المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌عدد آياتها

- ‌ما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌فضل آية الكرسي

- ‌فضل خواتيم سوره البقرة

- ‌اشتمال سورة البقرة على آخر ما نزل من القرآن

- ‌سورة آل عمران

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النساء

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة المائدة

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأنعام

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصود السورة

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأعراف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأنفال

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة براءة

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة يونس

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة هود

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة يوسف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل منها

- ‌مقصودها

- ‌فضلها

- ‌سورة الرعد

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة إبراهيم

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌ما ورد في شأنها

- ‌سورة الحجر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النحل

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الإسراء

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الكهف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة مريم

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة طه

- ‌عدد آياتها

- ‌ما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأنبياء

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الحج

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة المؤمنون

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النور

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الفرقان

- ‌مقصودها

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الشعراء

- ‌عدد آياتا وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النمل

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة القصص

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة العنكبوت

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الروم

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة لقمان

- ‌عدد آياتا وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة السجدة

- ‌عدد آياها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأحزاب

- ‌مقصودها

- ‌فضلها

- ‌سورة سبأ

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة فاطر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة يس

- ‌عدد آياتها وما يشيه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الصافات

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة ص

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الزمر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة غافر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة فصلت

- ‌فضائلها

- ‌سورة حم عسق

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الزخرف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الدخان

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الجاثية

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأحقاف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة محمد

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الفتح

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

الفصل: ‌فضل آية الكرسي

قال: أفضل القرآن: سورة البقرة، وأعظم آيةٍ فيه: آيةٌ الكرسي.

قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ في ليلة مائة آية، لم يحاجه القرآن، ومن قرأ مائتين كُتِبَ له قنوتُ ليلة، ومن قرأ بالمائة إلى الألف، أصبح وله قنطار، والقنطار دية أحدكم: اثنا عشر ألفاً.

قال: وإن أصفر البيوت من الخير، البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن.

وإن الشيطان ليفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.

‌فضل آية الكرسي

وروى عبد الرزاق عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: إن

الله اختار الكلام، فاختار القرآن، واختار القرآن فاختار منه سورة البقرة.

واختار من سورة البقرة آية الكرسي، واختار البلاد فاختار الحرم، واختار

الحرم، فاختار موضع البيت.

وفي أمالي أبي الحسين بن شمعون عن عائشة رضي الله عنها،

ص: 33

أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه: أن ما في بيته ممحوق البركة، قال: أين أنت من آية الكرسي، ما تليت في شيء على طعام، ولا إدام، إلا أنمَى الله بركة ذلك الطعام والِإدام.

وعند البخاري، وابن خزيمة، وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه

قال: وَكلَني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ، فجعل يَحْثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأدفعنَك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني محتاج وعليَّ دَيْن، ولي عيال، وبي حاجة شديدة، فخلَّيْت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحةَ؟ قلت: يا رسول الله شكى حاجةً شديدة وعِيالًا فَرَحمتُه، فخلَّيْت سبيلَه، قال: أما إنه كَذَبَكَ وسيعود، فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام.

فذكر الحديث في قبضه عليه، واعتذاره وتَرفُقِهِ، إلى أن قال: فأخذته -

يعني: في الثالثة - فقلت: لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رسول الله يكوهذه آخر ثلاث مرات، تزعم أنك لا تعود، ثم تعود، قال: دعني، فإني أُعَلِّمُك كلماتٍ ينفعُك الله بها، قلت: وما هنً؟ ، قال: إذا أويتَ إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي (الله لا إلَه إلَاَ هُوَ الحَيُ القَيُومُ) حتى تختم الآية، فإنك لن يزالَ عليك من

الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تُصبح، فخلَّيت سبيله، فأصبحت فقال

لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة؟ ، قلت: يا رسول الله زَعم أنَهُ يُعَلِّمُني كلمات ينفعني الله بهن، فخلَّيت سبيله، قال: ما هن؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك. الحديث. وفيه: وكانوا أحرص شيء على الخير.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه صَدَقَك وهو كَذُوب، تَعْلَم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟.

قال: لا، قال: ذاك الشيطان.

ص: 34

وللنسائي في "اليوم والليلة" من الكبرى، عنه رضي الله عنه، أنه كان

على تمر الصدقة، فوجد أثر كفّ، كأنه قد أُخِذَ منه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: أتريد أن تأخذه؟. (قلت: نعم. قال) قل: سبحان من سخرك بمحمد، قال أبو هريرة: فقلت، فإذا أنا به قائم بين يَدَي، فأخذته لأذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إنما أخذتُه لأهل بيت فُقَرَاءَ من الجن ولن أعود، فعاد، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتريد أن تأخذه؟ فقلت: نعم.

قال: فقل: سبحان من سخرك لمحمد. قال أبو هريرة: فقلت فإذا أنا به

قائم، فأردت به لأذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعاهدني ألا يعود، فتركته، ثم عاد.

فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أتريد أن تأخذه؟.

فقلت: نعم. فقال: سبحان الذي سخرك لمحمد، فإذا أنا به.

قلت: عاهدتَني فكذبت وعدتَ، لأذهبن بك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فقال: خلً عني أُعَلِّمْكَ كلماتٍ إذا قلتَهن لم يقربك ذَكَرْ

ولا أنثى من الجن، قلت: وما هؤلاء الكلمات؟ ، قال: آية الكرسي، اقرأها عند كل صباح ومساء.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: فخلَّيْتُ عنه، فذكرت

ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: وما علمتَ أنه كذلك.

وعند أحمد، والقاضي أبي عبد الله المحاملي في السادس عشر من

فوائده، والترمذي واللفظ له وقال: حسن غريب، من حديث أبي أيوب

الأنصاري رضي الله عنه، أنه كانت له سهوة فيها تمر، وكانت تجيء

ص: 35

الغول وتأكل منه، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: اذهب، فإذا رأيتَها فقل: بسم الله، أجيبي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأخذها، فحلفت أن لا تعود

فأرسلها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما فعل أسيرك؟. قال: حلفت أن لا تعود، قال: كذبَت، وهي معاودة للكذب، فأخذها مرة أخرى فحلفت أن لا تعود، فأرسلها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل أسيرك؟. قال: حلفت

أَن لا تعود، قال: كذبَت وهي معاودة للكذب، فأخذها مرة أخرى فقال: ما أنا بتاركِكِ حتى أذهب بك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني ذاكِرةٌ لك شيئاً: آية الكرسي، اقرأها في بيتك، فلا يقربك الشيطان ولا غيره، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل أسيرك؟ قال: فأخبره بما قالت، قال: صدَقَتْ وهي

كَذُوبٌ.

وفي بعض طرقه قال: أرسلني وأعلمك آية من كتاب الله، لا تضعها

على مال ولا ولد، فيقربه الشيطان أبداً، قلت: وما هي؟.

قال: لا أستطيع أن أتكلم بها، آيةُ الكرسي.

ولفظ المحاملي: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كان تمر

لنا في سهوة فكنت أراه كل يوم من غير أن نأخذ منه شيئاً، فأتيت رسول

الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن تمراً لنا في سَهْوَةٍ لنا، وإنَّا نجده ينقص كل يوم من غير أن نأخذ منه شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك جِنَيةٌ - أو غُولٌ - تأكل طعامك، وستجدها هِرَّةً، فإذا رأيتها فقل: بسم الله، أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فانطلقتُ فدخلتُ البيتَ، فإذا سنور في التمر، فقلت: بسم الله أجيبي

رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي عجوزٌ جالسةٌ.

فقلت: يا عدوة الله انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أنشُدُك الله يا أبا أيوب لما تركتني فلن أعود، فتركتها

ثم غدوتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما فعل الرجل وأسيره؟.

فقلت: أخذتها يا رسول الله، فناشدتني فحلفتْ أن لا تعودَ، قال: كذبَتْ تُعُوُد،

ص: 36

فانطلقت فإذا سنور في البيت قلت بسم الله أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أنشدك الله يا أبا أيوب لما تركتني فوالله لا أعود أبداَ، فتركتها، ثم غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما فعل الرجل وأسيره؟.

فأخبرته، قال: كذبت ستعود. فأخذتها الثالثة، فقلت: يا عدوة الله أليس قد زعمتِ أنَك لا تعودين؟.

قالت: يا أبا أيوب اتركني، فوالله لأعلمنَك شيئاً إذا قلتَه حين

تصبح، لم يدخل بيتَك الشيطان حتى تمسى، وإذا قلتَه حين تمسى لم يدخل

الشيطان بيتك حتى تصبح. قلت: ما هو؟.

قالت: آية الكرسي، فتركتها، -

ثم غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل الرجل وأسيره؟.

قلت: أخذتها فناشدتني الله وقالت: اتركني، فوالله لأعلمنك شيئاً إذا قلته حين تمسي لم يدخل الشيطان بيتك حتى تصبح، وإذا قلته حين تصبح لم يدخل

الشيطان بيتك حتى تمسي.

فقلت: ما هو؟.

فقالت: آية الكرسي.

قال صدقت وإنها لكذوب.

السهوة - بفتح السين المهملة -: الطاق في الحائط، يوضع فيها

الشيء.

وقيل: هي الصُّفَّة، وقيل: المخدع بين البيتين.

وقيل: هو شيء شبيه بالرف.

وقيل: بيت صغير كالخزانة الصغيرة.

قال المنذري: كل واحد من هؤلاء يسمى: سهوة، ولفظ الحديث

يحتمل الكل، ولكن ورد في بعض طرق هذا الحديث ما يرجح الأول.

والغول - بضم المعجمة - هو شيطان يأكل الناس، وقيل: هو من

ص: 37

يتلون من الجن. انتهى.

وعند الحارث بن أبي أسامة، وأبي يعلى الموصلي، وابن حبان في

صحيحه والنَّسائي في اليوم والليلة من الكبرى، والطبراني - بإسناد قال

المنذري: جيد - عن أُبَي بن كعب رضي الله عنه أنه كان له جَرِين فيه

تمر، وكان مما يتعاهده، فيجده ينقص، فحرسه ذات ليلة، فإذا هو بدابة

كهيئة الغلام المحتلم، قال: فسلمتُ، فرد السلام، فقلت: ما أنت جن أم

أنس؟. قال: جن، فقلت: ناولني يدك، فإذا يد كلب، وشعر كلب.

فقلت: هذا خلق الجن؟.

فقال: لقد علمت الجنُّ أن ما فيهم من هو أشد

مني، فقلت: ما يحملك على ما صنعت؟.

قال: بلغني أنك تحب الصدقة، فأحببت أن أصيب من طعامك.

فقلت: ما الذي يحرزنا منكم؟.

فقال: هذه الآية، آية الكرسي.

وفي رواية للنسائي: إذا قلتَها حين تصبح أُجِرْتَ منا إلى أن تمسى.

وإذا قلتها حين تمسى أُجِرْتَ منا إلى أن تصبح. قال: فتركته، وغدا إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره.

فقال: صدق الخبيث.

الجَرِينُ - بفتح الجيم، وكسر الراء المهلمة - هو البيدر.

ص: 38

وللدارمي عن ابن مسعودرضي الله عنه قال: لقي رجل من أصحاب

محمد صلى الله عليه وسلم رجلاً من الجن فصارعه، فصرعه الإِنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلا شَخِيتاً، كان ذُرَيْعَتَيْكَ ذُرَيْعَتَا كلب، فكذلك أنتم معشر الجن

أم أنت من بينهم كذلك؟.

قال: لا والله إني من بينهم لضليع. ولكن عاوِدْنِي الثانية فإن صرعتني علمتك شيئاً ينفعك.

قال: نعم.

قال: تقرأ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ؟.

قال: نعم.

قال: فإنك لا تقرؤها في بيت إلا خرج منه الشيطان، له خبَج كخَبَجِ الحمار. ثم لا يدخله حتى يصبح.

قال أبو محمد: الضبيل: الدقيق. والشَخِيتُ: الهزول. والضَّلِيعُ:

جَيِّدُ الأضلاع. والخبج: الريح.

ورواه الدينوري في الجزء الثامن عشر من "المُجَالَسَة" عن ابن مسعود

رضي الله عنه، ولفظه: لقي رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رجلًا من الجن فصارعه فصرعه الِإنسي، فقال له الجني: عاوِدْنِي، فعاوده فصرعه الإِنسي، فقال له الإِنسي: أراك ضئيلاً شخيتاً، كان ذِراعيك ذِراعَا كلب، فكذلك أنتم معاشر الجن أم أنت منهم كذا؟.

قال: لا والله إني منهم لضليع، ولكن عاوِدْني الثالثة، فإن صرعتني

علمتك شيئاً ينفعك، فعاوده فصرعه، فقال: هات علمني، قال: هل تقرأ آية

ص: 39

الكرسي؟. قال: نعم، قال: فإنك لا تقرؤها في بيت، إلا خرج منه

الشيطان، ثم لا يدخله حتى يصبح، فقال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن

مَنْ ذاك الرجلُ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، هو عمر رضي الله عنه؟.

فقال: من يكون هو إلا عمر؟!.

ورواه أبو عبيد في "الغريب"، فقال في حديث عمر بن الخطاب رضي

الله عنه: إن رجلاً من الجن لقيه فقال: هل لك أن تصارعني، فإن صرعتَني

علَّمْتُك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان؟.

فصارعه فصرعه عمر رضي الله عنه فذكر نحوه - وقال: تقرأ آية

الكرسي، فإنه لا يقرؤها أحد إذا دخل بيته، إلا خرج الشيطان وله خَبَج

كخبج الحمار.

ثم رواه عن ابن مسعود رضي الله عنه خرج رجل من الإِنس فلقيه

رجل من الجن، فذكر الحديث، قال: فقيل لعبد الله: أهو عمر رضي الله

عنه) ؟. فقال: وما عسى أن يكون إلا عمر.

وقال: "ضئيلا شخيتا" هما جميعاً: النحيف الجسم الدقيق.

والضليع: العظيم الخلق.

والخبج: الضراط. وهو الحَبَجُ أيضاً بالحاء، يعني المهملة. وله أسماء سوى

هذين كثيرة.

وعند مسلم وأبي داود وأبي عبيد، من حديث أبَي بن كعب رضي الله

عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟. قال: قلت: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) .

ص: 40

قال: فضرب في صدري وقال: لِيُهِنَكَ العلمُ أبَا المنذِر.

ورواه عبد الرزاق في جامعه، وأحمد - قال الهيثمي: ورجاله رجال

الصحيح - وعبد بن حميد، ومسدد، وابن أبي شيبة في كتابه، وزادوا:

والذي نفسي بيده إن لهذه الآية لَلِساناً وشفتين، تُقَدِّس المَلِكَ عند ساق

العرش.

وسيأتي الكلام على سر هذا الحديث قريباً.

ولأبي داود عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في صُفَة المهاجرين، فسأل إنسانٌ: أي آية في القرآن أعظم؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) .

ورواه الطبراني في الكبير، عن الأسقع البكري والد واثلة بلفظه، إلا

أنه قال: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) .

حتى انقضت.

ص: 41

ورواه إسحاق بن راهويه بإسناد فيه مجهول، عن أبي ذر رضي الله عنه

قال: قلت: يا رسول الله، فأيما أنزل عليك أعظمُ؟.

قال: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حتى تختم.

وعزاه ابن رجب إلى الِإمام أحمد، والنَّسائي، وابن حبان في صحيحه.

ورواه أبو الحسن الخِلَعي في الجزء الثالث عشر من فوائده، عن أبي ذر

رضي الله عنه في حديث طويل، قال: قلت: فأي شيء أعظم مما أنزل الله

عليك؟.

قال: آية الكرسي، يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي، إلا

كحَلَقَةُ مُلقاة في فَلاة من الأرض، وفضلُ العرش على الكرسي كفضل تلك

الفلاة على الحلقة.

قلت: فبأبي أنت وأمي، فكم الأنبياء؟.

قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً.

قلت: فكم الرسل من ذلك؟.

قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، جما غَفِيراً.

قلت: فمن كان أولُهم؟. قال: آدم، قلت: آدم نبي مرسل؟.

قال: نعم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم سواه قبلا.

يا ذر أربعة سريانيون: آدم، وشيث، وجنوح وهو إدريس، وهو أول

من خط بالقلم، ونوح. وأربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب،

ص: 42

ونبيكم.. - يعني: وإبراهيم من كوثا - وسائرهم من بني إسرائيل.

على الكل أفضل الصلاة والسلام.

فأول الأنبياء: آدم، وآخرهم: أنا، وأول أنبياء بني إسرائيل: موسى

وآخرهم: عيسى عليه السلام.

قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله "فكم كتابا أنزله الله؟.

قال: أنزل الله مائة كتاب وأربعة كتب.

أنزل الله على شيث بن آدم عليهما السلام خمسين صحيفة، وأنزل الله على جنوخ وهو إدريس عليه السلام ثلائين

صحيفة، وأنزل الله على إبراهيم عليه السلام عشر صحائف، وأنزل الله على موسى عليه السلام من قبل التوراة عشر صحائف، وأنزل التوراة والِإنجيل، والزبور والفرقان.

وقوله: "كحلقة ملقاة في فلاة"، يدل على أن السماوات كُرَيَّة متداخِلة.

وعند الحاكم - وقال: صحيح الِإسناد - من طريق حكيم بن جبير، عن

أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سورة

ص: 43

البقرة فيها آية، هي سيدة آي القرآن، لا تقرأ في بيت وفيه شيطان.

إِلا خرج منه، آية الكرسي.

وللقاضي أبي عبد الله المحاملي في الخامس عشر من فوائده، عن

عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله عَلمْني شيئاً

ينفعني الله به، قال: اقرأ آية الكرسي، فإنه يحفظك وذريتك ويحفظ دارك.

حتى الدويرات حول دارك.

وروى الدينوري في الجزء الحادي والعشرين من المُجالسة، عن الحسن

رحمه الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِن جبريل عليه السلام أتاني فقال: إن عفريتاً من الجن يكيدك، فإذا أويت إِلى فراشك، فقل:(الله اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حتى تختم آية الكرسي.

ولأبي عبيد عن أبي أمامة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، أنه

قال: ما أرى رجلاً ولدَ في الِإسلام، أو أدرك عقلُه في الِإسلام، يبيت

أبداً، حتى يقرأ هذه الآية (الله اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ، الآية، ولم

تعلموا ما هي، إِنما أعطيها نَبِيكم صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش، ولم يعطها أحد قبل نبيكم وما بت ليلة قط حتى أقرؤها ثلاث مرات، أقرؤها في الركعتين بعد العشاء الآخرة، وفي وِتْرِي، وحين آخذ مضجعي من فِراشي.

والسر - والله أعلم - في طردها الشيطان في جميع الأوقات: أن المقصود

ص: 44

منها - كما بينتُه في نظم الدرر -: الدلالة على مضمون الآية التي قبلها، من تمام القدرة المستلزم للوحدانية، المستلزمة للإِحاطة بجميع صفات الكمال، مع التصريح بتلك الصفات الثبوتية والسلبية، كلها أو جلها، وذكر الاسم الأعظم، وما يدل عليه فيها عشرين مرة.

فلا جرم أن - من قرأها، فتَنَسمَتْ أنفاسه من تلك القدرة، ضربت على

بيته من سرادقات العظمة، فطردت عنه وعمن شاء الله من جيرانه الشيطان.

وأعْلَتْهُ عن حضيض الآفات، إلى حضرات الرحمن.

وعلى هذا المقصود دلت تسميتها بالكرسي، لأنه على قدر مملكة المَلِك.

تكون قدرته، وعلى حسب قدرته، يكون علوه وعظمته.

وما تقدم من كونها تُقَدِّسُ، مؤيِّدُ لما ذكرت من مقصودها، فإن النطق

آية تمام القدرة، ولما كانت نسبتها بذلك من سائر آيات القرآن، مثل نسبة

الِإنسان من جميع الحيوان، بُيِّنَتْ أبهي البيان، انتظم قوله تعالى:(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) .

وروينا في "سباعيات " الصيدلاني ومسند الإِمام أحمد، عن أنس رضي

الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سال رجلاً من أصحابه: معك آية الكرسي؟.

قال: نعم. قال: ربع القرآن.

ص: 45

وكذا قال في الكافرون والنصر.

وسبب كون هذه الآية ربعاً، لا ثلثاً كالإِخلاص: أنها - وإن أثبتت

الإلهية - لم يُصرح فيها بالصمدية، ولا بنفي الولد والمكافىء، فهي بسورة

"الكافرون " أشبه من حيث إنها داعية إلى الإقبال على صاحب تلك الأوصاف دون غيره.

وسيأتي لهذا في "الكافرون " تتمة.

وعند النسائي والطبراني باسانيدَ، أحدها صحيح - قال المنذري:

وقال شيخنا أبو الحسن: على شرط البخاري - وابنُ حبان في "كتاب

الصلاة" وصححه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ آية الكرسي دُبَر كل صلاة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت.

وزاد الطبراني في بعض طرقه: وقل هو الله أحد.

قال المنذري: وإسناده بهذه الزيادة جيد أيضا

ص: 46

وعند الطبراني بإسناد حسن، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، أن

النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ آية الكرسي دبر الصلاة المكتوبة، كان في ذِمَّة الله إلى الصلاة الأخرى.

ولصاحب الفردوس عن أنس، وأبي أمامة رضي الله عنهما، أن

النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة، قال أنس: كان له مثل أجر نبي.

وقال أبو أمامة: كان الرب يتولى قبض روحه بيده، وكان بمنزلة من

قاتل عن أنبياء الله حتى يستشهد.

ص: 47