الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ
وَهيَ الأَحْزَابُ
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
(غزوة الخندق): قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع.
2134 -
(4097) - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجزهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَهْوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَجَازَهُ.
(عرضه (1) يومَ أُحُد وهو ابنُ أربعَ عشرةَ، فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة، فأجازه): احتج به البخاري لموسى بن عقبة على أن أُحدًا كانت في السنة الثالثة.
وقال ابن إسحاق، وابن سعد، وغيرهما: إن الخندق كانت في السنة (2) الخامسة، واعتذروا (3) عن هذا الحديث؛ بأنه (4) محمول على أنه كان يوم أُحد ابنَ ثلاث عشرة، وأشهر، فعبر (5)[عن ذلك بأربع عشرة، وكان في الخندق ابنَ خمس عشرة وأشهر، فعبر (6)](7) عنه بالخمس عشرة،
(1)"عرضه" ليست في "ع".
(2)
"في السنة" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "واعتذر".
(4)
في "ع": "فإنه".
(5)
في "ع" و"ج": "فعبروا".
(6)
في "ج": "فعبروا".
(7)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
وفي الحقيقة كان في ستَّ عشرةَ (1).
* * *
2135 -
(4100) - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونهِمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا
…
عَلَى الإسْلَامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
قَالَ: يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَهْوَ يُجيبُهُمُ:"اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ. فَبَارِكْ فِي الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ".
قَالَ: يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفَّي مِنَ الشَّعِيرِ، فَيُصْنعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ، وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهْيَ بَشِعَة فِي الْحَلْقِ، وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ.
(ولها ريح منتن): قال الزركشي: صوابه: مُنْتِنَة؛ لأن الريح مؤنثة (2)، إلا أنه يجوز في المؤنث غير الحقيقي أن يُعَبَّرَ عنه بالمذكر (3).
قلت: ليس بمستقيم من وجهين:
الأول: أنه جزم بأن الصواب منتنة، ومقتضاه: أن التعبير بمنتن خطأ، ثم قطع بأن المؤنث غيرَ الحقيقي يجوز التعبيرُ عنه بالمذكر، فيكون التعبير
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 848).
(2)
"لأن الريح مؤنثة" ليست في "ج".
(3)
المرجع السابق، (2/ 849).
بمنتن صوابًا لا خطأ، ولا يكون صواب (1) الكلمة منحصرًا في التعبير عنها بالتأنيث.
والحاصل: أن آخر كلامه ينقض أوله.
الثاني: أن جعلَ التعبيرَ عن المؤنث غيرِ الحقيقي بالمذكر على جهة الجواز ضابطًا كليًا مقطوعًا ببطلانه.
فإن قلت: فما وجه ما في المتن؟
قلت: حمل الريح على العَرْف، فعاملها (2) معاملته؛ [كما حملت الأرض على المكان، فعوملت معاملته (3)] في قول الشاعر:
ولا أَرْضٌ ابْقَلَ إِبْقَالَهَا (4)
وفي "الصحاح": العَرْف: الريحُ طَيِّبَةً كانَتْ أو مُنْتِنَةً (5).
* * *
2136 -
(4101) - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أتيْتُ جَابِرًا رضي الله عنه، فَقَالَ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نحفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَقَالَ:"أَنَا نَازِلٌ". ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ
(1) في "ع": "صوابه".
(2)
في "ج": "فمعاملتها".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
(4)
في "ع": "أنفل لها".
(5)
انظر: "الصحاح"(4/ 1400)، (مادة: عرف).
بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِعْوَلَ، فَضَرَبَ، فَعَادَ كثِيبًا أَهْيَلَ، أَوْ أَهْيَمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: عِنْدِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ، فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم والْعَجينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِي قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ، فَقُلْتُ: طُعَيِّمٌ لِي، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، قَالَ:"كمْ هُوَ؟ "، فَذَكَرتُ لَهُ، قَالَ:"كثِيرٌ طَيِّبٌ"، قَالَ:"قُلْ لَهَا: لَا تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ، وَلَا الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِي"، فَقَالَ:"قُومُوا". فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، قَالَ: وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ، قَالَتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ:"ادْخُلُوا وَلَا تَضَاغَطُوا". فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ، وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا، وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَالَ:"كُلِي هَذَا وَأَهْدِي؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ".
(فعرضت كبدة): قال الخطابي (1): قيدناها في البخاري بباء موحدة مكسورة من طريق الأصيلي والقابسي عن المروزي؛ أي: قطعة من الأرض صلبة يَشُقُّ كسرُها، والكَبَدُ: الشدَّةُ والمشقة، وقيده الأصيلي عن الجرجاني بنون مكسورة، وقيده ابن السكن بمثناة فوقية مفتوحة.
(1) انظر: "أعلام الحديث"(3/ 1720).
قال القاضي: ولا أعرف لهاتين الروايتين معنى هنا، وقيده أبو ذر من رواية المستملي والحموي بمثناة تحتية ساكنة.
كأن الكَيْد الذي هو إعمالُ الحيل أعجزَهم حتى لجؤوا فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربها.
قال مغلطاي: وفي رواية: "كَذَّانَة": -بذال معجمة ونون-، وهي القطعة من الجبل (1).
(ثم قام وبطنُه معصوبٌ بحجر): قال الزركشي: زاد أحمد في "مسنده": "من الجوع"(2)، وأنكره ابن حبان في "صحيحه"، وقال: هذا (3) باطل، وإنما هو الحجز -يعني: بالزاي-؛ أي (4): طرف الإزار؛ إذ الله عز وجل كان يُطعم رسوله صلى الله عليه وسلم ويسقيه إذا واصل (5)، فكيف يتركه جائعًا مع عدم الوصال حتى يحتاج إلى شدِّ الحجر على بطنه (6)؟
وقيل: بل كانت تلك عادة (7) العرب إذا خلت أجوافهم، وغارت بطونهم، يشدون عليها حجرًا (8)، ففعلَ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليعلم أصحابه أن
(1) انظر: "التوضيح"(21/ 223).
(2)
رواه أحمد (3/ 301).
(3)
في "ع": "وهذا".
(4)
"أي" ليست في "ع".
(5)
في "ع" و"ج": "وصل".
(6)
انظر: "صحيح ابن حبان"(8/ 344).
(7)
"تلك عادة" ليست في "ج".
(8)
في "ج": "عليها الحجر".
ليس عنده ما يستأثر به عليهم، وإن كان هو محمولًا في ذلك بما يَرِدُ عليه من ربه بما يغنيه عن الطعام والشراب (1).
(فعاد كثيبًا أَهْيَلَ): -بمثناة تحتية بعد الهاء-؛ أي: منهالًا (2) لا يتماسك سيلانًا وانصبابًا.
(أو أَهْثَمَ): -بمثلثة-؛ أي: صار كثيبًا مثلَ الرمل.
وقيده بعضهم: -بمثناة تحتية-، وهو الذي ينهال ولا يتماسك.
(ولا تَضاغَطوا): أي: لا تزدحموا.
* * *
2137 -
(4102) - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبي سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ، رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ، فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَنْ مَعَهُ، فَجِئتهُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ،
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 850).
(2)
في "م": "منها".
فَصَاحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ! إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ". فَجئْتُ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجينًا، فَبَصَقَ فِيهِ، وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا، فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ:"ادْعُ خَابِزَة فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلَا تُنْزِلُوهَا". وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ! لَقَدْ أَكَلوُا حَتَى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ.
(خَمَصًا): -بفتح الخاء المعجمة والميم-: ضمورُ البطن من الجوع.
(فانكفأتُ): أي: انقلبتُ. قال الزركشي: وأصلُه الهمز؛ من كَفَأْتُ الإناءَ، وتُسَهَّل (1).
قلت: لكن ليس القياسُ في تسهيل مثله إبدالَ الهمزة ياء.
(فبسق): -بالسين المهملة-، كذا الرواية، ويقال بالصاد وبالزاي.
(واقدحي من برمتك): أي: اغرفي منها، والمغرفةُ تسمى: المِقْدَحَة.
(وانحرفوا): أي: مالوا وخرجوا من عندنا.
(وإن برمتنا لتغِطُّ): -بكسر الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة-؛ أي: ممتلئة تفور بحيث يُسمع لها غَطيط.
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 851).
2138 -
(4104) - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبي إسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ، أَوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ، يَقُولُ:
وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
…
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
…
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ: (أَبَيْنَا أَبَيْنَا).
(حتى أغمرَ بطنَه): أي: وارى الترابُ بطنَه.
(أو اغبرَّ بطنُه): هذا من الغبار، وهو واضح، وبطنُه هنا مرفوع على الفاعلية، وفي الأول منصوب على المفعولية، ويروى:"اعْفَرَّ بَطْنُه": -بالعين المهملة والفاء- من العَفَر -بالتحريك-، وهو التراب (1).
* * *
2139 -
(4105) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ".
(نُصرت بالصَّبا): هي الريح الشرقية، ووجهُ إدخال البخاري هذا الحديث في هذا الكتاب: وجودُ الريح التي كانت في عام الأحزاب، وهي (2)
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 851).
(2)
في "م": "وهو".
المذكورة في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9](1).
* * *
2140 -
(4108) - حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَنَسْوَاتُهَا تنطُفُ، قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، فَلَمْ يُجْعَلْ لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ. فَقَالَت: الْحَقْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ. فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ، خَطَبَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ، فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنه، فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ. قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَهَلَّا أَجَبْتَهُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي، وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلَامِ، فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَتَسْفِكُ الدَّمَ، ويحْمَلُ عَنِّي غيْرُ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجنَانِ. قَالَ حَبِيبٌ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ.
قَالَ مَحْمُودٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَاقِ: وَنَوْسَاتُهَا.
(ونَسْواتها): -بفتح النون وسكون السين-؛ أي: ظفائر شعرها.
قال القاضي: كذا لهم، وعند ابن السكن:"نَوْساتها" -بتقديم الواو على السين-، وهو أشبه بالصحة.
(1) المرجع السابق، (2/ 852).