الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكنت ذكرت شيئًا من ذلك في كتاب (معجم بلاد القصيم) في الكلام على مدينة بريدة، وقد طبع قبل أن يكتب هذه الأوراق، وبعض التفصيلات التي ذكرها لم أذكرها.
كما كتب قائمة بأسماء تجار عقيل الذين هم تجار المواشي وبخاصة الإبل من بريدة إلى الشام وفلسطين ومصر، وهي في أكثرها مجملة ولكنها مفيدة لعدم وجود غيرها، ولم ينشرها كما لم ينشر التي قبلها.
وإنما كان يطلع عليها بعض أصدقائه وكنت أحدهم.
ولو كان فيها تفصيل وذكر للاسم الكامل للرجل أو لأسرته أو حتى اسم جده أو تاريخ وفاته لكانت فائدتها أكثر، وصدرها بقوله:
بريدة قبل سبعين سنة:
كانت مدينة بريدة محاطة بسور من الطين، ولها سبع بوابات، بابين من الشرق وبابين من الغرب، وبابٍ من الجنوب، وبابٍ من الشمال وأحيانًا تكون هذه البوابات محروسة زمن الخوف، ويحد هذا السور من الشرق نفود يفصل بين السور والصقعا وبين السور وشعيب الخبيب، ومن الغرب نخل العجيبة والحويزه، ثم نفود ومن الجنوب يحد السور أرضا فاضية تجتمع فيها بعض المواشي، ثم نخيل، ومن الشمال أرض فاضية ثم مطاين الحمد الذي يؤخذ منها الطين، والذي فيها الآن مبنى البلدية.
وفي شرق المدينة سوق لبيع جميع المواشي يسمى بالجردة يحد هذا السوق من الشمال قصر الإمارة ويحد هذا السوق من الشرق دكاكين ومن الغرب دكاكين والدكاكين الغربية والشرقية للتجار الذين يتعاملون مع البادية.
ثم ينزل من هذا السوق أي سوق الجردة يغرب، وهو سوق تجاري يباع فيه جميع البضائع يسمى المجلس، ثم ينتهي هذا السوق بسوق آخر يأتي من
الجنوب إلى الشمال وفي جنوبيه قبة رشيد التي فيها جميع المواد الغذائية والخضار وغيره، وينطلق منه سوق يغرب إلى البوابة الغربية الجنوبية، وآخر ينطلق من قبة رشيد جنوبا إلى البوابة الجنوبية، ولو أن فيه بعض التعاريج، وينطلق أيضًا من قبة رشيد سوق يشمل شمال وفيه الدبابين الذين يبيعون القرب والغروب وجميع أنواع الجلود المخروزة، وفيه أيضًا الجزارين ثم مسجد الجامع الوحيد ببريدة.
ثم وراء هذا الجامع من الشمال سوق الوسعة وهو على شكل مستدير، وهي سوق تجارية خليط بين الرجال والنساء، وفي هذا السوق جميع ما يحتاجه النسوان من ذهب وفضة بكافة أنواعها، وفيه الطيب والورد وبعض الأواني المنزلية. ثم ينطلق من السوق شمالا سوق فيه الخراريز الذين يخرزون النعال والزرابيل، لأن الكنادر والنعال الثانية حديثة عهد.
ثم يمتد هذا السوق إلى صانعي القدور والمطابيق وقدور الطبخ والصياني والصحون، كلها من النحاس لأن المعدن حديث عهد ثم يتجه هذا السوق شمالًا وتجد فيه النجاجير اللذين يعملون البيبان وسقف المنازل، وجميع ما يتصل بالعمار كلها من خشب الأثل ويعملون الصحاف والمواقع حقات العشا كلها من خشب الأثل لأن المعدن حديث كما أسلفنا.
نرجع إلى سور بريدة، فإن خارج هذا السور بعيدًا عنه أربع مناطر واحد شمال يسمى صنقر الشمال، والثاني جنوبا يسمى صنقر السادة، والثالث غرب يسمى صنقر النفود القبلي، والرابع شرقًا ويسمى صنقر خب القبر.
نرجع إلى ماء الشرب شرقي المدينة وبعض جنوبها يشربون من آبار عذبة يقال لها الصقعا وغربي بريدة وشمالها يشربون من البوطه ومن الغاف المجاور، والجنوب يشربون من البوطه ومن الصباخ.
أما الأغنياء وبعض المساجد فإنهم يشربون من الثميد شرقي بريدة، بعيدًا عنها.
نرجع إلى المدارس فإنه لا توجد مدارس حكومية وإنما الموجود أربع مدارس أهلية يدرس القراءة والعقيدة، ثم جاء محمد الوهيبي في أوائل الخمسينات وفتح المدرسة الخاصة يدرس فيها زيادة عن غيرها الخط والحساب، الجمع والطرح والضرب والقسمة، وأخيرا أمر جلالة الملك عبد العزيز بفتح مدرسة حكومية وأخذ الناس بين مؤيد ومعارض.
وفي بريدة أيضًا أمير وقاض معينين من قبل جلالة الملك عبد العزيز والأمير له أخويا يعينهم هو، أو يختارهم، أما القاضي فليس له كاتب لأنه يجلس للخصمين، إما في بيته وإما بالمسجد وإما بالسوق ويستمع للخصمين ويبت في قضيتهم بدون ضبط أو إخراج صكوك، ويقوم الخصمان راضيان ورتب للأمير والقاضي عيش وتمر من مجموع الزكوات وللأمير مقرر يومي عيش وتمر للضيوف غير المقرر الشهري الذي يخصه.
أما أئمة المساجد والمؤذنين والأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر فإنه يتم تعيينهم من قبل القاضي والجماعة ويقررون لهم راتب تمر وعيش من الزكاة.
أما المستشفيات فإنه لا توجد مستشفيات ولا مستوصفات وإنما الموجود رجال يعالجون الناس بالقراءة، وفي حبة السمراء والحلب والرشاد وبالكي إذا دعت الحاجة ويشفي المريض بإذن الله، وهم بدون رواتب، بل إن أمرهم لله أما مشاكل البلد فإنه يوجد لها جماعة تعالج المشاكل الداخلية والخارجية ولها كامل الصلاحيات التي تصل إلى حد فصل الأمير إذا كان غير صالح، وهم بدون رواتب وأمرهم الله وهم على النحو التالي:
فهد العلي الرشود الزعيم الأول بدون منازع.
إبراهيم العلي الرشودي.
عبد العزيز الحمود ابن مشيقح
محمد العبد الله المسفر.
فهد العبد الرحمن الشريدة.
يحيى العبد الرحمن الشريدة.
نرجع إلى سوق الجردة كما أسلفنا فهو سوق البعير والغنم وغيرها، ولما كانت البلاد العربية كلها وغيرها من البلدان التي لا يوجد لديها وسائل نقل إلَّا الجمال في جميع الأمور.
ولما كانت المملكة العربية السعودية هي أكثر البلدان بادية وتجارتهم بالإبل والغنم، ولما كانت بريدة هي أكبر بلدان المملكة من حيث الاتجار بالإبل والغنم، نظرا لوجود عقيل، فهم يشرون الإبل والغنم ويسافرون فيها إلى الشام ومصر وفلسطين والأردن وهذه البلدان تعتمد على ما يجلبه عليها العقيلات سنويًا من الإبل والغنم، فهم يسافرون بالسنة مرة أو مرتين، إذا كانت الأسواق عزيزة لذلك فإنهم يذهبون بهذه البضائع إلى البلدان المذكورة، ويرجعون معهم بالذهب والفضة لأن البلدان المذكورة كانت غنية جدًّا وسوق بريدة من أهم الأسواق بالمملكة لشراء الإبل والغنم كما أسلفنا نظرا لوجود التجار وهم عقيل وكلهم من أهالي بريدة إلَّا القليل، وكلما ازداد جلاب الإبل كلما ازداد شراء عقيل وبائعي الإبل وغيرهما يفضلون السوق الحي وبريدة تمتاز عن غيرها لأن المشتري إذا سام لا يهمه أن يزود على أخيه وأحيانا يزود على ذلك.
بخلاف البلدان الأخرى المجاورة فإن الرجل إذا سام الجمل أو الجمال فلا تجد أحد يزود عليه وهذا ما لا يرضاه الجالب يبي السوق الحي.
ومن كثرة المشترين فإنك لا تجد بدوي يبيع جمله أو جماله وهو في الأرض لأنه يتعب من كثرة المشترين فتجد هذا يمسك رأسه وهذا يلوي رقبته
ليسمع ما يقول، وهذا يحط الريال بيده يقول امسك شريت بكذا أو كذا، شريت والله لو يعدم شريت شايف حايف، وكذاك شريت لحم على عظم فالبدوي يركب على ناقته وإذا جاز له السوم يمسك الريال وهو العربون، وإذا مسك قال الله يربحك المشتري أخذ الجمل أو الجمال حالا إلى عقيل تجدهم الصبح شرقي الجردة والعصر في غربيها ثم يقول العقيلي وهو جالس بكم هذا يا فلان ثم يقول ياعم بكذا وكذا ثم يشريه العقيلي في مكسب ريال أو ريالين وأحيانًا بازود ثم يبيعه على العقيلي وينصرف ليشري من جالب ثاني وهكذا.
وللجردة بابين من الشرق وتجدها في الصباح كاظة من الجلابين والبيع والشراء خارج الجردة ممنوع ويصدر إلى البلدان الذي ذكرنا سنويًا ما بين ستين ألف جمل إلى خمسين كلها مع عقيل ويقال أن الرشودي فهد رحمه الله قد صدر في سنة واحدة ألف جمل تخصه لوحده والذي يشري الجمال من البدو كما أسلفنا رجال متخصصون يعرفون الذي يصلح للعقيلي والذي يصلح لجمال الحداجه والذي يصلح للفلاح والذي يصلح للجزار، وهم على درجة عالية من الصدق في بيعهم وشراءهم مع البدو ومع العقيلات.
وأسماؤهم ما يلي:
علي العبد الرحمن الشريدة.
إبراهيم الباحوث.
حسن الغنام.
علي الغنام.
سليمان الفضل.
صالح العبيد.
صالح الاصقه.
عبد الرحمن القبلان.
محمد المكيرش.
نصار المذهان.
عبد الله الدايود.
حميد الدايود.
إبراهيم العميريني.
صالح الشبعان.
وهؤلاء لا يقتصر شراءهم على الإبل وحدها بل إنهم يشرون الغنم والسمن بالجملة.
نرجع إلى البدوي فإن لكل بدوي عميل يشري منه جميع ما يلزمه وإذا باع جمله اشتري جمل صغير من أهل الوقف بنصف القيمة والنصف الثاني يوفي به العميل عن الذي اشترى منه العام أو عام الأول.
وعملا البدو الكبار هم أحمد العييري وأولاده قبيلة حرب.
وعبد الرحمن الخضير وأولاده: قبيلة عتيبة.
ومحمد النافع وأولاده: قبيلة شمر.
وهناك عملا كثيرون.
نرجع إلى الإبل والغنم فالإبل أحيانًا يطلع فيها عذاريب تنزل من قيمتها مثل الجرب ومثل قلب العصب، ومثل الشواذيب وكل عذروب له مبلغ معين وقد عين لها أناس ينظرون فيها ويوفقون بها الشاري والبايع وهم خويلد الراشد وعبد الرحمن القسومي وهم معروفين بالصدق والأمانة ومعرفة جميع عذاريب الإبل وإذا تكلما بشيء رضي الخصمان وهم بدون مكافأة مثل غيرهم رحمة الله عليهم.
أما الغنم فلها عذاريب إما تكون دورًا وأما تكون عوراء وإما تكون مالها إلَّا شطر واحد وقد خصص لها عبد العزيز السلامة وحمد الهلال يخلصون المشاكل بدون أي مقابل رحمهم الله.
ونظام دفع القيمة للبدوي فقد فرضه فهد الرشودي الذي يشتري الصبح لا يدفع للبدوي إلَّا أخر النهار بعد معرفة البدوي من قبل عميله.
وهناك ناس يسمونهم أهل الوقف وهم الذين يشترون الإبل بكافة أنواعها من صغير وكبير يسمونهم أهل الوقف وهم.
خويلد الراشد.
عبد الرحمن القسومي.
محمد الربدي.
صالح الحماد.
عبد الكريم الرميح.
عبد العزيز العبيد.
والشبعان.
هؤلاء لديهم الإبل بكافة أنواعها التي تصلح للفلاح والتي تصلح لجمال الحاجة والجزارين.
والبدوي الذي يبيع ناقته أو جمله الطيب ويشتري بنصف قيمته جمل صغير من أهل الوقف مع ملاحظة أن كثير من جلب الإبل والغنم في أول الصيف أما الأوقات الثانية فهي أقل.
نرجع إلى ذكر النخيل المحيطة بمدينة بريدة فهي محاطة من الشرق بالساده ووهطان وخضيراء وخب القبر وعجوزاء والعكيرشة والصوير، أما
القاع البارد فهو حديث عهد، ومن الغرب محاطة بالبوطه والغاف والشماس والقويع والجريه والحمر.
كذلك من الغرب المريدسية وخب عزارين وخب البريدي وواسط وحويلان وخب القصبا والقصيعه والزنقب واللسيب ونقرة العمارين ونقرة العمرو وزنقب المريدسية والعريمضي وخب روضان والدعيسة ونقرة أم الحمير وخب الحلوة، وضراس وخب الصقرات والمنسي والنخلات والبصر وحب الشويعر والمويه والعاقول والغماس.
ومن الجنوب الصباخ ورواق والخضر وخب العوشز والوجيعان، أما الشمال فإنه لا يوجد محل قريب وهذه البلدان التي ذكرناها تمسي بالخبوب وكل خب فيه منزلة فيها ناس ليس لهم فلايح ولكن أهل الفلايح لا يستغنون عنهم، فإنهم يشتغلون عند أهل الفلايح كل باختصاصه وهذه البلدان التي أسلفنا تحتاج إلى المدينة لقضاء حاجاتها يوميا وحيث إنه لا يوجد وسائل نقل إلَّا الحمير ولا توجد عند كل الناس لذلك يذهبون إلى المدينة لقضاء حوائجهم على رجليهم وأكثرهم النساء لأن الرجال يكونوا مشغولين لذلك تجد الجادة وهي الطريق سمراء من النساء التي تذهب القضاء حاجاتهن ولا تجد أحد يعترض سبيلهن إطلاقا.
وفي بريدة قل أن تجد بيت ما فيه بقره يسمونها أم العيال، ويطعمونها من الفصم الذي نسميه العبس، كذلك لا يوجد في بريدة ولا غيرها كهرباء وإنما الموجود سرج على غاز وودك وأخير طلع التريك.
وكذلك لا يوجد غاز وطهي الطعام والقهوة وغيرهما على حطب وعلى جله وهي دمن الإبل، كذلك لا يوجد مكائن طحين، والموجود رحا في كل بيت كذلك لا يوجد مكائن خياطة ويخيطون بالابره ولا يوجد مطابخ للولائم ونظام الولائم والعروس العشا من المسجد العصر مباشرة وبعد صلاة العشا الآخر حفل الزواج ودخول العريس.
أما الحياة اليومية فإن قهوة الصبح من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس وبعد طلوع الشمس قل أن تجد رجلًا في بيته، صاحب الدكان في دكانه وصاحب البيع والشراء بالجردة وصاحب المواشي عند مواشيه وصاحب البناء مع البناء.
وقبل صلاة الظهر بساعة ونصف كل في بيته والغداء تمر ولبن ثم النوم حتى صلاة الظهر وبعد صلاة الظهر القهوة والراتبة حتى صلاة العصر وبعد صلاة العصر مباشرة كل في دكانه أو عند مواشيه.
وبعد صلاة المغرب القهوة الراتبة كل له أصدقاء كل ليلة عند واحد يبحثون اللي راح واللي جاء واللي باع والذي اشترى حتى صلاة العشاء الآخر ثم كل يذهب إلى بيته يتعلل مع أهله إلَّا رجل عازم أو معزوم.
أما الشباب العزاب فإن لديهم راتب بعد صلاة العشاء الآخر وكذلك العقيلات الذي قل أن تجد يوم ما يجي فيه عقيلي وطبعا قهاويهم بعد صلاة العشاء الآخر.
وعقيل هؤلاء معروفين فهم على درجة عالية من مكارم الأخلاق وبعيدين كل البعد عن الرذيلة وسمعتهم عالية عند الحاضرة والبادية، ولهم مواقف مشرفة ومزايا يصعب عدها والرجل الذي يمشي معهم يربونه أحسن تربية، تجد الواحد منهم لا يهمه شيء معروفين بالإقدام على المصاعب فالرجل لا يخيفه شيء ولا يهمه تخطي المصاعب والإقدام ولا تقاعس عن المهمات والملمات مهما كانت.
وفيه مثل ببريدة زمان إذا رأوا الرجل الطيب قالوا هذا ماشي مع عقيل ومربينه عقيل،
وإذا رأوا الرجل الهين البسيط قالوا هذا ما مشى مع عقيل ولا يهمك وهناك أيضًا جماميل وهم الذين كانوا ينقلون البضائع من الجيبل والاحسا والعقير ويسمونهم جمال الحداجة وهم معروفون بصلابتهم وقوة احتمالهم للمصاعب والجوع والعطش أحيانًا ويمشون على أرجلهم وراء الجمال المحملة.
وهنا العوضية الذين كانوا يجلبون الأموال من مكة المكرمة لأن جدة في