الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شاعرية العوني لا ينازع فيها اثنان:
أذيع في برنامج البادية أن الأمير مشعل بن عبد العزيز سأل الشاعر عبد الله اللويحان عن عدد من فطاحل شعراء العامية فذكر ابن شريم وابن دويرج وعبد الله اللويحان نفسه.
فقال الأمير مشعل: والعوني؟ أشوفك ما ذكرته، فقال: العوني نحن - يا الشعراء - نسميه ملهم، وعامة الناس يسمونه (بحر) وحنا يسموننا (رسوس)، والرسوس: جمع رس وهو الماء القليل.
يؤكد بذلك تفوقه في الشعر على العموم.
وكان الناس بمختلف طبقاتهم في نجد كلها يحفظ الشخص منهم قصيدة أو قصائد من شعر العوني ويعجبون به.
حدثني الشاعر المشهور الأمير محمد بن أحمد السديري خال الملك فهد بن عبد العزيز وعدد من أشقائه الأمراء، قال: كنا مع الملك فيصل بن عبد العزيز في سفر، فجاء مجال للحديث عن العوني وذكر لإحدى قصائده، فأنشدها الملك فيصل كلها لنا من حفظه، وكان ينشدها كما يقرأ أحد الناس سورة الفاتحة وهي أكثر من 40 بيتًا.
ومن الشواهد على أثر شعر العوني في الحروب وتأليب القبائل بعضها على بعض، بل تأليب الأقارب بعضهم على بعض ما روي أن الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله أهديت إليه فرس من أحد شيوخ القبائل في العراق، إما من المنتفق أو الظفير وهي فرس أصيلة مشهورة تسمى أم جنوب لأن في جنبيها طعنات من الرماح لم تبال بها.
فأعطاها العوني وأهديت إليه خنجر ثمينة من الهند فأعطاها العوني أيضًا.
وكان من جلسائه في ذلك الوقت طائفة من شيوخ القبائل المشهورين بالشجاعة ومنهم محسن الفرم كبير بني علي من حرب فوجد في نفسه شيئًا من ذلك وقال في مجلسه بعد أن انفض مجلس الملك عبد العزيز:
كيف عبد العزيز بن سعود يعطي ها الفرس الأصيلة لحضري من أهل بريدة ولا يعطيني إياها أنا أخو حسناء اللي أقابل عليها القوم وأصلح لها في القتال.
قالوا: فبلغت كلمته هذه العوني، فذهب إليه في مجلسه وقال: يا أبو جلال، وهذه كناية محسن أنت قايل كذا وكذا؟ قال: نعم، أنا قلته لأنني أنا وأمثالي اللي تصلح لهم الفرس الأصيلة لأننا نذبح عليها القوم.
فسأله العوني قائلًا: يا أخو حسنا إذا ادلهم السماء من الغبار يوم الكون الأقشر وأنت على فرس أصيلة مثل هذي كم تذبح من الفريس أي الفرسان؟ فأجابه الفرم: ماهيب الأيام سوا يوم أذبح ثلاثة ويوم أربعة ويوم أذبح واحد ويوم أتشفق السلامة وأهج على فرسي.
فقال له العوني: أنت أكثر ما تذبح عشرة باليوم وأنا أقول لي بيتين أو ثلاثة وأهيج ألفين رجال على ألفين رجال من أعداء ابن سعود لما يقتل بعضهم بعض وربما يقتل منهم في يوم واحد مائة أو مائتين، فأينا أنفع لابن سعود يا الفرم؟
ويقول العارفون بالعوني: إنه لم تكن تنقصه الشجاعة في حرب ولكنه اشتهر بالشعر.
أقول: هكذا سمعت هذه القصة من عدة مصادر وحدثني سليمان بن عمير من أهل الربيعية وخاله العوني قال: كان الملك عبد العزيز آل سعود معزومًا في بيت صالح المطوع فأهدى إليه أعرابي مهرة أصيلة عجيبة
المنظر، فقال: يا العوني خذها، ثم أهدى إليه آخر خنجرًا مموهًا بالذهب فأعطاها العوني أيضًا.
ولا أدري أهما واقعتان أم هي واقعة واحدة.
وحدثني سليمان بن عمر ابن أخت العوني أيضا، قال: سأل الملك عبد العزيز آل سعود محمد العوني عن ملكهم بالربيعية وكان الملك مارًا بالربيعية فذكر له - صادقًا - أنه موضع بمعنى أنه لا تسني السواني التي تخرج الماء من البئر عليه، وأنه معرض للهلاك، وموت نخله.
فأشار الملك عبد العزيز ابن سعود إلى عدة نياق جيدة وقال: خذ منها ما شئت تسنون عليه، فاختار منها ناقتين، وأعطاها لعمير العمير زوج أخته لأنه الذي كان يقوم على النخل فصدَّر عليها وعاد الماء إلى النخل في الربيعية.
ولا يزال نخل العوني معروفا، بل كان موجودًا إلى عهد قريب، وفيه القصر الذي عزم فيه العوني الملك عبد العزيز آل سعود.
وفيما يتعلق بسخاء الملك عبد العزيز آل سعود للعوني وتلبيته طلبه ما حدثني به والدي رحمه الله، قال: بعد أن استتب الأمر في القصيم لابن سعود ومن تحالف معه من أمراء القصيم وبعد أن دبج العوني القصائد الرنانة في مدح الملك عبد العزيز وفي حركاته وغزواته قال له الملك عبد العزيز: إطلُبْ يا العوني من العيش، أي القمح، يريد بذلك سل ما شئت، فقال العوني يا طويل العمر، أنا ما أبي إلا حرف واحد (ألف)، يريد بذلك ألفًا من أصواع القمح وألف وزنة تمر.
وتلك البروة تعطى لمن يريد الملك من بيت المال في القصيم الذي غالب ما فيه من زكاة التمر والحبوب، وقد تكون فيه موارد أخرى.