الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضائلها
وأما فضائلها: فروى مسلم وأبو داود، والنَّسائي، والترمذي
وأحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن منيع، والحارث بن أبي
أسامة، والطبراني، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ - وفي رواية: من حفظ - عشر آيات من أول - وفي رواية: من آخر - سورة الكهف، عصم من الدجال.
وفي رواية: من فتنة الدجال.
وفي رواية للترمذي: من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الكهف.
ورواه النسائي في "اليوم والليلة" عن ثوبان رضي الله عنه. ولفظه:
من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من الدجال.
ولمسلم وأبي داود، عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، أن
النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال - إلى أن قال -: فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف.
زاد أبو داود: فإنها جواركم من فتنته.
وروى النسائي في السنن، والبيهقي في الدعوات وغيره مرفوعاً.
والحاكم موقوفاً ومرفوعاً وقال: صحيح الإسناد، والدارمي في مسنده.
وسعيد بن منصور في سننه، كلاهما موقوفاً فقط، عن أبي سعيد رضي الله
عنه: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين
الجمعتين.
ولفظ الدارمي: من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة، أضاء له من النور
ما بينه وبين البيت العتيق.
ومثله لا يقال من قبل الرأي، فهو مرفوع على كل حال.
قال المنذري: وفي أسانيدهم كلها - إلا الحاكم - أبو هاشم يحيى بن
دينار الرماني، والأكثرون على توثيقه، وبقية الإسناد ثقات، وفي إسناد
الحاكم الذي صححه نعيم بن حماد.
ثم قال في فصل الرواة في آخر الكتاب: قال النسائي: ضعيف، وابن
معين: صدودق، وأنا أعرف الناس به، كان رفيقي في البصرة، كتب عن
روح بن عبادة خمسين ألف حديث.
ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
والطبراني في الأوسط في ترجمة أحمد بن محمد بن صدقة، مرفوعاً إلى
النبي صلى الله عليه وسلم.
ولفظ النسائي والحاكم: من قرأ الكهف كما أنزلت، كانت له نوراً يوم
القيامة من مقامة إلى مكة، ومن قرأ عشر آيات من آخرها، ثم خرج
الدجال، لم يسلط عليه.
ورواه الطبراني لى الأوسط، في حديث طويل - قال الهيثمي: ورجاله
رجال الصحيح - بلفظ: من قرأ سورة الكهف، كانت له نوراً يوم القيامة
من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آيات من آخرها، ثم خرج الدجال، لم
يضره.
ورواه عبد الرزاق في جامعه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
موقوفاً عليه -، قال: من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، ثم أدرك الدجال لم يسلط عليه - أو لم يكن عليه سبيل - ومن قرأ خاتمة سورة الكهف، أضاء
نوره من حيث قرأها ما بينه وبين مكة.
وفي الفردوس عن البراء، وابن عباس، رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ عشر آيات من الكهف، ملئ من قرنه إلى قدمه إيماناً، ومن قرأها في ليلة جمعة، كانت له نوراً، فإن خرج الدجال لم يتبعه.
وفيه أيضاً: عن ابن عباس، وأبي هريرة، رضي الله عنهم، أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة، أعطى نوراً كما بين صنعاء إلى بصري، ومن قرأها في يوم جمعة حفظ إلى الجمعة الأخرى وعوفي من الداء والدَّبيلة، وذات الجنب، والبرص والجذام، والجنون وفتنة الدجال.
ولابن مردويه في تفسيره بإسناد - قال المنذري: لا بأس به - عن ابن
عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء، يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين.
ولأحمد في المسند، والطبراني، بسند حسن، عن معاذ بن أنس الجهني
رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ أول سورة الكهف وآخرها، كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه، ومن قرأها كلها، كانت له نورا ما بين الأرض والسماء.
وعند البزار، وإسحاق بن راهويه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أنَ النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ في ليلة: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) .
كان له نور من عدن أبين إلى مكة، حشوه الملائكة.
قال المنذري: ورواته ثقات، إلا أن أبا قرة الأسدي لم يرو عنه -
فيما أعلم - غير النضر بن شميل.
ولأبي عبيد في الفضائل، والدارمي، كلاهما عن محمد بن كثير، عن
الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش رحمه الله، أنه قال:
من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من الليل، قامها -
وقال: قال عبدة: فجربناه فوجدناه كذلك.
وقال ابن كثير: وقد جربناه - أيضاً - في السرايا غير مرة، فأقوم في
الساعة التي أريد.
قال: وابتدىء من قوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) ، إلى آخرها.
وللشيخين، وأحمد، والترمذي، عن البراء رضي الله عنه قال: كان
رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشته
سحابة فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزلت للقرآن، وهذا الرجل هو أسيد بن الحضير، كما مضى في البقرة.
وقال الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير: وفي المختارة للحافظ
الضياء المقدسي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه مرفوعاً: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة، وإن خرج الدجال، عصم منه.
ولابن السنى عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رأى شيئاً فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم تضره
العين.
ورواه البيهقي في الدعوات، ولفظه: ما أنعم الله على عبد نعمة في
أهل ولا مال أو ولد، فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى فيه آفة دون الموت.
وبنحو هنذا اللفظ رواه الأستاذ أبو عثمان الصابوني في كتاب "المائتين"
وقال: وما أنعم الله على عبد نعمة من أهل، أو مال، أو ولد. . . الحديث.
(وقال) : هذا حديث غريب الإِسناد والمتن، ولا أعلم أني كتبته إلا
من هذا الوجه.
وشرح ما تقدم من أسرار كثير مما تضمنته هذه الأخبار:
أما تخصيصها بيوم الجمعة، فلتذكيرها بالبداية من خلق آدم عليه
السلام، والنهاية من قيام الساعة، الخاصين بيوم الجمعة، مع ما فيها
من لواحقهما من ذكر الجنتين وإن اختلف الحالان.
ومن ذكر قصة أصحاب الكهف بما فيها من الدلالة على البعث، ومن ضرب المثل للحياة الدنيا، ومن قصة الحشر، ومن قصة الحوت، وأمر ذي القرنين في السد وما يتبعه، وغير ذلك من نفخ الصور، وتلك التي تكون في البعث والنشور، وما ذكر في الجنان والنيران، من الثبور والحبور.
وأما ما ينشأ عنها من النور، ولكونها سورة الكتاب الهادي للصواب.
الموصوف بدوام الاستقامة، المانعة من الشك والارتياب، والزلزلة
والاضطراب وكذلك فعل النور بصاحبه، يوضح له الخفايا، ويفتح له
الخبايا، وكل باب.
وأما السكينة: فلما خص الله به أصحاب الكهف وموسى والخضر وذا
القرنين عليهم السلام، من الطمأنينة على الحق، والسكون على الخير.
والنصر على المبطلين، وفي كونها سورة الكتاب أعظم مشير إلى ذلك، وكاشف لسره.
ولهذا كان ما تقدم في فضائل البقرة، الواصفة للكتاب المذكور، فيها
آية السكينة الموروثة عن آل موسى وآل هارون، عليهم السلام: من دُنُوِّ
الملائكة والمصابيح المزهرة، لكونها سورة الكتاب المنير للألباب.
وأما عصمتها من الدجال: فلما فيها من التذكير بتنزيه الله تعالى عن
كل نقص، وماله من القدرة التامة، وكل كمال، وما اتفق من عصمة
أصحاب الكهف ممن ناوأهم والربط على قلوبهم مع ضعفهم، وكثرة المخالفين لهم.
والاكتفاء فيها بالعشر من أولها، لجمعه بين التنزيه والبعث، ولقاء الله
الذي لا يكون شيء منها إلا بعد الدجال، بل وبعد الموت.
وذكر قصة أهل الكهف إجمالاً، وبالعشر من آخرها، لجمعها للبعث
المذكور، والتنزيه والتوحيد، الذي وقع به الاختتام، المنافي للانقسام وقبول
الانقسام بوجه، فأعلم ببطلان أمر الدجال، إلى غير ذلك من الأسرار التي
تدق عن الأفكار.
وبالثلاث لتنبيهها على التفكر في الكتاب، الهادي إلى كل صواب ولا
سيما البشارة والنذارة، الموجبان للعدل، الحاملات على المتاب والعدول عن
كل ارتياب، ولإعلامها بالتوحيد بالبراءة من الولد، المستلزم قبوله للمجانسة
المستلزمة للقسمة، المستلزمة للحاجة، المبرهنة على إبطال أمر الدجال، إلى
غير ذلك من أمور لا تدخل تحت المقدور، وبدور لا تسع أنوارها الصدور.
كما تشير إليه قصة موسى مع الخضر عليهما السلام، والتسليم من أنه فوق
كل ذي علم عليم.