(3)
في "م" و"ع": "المعاد".
(4)
"على" ليست في "ع".
(5)
انظر: "تفسير البغوي"(1/ 37).