الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في واد واحد إلى البحر، ويتفرع منهما بعض الشعاب التي تصب في البحر منفردة على ما ذكر لي.
ثم إن الواديين بعد ما يجتمعان يسميان بوادي الحمض في الوقت الحاضر.
بدء الرحلة:
سافرت من المدينة المنورة مندوبًا عن رئاسة البحوث العلمية والإفتاء في لجنة توزيع أراضي الفيضة الواقعة بوادي الحمض على قبيلة الطوائعة من عنزة.
ويرأسهم شلاح بن عابد خريقين الطويلعي، ولم تكن لدي فكرة تامة عن الموقع، حيث إن وادي الحمض طويل، والفيضة اسم مستحدث، لذا لم أجد من يخبرني خبرا مقنعًا عن الأرض ومكانتها.
ولكننا سرنا على بركة الله مستعينين بالوصف فركبنا السيارة من المدينة المنورة في يوم 14 - 8 - 1392 هـ مع طريق القطار، فلما قطعنا ما يقرب من 25 كيلا وجدت آثارًا لمساكن قديمة وأسوار قديمة، قد سقطت، ولم يبق فيها إلَّا ما يقرب ارتفاعه من نحو ذراع، وهي مبنية بالحجارة، وقد زرعت عرض السور فوجدته يزيد عن ذراع، ويمتد حوالي عشرة كيلوات، ثم ينعطف ثانية فيمتد نحو الشمال، وفيه بعض الزوايا التي يحتمل أن تكون قد وضعت للتقوية أو للحماية فعلمت عندئذ أن المنطقة منطقة أثرية، وأن هذا طريق وادي القرى التاريخي، مما زاد اهتمامي بالبحث عن الآثار، غير أنني فوجئت بأن الآثار متصل بعضها ببعض فلا تكاد تمشي إلَّا على آثار مساكن، أو قنوات لعيون مطمورة.
وقد رأى أحد أهل تلك الناحية اهتمامي بالبحث عن الآثار وتتبعها فذكر لي قصرًا قريبًا من هذا الموضع، على بعد 25 كيلًا تقريبًا من المدينة لكنه على غير طريقنا، ولم نتمكن من الاطلاع عليه، وقد وصفه لي بأنه مربع مبني بالطوب
الأحمر والحجارة، وله أربعة أبواب معقودة بالطوب، ويقول إن سقفه كان معقودًا بالطوب الأحمر، وأن حوله آثار العيون، وذكر لي أن اسم الموقع الحالي هو (المندسة)، أما اسمه القديم فلم نتمكن من معرفته.
وعلى بعد 48 كيلًا من المدينة المنورة وجدت آثارًا كثيرة لعيون قد اندرست، وآثارًا لمنازل لم يبق غير معالمها، وامتدت هذه الآثار حتى وصلنا إلى قرى المليليح وهي مجموعة قرى ومزارع حديثة العهد استحدثها بعض القبائل من حرب وجهينة وغرسوا فيها النخل وحرثوا أرضها.
وتمتد القرى الحديثة والمزارع الصغيرة المنتشرة ثلاثة عشر كيلًا تقريبًا مما تعذر معه البحث عن الآثار فيها، حيث قد ضاعت معالمها في المزارع وبين المساكن، وإلا فهنا بلا شك الأماكن الأثرية القديمة.
وفي الكيلو 88 شمال المدينة وصلنا إلى مكان (البرير) فسألت أحد الأعراب عن اسم الموقع؛ فقال: (البرير) قلت له: بم سمي البرير؟ فأشار إلى بئر صغيرة وقال: سمي بهذه البئر الصغيرة، ولكني بعد ما رجعت إلى كتب التاريخ واللغة عرفت الموقع وأنه (البريرة)، وأنه الموضع الذي غزاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد بستة أشهر فأحرق نخلهم وقطع زرعهم، وفيه نزل قوله تعالى:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} .
وعندما وصلنا إلى 190 كيلو من المدينة دخلنا واديا يكثر به شجر الدوم يسمى وادي خيبر يلتقي بوادي الحمض - وادي القرى - وفيه قرية السليلة، وقرية القعرة، ويسكنهما الطوالعة من عنزة، وهما حديثتان وتكثر فيهما الآثار والعيون المدرسة، وهاتان القريتان هما أول قرى ذي المروة وتبعدان عن المروة نفسها بحوالي خمسة وعشرين كيلو مترًا تقريبًا.