الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجاب: بأن الإتيان بمثل هذا القدر من الكلام لا يكفي في حصول المعارضة؛ لأن هذا المقدارَ قليل، لا تظهر فيه وجوهُ الفصاحة والبلاغة.
وهذا الجواب إنما يتمشى على القول بأن التحدي إنما وقع بالسورة الطويلة التي تظهر فيها قوة الكلام.
* * *
باب: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الأنفال: 34]
2279 -
(4650) - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيى، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9]، إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لَا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكرَ اللَّهُ فِي كتَابِهِ؟ فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي! أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلَا أُقَاتِلُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِن أَنْ أَغتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93]، إِلَى آخِرِهَا. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193]. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ كَانَ الإسْلَامُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينهِ؛ إِمَّا يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا يُوثقُوهُ، حَتَى كَثُرَ الإسْلَامُ، فَلَمْ تَكُنْ فِتْنةٌ. فَلَمَّا رَأَى أَنهُ لَا يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ، قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا قَوْلي فِي عَلِيِّ وَعُثْمَانَ؟ أَمَّا عُثْمَانُ: فَكَانَ اللهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ، فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ. وَأَمَّا عَلِيٌّ: فَابْنُ عَمِّ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَتَنُهُ، وَأَشَارَ بِيَده: وَهَذه ابْنتهُ -أَوْ بِنتهُ- حَيْثُ تَرَوْنَ.
(أحب إلي من أن أغترَّ بهذه الآية): من الاغترار، ويروى بمثناة تحتية، من التعيير.
(إما يقتلوه، وإما يوثقوه): بحذف نون الرفع، وقد تقدم عن ابن مالك أنه موجود في الكلام الفصيح نثرِه ونظمِه.
قال الزركشي: كذا وقع، وصوابه:"يقتلونه، ويوثقونه"؛ لأن "إِمَّا" هاهنا عاطفة مكررة، وإنما تجزم إذا كانت شرطًا (1).
قلت: لا فائدة في قوله: مكررة، وعبارتُه موهمة؛ لأن "إما" العاطفة تجزم إذا كانت شرطًا (2)، ولم يخلق الله "إما" عاطفة شرطية، وإنما (3) مراده أن الذي يجزم هو "أَمَّا" -المفتوحة الهمزة الشرطية-، وعبارته لا توفي بذلك، على أن "إما"(4) الشرطية لا يقع بعدها فعل مجزوم ملفوظ به أصلًا.
(وهذه ابنته أو بَيْتُه (5) حيث تَرَوْنَ): قال الزركشي: هذا الشك لا معنى له أصلًا، والصواب:"بَيْتُه (6) "(7).
قلت: بل له معنى، وهو المحافظة على نقل اللفظ على وجهه كما
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 924).
(2)
"كانت شرطا" ليست في "ج".
(3)
في "ع": "وإما".
(4)
في "ع": "ما".
(5)
كذا في رواية الكشميهني، وفي اليونينية:"بنته".
(6)
في "ج": "بنته".
(7)
انظر: "التنقيح"(2/ 924).