الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاث معاني يزرع الحمد بينهن
…
ويجنى إلى راد الكريم سليم
أولهن الرأي السديد ابجزمه
…
يودع بواليد الحديد رميم
والثانيه صك الجباه بصارم
…
ايغشم إلى صار القبيل غشيم
والثالثه بذل النوال على القدا
…
وصبر على صعب الأمور جسيم
ولا غير هذا مسلك يوجب الثنا
…
راجيه من دون الثلاث سقيم
راجيه من دون الثلاثا كما الذي
…
يرجى سهيل له يكون نديم
يا طالب الطولات لا تحسب انها
…
تجيك بالهيّن وكل نعيم
يكفيك عما قلت ما جا أو ما مضى
…
مركب عظيمات الأمور عظيم
موآرده دم أو سم قاطع
…
ومرعاه حشاش النفوس وخيم
يصعب على صعب الرجال اصعودها
…
عجب كيف تطمع به يمين ذميم
ولا كل من يبرك لها يرتكي لها
…
ولا كل ما تلد الكرام كريم
ولا كل من مس الحبال يبتها
…
ولا كل من فل الكتاب فهيم
ولا كل من شاف المهاة يصيدها
…
ولا كل من شاف العليل حكيم
ولا كل من دنّي الحمل يشيله
…
ولا كل من هاش الرجال عديم
يا طالب الجاه الرفيع أو عامده
…
تراه بخشوم السباع وهيم
مقطعات للعوني:
معظم شعر العوني قصائد طويلة متكاملة، وقد حفظها الناس في صدورهم لأهميتها عندهم ولحلاوة لفظها وجزالته بل لروعة نظمها، ولأهمية معانيها.
لذلك كتبها كتبة الشعر العامي منهم، وما أقلهم.
وذكرنا منها هنا جملة صالحة، ولكن للعوني أيضًا مقطعات شعرية، أي أبيات قليلة، أو لنقل على حد تعبير بعض الأدباء إنها قصائد قصيرة.
منها هذه التي أرسلها باللفظ إلى الأمير عبد العزيز بن متعب بن رشيد عندما كان
أهل القصيم ومعهم الملك عبد العزيز آل سعود يحاربونه ويقارعونه:
يا نديبي فوق طوع الراس حايل
…
حرة هي منوة الطارش امْعَنَّي
خبر الي ساكن بقصور حايل
…
لي لفيت احمود رد العلم عنا
قل لبومتعب إلى جته الرسايل
…
كان تبغي الحرب جاك اللي تمنى
قل نذير ولا نبي منكم جمايل
…
الهرب يا تايهين الراي عنا
قبل يوم به يضيعن الدلايل
…
ذا كسير وذا طريح، وذا يونا
ما تخافون الولي منشي المخايل
…
كيف خدام طمعتوا في وطنا
من نصبكم بالإمارة يا الهبايل
…
قبل ذا وعبَيْد فلاح معنَّى
انشدوا كل الحمايل والقبايل
…
كان ما قالوا سنام المجد حنا
اطلب اللي عادل ماهوب مايل
…
يهلك اللي باغي منكم أو منا
أيضًا له في مقتل عبد العزيز بن رشيد سنة 1324 هـ:
ساعتين تشيب اللي حضرها
…
مطلع الجدي عن روضة مهنا
يوم ربي هل الدنيا حشرها
…
لابتي يوم غاب البدر اكنَّا
عرضوه اسناعيس لخطرها
…
ظنهم لارتكوا ننزاح حنا
وارتكينا كما طامي بحرها
…
ثم ثار الدخن منهم أو منا
طاح أبو متعب باول اشهرها
…
راح ماكن بالدنيا تهنا
طيروه العوارض من ظهرها
…
صار تالي الخبر منهم أو منا
لابتي يوم ابوتركي نهرها
…
سبلوا ما تنوا للي تونّا
كله لعين من هلَّتْ عبرها
…
جادل خضبت بالكف حنّا
ارس يا غرس واشرب من نهرها
…
كان يرضيك منا يا وطنا
وللعوني أيضًا:
لو بغت نجد تصفي ما نخليها
…
دام ما صار راس اسنانها منّا
الحرايب انولعها ونطفيها
…
كل ما ثار حرب شعلته حنا
أيضًا له:
قال من هو تريض عقب هالروجه
…
شفت ما عفت من وقت كالح نابه
انديبج وانا مانيب دبّوجه
…
وافهم العلم وكني ما اتمعنى به
المثايل بصدري تقل منسوجه
…
وافتح الراي لا منّه انغلق بابه
العوني والغزل:
يؤلف شعر الغزل بابًا مهما في دواوين الشعراء الموهوبين، حتى إن بعضهم صار يتغزل تغزلًا لمجرد أن ينظم شعرًا في الغزل يتخيل فيه حبيبه ثم يذكره في غزله ويناديه في الخيال.
لذا يرد على الذهن سؤال عن الغزل في شعر العوني؟ لقد كتب بعضهم رأيًا نشره في بعض الصفحات يقول: إن العوني لم ينظم شعرًا غزليًا قط، وليس في شعره من الغزل شيء.
وهذا نفي مردود على صاحبه، إلّا إذا أراد أن قصائده الطوال ليس فيها قصيدة طويلة في الغزل فهذا صحيح ما عدا قصيدة ظاهرها الغزل وهو في الحقيقة يتغزل فيها بمدينة بريدة، وهي القصيدة التي على قافية الفاء المكسورة.
وألفيته التي من اصطلاح الشعراء أن تكون غزلية كلها، وقد تقدم إيرادها.
أما الشعر الغزلي للعوني فإنه كثير ولكنه مقطعات جميلة لا تصل إلى أن تكون قصائد مطولة.
قال العوني في معشوقة له تسمى عقيله كان أهلها من الأعراب نازلين على الربيعية، فعشقته أيضًا، ثم ارتحلوا إلى الحفر فسألت عنه وأرسلت له
سلامًا مع رجل من أهل الربيعية قال:
كريم يابرق سري استخيله
…
على الحفر كنه سواة العناقير
يزي فياض وقَفَتْ بَهْ (عقيله)
…
تلقى حليِّ شْفِبها (1) بالدواوير
يا طول ما جابن لك الهجن سيله
…
وجعله على دار المحبين يا عمير (2)
اللى عني لي بالدجا ينعي له
…
الله يذكر من ذكرناه بالخير
يا عمير كان انك مسقي صميله
…
اركب على حر براسه زعاطير
اسبق من اللي شم ريح الفتيله
…
وخَفَّق مع الريغا مثل خافق الطير
قال محمد العوني:
قالوا علامك؟ قلت يا ناس ناسي
…
ازريت اميز ما ظهر من بالقيس
جتني تخطى كن فيها نعاس
…
تركي على القلب المشقَّي محاميس
بياض جلده ساطع بالْوَراسي
…
شبهت انا جلده مثاني قراطيس
تكد مجدول ينوش اللباس (3)
…
يشبه غدير جاه بعض النسانيس
وقال العوني:
لي صاحب ما قف طريق مقره
…
بين الجبال النايفه والزباره
عسى الروايح كل ما انْشَتْ تمره
…
وعسى المطر يمطر على سطح داره
اللي سقاني من شفاياه مره
…
أزَّى عروق القلب واحيا ثماره
واصبحت كني حاكم بالمجره
…
حيثه مشرفنا على كل شاره
ثوبه حرير وفوق وركه يجره
…
وبياض جلده ساطع في حماره
والعنق عنق اللي ربع بالمجره
…
عَنق العنود اللى تلنه جْفارَهْ
(1) أي شبيه شفتيها في زهور الرياض.
(2)
عمير العمير من أهل الربيعية.
(3)
اللباس: السروال.
وهذه القصيدة قالها العوني في صديقة له في الزلفي قيل إنه ذهب للزلفي للسلام على عمة له هناك فتعرف عليها.
وقال محمد العبد الله العوني وقد رأى امرأة جميلة تقبل وهم في المسجد وذلك في شبابه:
تجمعوا يا أهل القلوب المواليف
…
صيروا ورا القراي خمسه صفوفِ
نبي نجمِّع الشور والراي ونعيف
…
ونحارب الخفرات ياهل الشفوفِ
انتي هواي من لابسات المشانيف
…
وانتي هواي من لابسات الشفوفِ
العوني والرثاء:
ويصح أن يكون العنوان: (شعر العوني في الرثاء) ذلك بأن العوني شاعر مفلق، والشاعر رقيق الإحساس فياض الشعور، تؤثر فيه الأحداث السارة والضارة أكثر من غيره أو هي تؤثر فيه مثلما تؤثر في الناس غيره من ذوي الإحساس المرهف والشعور الشاعر، ولكنهم لا يستطيعون أن يعبروا عن ذلك بهذا الشعر الراقي الصعب الممتنع.
ولذلك لا يصعب عليه الرثاء في الشعر ولكننا لا نجده كثيرًا في شعره مثلما أننا لا نجد الغزل كثيرًا في شعره.
من شعره البليغ في الرثاء هذه المراثي في صديق له عزيز عليه أثير لديه وهو عبد العزيز بن عبد الله بن مهنا الذي قتل في سنة الطرفية عام 1318 هـ.
قال:
والله لولا جرة العظم مره
…
وفنجال بن عشر عفرا بهاره
لي أخذت من زين الغلاوين جره
…
اتبعتها الفنجال يطفي حراره
من واهج بالصدر ياكود حره
…
لي فار ضرب بالنواظر شراره
لا صير مثل اللي حديده يجره
…
هبيل قلب للخلايق اسفاره
يلومني دحش خياله يغره
…
نوم الصفر يرِّث ابوجهه غباره
عليك يا شيخ نزا من اشمرَّه
…
مع ايمن الصفرا يسار الزباره
يا ليتني ما ذقت حلوه ومره
…
وياليت يومي سابق عن نهاره
ومن مراثيه في عبد العزيز:
الله عسى مزن نشا من سحابه
…
يمطر على قبر ورا الطعس من غاد
ياعنك قلبي ما سلا عن اترابه
…
بالحلم هو والعلم ناصيه رواد
ويقول أيضًا فيه متعزيًا في صحبة أخيه محمد بن عبد الله بن مهنا:
والله لولا واحد فاطن له
…
الزول زوله والحلا يا حلا باه
لافرّ فرة من غدت فاطر له
…
عليه صميله في لظى القيظ واغداه
وصاب الرمد عينه، ولا أحد يدله
…
والما عنه يومين يا بعد مرماه
دراسة شعر العوني:
شعر العوني جدير بالدراسة لأنه شعر سياسي يتكلم على الأمور السياسية التي حدثت في عهده، وهو شعر حماسي لأنه يتكلم أيضًا على الوقائع الحربية والنزاعات الكثيرة في زمنه، وهو إلى ذلك كنز لغوي لا يقدر بثمن، لانه ضم آلاف الكلمات اللغوية التي كانت موجودة، بل كانت حية نامية في عصره، وفقدت من الاستعمال في عصرنا.
وهو أكثر من ذلك شعر منسجم يجب أن يدرس من أجل هذه الناحية الفنية فيه.
وقد نشرت له قصائد في مجموعات الشعر العامي القديم مثل كتاب (ديوان النبط) لخالد بن محمد الفرج، ومثل مجموعة ابن حاتم.
وقد جمع الكاتب للأشعار العامية الجيدة الشاعر عبد الرحمن بن إبراهيم الربيعي من أهل عنيزة شعر العوني في ديوان أسماه (ديوان العوني) كتبه أكثر من مرة أي نسخه أكثر من مرة فكان يهدي بعض ما نسخه منه قبل وجود آلات التصوير فأسدى بذلك يدًا لمحبي الشعر العامي على وجه العموم ومحبي شعر العوني خاصة.
كما كتب الأستاذ فهد المارك من أهل حايل كتاب (تاريخ أمة في حياة شاعر) عن شعر محمد العوني وسبق ذكر ذلك.
ولكن ذلك كله ليس دراسة شاملة عن شعر العوني، بل عرض لشعره أو لشيء يستفاد منه.
فشعر العوني جدير بالباحثين أن يتجهوا إليه فيبحثوا فيه، عما يبحثونه من فنون معرفة لا تكاد توجد في غيره.
وقد رجعت إليه عند كتابة كتبي اللغوية التي من أهمها وأضخمها (معجم الألفاظ العامية) الواقع في 22 مجلدًا، ولا يزال مخطوطًا، وفي معجم (الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة) الواقع في 13 مجلدًا، وقد صف على الناسوخ وتقوم الآن (مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض) بطباعته.
قال منديل بن محمد الفهيد:
الشعر أدبنا واسمه الشعبي صحيح
…
بادي مع أولنا، وفينا لم يزل
واللي يسميه النبط ماله دليل
…
هذا لغتنا واضح المعنى عَدِلْ
ها الاسم لا مفتى ولا هو مستحب
…
يا أهل المعرفة علموا به من جهل
يستعملونه للحقوق وللحروب
…
إنشد عن العوني وشعره وش فَعَلْ
وفي نهاية الحديث عن الشاعر (محمد العوني) نذكر أنه مات في عام 1343 هجرية، رحمه الله وعفا عنه.