الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضائلها
وأما فضائلها: فروى أبو عبيد في الفضائل، عن شهر بن حوشب رحمه
الله قال: يرفع القرآن عن أهل الجنة، إلا طه ويس.
ولابن ماجة، والطبراني في الأوسط في ترجمة موسى بن سهل أبي عمران
الجوني، والحاكم، والمخلّص في التاسع من فوائده، عن أبي أمامة
رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، في سور ثلاث: في البقرة، وآل عمران، وطه.
قال القاسم: فالتمستها، أنه:(الحي القيوم) .
قال ابن رجب: قال هشام بن عمار: (هو الحي القيوم) .
وللطبراني في الأوسط - أيضاً - والدارمي في المسند، والبيهقي في
الأسماء والصفات، وابن خزيمة في كتاب التوحيد، عن أبي هريرة رضي الله
عنهْ فال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَ الله قرأ طه وشى، قبل أن يخلق آدم عليه السلام في رواية الدامي: قبل أن يخلق السماوات والأرض - بألف عام، فلما سمعت الملائكة القرآن، قالت: طوبي لأمة ينزل هذا عليها، وطوبي لأجواف تحمل هذا، وطوبي لألسن تتكلم بهذا.
قال شيخنا حافظ العصر ابن حجر: وقد زعم ابن حيان: أنه موضوع
وتبعه ابن الجوزي.
وقال الهيثمي: في سند الطبراني إبراهيم بن مهاجر بن مسمار ضعفه
البخاري بهذا الحديث، ووثقه ابن معين.
وقال الحافظ عماد الدين بن كثير: هذا غريب، وفيه نكارة، وإبراهيم
ابن مهاجر وشيخه تكلم فيهما.
ولأبي يعلى، عن معقل بن يسار، رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اعملوا بالقرآن، أحلوا حلاله، وحرموا حرامه، واقتدوا به ولا تكفروا بشيء منه، ما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله، وإلى أولى العلم من بعدي كما يخبروكم، وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور، وما أوتي النبيون من ربهم، وليسعكم القرآن، وما فيه من البيان، فإنه شافع مشفع، وماحل مصدق، وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأولى، وأعطيت طه، والطواسين والحواميم، من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش، وأعطيت المفصل نافلة.
وسيعاد هذا الحديث في الشعراء.
وأخرج الحاكم منه من قوله: وأعطيت طه، إلى آخره.
قال ابن رجب في كتابه الاستغناء بالقرآن، وقال: صحيح الإسناد.
وليس كما قال، عبد الله بن أبي حميد ضعيف جداً.
ورواه من طريق أخرى، أولها: أعطيت البقرة من الذكر الأول.
وأعطيت طه، إلى آخره.
قال: وأخرجه هشام بن عمار في كتاب "المبعث" له، ولفظه:
أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الإنجيل المئين، وأعطيت
مكان الزبور المثاني، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة تحت العرش لم
يعطها نبي قبلي، وأعطاني ربي المفصل نافلة.
وروى أبو عبيد في الفضائل عن ابن عوف قال: حدثني رجل من
أهل الكوفة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صلى ليلة، قال: فذكروا
ذاك فقال بعضهم: هذا مقام صاحبكم منذ الليلة يردد آية، حتى أصبح قال
ابن عوف: بلغني أن الآية (رب زدني علماً) .
وروى الطبراني في الكبير بسند - قال الهيثمي: فيه يحيى بن سعيد
العطار، وهو ضعيف - عن جرير رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) قال: قبل طلوع الشمس: صلاة الصبح، وقبل غروبها: صلاة العصر.
وللطبراني في الأوسط بسند - قال الهيثمي: رجاله ثقات - عن
عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله الضيف، أمرهم بالصلاة، ثم قرأ: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، الآية.
ومن أعظم فضائلها: أن قراءة أولها كان سبباً لإسلام عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، وهو الفاروق، الذي كان إسلامه فتحاً أيَّد الله به هذا الدين
ففرق به بين الحق والباطل، فعزّ به المسلمون، فرغب في الِإسلام بسبب
ذلك من وفقه الله له، وذلك هو عين مقصودها.
روى عبد بن حميد في مسنده، والبيهقي في دلائل النبوة، عن ابن عمر
رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَهُمَّ أعزَّ الدين - وقال البيهقي: الإِسلام - بأحب هذين الرجلين إليك: أبو جهل ابن هشام، أو عمر بن الخطاب - وقال عبد: بعمر بن الخطاب، أو بأبي جهل بن هشام - قال: فكان - يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحبهما إلى الله تعالى.
وقال عبد: فكان أحبهما إليه عمر رضي الله عنه.
وروى البيهقي - أيضاً - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج
عمر رضي الله عنه متقلداً السيف، فلقيه رجل من بني زهرة، فقال له:
أين تعمد يا عمر؟. قال: أريد أن أقتل محمداً، قال: وكيف تأمن في بني
هاشم وبني زهرة، وقد قتلت محمداً؟.
قال: فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي
أنت عليه؟.
قال: أفلا أدلك على العجب؟. إن ختنك وأختك قد صبوا
وتركا دينك الذي أنت عليه.
قال: فمشى عمر زامراً - يعني غضبان - حتى أتاهما، وعندهما رجل من
المهاجرين يقال له: خباب، فلما سمع خباب رضي الله عنه بحس عمر
توارى في البيت، فدخل عليهما فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها
عندكم؟.
قال: وكانوا يقرأون "طه"، فقالا: كان حديثاً تحدثناه بيننا.
قال: فلعلكما قد صبوتما؟.
فقال له ختنه: يا عمر إن كان الحق في غير دينك.
قال: فوثب عمر على ختنه - وفي رواية: زوج أخته - سعيد بن زيد ابن
عمرو بن نفيل، فوطئه وطئاً شديداً.
قال فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها، فنفحها نفحة بيده، فدمى
وجهها فقالت - وهي غضبانة -: وإن كان الحق في غير دينك، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
فقال عمر: أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه.
قال: وكان عمر يقرأ الكتاب، فقالت له أخته: إنك رجس، وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، أو توضأ.
قال: فقام عمر فتوضأ، وأخذ الكتاب، فقرأ طه، حتى انتهى إلى:
(لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) .
قال: فقال عمر: دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر رضي
الله عنهما، خرج من البيت وقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة
رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس: "اللهم أعز الإِسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام ".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا.
قال: فانطلق عمر، حتى أتى للدار، وعلى باب الدار حمزة وطلحة
رضي الله عنهما، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة، وجل القوم من عمر، فقال حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عمر، إن يرد اللهُ
بعمر خيراً يسلم، فيتبع النبي صلى الله عليه وسلم وإن يرد غير ذلك، يكن قتله علينا هيناً.
قال: والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر رضي الله عنه، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزى والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟.
فهذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الِإسلام - أو الدين - بعمر بن
الخطاب. فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله، وإنك عبد الله ورسوله.
وأسلم وقال: أخرج يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي، وقال في الحديث:
فقرأ طه، حتى إذا بلغ: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لنجزي كل نفس بما
تسعى - إلى قوله -: فتردى) وقرأ: (إذا الشمس كورت - حتى
بلغ -: علمت نفس ما أحضرت) ، فأسلم عند ذلك.
وروى البيهقي من طريق ابن إسحاق عن عبد العزيز بن عبد اللُه
بن عامر ابن ربيعة، عن أمه ليلى رضي الله عنها قالت: كان عمر بن
الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا، فلما تهيأنا للخروج إلى أرض
الحبشة جاءني عمر بن الخطاب وأنا على بعيري نريد أن نتوجه، فقال: أين
أم عبد الله؟. فقلت له: آذيتمونا في ديننا فنذهب إلى أرض الله حيث لا
نؤذي في عبادة الله، فقال: صحبكم الله، ثم ذهب، فجاء زوجي عامر
ابن ربيعة رضي الله عنه، فأخبرته بما رأيت من رقة عمر. فقال: ترجين
يسلم؟. فقلت: نعم. قال: فوالله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب وهذا
من شدته على المسلمين، ثم رزقه الله تعالى الِإسلام.
قال ابن إسحاق: والمسلمون يومئذ بضع وأربعون رجلاً، وإحدى
عشرة امرأة.
وروى هذا الحديث ابن هشام في تهذيب السيرة من طريق ابن إسحاق
وزاد فيه: أنه اغتسل، كما أمرته أخته.
وفيه: أنه لما قرأ الآيات من صدر طه قال: ما أحسن هذا الكلام
وأكرمه، فلما سمع ذلك خباب رضي الله عنه خرج إليه.
وفيه أشياء حسنة، وقد سقته مستوفى في "نظم الدرر" مع أشياء
حسنة.
وفيه: أنه أراد أن يعلم بإسلامه جميع قريش، فأتى أنقلهم للحديث
جميل بن معمرة فأخبره، فصرخ بأعلى صوته: أن ابن الخطاب صبأ؟
فقال عمر: كذب، ولكني أسلمت، فثاروا إليه، فما برح يقاتلهم حتى قامت الشمس على رؤوسهم وأعيا فقعد، وقال: أما والله لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا.
وروى البخاري، والبيهقي في الدلائل وهذا لفظه، عن ابن عمر
رضي الله عنهما قال: إني لعلي سطح، فرأيت الناس مجتمعين على رجل وهم
يقولون: صبأ عمر، صبأ عمر، فجاء العاص بن وائل، عليه قباء ديباج
فقال: إن كان عمر قد صبأ فمه أنا له جار، قال: فتفرق الناس عنه
فتعجبت من عزه.
وروى أبو عبيد القاسم بن سلام الجمحي في كتابي، فضائل القرآن.
وغريب الحديث عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر هو وأصحابه على إبل لحي يقال لهم: بنو الملوح، أو بنو المصطلق، وقد عبست أبوالها من السمن، فتقنع بثوبه، ثم قرأ هذه الآية - وفي رواية: قول الله تعالى -: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) إلى آخر الآية.
قال: ومعنى "عبست": أن تجف أبوالها وأبعارها على أفخاذها وذلك إنما
يكون من كثرة الشحم، فذلك العبس.