المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأدل ما فيها على هذا المعنى: أمر النحل، لما ذكر - مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور - جـ ٢

[برهان الدين البقاعي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌عدد آياتها

- ‌ما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌فضل آية الكرسي

- ‌فضل خواتيم سوره البقرة

- ‌اشتمال سورة البقرة على آخر ما نزل من القرآن

- ‌سورة آل عمران

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النساء

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة المائدة

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأنعام

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصود السورة

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأعراف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأنفال

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة براءة

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة يونس

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة هود

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة يوسف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل منها

- ‌مقصودها

- ‌فضلها

- ‌سورة الرعد

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة إبراهيم

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌ما ورد في شأنها

- ‌سورة الحجر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النحل

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الإسراء

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الكهف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة مريم

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة طه

- ‌عدد آياتها

- ‌ما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأنبياء

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الحج

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة المؤمنون

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة منها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النور

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الفرقان

- ‌مقصودها

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الشعراء

- ‌عدد آياتا وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة النمل

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة القصص

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة العنكبوت

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الروم

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة لقمان

- ‌عدد آياتا وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة السجدة

- ‌عدد آياها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأحزاب

- ‌مقصودها

- ‌فضلها

- ‌سورة سبأ

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة فاطر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفاصلة فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة يس

- ‌عدد آياتها وما يشيه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الصافات

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة ص

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الزمر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة غافر

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة فصلت

- ‌فضائلها

- ‌سورة حم عسق

- ‌عدد آياتها وفواصلها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الزخرف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الدخان

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الجاثية

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الأحقاف

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة محمد

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

- ‌سورة الفتح

- ‌عدد آياتها وما يشبه الفواصل فيها

- ‌مقصودها

- ‌فضائلها

الفصل: وأدل ما فيها على هذا المعنى: أمر النحل، لما ذكر

وأدل ما فيها على هذا المعنى: أمر النحل، لما ذكر من شأنها في دقة

الفهم، في ترتيب بيوتها على شكل التسديس، ترتيباً لا يصل إليه أكابر

المهندسين، إلا بعد تكامل كبير، وقانون يقيسون به ذلك التقدير وذلك على

وجه هو أنفع الوجوه لها، وفي رعيها، وسائر أمرها، من اختلاف ألوان ما

يخرج منها، من أعسالها وشموعها، وجعل الشمع نوراً وضياء، والعسل بركة وشفاء، مع أكلها من كل الثمار، النافع منها والضار، وغير ذلك من

الأسرار.

ووسمها بالنعم واضح في ذلك، والله أعلم.

‌فضائلها

وأما فضائلها: فروى مسلم وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي،

ص: 214

وابن جرير، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كنت في المسجد، فدخل رجل فصلى، فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة

صاحبه: فلما قضينا الصلاة، دخلنا جميعاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، فدخل آخر فقرأ - وفي رواية: ثم قرأ هذا سوى قراءة صاحبه - فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأا، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما -

وفي رواية: فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: قد أصبتم وأحسنتم - فسقط في نفسي من التكذيب، ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري، ففضت - وفي رواية: فارفضضت - عرقا فكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرق، فقال لي: يا أبي إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن يهون على أمتي، فرد إلي الثانية أن أقرأه على حرفين، فزددت إليه أن هون على أمتي، فرد إليَّ في الثالثة أن أقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردّة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليَّ الناس -

وفي رواية: الخلق كلهم - حتى إبراهيم عليه السلام.

ص: 215

وفي رواية لابن جرير عن أبي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعيذك بالله من الشك والتكذيب، وقال: إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فقال: اقرأه على حرفين، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف، من سبعة أبواب من الجنة، كلها شاف كاف.

وللنسائي رضي الله عنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة، فبينا أنا في المسجد جالس، إذ سمعت رجلاً يقرؤها بخلاف قراءتي، فقلت له: من علمك هذه السورة؟

فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لا تفارقني حتى نأتي

رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت فقلت: يا رسول الله، إن هذا خالف قراءتي في السورة التي علمتني يا رسول الله - فقال صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا أبي، فقرأتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنت، ثم قال للرجل: اقرأ فقرأ فخالف قراءتي، فقال له رسول

الله صلى الله عليه وسلم: أحسنت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبي إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها كاف شاف.

وفي (رواية) أخرى له: ما حاك في صدري منذ أسلمت، إلا أني

قرأت آية وقرأها آخر غير قراءتي، فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الأخر: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أقرأتني

آية كذا وكذا؟. قال: نعم، وقال الآخر: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟.

ص: 216

قال: نعم قال: إن جبريل وميكائيل عليهما السلام أتياني، فقعد جبريل عليه

السلام عن يميني، وميكائيل عليه السلام عن يساري، فقال جبريل: اقرأ

القرآن على حرف، وقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف فكل حرف شاف كاف.

وروى أبو عبيد هذه الرواية عن أبي رضي الله عنه.

وروى عقبها عن سليمان بن صرد عن أبي بن كعب رضي الله عنهما

أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجلين قد اختلفا في القراءة، ثم ذكر مثل ذلك.

وأخرجه المحاملي في الجزء السادس عشر من أماليه الأصبهانيات.

ولفظه (فقال) : يا أبي إن الملكين أتياني، فقال أحدهما: اقرأ القرآن على

حرف، وقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأه على حرفين، فقال

الآخر: زده، قلت، زدني، قال: اقرأ على ثلاثة أحرف، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأ على أربعة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال: اقرأ على أربعة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال: حتى انتهى إلى سبعة أحرف، فقال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف.

ورواه النسائي في سننه، وعبد بن حميد في مسنده،

ص: 217

ولفظه: قالَ: قرأ رجل آية، وقرأتها على غير قراءته، فقلت: من أقرأك هذا؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت به إلى النبي فقلت: يا رسول الله أقرأتني آية كذا وكذا؟ فقال: نعم، فقال الرجل: أقرأتني آية كذا وكذا؟ ، فقال: نعم، فقال: إن جبريل وميكائيل عليهما السلام أتياني، فجلس جبريل عن يميني، وميكائيل عن يساري، فقال جبريل: يا محمد اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقلت: زدني، فقال: اقرأه على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، فقلت: زدني، فقال: اقرأه على ثلاثة، فقال ميكائيل: استزده، فقلت: زدني كذلك حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأه على سبعة أحرف، كلٌ شاف كاف.

ورواه أحمد بن منيع في مسنده عن سليمان بن صرد وهو الخزاعي

رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اقرأ القرآن على سبعة أحرف، كل شاف كاف.

وفي رواية له عن سليمان - أيضاً رضي الله عنه قال: أتى أبي بن

كعب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم برجلين قد اختلفا في القرآن فاستقرأهما فاختلفا، فقال لكل واحد منهما: أحسنت، فقال: إني أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف.

قال شيخنا البوصيري: ورواه النسائي أيضاً، ورواه أبو داود في

سننه من طريق سليمان عن أبي رضي الله عنهما، فجعله من مسند أبي

رضي الله عنه.

ص: 218

ورواه الطبراني عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: أتى محمداً صلى الله عليه وسلم الملكان، فقال أحدهما: اقرأ القرآن على حرف فقال الآخر: زده، فلم يزل يستزيده، حتى قال: اقرأ القرآن على سبعة أحرف.

وفي رواية عنده، عن سليمان رضي الله عنه يرفعه، قال: أتاني ملكان

فقال أحدهما: اقرأ، قال الآخر: على كم، قال: على حرف قال: زده، حتى انتهى إلى سبعة أحرف.

وروى ابن جرير عن أنس بن مالك، عن عبادة بن الصامت، عن أبي

بن كعب رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف.

وروى ابن جرير أيضاً عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب رضي

الله عنهما قال: رحت إلى المسجد، فسمعت رجلًا يقرأ، فقلت: من أقرأك؟.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: استقرىء هذا، قال: فقرأ، فقال: أحسنت قال: فقلت: فإنك أقرأتني كذا وكذا.

فقال: وأنت قد أحسنت، قال: فقلت: قد أحسنت، قد أحسنت؟ ، قال: فضرب بيده على صدري، ثم قال: اللهم أذهب عن أبي الشك.

قال: ففضت عرقاً، وامتلأ جوفه فرقاً ثم قال: إن الملكين أتياني، فقال أحدهما: اقرأ القرآن على حرف وقال الآخر: زده، قال: قلت: زدني، قال: اقرأه على حرفين، حتى بلغ سبعة أحرف.

ورواه البيهقي في السنن الكبرى عن سليمان، عن أبي رضي الله عنهما

قال: قرأت آية، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه خلافها، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟.

قال: بلى، قال ابن مسعود رضي الله عنه -

ص: 219

ألم تقرئنيها كذلك؟.

قال: بلى.

قال: كلاكما محسن، قلت: ما كلانا أحسن ولا أجمل.

قال: فضرب صدري وقال: يا أبيّ إني أقرئت القرآن.

فقيل لي: على حرف، أم على حرفين؟.

فقال: الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين.

فقيل لي: على حرفين أم ثلاثة؟.

فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف، قال: ليس فيها إلا شاف كاف، قلت: غفور رحيم عليم حكيم، نحو هذا، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو رحمة بعذاب.

ولابن جرير عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن أبيّ بن كعب

رضي الله عنه قال: ما حاك في صدري منذ أسلمت، إلا أني قرأت آية

فقرأها رجل غير قراءتي، فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الرجل: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أليس أقرأتني آية

كذا وكذا؟ ، قال: بلى، قال الرجل: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟.

قال: بلى، إن جبريل وميكائيل عليهما السلام أتياني، فقعد جبريل عن يميني، وميكائيل عن يساري فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، وقال ميكائيل: استزده، قال جبريل: اقرأ القرآن على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف وكل شاف كاف.

وفي رواية: حتى بلغ ستة أحرف، قال: اقرأه على سبعة أحرف كل

كاف شاف.

وروى أبو عبيد في الفضائل، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه،

ص: 220

أنه قال: ليس الخطأ أن تدخل بعض السورة في الأخرى، ولا أن تختم الآية

بحكيم عليم، أو عليم حكيم، أو غفور رحيم، ولكن الخطأ أن تجعل فيه ما

ليس منه، أو أن تختم آية رحمة بآية عذاب، أوآية عذاب بآية رحمة.

وقال أبو عبيد في معنى ذلك ما حاصله: أنه إذا أبدل شيئاً من ذلك

غلطاً، أو سبق لسان، أو نحو ذلك، لم يخرج عن كونه شافياً كافياً، فإن

الكل صفات الله، ومعاني نحو هذا يقارب بعضه بعضاً، فلا يعنف على هذا

الإبدال، ولا يقال له: أخطات، بل يقال له: التلاوة كذا وكذا بخلاف ما

إذا ختم آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب برحمة، فإنه غيّر المعنى فحينئذ يطلق

عليه الخطأ.

وليس المراد بالحديث والأثر: أنه يجوز له أن يتعمد إبدال ذلك والله

أعلم.

وهذه السورة التي وقع لأبيّ الخلاف فيها مع صاحبيه رضي الله عنهم

هي سورة النحل.

روى الِإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في أول تفسيره عن أبي

رضي الله عنه قال: دخلت المسجد فصليت، فقرأت النحل، ثم جاء رجل

آخر فقرأها على غير قراءتي، ثم دخل رجل آخر، فقرأ بخلاف قراءتنا.

فدخل في نفسي من الشك والتكذيب أشد مما كان في الجاهلية، فأخذت

بأيديهما، فأتيت بهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله استقرىء هذين، فقرأ أحدهما، فقال: أصبت، ثم استقرأ الآخر، فقال: أحسنت، فدخل قلبي أشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري فقال: أعاذك الله من الشك وخسأ عنك الشيطان، ففضت عرقاً.

فقال: أتاني جبريل عليه السلام فقال: اقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: إن أمتي لا تستطيع ذلك حتى قال سبع مرات، فقال: اقرأ على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتها مسألة.

ص: 221

وفي رواية: سمعت رجلًا يقرأ في سورة النحل قراءة تخالف قراءتي ثم

سمعت آخر يقرؤها يخالف ذلك، فانطلقت بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذين يقرأان في سورة النحل، فسألتهما من أقرأهما؟ فقالا: رسول "الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لأذهبن بكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خالفتما ما أقرأني

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحدهما: اقرأ، فقرأ فقال: أحسنت، ثم قال للآخر: اقرأ فقرأ، فقال: أحسنت، فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان حتى احمر وجهي، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي، فضرب بيده في

صدري، ثم قال: اللهم اخسأ الشيطان عنه، يا أبي أتاني آت من ربي

فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي، ثم أتاني الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي، ثم أتاني الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد مثله، ثم أتاني الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة، فقلت: يا رب اغفر لأمتي، رب اغفر لأمتىِ، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة.

وفي رواية عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن رجلين اختصما في آية من

القرآن، وكلّ يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه، فتقارأا إلى أبي رضي الله عنه، فخالفهما أبي رضي الله عنهم، فتقارأوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله اختلفنا في آية من القرآن، وكلنا يزعم أنك أقرأته، فقال لأحدهما: اقرأ، فقرأ، فقال: أصبت، وقال للآخر: اقرأ فقرأ خلاف ما قرأ صاحبه، فقال: أصبت، وقال لأبي: اقرأ، فقرأ فخالفهما، فقال: أصبت، قال أبي: فدخلني من الشك في أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل بي من أمر الجاهلية، قال: فعرف رسول

الله صلى الله عليه وسلم الذي في وجهي، فرفع يده فضرب صدري، وقال: استعذ بالله من الشيطان الرجيم، قال: ففضت عرقا، وكأني أنظر إلى الله فرقاً،

ص: 222

وقال: إنه أتاني آت عن ربي وقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي، قال: ثم جاء فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي.

قال: ثم جاء الثالثة فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي، قال: ثم جاء في الرابعة فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة قال: قلت: رب اغفر لأمتي، رب اغفر لأمتي، واختبات الثالثة شفاعة لأمتي، حتى إن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ليرغب فيها.

وفي رواية: اقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة.

وفي رواية: من قرأ منها حرفاً، فهو كما قرأ.

قال أبو عبيد في كتاب الفضائل، بعد إيراد طرق حديث السبعة

الأحرف: قد تواترت هذه الأحاديث كلها على الأحرف السبعة، إلا حديثاً

واحداً يروي عن سمرة رضي الله عنه، ثم أسند ما تقدم عنه في الفضائل

العامة وقال: ولا نرى المحفوظ إلا السبعة، لأنها المشهورة، وقد بينت فيما

مضى: أنه لا معارضة.

وسيأتي الالتفات إلى هذا الحديث بالتفات بديع في سورة "لم يكن" إن

شاء الله تعالى، وبيان أنه بسبب ما تضمنه هذا الحديث قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أبي رضي الله عنه، فيا لها من كرامة ما أجلها وأعلى قدرها ومحلها.

ويأتي في سورة الفرقان حديث عمر رضي الله عنه في السبعة الأحرف.

ص: 223

وقال النووي في التبيان: عن عمر رضي الله عنه، أنه قرأ يوم الجمعة

على المنبر سورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد، وسجد الناس.

حتى إذا كانت الجمعة الثانية قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها

الناس إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم

عليه، ولم يسجد عمر رضي الله عنه، رواه البخاري.

قال: وهذا الفعل والقول منه في هذا المجمع دليل ظاهر على: على أنه لا وجوب.

وقال ابن رجب: وقد روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه

قرأ في يوم عيد في خطبة العيد سورة البقرة، وكذلك عمر رضي الله عنه.

كان يكثر تلاوة القرآن على المنبر، وربما قرأ سورة النحل ثم نزل فسجد.

وروى الإِمام أحمد والطبراني بسند فيه شهر - قال الهيثمي: وثقة

أحمد وجماعة، وفيه ضعف لا يضر، وبقية رجاله ثقات - عن ابن عباس

رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء بيته جالس، إذ مر به عثمان بن مظعون، فَكَشَرَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَلَا تَجْلِسُ قَالَ بَلَى قَالَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَقْبِلَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ شَخَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ سَاعَةً إِلَى السَّمَاءِ فَأَخَذَ يَضَعُ بَصَرَهُ حَتَّى

ص: 224

وَضَعَهُ عَلَى يَمِينِهِ فِي الْأَرْضِ فَتَحَرَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ جَلِيسِهِ عُثْمَانَ إِلَى حَيْثُ وَضَعَ بَصَرَهُ وَأَخَذَ يُنْغِضُ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ يَسْتَفْقِهُ مَا يُقَالُ لَهُ وَابْنُ مَظْعُونٍ يَنْظُرُ فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ وَاسْتَفْقَهَ مَا يُقَالُ لَهُ شَخَصَ بَصَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاءِ كَمَا شَخَصَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى فِي السَّمَاءِ فَأَقْبَلَ إِلَى عُثْمَانَ بِجِلْسَتِهِ الْأُولَى قَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ كُنْتُ أُجَالِسُكَ وَآتِيكَ مَا رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ كَفِعْلِكَ الْغَدَاةَ قَالَ وَمَا رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ قَالَ رَأَيْتُكَ تَشْخَصُ بِبَصَرِكَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعْتَهُ حَيْثُ وَضَعْتَهُ عَلَى يَمِينِكَ فَتَحَرَّفْتَ إِلَيْهِ وَتَرَكْتَنِي فَأَخَذْتَ تُنْغِضُ رَأْسَكَ كَأَنَّكَ تَسْتَفْقِهُ شَيْئًا يُقَالُ لَكَ قَالَ وَفَطِنْتَ لِذَاكَ قَالَ عُثْمَانُ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ آنِفًا وَأَنْتَ جَالِسٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا قَالَ لَكَ قَالَ

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .

قال عثمان: فذلك حين استقر الإيمان في قلبي، وأحببت

محمداً صلى الله عليه وسلم.

وروى أحمد باسناد - قال الهيثمي: حسن - عن عثمان بن أبي

العاضي رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً إذ شخص ببصره، ثم صوبه، حتى كاد أن يلزقه بالأرض، قال: وشخص ببصره

ص: 225

قال: أتاني جبريل عليه السلام، فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الوضع من هذه السورة، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) .

وللطبراني في حديث طويل، وفي مسنده - كما قال الهيثمي - عاصم

ابن بهدلة، وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، عن أبي

الضحى قال: اجتمع مسروق وشتير بن شكل في المسجد، فقال مسروق.

هل سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: أن أجمع آية في القرآن:

حلال وحرام، وأمر ونهي، ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) إلى آخر

الآية؟.

قال: نعم. قال: وأنا قد سمعته.

ورواه أبو عبيد في الفضائل، من طريق أخرى، عن الشعبي قال:

التقى مسروق بن الأجدع وشتير بن شكل، فذكره.

وذكر الحافظ زين الدين بن رجب، عن الحسن، أنه قرأ هذه الآية

((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) ثم وقف فقال: إن الله جمع لكم الخير

ص: 226

كله، والشر كله، في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والاحسان شيئاً من

طاعة الله إلا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا

جمعه.

وروى ابن رجب من طريق أبي مسعود الجريري، حدثني شيخ في

مسجد الأشياخ، كان يحدثنا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينا نحن

حول مريض لنا، إذ هدأ وسكن، حتى ما يتحرك منه عرق، فسجيناه

وأغمضناه، وأرسلنا إلى ثيابه وصدره وسريره، فلما ذهبنا لنحمله لنغسله.

تحرك، فقلنا: سبحان الله، سبحان الله، ما كنا نراك إلا قد مت، قال: فإني قد مت وذهب بي إلى قبري، فإذا إنسان حسن الوجه، طيب الريح، قد وضعني في لحدي، وطواه بالقراطيس، إذ جاءت إنسانة سوداء منتنة الريح، فقالت: هذا صاحب كذا، وهذا صاحب كذا، أشياء استحي من ذكرها، كأنما أقلعت عنها ساعتئذ، قال: قلت: أنشدك الله أن تدعني، وهذه قالت: انطلق يخاصمك، فانطلقت، فإذا دار فيحاء واسعة، فيها مصطبة كأنها من فضة، وفي ناحية منها مسجد، ورجل قائم يصلي، فقرأ سورة النحل، فتردد في مكان منها، ففتحت عليه فانفتل، فقال: السورة معك؟. فقلت: نعم، فقال: أما إنها سورة النعم، ورفع وسادة قريبة منه، فأخرج صحيفة فنظر فيها، فبادرته السوداء، فقال: فعل كذا، وفعل كذا قال: وجعل الحسن الوجه يقول: وفعل كذا، وفعل كذا، يذكر محاسني، قال: فقال الرجل: عبد ظالم لنفسه، ولكن الله عز وجل تجاوز عنه، لم يجيء أجل هذا بعد أجل هذا يوم الإثنين، فقال لهم: انظروا، فإن أنا مت يوم الإثنين فأرجو إلى ما رأيت، وإن لم أمت يوم الإثنين، فإنما هو هذيان الوجع، فلما كان يوم الإثنين صح، حتى بعد العصر، ثم أتاه أجله فمات.

ص: 227