الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأدل ما فيها على هذا المقصد: أمر الأعراف، فإن اعتقاده يتضمن
الإشراف على الجنة والنار، والوقوف على حقيقة ما فيها، وما أعد لأهلها
الداعي إلى امتثال كل خير، واجتناب كل شر، والاتعاظ بكل مرقق.
فضائلها
وأما فضائلها: فروى أبو عبيد في الفضائل، والطبراني في الكبير، وأبو
داود الطيالسي، وعند الِإمام أحمد، وهذا لفظهما - وفي السند عمران
القطان وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات
- عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل.
ولفظ أبي عبيد: أعطيت السبع مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان
الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل.
ورواه الطبراني في الكبير، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطاني ربي السبع الطول مكان التوراة، والمثين مكان الإنجيل، وفضلت بالمفصل.
قال الهيثمي: وفيه ليث بن أبي سليم، وقد ضعفه جماعة، ويعتبر
بحديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
ثم أسند أبو عبيد عن سعيد بن أبي هلال قال: بلغنا أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت السبع الطول مكان التوراة.
ثم ذكر حديثه عن وائلة رضي الله عنه.
ورواه الدارمي عن عبد الله رضي الله عنه موقوفا عليه قال: السبع
الطول مثل التوراة، والمئون مثل الإنجيل، والمثاني مثل الزبور، وسائر القرآن
بعد فضل.
ولأبي عبيد وأحمد - قال الهيثمي: ورجال بعض أسانيده رجال
الصحيح - والبزار، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ السبع الطوال فهو حبر.
قال الهيثمي: ورواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
ورواه الطبراني - قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح - عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)
قال: هي السبع الطوال.
وقال أبو عبيد: حدثنا هشيم، أنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير في
قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) .
قال: هي السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس.
ثم أسند عن مكحول وعطية بن قيس مثل قول سعيد سواء، إلا أنه
قال: والتي يقال لها: يونس، قال: وهي السابعة.
وكذا عن أبي محمد شداد بن عبيد الله القادمي، ويحيى بن الحارث
الذماري، وقال: وأن يونس تسمى السابعة.
وقال يحيى: وليست تعد الأنفال ولا براءة من السبع الطول.
وللطبراني في الكبير - قال المنذري: ورواته رواة الصحيح، إلا المسيب
ابن واضح، قال الهيثمي: وهو ضعيف وقد وثق - عن عبد الله بن
بشير رضي الله عنه قال: خرجت من حمص، فآواني الليل إلى البقيعة.
فحضرني من أهل الأرض، فقرأت هذه الآية من الأعراف: (إن ربكم الله
الذي خلق السماوات والأرض) إلى آخر الآية، فقال بعضهم لبعض:
احرسوه الآن حتى يصبح، فلما أصبحت ركبت دابتي.
وروى ابن أبي داود عن عروة، أن زيداً بن ثابت رضي الله عنه قال
لمروان: رأيتك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بطولي الطوليين"، الأعراف.
وقال مرة في تفسير الطوليين: الأنعام والأعراف
ورواه أبو داود نفسه في السنن.
وقال: قلت: ما طولي الطوليين؟.
قال: الأعراف، (والأخرى: الأنعام) .
قال - يعني ابن جريج -: وسألت أنا ابن مليك: فقال لي من قبل نفسه: المائدة والأعراف.
قال الحافظ المنذري في مختصره: ورواه البخاري مختصراً، ورواه
النسائي، انتهى.
ورواه عبد الرزاق في جامعه ولفظه: قلت: وما طولي الطوليين؟.
قال: الأعراف. قال: قلت لابن أبي مليكة: وما الطوليان؟.
فكأنه قال من قبل رأيه: الأنعام، والأعراف.
وروى النسائي بإسناد - قال النووي في شرح المهذب: حسن - عن
عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالأعراف، فرقها في الركعتين.
ولأبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أيوب - أو زيد بن ثابت رضي الله عنهما -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالأعراف، في ركعتين.
ولعبد الله بن أحمد في زوائد المسند - قال الهيثمي: عن شيخه محمد
ابن يعقوب الربالي وهو مستور، وبقية رجاله رجال الصحيح - عن أبي بن
كعب رضي الله عنه في قوله عز وجل: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) قال: جمعهم فجعلهم أرواحاً، ثم صورهم
فاستنطقهم، فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق، وأشهدهم على
أنفسهم: ألست بربكم؟. قالوا: بلى. قال: فإني أشهد عليكم السماوات
السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم، أن تقولوا يوم القيامة: لم نعلم بهذا.
اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئاً، إني سأرسل
إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي، قالوا: شهدنا
بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك، فأقروا، ورفع عليهم
آدم عليه السلام ينظر إليهم، فرأى الغنى والفقير وحسن الصورة، ودون
ذلك. فقال: يا رب لولا سويت بين عبادك؟.
قال: إني أحببت أن أشكر.
ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم، خصوا بميثاق آخر الرسالة
والنبوة، وهو قوله تعالى: (وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم - إلى قوله -
وعيسى ابن مريم) عليهما السلام، كان في تلك الأرواح، فأرسله إلى
مريم عليها السلام، فحدث عن أبيّ أنه دخل من فيها.
ولأحمد - قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح - عن ابن عباس
رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذراهم، فنثرهم بين يديه، ثم كلمهم قبلاً، قال: ألست بربكم؟. قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا - إلى قوله -: المبطلون.
ولابن السنى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل عن أبيه، قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي به وجع، فقال: ما وجع أخيك؟. قال: به لمم، قال: فابعث به إليَّ، فجاء فجلس بين يديه، فقرأ
عليه النبي صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب، وأربع آيات من أول سورة البقرة وآيتين من وسطها:(وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)
حتى فرغ من الآية، وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخر
سورة البقرة، وآية من أول آل عمران، و (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) .
إلى آخر الآية، وآية من سورة الأعراف:(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) وآية من سورة المؤمنين - وفي رواية: وآخر سورة
المؤمنين -: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) .
وآية من سورة الجن: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) .
وعشر آيات من سورة الصافات من أولها وثلاثاً من آخر
سورة الحشر، وقل هو الله أحد، والمعوذتين.
ورواه البيهقي في الدعوات عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثني
أبي بن كعب رضي الله عنه.
ورواه ابن ماجة في السنن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثني أبي أبو
ليلى رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: يا نبي الله، إن لي أخاً وبه وجع. قال: وما وجعه؟. قال: له لممَ، قال: فأتني به
فذكره، وفي آخره: فقام الرجل كأنه لم يشتك شيئاً قط.
ولابن السنى عن فاطمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دنا ولادها - أمر أم سلمة وزينب بنت جحش رضي الله عنهما أن تأتيا فتقرءا عندها آية الكرسي. و "إن ربكم الله" إلى آخرها وتعوذاهِا بالمعوذتين.
وفي كتاب "الاستغناء بالقرآن " لابن رجب: أن ابن عدي خرج من
طريق ابن لهيعة عِن أبي صخر - وهو حميد بن زياد. - عن نافع،
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع قراءة آخر سورة الأعراف في كل جمعة.
قال ابن رجب: ولعل سر ذلك: أن فيه (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) .
وقد قال كثير من السلف: إنها نزلت في قراءة القرآن في الصلاة، وفي خطبة الجمعة، حتى قال الإمام أحمد: أجمعوا على ذلك.
ففي تلاوتها في خطبة الجمعة أمر للناس بالإنصات للموعظة وما فيها
من تلاوة القرآن والذكر، وقد أبدل الناس ذلك في هذه الأزمان، بذكر
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "إذا قلت لصاحبك: أنصت ".
الحديث، لكن إنما يورده المؤذن بين يدي الِإمام.
وروى الحافظ زين الدين ابن رجب بسنده إلى سليم بن عيسى
قال: دخلت على حمزة فوجدته يمرغ خده في الأرض ويبكى.
فقلت: أعيذك بالله، فقال: يا هذا استعذت لماذا؟.
فقال: رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت وقد دعى بقراء القرآن، فكنت ممن حضر، فسمعت قائلاً يقول بكلام عذب: لا يدخل علي إلا من عمل بالقرآن، فرجعت القهقري، فهتف باسمي: أين حمزة بن حبيب الزيات؟.
فقلت: لبيك داعي
الله، فبادرني ملك فقال: قُلْ لبيك اللهم، فقلتُ كما قال لي.
فأدخلني داراً سمعت فيها ضجيج القرآن، فوقفت أرعد، فسمعت قائلًا يقول: لا بأس عليك، أرق واقرأ، فأدرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در أبيض، وحافتاهُ من ياقوت أصفر، مراقيه من زبرجد أخضر، فقيل لي: ارق واقر
فرقيت، فقيل لي: اقرأ سورة الأنعام فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ، حتى بلغت الستين آية:(وهو القاهر فوق عباده)، فقال لي: يا حمزة ألست
القاهر فوق عبادي؟.
فقلت: بلى، فقال: صدقت، اقرأ، فقرأت حتى أتممتها.
ثم قال لي: اقرأ، فقرأت الأعراف، حتى بلغت آخرها، فأومات بالسجود، فقال لي: حسبك ما مضى لا تسجد يا حمزة، من أقرأك هذا القرآن؟. قلت: سليمان.
قال: صدقت من أقرأ سليمان؟.
قلت: يحيى، قال: صدق يحيى، على من قرأ يحيى؟.
قلت: على أبي عبد الرحمن السلمى، فقال: صدق أبو عبد الرحمن السلمى، من أقرأ أبا عبد الرحمن السلمى؟.
قلت: ابن عم نبيك علي بن أبي طالب قال: صدق علي، من أقرأ علياً؟. قلت: نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فمن أقرأ نبيي محمداً؟. قلت: جبريل عليه السلام،
قال: فمن أقرأ جبريل عليه السلام؟.
فسكت، قال: فقال لي: يا حمزة قل: أنت.
قال: فقلت: ما أحسن أن أقول: أنت!!.
قال: قل: أنت. فقلت: أنت، فقال: صدقت يا حمزة.
وحق القرآن لأكرمن أهل القرآن يا حمزة، سيما إذا عملوا بالقرآن كلامي، وما أحببت أحداً كحبي أهل القرآن، أدن يا حمزة، فدنوت فضمخني بالغالية (1)، ثم قال: ليس أفعل بك وحدك، قد فعلت ذلك بنظرائك: من فوقك، ومن دونك، ومن أقرأ القرآن كما أقرأت لم يرد به غيري، وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر، فاعلم أصحابك بمكاني من حبي لأهل القرآن وفعلى بهم، فهم المصطفون الأخيار ولا أذنا سمعته، ولا عينا نظرته، فقلت: سبحانك، سبحانك أي رب. فقال: يا حمزة، أي نظار المصاحف؟.
فقلت: يا رب أحفاظ هم؟. فقال: لا، ولكن أحفظه لهم
حتى يوم القيامة، فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة.
أفتلومني أن أبكي وأتمرغ في التراب؟
وسيأتي في سورة يس منام له أيضاً حسن.
(1) قال في اللسان. 3 / 37: الضْمخ: لطخ الجسد بالطيب، حتى كأنما يقطر.