الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمان العيد الشاعر:
الصديقنا سليمان بن عبد الله العيد شعر عامي قوي كان مارس نظمه في فترة من فترات حياته، ولم أكن سمعت به، بل لم أكن أعرف أنه ينظم شعرًا قط، مع كثرة اختلاطي به، وذلك لأن سوق الشعر العامي في بريدة كانت قد كسدت وتركها حتى أربابها.
ولكنني وجدت في أوراق عبد الرحمن بن إبراهيم الربيعي راوية الشعر العامي، ومسجل أكثر قصائده شعرًا قال: إنه لسليم العيد راع بريدة.
وسليمان العيد ظل فترة من أول يعرف بسليِّم العيد، بالتصغير، فسألت سليمان العيد عن شعره، فقال: ذاك شيء كان فبان، وليس لديَّ منه الآن ورقة ولا أحفظ منه شيئًا.
فكتبت هنا ما ذكره الربيعي بعد أن صححته عليه ولم أجد فيها شيئًا يحتاج إلى تصحيح مهم، ثم أعطاني بعد ذلك شيئًا من شعره ذكرته هنا.
فمن شعر سليمان بن عبد الله العيد وأنشدنيها من لفظه وهو يخاطب بها منديل بن محمد الفهيد:
البارحة قلبي تضارب حسابه
…
تعادلت خمس الهلال به والا لفين
قلب العنا قلقان مما اصابه
…
دور على ربعه لقى الربع ماشين
يقول وين مقدرين القرابه؟
…
هذي منازلهم ولا شك هم وين؟
حاولت أجاوب بس وين الاجابه
…
راحوا إلى المجهول بليا عناوين
راحوا إلى المجهول والشمس غابه
…
لا اخبار لا اذكار يا وينهم وين؟
طقيت كف بكف ونابٍ بنابه
…
وسريت ليلي بين هقوة وتخمين
وأصبحت في دوٍ تلاعب سرابه
…
دو قفر ما ديج به له زمانين
دورت في سهله وعالي هضابه
…
ادور اللي راح وش لو يلاقين
ادور الأيام واللي جرى به
…
راحت على ما به من الزين والشين
* * * *
يا ليت من عاده إلى اول شبابه
…
أيام كفاف العيش والربع حيين
اللي مجالسهم تجد به طرابه
…
سواليفٍ مثل الزلالي لمظمين
ذولا مسابير وذولا قرابه
…
وذولا من الجيران وذولا صديقين
وان كان هو غز الدهر فيك نابه
…
واسوك ولحل المشاكل مقيمين
والجار ليا جا البيت يومن جنابه
…
يومن على النسوان وما بين الأيدين
وان شاف شق يرقعه من ثيابه
…
جيران كالاخوان وهم من امين
ابكي على ما به واقول يا سفابه
…
لو البكا يرجع بهاجدت بالعين
اللي مضى هيهات يرجى ايابه
…
الا أن رجع دم الصبا للمسنين
ابكي على رجال الصخا والحبابه
…
أهل الكرم والجود لو هم مقلين
مبادرين الضيف بقولة هلابه
…
كنه صديق غايبٍ عنهم سنين
تاريخهم بالطيب كلٍ حكى به
…
منهم هل المنسف ومنهم الهزازين
ويا ما من الاجواد والله ما به
…
شرق وشمال وغرب ويسار ويمين
من دون عانيهم لو الحال ما به
…
نالوا بياض الوجه بالعسر واللين
جيل تفاني وراح ماكن وطابه
…
عاشوا شرف العيش وماتوا شريفين
* * * *
وحنا وراهم شمسنا بالذوابه
…
اعصيرنا مسيان يومي باليدين
يقول لنا كل يتفقد زهابه
…
قرب الرحيل وفراقنا للحبيبين
رحيل إلى المولى ضيوف ببابه
…
جوعا وعطاشا وهو رب المساكين
من لاذ به ما خاب، رحمه واجابه
…
يسمع ندا المضطر وبراه بالعين
يحيي اعظام هامده من أترابه
…
ثم كاسيه لحم جديد عقب وين
نرجي كرم عفوه ونرجي ثوابه
…
نرجي الثبات ليا اجلسونا الملكين
نرجيه يلهمنا صحيح الاجابه
…
وحنا برجوا رحمته مطمئنين
وصلاة ربي عدوبل سحابه
…
على نبي الحق والشرع والدين
فأجابه منديل المحمد بن فهيد على معناه وقافيته فقال:
حي الكتاب وحي زول مشي به
…
عد الهلال والرمل والنبت والتين
أحلى من البارد وكبد هوي به
…
في لاهب الجوزا عن الدرب غادين
بالخط والكاتب مع اللي حضابه
…
اعم به ربع على السد صافين
فزيت واستريت بأحلى جوابه
…
افرح من البشري ضحى يوم عيدين
من صيرف فاهم تشوف الذكابه
…
نظمه كما الياقوت غالي التثامين
غريب جيله بالوفا والحبابه
…
والفهم والمعروف بالشد واللين
نشا ابدور ما يهب الهوى به
…
لو هو من الثاني نشر له دواوين
البته قريب فاقتبس من اعرابة
…
تفضاة بال وبالخفيه ايشاكين
تشكي غريب الجيل جالي اعذابه
…
كد مر بي ذكرك ابعصر الثلاثين
وتطاير أهل الغي يوم الطرابه
…
يوم الهوى لاهل الهوى والهوى زين
واليوم درب الغي كل مشي به
…
ضاعت اسلومه والعوارف معيفين
صار الغلا للقرش هو والزلابه
…
ذهب الذهب بمروة العقل والدين
لحيت بي يا شوق زاهي اسلابه
…
حنا على تجهيز لازمك عجلين
كان الحمى قفر ولا احد وطابه
…
عاجل ولا تمهل لو العشر عشرين
ترى مثل الصيد مكن صوابه
…
وان ذيرت بندقك ترجع ثلاثين
اكتم ولا توطا القدم حول بابه
…
واحذر رديّ السد، وادر البغيضين
وللي تغشلاه القراد او دبي به
…
ما يومن عنها هل العرف مفتين
يحمد مصابيح السري من سري به
…
بدراكة المبغى تريح الشواطين
وان كان في عد عطين شرابه
…
ذولا مقابيل وذولا امقفين
الملك واسع والبدل يتلقي به
…
مقر بنقر ما تجيه المعاطين
وان كان ما تقوى المنع عن اجنابه
…
اشرب وتّعز عن مقرات الشياطين
ولا تامن العايب وجحر المغابه
…
وأكثر مغار الذيب بين العشاوين
وان كان هو مكار يضحك بنابه
…
يا عد، ولا يصدق ولا يوفي الدين
هذاك ما صوف بزامي سرابه
…
والفاهم الحاذق يعرف النياشين
من صد واقفي فانتقل لا هلابه
…
واقبل على المقبل وخل المقفين
أن كان خلك حال دونه مهابه
…
اشرار ورجال حيود مهيبين
تلح بي تبي المدد والمثابه
…
حنا هل الفزعه اعجال امطيعين
خطو الولد لا قال قول وفي به
…
يافي احلول الكيل عند الموازين
والى اكترب حبلك يحل اكترابه
…
بالرب ثم اريا ومقدور كفين
وان بان بك قصف رمى لك اثيابه
…
نادر زمان وجنس وصفه قليلين
وخطو الولد طيبه لسان هذى به
…
ربع الرخا والشد ماهم امخيفين
أثرت لك ما ألقي لي واحقي به
…
والناس فوق من خرص اوتثامين
أيضًا وكل معجب في جوابه
…
تشوف عين غير ما لا ترى عين
افتون عن شي يعمر الوطابه
…
منها وفيها مع تمامه بشرطين
وافتون عن بنت جماله
…
يوضف بها بين الخلايق ابتلحين
اخضابه ما به منافيع جداها هبابه
…
افتون عنها يا الكرام الفهيمين
وقال سليمان بن عبد الله العيد في رثاء زوجته منيرة بنت عبد الرحمن بن عبد العزيز المقبل: ويذكر صديقه منديل بن محمد الفهيد، يخاطبه في أولها:
يا طير ما تنقل سلامي لمنديل
…
يا طير يا اللي بالخضيرا تحوم
حول عليك الله ودوك المراسيل
…
دونك سلام وسط ظرف مختوم
دونك سلام مع تحية وتبجيل
…
من الرياء والشك خال ومعصوم
وده رفيق اللي مضي والمقابيل
…
لي استدرجت بالقلب كتر الهموم
نخبره عما جرى لي بتفصيل
…
وحزني على موت الودود الرحوم
مزن ثقيل شلت جله اناشيل
…
حمل على حمل وعجزت اقوم
يا الله لحكمك خاضعين مذاليل
…
وعليك نشكي لي اضهدتنا الهموم
من لاذ بك ما خاب يا مجزل النيل
…
يمشي عزيز لو اعظامه لهوم
ضاق الحشا من هاجس بأول الليل
…
والقلب من غمرات الأوهام يومي
عيني واحس بجفنها كالسماليل
…
سهر إلى ما تستدير النجوم
على الذي تعللت بأول الليل
…
وقامت بحاجاته مثل كل يوم
الصبح جاها الحق ما به تماهيل
…
تمت اخطاها والرحيل محتوم
قل لمن جنسه قليل بذا الجيل
…
خضرا لمن عناها تسر العلوم
ما دلت الوسعة وسوق الرجاجيل
…
ولاقط يوم سيرت له لزوم
ترفعت عن جملة القول والقيل
…
أمضت حياته ما اغضبت ربع يوم
عساه بالفردوس ماتسمع بويل
…
في مامن يوم الخلائق تقوم
البيت طفيت شمعته والقناديل
…
على صغار ما تعرف العلوم
أحمد صغير لصدمة الحزن ما يشيل
…
عقب الدلال اصبح يتيم بيوم
على بعصر القلب لي صاح بالليل
…
لي صاح يايمه يبيها تقوم
البنت فطيم المستحيل المحاويل
…
مطلوبه اللي تبي صار معدوم
باقي العيال دموعهم كالهماليل
…
والزاد وما والله يهم من يقوم
عيال لو انه ببيع وتبديل
…
جبناه لو انه بغالي السلوم
الله لا سوق المال والجاه والحيل
…
وقدر ثمان سنين والله لاصوم
قفت كما يقفي نهار عن الليل
…
طيف يخايلنا بعز الحلوم
انا الحزين انا مرد الغرابيل
…
انا حميت غبنكم والهمومي
قلبي لكم مرتع وعيني مداهيل
…
وانا الذري عن بردكم والسموم
* * * *
يا رب وش غيب الليالي المقابيل
…
ياليت غيبه ينكشف لي بيوم
حتى اخوض بموج بحر تهاويل
…
الليل غدرا واختفن النجوم
بيت الرجال اليوم مع ضيقه الحيل
…
عمله زمان فات ماحد يسوم
طلبت من عمي وحرصت بالحيل
…
يوم ان بنت العم تجي رحوم
بحال الصغار تروف وتعدل الميل
…
عادات صلب الجد يرفى الثلوم
خطبت حصه حيث فيها تنافيل
…
العقل هو والدين هو اللي اروم
لا شك صك الباب من دون تعليل
…
لو هو ذكر لي عذر والله ما الوم
لو هو اخذ رايه عطته التفاصيل
…
قالت ولد عمي يحقق احلومي
ما احملها من طيبين الرجاجيل
…
من جنس عمي جعل عمره يدوم
حنا جسد واحد ولا به تنافيل
…
حقه يعرف القاعده والسلوم
نعده ذخر أن كبا الزند والحيل
…
وله نبيع ارواحنا دون سوم
دوم بالجمعا تعز الرجاجيل
…
والا التفرق مال بيدين فوم
ترى التفرق طينة ذابها السيل
…
تمزعت بكل وادٍ تعوم
دمعي على الروس القواسي هماليل
…
شيالة الكايد الي جا اللزوم
اللي بيوم الضيق يساقون بالكيل
…
ومن لا يفي بالضيق يغشاه لوم
لا تامن الدنيا ترا عدلها ميل
…
إن ضحكت لك يوم تبكيك يومي
والله من صنديد بنت له الحيل
…
زرع بها غبن وحصد به همومي
وهذه حياة العبد قطع وتواصيل
…
وهو مع المتياه الشلاه تومي
وصلاة ربي عد وبل المخائيل
…
على النبي ما لاح صباح يوم
وقال سليمان بن عبد الله العيد بعد مجيء الملك عبد الله بن عبد العزيز من جهة حائل إلى بريدة في عام 1427 هـ:
هذي بريدة ترفع الصوت عالي
…
تبكي رجال الأمس واهل الحميا
تبكي وتعول اليوم وآشيب حالي
…
وين الرعيل اللي بنى المجد فيا
انا امهم وهم أبرَّا العيال
…
يا ليتهم حيين عندي اهنيا
بشكي عليهم حالي وما جرى لي
…
واقول لهم كل تغير عليا
يا الله يا المعبود تلطف بحالي
…
وتحقق امالي وما احتاج ليا
انا اخيل اخيال جا من شمال
…
يرعد ويبرق بس ما امطر عليا
كنت اتوقع من حميد الفعال
…
مفاجاءتٍ خصه الملك ليا
انا برجوا هن اعد الليالي
…
شبابنا الغالي يبي كل شيا
عاطل عن الأعمال والكف خالي
…
وهم سواعدنا اليا صار شيا
لا شك حظي ما اسعفن اوصخي لي
…
عند الشيوخ أهل الشبور الوفيا
خيره بغيره والليالي اقبالي
…
المعدن الطيب يرد الهديا
ولصديقنا سليمان بن عبد الله العيد أبناء عدة منهم الدكتور الطبيب عبد الله بن سليمان العيد ولد عام 1370 هـ درس الطب بالقاهرة وعمل بعد ذلك طبيبًا في وزارة الداخلية - الأمن العام - وتوفي عام 1420 هـ إثر مرض عضال أصابه.
ومن العيد هؤلاء عيد بن محمد العيد الملقب الأركع، من أهل بريدة، كان خرج من عمان مع جماعة من رجال عقيل أي العاملين معهم، وقد وصلوا مكانًا في الصحراء وهم ذاهبون إلى القصيم فجاء إليهم أعرابي وقال لهم: ما فيكم أحد يكوي - يا عقيل - فقال عيد: أنا، باكر إن شاء الله إلى مشينا الصبح مرينا عليكم وكويناه.
وأخذ حديدة عندهم فكواه في أماكن كثيرة من جسمه من غير معرفة عنده بالكي.
فسأله رفقاءه هل كويته؟ فقال: كويته كوي يموته، قالوا: وبعد 4 سنين كان يعمل مع عبد الله بن محمد الشريدة في الغربية، أي الشام، فخرج معه إلى القصيم قرب ذلك المكان فرآه أعرابي والأعراب لا يلفت وجودهم النظر، وقال له: يا أخوي انت ما كويت رجال قبل 4 سنين؟ فقال: أبدًا، أنا لي عشر سنن ماجيت هالجهة، ثم جاء الرجل الذي كان مريضًا وكواه وكشف ثوبه عن بطنه
وإذا هو مليء بالمكاوي التي يعرف عيد أماكنها.
وقال: أنا ناوي أني أعطي الرجَّال اللي كواني أربعة بعارين لأن الله عافاني بسببه.
ثم ذهب يحضرها، فقال عيد العبد الله بن محمد الشريدة: وش رأيك بها البعارين هن حلال لي؟ وأنا ناوي إنه يموت من كويي؟ فقال ابن شريدة: شف إلى جابهن يصير لك اتنين ولي اثنين ان كان انت ما تبيهن كلهن، ثم أخذ الإبل الأربع.
وكان عيد رجالًا عند صالح بن محمد العبيد أي عاملا عنده وهم ماشين من العراق بعد أن اشتروا منه إيلا فأرادوا أن يسموا جملا قويا اشتروه بوسم ابن عبيد، فعض الجمل عيدا مع يده، فقال: الله يلعن اللي أنت رزقه، أي الذي انت ماله، فقال ابن عبيد: الله يقلعك با ولد هالمره، الشرهة على اللي يجي بك.
فأخذ يد النجر وهو في أشد الألم من يده التي عضها جمل ابن عبيد وضرب بها ابن عبيد على خده.
فشكاه على السديري أمير القريات وكذلك كان منصور الجربوع سبق أن شكاه للسديري غير أن سليمان الداوود من أهل بريدة كان يعرف (عيد) فزكاه عند السديري ولم يفعل له شيئًا.
ومعنى رجال عقيل وهو الواحد منهم، والجميع رجاجيل بمعني عامل عند تجار عقيل يتعهد الإبل ويقوم على ما يفيدها ويفتقد ما قد يتخلف منها، ولكن ليس له منها شيء وليس له مال آخر فالرجال هنا: أشبه بالعامل من العمال عند تجار عقيل.
مات عيد بن محمد العيد هذا في عام 1417 هـ في بريدة، ولم يخلف ذرية لا ذكورًا ولا إناثًا.