الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاء: (ضحى) ، فإن ألفها للتنوين.
مقصودها
ومقصودها: إعلام الداعي صلى الله عليه وسلم بإقبال المدعوين، والترفق إلى أن يكونوا أكثر الأمم زيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا المقصد الشريف دل اسمها المشهور بطريق الرمز والإِشارة
ليتبين أهل الفطنة والبصارة، وذلك كما في أولها من الحروف المقطعة لأنه لما
كان ختام سورة مريم عليها السلام حاملًا على الخوف العظيم، من أن تهلك
أمته صلى الله عليه وسلم قبل ظهور أمره الذي أمره الله به، وقبل اشتهار دعوته، لقلة من آمن منهم إذ ذاك، ابتدأه سبحانه بالطاء إشارة بمخرجها الذي هو من رأس اللسان وأصول الثنيتين العليين، إلى قوة أمره وانتشاره، وعلوه وكثرة أتباعه.
لأن هذا المخرج أكثر المخارج حروفاً، وأشدها حركة، وأوسعها
انتشاراً، وبما فيها من صفات الجهر والإطباق، والاستعلاء والقلقلة، إلى
انقلاب ما هو فيه من الأسرار جهراً، وما هو فيه من الرقة فخامة، لأنها من
حروف التفخيم، وأنه يستعلي أمره، وينشر ذكره، حتى يطبق جميع الوجود
ويقلقل سائر الأمم.
ولكن يكون ذلك مما تشير إليه الهاء، بمخرجها من أقصى الحلق، على
حد بعده من طرف اللسان، مع طول كبير، وتماد كثير، بما فيها من صفات
الهمس والرخاوة، والانفتاح، والاستفال، والخفاء، مع مخافته وضعف كبير، وهدوء وخفاء عظيم، ومقاساة شدائد كبار، مع نوع فخامة واشتهار وهو وإن
كان اشتهاراً يسيراً يغلب هذا الضعف كله وإن كان قوياً شديداً وقراءة الِإمالة للهاء تشير إلى شدة الضعف، وقراءة التفخيم - هي لأكثر القراء - مشيرة إلى فخامة القدر، وقوة الأمر، بما لها من الانفتاح، وإن رئي أنه ليس كذلك.
"لقد أمر أمره: إنه ليخافه ملك بني الأصفر".
وإن كان معنى الحرفين: يا رجل، فهو إشارة إلى قوته، وعلو قدره.
وفخامة ذكره، وانتشار أتباعه، وعموم أمره.
وإن كان إشارة إلى وطء الأرض فهو إلاحة إلى قوة التمكن، وعظيمِ
القدرة، وبعد الصيت، حتى تصير الأرض كلها ملكًا له ولأتباعه، وملكًا
لأمرائه وأشياعه، والله أعلم.
وذكر ابن الفرات في تاريخه: أن هجرة الحبشة كانت في السنة الثامنة
من المبعث.
فالظاهر - على ما يأتي في فضائلها من قصة إسلام عمر رضي الله
عنه -: أن نزول هذه السورة، أولها، كان قريب هجرة الحبشة، فيكون
سبحانه قد رمز له صلى الله عليه وسلم على ما هو ألذ في محادثة الأحباب، من صريح الخطاب، بعدد مسمى الطاء، إلى أن وهن الكفار الوهن الشديد، يقع في السنة التاسعة من نزولها، وذلك في غزوة بدر الموعد في سنة أربع من الهجرة، وبعدد اسمها إلى أن الفتح الأول يكون في السنة الحادية عشرة من نزولها، وذلك في عمرة الحديبية في ذي القعدة، سنة ست من الهجرة عند نزول سورة الفتح.
ورمز له بعدد مسمى الهاء إلى أن مبدأ النصرة بالهجرة في السنة
الخامسة من نزولها، وذلك في غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة.
وبعدد حرفي اسمها - لا بعدد اسميهما - إلى أنه في السنة الثالثة عشرة
من نزولها، يكون الفتح الأكبر بالاستعلاء على مكة المشرفة، الذي كان سبباً
قريباً للاستعلاء على جميع الأرض، وذلك في أواخرها في شهر رمضان سنة
ثمان من الهجرة، وكان تمامه بفتح الطائف، بإرسال وفدهم وإسلامهم وهدم
طاغيتهم في سنة تسع، وهي السنة الرابعة عشرة.
وبعدد اسميهما: إلى أن تطبيق أكثر الأرض بالإِسلام، يكون في السنة
الثامنة عشرة من نزولها، وذلك بخلافة عمر رضي الله عنه، وهو الوزير
المطلوب بإشارتها التي كانت سبب إسلامه، وكانت خلافته في السنة الثالثة
عشرة من الهجرة.
وكذا دل مقصودها بإضافتها إلى موسى عليه السلام، بتأصل قصته وما
كان فيها من قدرة الله وحكمته. والله الموفق.