الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ثم ركعت ركعة طويلة لم يروا مثلها من قبل، ثم لما سجدت اعتقدت أن السجود راحة لي وظللت ساجدا لمدة طويلة لم يستطيعوا الصبر عليها فأحسست وأنا أنظر إليهم من بين رجلي وأنا ساجد أن الجهة أسفرت أي ذهبوا من خلفي وسمعتهم وهم يذهبون يضحكون وهم يبتعدون، فسماها الناس (صلاة العيدي).
ومن شعر محمد العيدي:
يا حلو تبديلك يا حلو مبناك
…
ويا حلو شغلك يا سهيل اليماني
ما ذقت أنا يا نور عيني طعم ماك
…
من بد قلبانك قراح زلالِ
اطلب عسى دوشي يتهني بلا ماك
…
بحول رب البيت منشي الخيالِ
العيدي وشراء ثمرة النخل:
كان من عادة أهل بريدة مثل سائر أهل نجد في القديم أنه إذا أينع النخل أو بدأ ذلك يخرج الواحد منهم إلى أحد الخبوب القريبة أو الصباخ فيشتري نخلة أو نخلتين يخرف منها الرطب بنفسه إذا كانت قصيرة أو يشترط على صاحبها أن يخرفها أي يأخذ منها الرطب له.
ثم يحمل ذلك إلى بيته في بريدة، يفعل ذلك كل يوم أو في كل يومين مرة.
فيخرج العيدي مثل غيره إلى الشماس أو الغاف أو القويع يسأل عن التمر من دون أن تكون لديه النقود التي يدفعها ثمنًا لتمر النخلة.
فيأخذ من نخلة شمراخا يأكله بحجة أنه يريد أن يتذوق تمرها، ويعرف طعمه.
قالوا: ومرة فعل مثل ذلك مع رجل من أسرة العثيم كان فلاحًا في (الغاف) فقال له ابن عثيم: أنت يا أبو صالح ما انتب شاري ما عندك دراهم.
فقال العيدي: بع علي وجربني والدراهم في دكان إبراهيم العبود يريد عم والدي إبراهيم بن عبد الكريم العبودي، كان صديقًا للعيدي وهو ثري معروف.
فصدق ابن عثيم قوله: وأعطاه شمراخًا أو شمراخين من النخلة فأكلها، وأخذ بيده مثلها، وقال: أبي أشيلهن أوريهن أم عيالي.
وقد اشترى ثمرة النخلة بأربعة أريل فيما ظنه ابن عثيم.
في مساء ذلك اليوم ذهب العيدي إلى إبراهيم العبودي وأخبره بالقصة، وقال: أنا يا أبو عبد الكريم ما كذبت عليه، قلت له: الدراهم بدكان إبراهيم العبودي، ولا قلت له: دراهمي بدكانك، أو أن لي عندك دراهم، حبيت أخبرك.
وبعد يوم جاء ابن عثيم إلى إبراهيم العبودي وقال له: الله يسلمك العيدي شري منا نخلة، وقال: دراهمه عندك وهي أربعة أريل.
فقال له العبودي: وش قال لك؟
فقال: قال الدراهم عندك.
فقال العبودي: العيدي يا أخي ما عنده دراهم، قال لك: الدراهم بدكان العبودي، وهو صادق الدراهم بدكاني لكن ما هيب له، هذي دراهمي، وليس عنده دراهم.
ففكر ابن عثيم وقال: اللهم اجعل اللي أكل أو أخذ من التمر صدقة عليه.
وضحكا معًا.
ومن أخبار العيدي أيضًا ما ذكره الأستاذ ناصر بن سليمان العمري، قال:
قال الأستاذ ناصر العمري:
محمد العيدي صاحب مزرعة تقع شرقي شمالي مدينة بريدة وهو رجل ظريف يقول الشعر بلهجة دارجة ويروي القصص والأخبار، ويستعمل الحيلة والنكتة للتخلص من بعض المضايقات، وقد عاش حتى العقد الخامس من القرن الرابع عشر، وهو معمر قد تجاوز المائة عام، ذهب إلى قبيلة شمر يريد إبلًا لمزرعته ونزل ضيفًا على ضاري بن طوالة وصبت القهوة في جلسة من جلسات أفراد القبيلة لدى ضاري بن طوالة وشرب محمد العيدي من القهوة لكنها لم ترو غليله فهو صاحب قهوة وهؤلاء لا يكثرون القهوة في الفنجال، عادة لهم وليس بخلًا.
ولما انفض المجلس عمد محمد العيدي إلى قهوة معه وصنع قهوة في دلال ضاري بن طوالة فشعر به ضاري يوقد النار ويصنع القهوة فعمد ضاري إلى سيفه وجرده وجاء إلى الحضري محمد العيدي وقال له مهددًا وموبخًا: قهوتي ما أروتك؟
ونادي خادمه وقال له خذ هذا المقدار من القهوة وأصنع قهوة للحضري فإن شربه كله وإلا قتلته، وصنع الخادم القهوة وأخذ يصب لمحمد العيدي وعجز عن شرب ما أحضر له من القهوة وتلفت يمينًا وشمالًا فأبصر والدة ضاري بن طوالة على بعد ترقب ما يحدث فهرب من مكانه ورمى نفسه بين يديها وقال أجيريني من ولدك فضحكت وقالت أجرت الضيف الحضري، وهنا جاء إليه ضاري وقال سلمت بجوار أمي.
فركب محمد العيدي بعيره وهرب عليه راضيا من الغنيمة بإياب (1).
(1) ملامح عربية، ص 126.