الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة النحل
وتسمي أيضاً سورة النعم.
(مكية) إلا ثلاث آيات وهي قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) إلى آخرها، فإنها نزلت بالمدينة حين هَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالتمثيل بقريش إن أظهره الله بهم، كما مثلوا بعمه حمزة رضي الله
حين قتلوه بأحد.
قال أبو عمرو الداني في كتاب العدد: هذا قول عطاء،
وقال ابن عباس رضي الله عنهما مثله، إلا أنه قال: نزلت بين مكة والمدينة منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد.
وما نزل بين مكة والمدينة، وكذا ما نزل بعد الهجرة، فهو مدني.
وقال الأصفهاني: وفي رواية أخرى عن ابن عباس: هي مكية إلا
ثلاث آيات نزلت بالمدينة، وهي قوله: (ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً -
إلى قوله -: يعلمون) .
وعن قتادة: هي مكية، إلا خمس آيات:(ولا تشتروا بعهد الله) .
الآيتين، ومن قوله؟ (وإن عاقبتم) إلى آخرها.
وعن ابن السائب: هي مكية، إلا خمس آيات، قوله: (والذين
هاجروا في الله من بعد ما ظلموا) ، (وإن عاقبتم) إلى آخرها.
(وعن مقاتل: مكية، إلا سبع آيات، قوله: (ثم إن ربك) .
الآيتن، وقوله:(مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ) الآيتين،
وقوله: (وإن عاقبتم) إلى آخرها.
وقال قتادة - قال الجعبري: وجابر بن زيد -: من أولها أربعون آية قال
الجعبري: إلى (والذين هاجروا في الله) مكي، ومن ثم إلى آخرها مدني.
قال الجعبري: فجوز الأمرين باعتبار الطرفين. انتهى.
وذكرابن عبد البر في الاستيعاب بغير إسناد، أن خالد بن عقبة جاء إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ عليَّ، فقرأ عليه:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) الآية.
فقال: أعد، فأعاد فقال: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر.
ورواه البيهقي في الشعب، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بسند
جيد، إلا أنه قال: الوليد بن المغيرة، بدل خالد بن عقبة.
وكذا ذكره ابن إسحاق في السيرة بنحوه.
ورواه البيهقي في الدلائل.
وفي بعض رواياته: أن الوليد قال لقريش - وقد أنكروا عليه اجتماعه
بالنبي صلى الله عليه وسلم، وسماعه لبعض ما جاء به - فقال: ما فيكم رجل أعلم بالشعر
مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذي
يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه
لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته.
وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الوليد قال قريش وقد
حضر الموسم: أن وفود العرب ستقدم عليكم، وقد سمعوا بأمر صاحبكم.
فأجمعوا فيه رأياً، ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضاً، فقالوا: فأنت يا أبا
عبد شمس فقل وأقم لنا فيه رأياً نقوم به، فقال: بل أنتم فقولوا
أسمع. فقالوا: نقول كاهن، قال: ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان، فما هو بمزمزمة الكاهن ولا سجعه، قالوا: نقول مجنون.
قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه، ولا تخالجه ولا وسوسته، قالوا: فنقول: شاعر، قال: ما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر: رجزه، وهزجه، وقريضه، ومقبوضه، ومبسوطه، فما هو بالشعر.
قالوا: فنقول: ساحر، قال: ما هو بساحر، قد رأينا السَّحار وسحرهم.
فما هو بنفثهم وعقدهم.
قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟.
قال: والله إن لقوله لحلاوة وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجني، فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف
إنه باطل، وإن أقرب القول فيه أن تقولوا: ساحر جاء بقول هو
سجع يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين
المرء وعشيرته.
ولقد كان هذا الذي ظنه الوليد عليه من الله ما يستحق، حتى لقد كان
كذبهم سبباً لِإسلام كثير من الصحابة رضي الله عنهم.
ومن ألطف ما في ذلك: ما رواه مسلم في الجمعة من صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ضماداً رضي الله عنه قدم مكة، وكان من أزد شنوءة، وكان يرقى من هذه الريح، فسمع سفهاء مكة يقولون: إن محمداً مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل، لعل الله يشفيه على يدي.
قال: فلقيه، فقال: يا محمد أني أرقى من هذه الريح، وإن الله يشفى على يديّ من شاء، فهل لك؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ومن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،