المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جوانب من أخلاق الشيخ صالح بن سليمان العمري: - معجم أسر بريدة - جـ ١٦

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌العمري:

- ‌رجال من العمريين

- ‌وفاة سليمان بن مبارك العمري:

- ‌وصية محمد بن سليمان بن مبارك العمري:

- ‌وصية سليمان بن محمد العمري:

- ‌الشيخ صالح بن سليمان العمري:

- ‌العمري والتعليم:

- ‌جوانب من أخلاق الشيخ صالح بن سليمان العمري:

- ‌(رحلة إلى وادي القرى)

- ‌بدء الرحلة:

- ‌وصف المروة:

- ‌الفرن:

- ‌قصر ثالث في وادي الجزل:

- ‌ المروة

- ‌القنوات الهندسية:

- ‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، للمنطقة وأهلها:

- ‌القصر الأثري الرابع في قرية الجديدة:

- ‌عود إلى وصف المنطقة:

- ‌ذو المروة في التاريخ:

- ‌الإمام مالك رحمه الله: مولود في ذي المروة:

- ‌وصف الموقع:

- ‌مستقبل المنطقة:

- ‌الطرق:

- ‌فرن رابع:

- ‌قصر عمودان الحجري:

- ‌وفاة الشيخ صالح العمري:

- ‌ الشيخ صالح العمري إلى رحمة الله:

- ‌رثاء الشيخ صالح العمري:

- ‌ سليمان بن عبد الله العمري

- ‌وثائق لأسرة العمري:

- ‌وقف بدل وقف:

- ‌وصية سلمى بنت محمد السليمان العمري:

- ‌عودة إلى وثائق العمري:

- ‌طهارة عرض:

- ‌العمير:

- ‌العْمَيْر:

- ‌ العمير

- ‌العْمَيري:

- ‌(العميري)

- ‌العْمَيِّر:

- ‌ العميريني

- ‌العميريني:

- ‌مبارك بن عبد العزيز بن محمد العميريني:

- ‌العْمَيْم:

- ‌ العميم

- ‌العَنْبر:

- ‌العنقري:

- ‌العِنَّه:

- ‌العَنَيْز:

- ‌العْنَيزان:

- ‌العودة:

- ‌طرائف عبد الكريم العودة المحيميد مطوع اللسيب:

- ‌أبناء مطوع اللسيب:

- ‌محمد بن مطوع اللسيب:

- ‌نكتة على أحد الوجهاء:

- ‌خط مطوع اللسيب:

- ‌العودة:

- ‌العودة:

- ‌العودة:

- ‌عودة العبد الله العودة:

- ‌عودة بن عبد الله بن عودة:

- ‌وصية عبد الله بن عودة الدِّخيل بعد الديباجة:

- ‌أنموذج لفكر الشيخ سلمان بن فهد العودة:

- ‌مسلمون وكفى

- ‌مؤلفات الشيخ سلمان العودة:

- ‌شعراء من العودة:

- ‌شاعرات من العودة:

- ‌العودة:

- ‌العودة:

- ‌العَوْدة:

- ‌العُوْس:

- ‌العَوَض:

- ‌العَوْمان:

- ‌العَوني:

- ‌والد العوني:

- ‌سيرة العوني:

- ‌كتاب المارك عن العوني:

- ‌طفولة العوني:

- ‌من بريدة إلى مكة المكرمة أو من أمير البحرين إلى أمير مكة:

- ‌من مكة إلى حائل:

- ‌العوني في الكويت:

- ‌الانقلاب على الملك عبد العزيز:

- ‌الأمان للعوني:

- ‌العوني عند آل رشيد في حائل:

- ‌عبد الله بن جلوي بين وفائه لصديقه وبين تنفيذه للأوامر:

- ‌العوني يستنجد بعبد الله بن جلوي وبابنيه:

- ‌شاعرية العوني لا ينازع فيها اثنان:

- ‌كتابة شعر العوني:

- ‌شعر العوني في المعارك والحروب:

- ‌قوله في وقعة جراب:

- ‌توبة العوني:

- ‌العوني في آخر أيامه في السجن:

- ‌شعر العوني في غير الحرب السياسة:

- ‌مقطعات للعوني:

- ‌العْوَيِّد:

- ‌أصل مجيء العويد إلى بريدة:

- ‌العْوَيِّد:

- ‌العويرضي:

- ‌العْوَيْس:

- ‌العويس:

- ‌العويسي:

- ‌العويشز:

- ‌العويشق:

- ‌العويصي:

- ‌العويصي:

- ‌العويضه:

- ‌جامع العويضة:

- ‌العْوَين:

- ‌‌‌العْيَاده:

- ‌العْيَاده:

- ‌العيَّاف:

- ‌العْيِد:

- ‌بريدة قبل سبعين سنة:

- ‌ اسماء عقيل

- ‌سليمان العيد الشاعر:

- ‌وثائق للعيد:

- ‌‌‌العيد:

- ‌العيد:

- ‌ العيد

- ‌العيدان:

- ‌المعاصرة حجاب

- ‌العِيدي:

- ‌العيدي وشراء ثمرة النخل:

- ‌وثائق متعلقة بدين العيدي:

- ‌العيسى:

- ‌وصية عيسى بن عبد الكريم العيسى:

- ‌أول من أدخل الآلة الرافعة للقصيم:

- ‌شعر لعبد الله السليمان العيسى:

- ‌وصية سليمان بن عبد الكريم العيسى:

- ‌ العيسى

- ‌نبذة عن أمراء بريدة وعهد الملك عبد العزيز آل سعود:

- ‌مسجد العيسى (1378 ه

- ‌ العيسى

- ‌‌‌العيسى:

- ‌العيسى:

- ‌العَيْش:

- ‌عيون الحْرّ:

- ‌العبيدي:

- ‌العييري:

- ‌صالح بن عبد الله بن أحمد العييري (أبو إياد):

الفصل: ‌جوانب من أخلاق الشيخ صالح بن سليمان العمري:

ولم تكن توجد في ذلك الزمان شروط ولا مؤهلات لتعيين المدرسين وإنما كان الأمر يتطلب اقتناع المسؤول بأن المدرس على درجة من العلم والصلاح كافية، ذلك بأن المرحلة هي مرحلة الدراسة الابتدائية وحدها، بل هي في أكثر القرى مرحلة الدراسة التحضيرية، وذلك لا يحتاج إلى متخصصين أو ذوي مؤهلات عالية، ولو احتاج الأمر إليهم لما وجدوا.

وقد لام بعض الناس من ذوي الهمم القاصرة الشيخ صالح العمري على الإسراع في فتح المدارس بهذه الطريقة، ولكن أثبتت الأيام صدق نظرته وسلامة منهجه إما أن انتشر التعليم الابتدائي حتى فتحت معاهد المعلمين للمدارس الابتدائية ثم المدارس المتوسطة، وبذلك وجد المؤهلون للتدريس فيها تحت قاعدة عريضة من التعليم الابتدائي.

لقد أسهم عمل الشيخ صالح العمري في نهضة تعليمية مباركة بالنسبة لتيسر التعليم الابتدائي في قرى ومدن صغيرة كما أسهم في نشر الوعي الثقافي والصحي في أهل القرى بل وفي رفع المستوى الاقتصادي في بعض القرى التي لم يكن في بعضها في ذلك الوقت أي إدارة حكومية وبالتالي لا تصلها أية نقود وصولًا منتظمًا إلا ما جاء من رواتب مدرسي وموظفي المدرسة الابتدائية.

رحم الله المؤلف الشيخ صالح بن سليمان العمري رحمة واسعة وجزي المحقق نجله الدكتور عمر العمري خيرًا على إنجاز هذا الكتاب ووفقه للمزيد من الدراسات المفيدة النافعة. انتهى.

‌جوانب من أخلاق الشيخ صالح بن سليمان العمري:

من أهم ذلك النشاط الجم حتى إن أصدقاءه يعولون عليه في إنجاز ما يحتاج إلى إنجاز من أعمالهم فيسرع إلى ذلك بسرور ويبذل من جهده وماله ما يكفل ذلك.

ص: 56

مع العلم بأن الرجل ذو أعمال مالية واجتماعية كبيرة فلديه أربع زوجات وله 33 من الأولاد من بين ذكر وأنثى، ولا شك في أن كل واحد أو واحدة من أولئك ينتظر من الشيخ صالح أن يقوم بما يحتاج إليه.

ومن الغريب أن الرجل هو الذي يتفقد إخوانه فيبادر إلى الاتصال بهم، إذا طال غيابهم عنه أو لم يعرف أحوالهم، فيزورهم أو يتصل بهم بالهاتف، ويسألهم عن أحوالهم، وإذا احتاج أحد منهم إلى حاجة أو مساعدة بادر يبذل ما يستطيعه من ذلك.

ومن صفات الشيخ صالح العمري الكرم بالدعوة إلى الطعام، وذلك حتى عندما كان محتاجًا وقت أن كانت الرواتب قليلة فكان يدعو أناسًا إلى العشاء أو الغداء في بيته بشكل يكاد يكون منتظمًا.

ومن طبيعة الشيخ صالح العمري محبته للعقار من أراض ودور وأحوشة ونحو ذلك.

وكنت أعجب من كونه في أول عهده بذلك وكان موظفًا يحتاج في بعض الأحيان إلى النقود، لأن راتبه لا يكفيه كان يشتري العقار المناسب، ولو لم تكن لديه قيمته.

وقد استمرت هذه الطبيعة معه حتى هجر القصيم ونقل عمله للرياض فصار يبيع ويشتري في الأراضي والعقار في الرياض حتى أكثر منها.

ومرة نزلت أقيام العقار فجأة وكانت عليه مبالغ لبعض تجار العقار فاشتكوه وطلبوا أن يحجز على أمواله، ولكن المسئولين في الدولة ذكروا أن حالته هذه ليست خاصة به، بل هناك مثيلات لها كثيرة.

وقد صبر حتى عاد العقار إلى الارتفاع مرة أخرى وكسب من ذلك مالًا عظيمًا.

ومن طبيعة الشيخ صالح بن سليمان العمري محبته للإطلاع سواء عن طريق

ص: 57

الأخبار أو عن طريق السياحة ومشاهدة الأماكن بنفسه، أو عن طريق النزهات.

وأذكر أنني كنت أذهب أنا وإياه إلى منطقة الصفراء شمال بريدة ويومذاك لم يكن فيها عود أخضر مزروع، ولا كانت فيها لبنة واحدة مبنية، وهي موقع برج المياه في الصفراء وما حوله، نأخذ معنا غداعنا البسيط نحمله معنا ونخرج إلى الصفراء، وكانت قفرًا كما قلت، فنتناشد الأشعار، ونتبادل الأحاديث ولا أذكر أن أحدًا مر بنا آنذاك، وهي اليوم نقطة مواصلات - مزدحمة - إلَّا أحد الشخصين اللذين كانا يقطعان الحصا أي يقتلعانه من مقالعه في الصفراء التي هي أرض صخرية، وهما رجلان أحدهما ابن حسون والثاني اسمه الفريحي لا صناعة لهما إلَّا ذلك يقلعان الحصا ويبيعانه في بريدة وإذا كنا في الصفراء التي نذهب إليها لم نكن نرى منازل بريدة لبعدها، وعدم وجود منازل أو أبنية فيما بيننا وبينها.

وأذكر أن الشيخ صالح العمري حصل على سيارة قبلي إذ اشترى سيارة (جيب) من طراز ويلز الذي هو من مخلفات الحرب العالمية الثانية، فصرنا نذهب عليها يسوقها هو إلى النزهة التي اعتدنا عليها خارج بريدة من جهة الشمال.

ومرة كتبت إليه أطلب منه أن نقوم بنزهة من تلك النزه بهذه الأبيات:

يا صالح يا صالح

أنت زميلي الناجحُ

هَيَّا بنا لنزهة

فالذهن مني كادحُ

إن شئت للزرقاء أو

ما شئت انت الجامحُ

إن شئت بعد الظهر، أو

بعد الغدا نبارح

طعامنا يحمله

الحبيب أو الجوانح

برحلة ممتعة

فالرأي فيها واضح

شيقة سحرية

للجسم فيها الصالح

ص: 58

ومرة ذهبنا معًا إلى عنيزة والفضل فيها وإعدادها له، ذلك بأنه كان يستضيف الأستاذ صالح بن ناصر بن صالح مدير مدرسة عنيزة الحكومية، إذا جاء إلى بريدة وكل من يجئ من عنيزة إلى بريدة أو العكس لابد له من أن ينزل عند صديق له، لأنه لم تكن توجد فيهما فنادق ولا مطاعم، ولا حتى ماء بارد يباع.

فاستأجرنا من شخص اسمه الجوهري حمارًا له قويًّا وحمارًا آخر أحضره هو بالأجرة فكنا نركب وإذا تعب أحدنا من ركوب الحمار ركب صاحبة الجوهري.

وقد نمنا في عنيزة في بيت الأستاذ صالح الصالح وأخيه التوأم الشاعر عبد المحسن.

وذلك في عام 1368 هـ.

وقد ذكرت شيئًا من خبر هذه الرحلة في كتاب (رحلات في البيت) الذي هو خاص بالرحلات داخل المملكة العربية السعودية.

صدر حديثًا كتاب: (الشيخ صالح بن سليمان العمري: حياته وآثاره) بقلم الدكتور عمر بن صالح العمري، ويقع في 385 صفحة.

وقدمت له بمقدمة نشرت في أوله منها:

هو كتاب قيم ذكر فيه المؤلف ما ينبغي أن يسجل للشيخ صالح العمري رحمه الله، من أعمال مشكورة، ومن مآثر كثيرة، ومجرد صدور كتاب بهذا الحجم عن إحدى الشخصيات البارزة في بلادنا يثير الغبطة والسرور، إذ يدل على كوننا بدأنا نعي أهمية تسجيل المآثر الجليلة للشخصيات العلمية والأدبية في بلادنا ولا شك في أن للأستاذ الحصيف الدكتور الأديب/ عمر بن صالح العمري يدًا تذكر فتشكر في هذا الموضوع، إذ نرجو أن يحتذي حذوه أدباؤنا وكتابنا الآخرون في

ص: 59

تسجيل أخبار العلماء والأدباء، والمفكرين، الذين تركوا آثارا في مجتمعاتهم في أي وجه من الوجوه وبذلك نبدأ في محاربة الجهل المعيب برجالات بلادنا الذين كانوا في حياتهم مبرزين معروفين بذلك، ثم ما أن يخبو ضوء أحدهم ويأفل نجمه بأجله المحتوم حتى يتلاشى ذكره شيئًا فشيئًا ثم ينسي بالكلية.

وبذلك فقدنا أشخاصًا بارزين فقدًا مضاعفًا بموتهم المادي المحتوم ثم بموت مكارمهم بل بموت أخبارهم وآثارهم، وتلك نكبة للأمة عظيمة.

وقد حاولت أن أذكر شيئًا من أخبار الشخصيات البارزة في بلادنا، ومنهم الشيخ صالح العمري رحمه الله في كتاب (معجم أسر بريدة) على أن ذلك كان بصفة موجزة تفرضها كثرة الشخصيات التي يتحدث عنها الكتاب وأحيانًا قلة المعلومات عنها.

ولذلك حمدنا للدكتور عمر العمري هذا التبسط المفيد في ترجمة الشيخ صالح العمري، والتطرق بالتفصيل لمناحي حياته رحمه الله.

والشيخ صالح العمري جدير بذلك، فهو شخصية بارزة في ميادين عديدة من ميادين الحياة، فهو طالب علم نشأ في كنف جده لأمه علامة القصيم ورئيس علمائها في زمنه الشيخ عمر بن سليم ووالده الشيخ سليمان العمري طالب علم ومحب للعلماء وملازم لحلقات الذكر والدروس العلمية.

ولم يقتصر الشيخ صالح العمري على الأخذ من جده ووالده بل تتلمذ على عدة علماء ذكرهم المؤلف الدكتور عمر من أبرزهم الشيخان عبد العزيز العبادي ومحمد بن صالح بن سليم.

والشيخ صالح العمري إلى ذلك أديب رقيق الحس، مرهف الشعور وهو أول من اشترك من أهل بريدة في مجلة الرسالة التي كان يصدرها في مصر الأستاذ أحمد حسن الزيات، وكنا في أول عهدنا بشدو الأدب، والنهم إلى

ص: 60

الاطلاع نأتي إلى الشيخ صالح العمري فيعرض علينا الأعداد الجديدة من الرسالة ويعجب باللمسات الفنية في غلافها وينشد ما فيها من أشعار بصوته الجهوري وبنغمة شعرية فنية.

وكان إلى جانب الإنشاد الفني للشعر يذكر الصور الشعرية ويعجب بما يستحق الإعجاب منها.

ومما يجدر ذكره أن للشيخ صالح العمر شعرًا رائقًا، وإن لم يكن كثيرًا وهو ما لم يتطرق إليه الكتاب ومن ذلك القصيدة التي ألقاها ترحيبًا بقدوم الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله إلى القصيم في عام 1366 هـ.

ولم يقتصر الشيخ صالح العمري على الشعر الفصيح، بل نظم شعرًا بالعامية ذكرت منه بيتين في رسم الفايزية من (معجم بلاد القصيم).

هذا إلى جانب الكتابة الفنية الأدبية له ومطارحاته ومساجلاته في المجالس والمراسلات.

وكان الشيخ خطيبًا مصقعًا لا يهاب الجموع من المستمعين ولا يتلكأ في الخطابة في المناسبات، وقد أعطى صوتًا جهوريًا وأداء واضحًا.

ومن خصال الشيخ صالح العمري رحمه الله محبته للكتب وإدمانه قراءتها وكان يحدث بما قراه من الكتب وأذكر أن أول نسخة اطلعت عليها من معجم الأدباء الياقوت الحموي كانت عند الشيخ صالح العمري في عام 1370 هـ على وجه التقريب، وكذلك كان يطالع كتاب الأغاني للأصبهاني ويذكر ما فيه من الأدب والشعر وينتقد ما يورده من المجون والكلمات التي يستحيا من ذكرها وإن كان المؤلف ينقلها نقلًا عن الآخرين.

ومن محبته للكتب أنه أنشأ المكتبة الصالحية في المسجد الذي يقع بجانب

ص: 61

منزله في (الصفراء) وكان يشتري الكتب ويضعها فيها وطلب مني أن أهدي لها نسخة أو نسختين من كل كتاب أطبعه من مؤلفاتي.

ثم إن الشيخ صالح العمري رحمه الله شخصية اجتماعية بارزة فلا يكاد يوجد شخص بارز إلَّا ويعرفه ويسعى الشيخ صالح العمري إلى تكريمه إذا لم يسع هو الشيخ صالح يدفعه إلى ذلك نشاطه في محبته المساعدة للآخرين وكرمه الذي جعله مقصد المحتاجين وهو إلى ذلك شخصية اقتصادية إن صح التعبير فهو من رجال الأعمال التجارية وكان من أهم ذلك كونها عضوًا مؤسسًا في شركة أسمنت القصيم وقد قام بأعمال تمهيدية لإنشاء الشركة لم يحمله على ذلك إلَّا العمل في هذا المشروع الاقتصادي المهم، فقد رأيته يجمع الصخور من عدة أماكن ويريها المختصين ويقابل أولي الأمر ويسعى في إقناعهم به.

وقد ذكر المؤلف شواهد عديدة على ذلك. والشيخ صالح العمري مفتوح الباب لزائريه وعارفي فضله وغيرهم.

ومن أهم أعمال الشيخ صالح أنه من رجال التعليم الذين أثروا في التعليم في البلاد بل حدثت على يده نهضة تعليمية في منطقة القصيم، فقد كان توجه الحكومة آنذاك إلى توسيع التعليم لتعويض البلاد عما فات، ولكن التوسع يصطدم بعدم توفر شروط عديدة من أهمها وجود المعلمين الأكفاء والأماكن اللازمة للمدارس، بل من أهمها اقتناع بعض أهل القرى بفوائد التعليم، فقد كان هذا هو الواقع وإن كان لا يكاد يتصوره الذهن في الوقت الحاضر.

وقبل أن يعين الشيخ صالح معتمدًا للمعارف في منطقة القصيم التي تحولت تسميتها إلى (مدير التعليم) كان يعمل مديرًا للمدرسة الفيصلية كبري المدارس، بل هي الأم لمدارس بريدة، وكان يعمل جاهدا على إقناع الذين يتصل بهم بالحاق أبنائهم بالتعليم ويشرح لهم مزاياه.

ص: 62

وهو أيضًا مؤلف من المؤلفين إذ طبع له كتاب (علماء آل سليم وتلامذتهم) في وقت كان التأليف فيه عزيزًا والقادرون عليه قلة، وقد سجل في هذا الكتاب معلومات قيمة كانت ستضيع لولا ذلك، كما ذكر أسماء أشخاص من طلبة العلم نسيهم الناس الآن.

وهناك ناحية أخرى لا يعرفها بعض الناس في شخصية الشيخ صالح العمري وهو أنه رغم مشاغله الكثيرة وأسرته الكبيرة من بنين وبنات فإنه أسرع الناس للسعي في قضاء حاجات إخوانه وأصدقائه تدفعه إلى ذلك مرؤته ومحبته للمساعدة.

لذلك كله كان من الواجب على عارفي فضله أن يسجلوا ماله من مآثر في كتاب يوضح ذلك، وهو أقل ما يجب عمله لشخص بارز مؤثر مثله.

لقد عرفت الشيخ صالح العمري لمدة زادت على خمسين عامًا كانت بعض تلك السنين زمالة في التعليم ثم زمالة الأدب وحب المعرفة، ثم كانت صداقة حميمة حتى فوجئت وأنا في إندونيسيا بنعيه منشورًا في إحدى الجرائد المحلية.

رحمه الله رحمة واسعة وجزى الله الدكتور عمر العمري على كتابه الجزاء الحسن.

محمد بن ناصر العبودي

انتهى.

وقد مدح بعض شعراء العامية الشيخ صالح العمري بقصائد منها قول الشاعر محمد بن عبد الله بن عامر فيه:

يا الله يا المطلوب رب السموات

يا داير الافلاك انك عويني

يا عالم بالبينه والخفيات

يا غافر الذنب للمذنبين

تعز شيّال الحمول الثقيلات

راع الكرم والطيب ذرب اليمين

العمري صالح زبون المجيعات

لي جات من بُعد تصك القرين

ص: 63

أن جوه ضيفانه بدا بالتحيات

ما يذبح إلا كل كبش سمين

ستر الوطن لي جت عليه المجالات

علم الحيا والطيب لازم يبين

أنا أشهد أنه من رجال المروات

ويشهد له الله، ما بوجهه يشين

بدَّال ماله في السنين الشديدات

دايم كما عدٍ عليه القطين

يشهد له الله ما فعلها مراعاة

يريد وجه الله دنيا ودين

صالح علومه طيبه كالعلامات

ريف الضيوف إذا ألفوا وافدين

من كرم حاتم علامه وشارات

واجود من اجود وانشد العارفين

تشهد عليه أفعاله القديمات

أبو اليتامى يوم غبر السنين

ماني من يمدح على قد مشهاة

المدح للشيخان والمشكلين

أهل الكرم وأهل النفوس العزيزات

كسابة الناموس والطيبين

وصلاة ربي عد ما فايت فات

واعداد ما حجوا وهم محرمين

على شفيع الخلق يوم المناجاة

محمد هو سيد المرسلين

وقال الشاعر علي بن عبد الله المعارك:

بكل احترام أقدم هذه الأبيات إلى الشيخ صالح بن سليمان العمري رمزًا للمحبة وأرجو أن تكون موضع الاستحسان:

أهدي سلام والتحيات مبداه

إلى أديب حاز فخر مع اجلال

للشيخ صالح صاحب الفضل والجاه

نال الثنا بمقدماته بالأعمال

يا باذل المعروف في كل من جاه

كم من مناصب درتها بعز وإكمال

أبو محيسن شاهده بذل يمناه

نجل العماري بارز كنه هلال

حاز المكارم والسخا في عطاياه

له ميزة تسمو كما المزن ينهال

بنى جوامع قاصدٍ أجر مولاه

نال الفخر فيما يقدم من المال

في منزله العامر ضيوفه بتنصاه

وله عادة محموده طيب الأفعال

سمح المحيا، والكرم في سجاياه

حفيد بيت العلم حذا حذوه انجال

ص: 64

وإخوانه الاثنين ماشين ممشاه

ناصر مع إبراهيم له فضل وإجلال

جمع الأدب عند العمريين ملفاه

بحوث وحفظ به تفاصيل وإجمال

ومن أعمال الشيخ صالح العمري الأدبية حصوله على امتياز لإصدار صحيفة القصيم وقد حصل عليها بالفعل وصار يكتب فيها وينشر ما يراه صالحًا للنشر.

ولم يحصل على ذلك الامتياز إلَّا بعد جهود مضنية، ومراسلات منها هذه:

سيدي جلالة الملك المعظم أبقاه الله

لا يخفى جلالتكم ابتداء النهضة التعليمية بمنطقة القصيم والتي هي جزء من حسنات جلالتكم التي عمت جميع أرجاء المملكة، بل وتعدتها إلى البلدان العربية والإسلامية وبما أنه لا يخفي جلالتكم أن النهضة التعليمية لابد لها من موجه ومرشد ومشجع وبما أن الصحافة من أقوى عوامل التوجيه والإرشاد وحيث أن القصيم إقليم واسع لا يعرف عنه الكثيرون شيئًا من ناحية تقدمه العلمي والعمراني والزراعي وبما أن للخادم رغبة صادقة في مليكه وحكومته ووطنه في بناء الحضارة والتقدم لا في القصيم فحسب بل في جميع أرجاء المملكة لذا فقد كان موضع تفكيري منذ سنوات إنشاء صحيفة عربية إسلامية في بريدة تسمى (القصيم) وسيكون هدف هذه الصحيفة نشر الدين الإسلامي الصحيح وخدمة المليك والحكومة وتوجيه الجيل الجديد توجيها إسلاميًا صحيحًا يمكنهم من خدمة دينهم ومليكهم ووطنهم خدمة صحيحة صادقة كما وأن هذه الصحيفة ستعنى عناية خاصة بالشؤون الصحية والزراعية وقد جمع الخادم لهذا الغرض من شباب بريدة المثقف ما يقرب من مائة ألف ريال كرأس مال للصحيفة ومطبعتها، وسنعتني بطبع الكتب الدينية والأدبية في المطبعة إن شاء الله.

والخادم يرجو التكرم بالسماح له بذلك ومنحه امتياز الصحيفة باسم

ص: 65

(القصيم) كما أن الخادم لا يستغني عن توجيه جلالتكم لكل ما ترونه ولا يستغني عن تشجيعكم ومساعدتكم على هذا المشروع الجليل الذي نرجو أن نرى ثمرته في القريب العاجل تحت رعاية حامل لواء النهضة: جلالتكم، وفقكم الله لكل خير سيدي.

محبكم

صالح بن سليمان العمري

وقد تلقى من الديوان الملكي بعد ذلك حول ما يتعلق بطلبه:

المكرم الأستاذ السيد صالح سليمان العمري رئيس تحرير جريدة القصيم بالرياض

بعد التحية ..

عطفًا على ما جاء في كتابكم المرفوع إلينا في 15/ 6/ 81 هـ حول تدخل السيد عبد الله الصانع صاحب جريدة القصيم في شئون التحرير ونتيجة للتحقيق الذي أجراه عما ذكرتم في كتابكم المذكور مدير الصحافة والنشر بجدة ومدير مكتب الإذاعة والصحافة والنشر بالرياض وما رفعاه لنا حول ذلك في كتابهما رقم 1225 في 18/ 9/ 81 هـ وعطفًا على كتابنا لكم رقم 840 في 2/ 6/ 81 هـ المعطوف على الأمر السامي الكريم رقم 57 في 7/ 6/ 81 هـ بإسناد تحرير جريدة القصيم لكم نظرًا للحيثيات المشار إليها فيه من أنكم أول من تقدم بطلب امتياز إصدار جريدة عن القصيم.

نظرًا لكل ذلك ولما اقتضته المصلحة ترى الحكومة بعد سحب امتياز الجريدة المشار إليها من السيد عبد الله الصانع بموجب كتابنا له بذلك المرقم 1231 في 20/ 9/ 81 هـ المرسلة صورته لكم أن تمنحكم امتياز جريدة القصيم وأن تنقل إليكم حقوقها كاملة من تاريخ كتابنا هذا بحيث تكونون صاحب امتياز الجريدة ورئيس

ص: 66