الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن حياة كثير من الشعراء الذين عاشوا وماتوا وهم شعراء فقط (1). انتهى.
طفولة العوني:
ولد في الربيعية في تاريخ اختلف فيه الناس فبعضهم رجح أنه في عام 1270 هـ وبعضهم قال: إنه بعد ذلك بسنين قليلة وهذا هو الذي ترجح عندي يستفاد ذلك من قصيدة له في محمد بن رشيد الذي حكم القصيم من عام 1308 هـ حتى وفاته في عام 1315 هـ فنفترض أن العوني قال تلك القصيدة في منتصف حكم محمد بن رشيد للقصيم وهم في سنة 1312 هـ فعلى هذا تكون ولادته في عام 1287 هـ والبيت هو:
هذا وأنا أبو ثمان وسبع مع عشر
…
ما أحيط بأمر حذا اللي حافظ بالي
وذلك من قصيدة مدح بها محمد بن عبد الله بن رشيد، إلَّا أن الذي يرد على ذلك أن العوني قال قصيدة في مدح حسن بن مهنا أمير بريدة، وكان نظمها وأنشأها إياها في عام 1305 هـ. ومن المستبعد إن لم يكن من المستحيل أن يقول شخص عمره 18 سنة مثل هذه القصيدة مما يدل على أن ولادته قبل ذلك التاريخ الذي استنتجته وأولها:
حل الرحيل وحلَّ بالقلب ولوال
…
تذكير صعبات التفاكير والقيل
وتقدمت، ثم وقعت على تاريخ نظمه القصيدة التي مدح بها محمد بن رشيد التي منها البيت الذي ذكره عند إنشائها وهو - نصًّا - في عام 1308 هـ بعد وقعة المليدا.
(1) محمد العوني للمارك ص 7.
فإذا كان عمره في سنة المليدا 25 سنة لأن 8 و 7 وعشر هي خمس وعشرون فإن ولادته تكون - نصًّا - عام 1283 هـ.
وسوف أورد القصيدة التي مدح بها ابن رشيد وذكر عمره في عام 1308 هـ عندما نصل إليها فيما بعد بإذن الله.
أما وفاة العوني فإنه لا خلاف عليها وأنها في عام 1343 هـ إلَّا خلاف لا يعول عليه، ويكون قد عمر 60 سنة.
وقد دخل العوني في صغره كُتَّابًا في قرية الربيعية وهو طفل لصاحبه عبد الله الحمود البطي.
ويقال: إنه قد بدرت منه بوادر شعرية في صباه من ذلك أن أحدهم قال له: يادُبّ، بمعنى أنه لا يفهم شيئًا، فقال العوني أبياتًا، منها: أنادُب ولا نيب دبٌ كم باب مصكوك فتحت بابه.
وذكر الشيخ صالح بن سليمان العمري أن العوني طلب العلم على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم قاضي بريدة وما يتبعها من القصيم لسنوات طويلة ولذلك عده في تلاميذه (1).
وواضح أن قراءته على الشيخ ابن سليم إذا صحت تدل على أنها كانت إبان أول شبابه عندما انتقل إلى بريدة مع والده الذي كان بناءً ماهرًا.
غير أن كون العوني قد طلب العلم على الشيخ ابن سليم في شبابه يرد عليه أنه أقسم في بعض قصائده بأيات من القرآن الكريم أو سوره، وكل طالب علم متمرس يعلم أنه لا يجوز أن يقسم المخلوق بغير الله، بخلاف الخالق جل وعز الذي يقسم بما شاء كما في أول سوره (ق)(ق والقرآن المجيد).
(1) علماء آل سليم.
ولكن لا يجوز للمخلوق أن يقسم بالقرآن أو بسورة منه.
قال العوني في أول قصيدته في آل خليفة أهل البحرين:
أقسمت بآيات عم ما نشاربها
…
دار تكدر بها صافي مشاربها
وقال في قصيدته الخلوج:
أقسمت بالكرسي والنور والصمد
…
واشهد بسُّكاب المطر من خيالها
فلا جابت الخفرات سعدون، أو مشى
…
مثله على وجه الوطا من رجالها
ولمناسبة هذا الحديث المتعلق بثقافة العوني أذكر هنا أن أحد الإخوة أتحفني بقصيدة للعوني معروفة ولكن التي أحضرها إليَّ مكتوبة على طلحية وهي الورقة الطويلة الكاملة التي تطوى ويعادل طولها طول 4 ورقات وهي من الأوراق التي تكتب عليها الصكوك الطويلة.
وقال الأخ الذي أعطاني إياها: إنها بخط العوني نفسه.
ولم أكن أعرف خط العوني من قبل، ولكنني لاحظت في مطلعها كتابة كلمة تدل على أنها ليست بخط العوني وهي قوله:
يا ركب حلوا باليرا زور زورها
…
تلوا معاذرها تعدل نحورها
وكتب اليرا بالياء بنقطتين، ولا يمكن أن يكتبها العوني هكذا، إلَّا إذا كان ساهيًا لأن (اليرا) بالياء المثناة لا معنى لها هنا، إذْ (اليرا) عند العوام هو القلم، ولا محل لذكر القلم هنا.
وإنما الصحيح (البَرَا) بباء موحدة وهي جمع براة وهي تكون للبعير بمثابة اللجام للفرس متصلة بالرسن، إذا أراد الراكب أن يكبح جماح بعيره بالتخفيف من سيره جذب
(البراة) هذه فخفف البعير من سيره وقد يقف إذا شده الراكب شدًا قويًّا بحيث يعادل معذره وهو موضع الرسن من رأسه الذي جمعة العوني في البيت على (معاذر) وقد فسر العوني المراد من البيت بقوله في البيت الثاني.
أبي أودع لبيب القلب منكم وصية
…
تحيَّر لساني وقلبي بفورها
فهو إذًا يأمر الرَّكْب وهم جماعة المسافرين أن يوقفوا إبلهم، حتى يبلغ لبيب القلب وصية منه.
وقد ورد ذكر (البرا) بالمعنى الذي ذكرته في أشعار عامية عديدة منها قول محسن الهزاني في جمل نجيب:
هملعي نايف المِقدَم نجيب
…
ما يشده راكبه لولا (براه)
داربٍ، لا فرق بينه والعجاج
…
ما حَدٍ يوم اللقا يقوى لقاه
بـ (بالبرا) عِجْ رأس نضوك لي كفيت
…
من زمانك، شر ما تخشى أذاه
وقد ذكرت في (معجم الألفاظ العامية) هذا اللفظ وبينت أنه فصيح وأوردت الشواهد على ذلك.
وقد رأيت بعض أهل البصر بالشعر يكتبون بيت العوني بالباء الموحدة على الصحيح (البرا) ومنهم الراوية المكثر من كتابة الشعر العامي عبد الرحمن الربيعي قال:
مما قال محمد العوني:
يا راكب حلوا بالبرا زوم زورها
…
تلوا معاذرها تعدل أنحورها
أبي أودع لبيب القلب منكم وصية
…
تحير بلساني وقلبي بفورها
عسى يا هل السمحات تقدون بالهدى
…
والاسعاف فيما نابني من عسورها