الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد العزيز أحجاب نجد عن الروم
…
ابنك أوجلك هد صولات من صال
عز الرفيق وذل من ينقل الزوم
…
اطام هامات العدى متلف المال
حر إلى منه شهر وادرج الحوم
…
عقبان نجد عن مراميه تنجال
سبع ضروم يكصم العظم ملحوم
…
غضاب ضراب حمول أوزعال
فيه النقا والخير والشر واعزوم
…
والحزم والطولات به دق واجلال
ريف على العاني ومنصي لمضيوم
…
سو على المسوين قصاف الأجال
عصر مضى لي والصخا والرخا دوم
…
مستامن في ظل شقران بظلال
لو كان ذنبي كبر ابانات مفهوم
…
لا سامع هرج ولاهوب زعال
فان كان صابك بالنقاناب مسموم
…
حضف حقود يهلك النسل قصال
لولاه عف او شام صاحت بي القوم
…
دبّوا علي الناس رجلي وخيال
عدا علي النمر والهر والبوم
…
لولا أبو تركي كان عينت لي حال
ما شفتني من خبطته تقل منجوم
…
اعوم عومة تايه باشهب اللال
يا ليت عصر فات يرجع لي اليوم
…
افوز بسعودي والأيام باقبال
اكتب به العدوان واكسب به الزوم
…
وفرِّح اللي لي صديق إلى سال
فان ماحصل فالعمر لابد مصروم
…
قبلي او عقبي من جنت فيه الآمال
وصلوا على اللي عن هل الشرك معصوم
…
ما ناض براق وما وادي سال
العوني عند آل رشيد في حائل:
لا شك في أن (العوني) عندما طلب الصفح من الملك عبد العزيز لم يكن يقصد أن حياته ستكون في خطر، لأنه يعرف أن الملك عبد العزيز قد آمنه بواسطة محمد بن شريدة على حياته، ولكنه كان يريد أن تعود مكانته عند الملك عبد العزيز آل سعود إلى ما كانت عليه قبل تأييده لمحمد بن عبد الله المهنا.
وعندما تيقن أن الأمر لن يكون وفق ما أراد شد رحاله إلى حائل وصار مقربًا من حكامها لسنوات عديدة ولقي عندهم من العز والجاه ما كان ينتظره.
إلى أن فتح المك عبد العزيز مدينة حائل وانقضى ملك آل رشيد صلحًا على يد ابن سبهان وكان من الصلح أن يعفو الملك عبد العزيز عن آل رشيد ومن شايعهم من أهل حائل ومن أولئك العوني.
ولذلك صار العوني حرًّا، فذهب من حائل إلى القصيم وتزوج بامرأة من أسرة العقيلي، ثم ذهب إلى الرياض فوفد على الملك عبد العزيز آل سعود، ويقال: إن الملك عبد العزيز هو الذي استدعاه فأكرمه الملك بان أنزله في بيت خاص به مثل البيوت التي أنزل فيها آل رشيد حكام حائل السابقين وأجرى له المصروفات اللازمة لبيوت الوجهاء في ذلك الزمان.
وبقي الأمر على ذلك فترة إلى أن جاء بعض جواسيس الملك عبد العزيز آل سعود إليه، وذكروا له أن العوني يسهر مع الرشيد في بيت معين ويظلون يتناشدون أشعار العوني، ويتحدثون بالأمور التي كانوا عليها أيام حكمهم.
فلم يقتنع الملك عبد العزيز بذلك حتى تنكر واستمع إليهم من دون أن يراه أحد، فعل ذلك أكثر من مرة فلما تحقق منه خشي من عاقبة الأمر فتنة أو ثورة أو اضطرابًا لاسيما أنه أعرف الناس بتأثير شعر العوني على الأحداث، وربما كان في ذهنه قول والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل:
لو قرن العوني في شعره بين جبلين تقاتلا.
وإذا لم يكن هذا القول في ذهنه فإنه يعرف ذلك يقينًا فأمر بالقبض على العوني وإلقائه في سجن المصمك في الرياض وقد بقي فيه شهرين أو نحو ذلك أمر الملك عبد العزيز بنقله بعد ذلك إلى الأحساء، وإرساله مقبوضا عليه إلى الأحساء وأميره آنذاك عبد الله بن جلوي، وأن يحبسه حتى يموت على أن لا يصله منه أذى يمس حياته حفاظًا على ما تعهد به الملك عبد العزيز من الاتفاقات بشأنه.
وقد بقي في سجن ابن جلوي في الأحساء معتقلا في سجن يسمى (دَبَّاب إبراهيم) ويقول العامة: إنه بقي سجينًا مضيقًا عليه، وقد يدل على ذلك بعض ما جاء في شعره من تلك الفترة وخاصة في توبته.
ولكن العارفين بحقيقة الأمر يقولون: إنه معتقل أي ليس في رجليه قيود، ولا يوجه إليه ضغط، إلَّا أنه ممنوع من مغادرة مكان اعتقاله، وقد أجرى عليه ابن جلوي ما يحتاجه من طعام أو شراب.
حدثني الأمير سعود بن هذلول - أمير القصيم سابقًا - قال: كنت في الأحساء وكنت شابًا اسمع بالعوني ولم أره، فقلت لصديقي فهد بن الأمير عبد الله بن جلوي أمير الأحساء وكان في مثل سني: نحب نشوف العوني، فذهبنا معًا إلى الحباس وهو السجان المسؤول عن سجن العوني، فذكرنا له ذلك، فقال: احسن تشوفونه بعد العصر، وكان من العادة المقررة له أن ترسل له بعد صلاة العصر دلة صفراء مليانة قهوة مبهرة بالهيل، يخرجون العوني من غرفة السجن إلى مكان بجانبها مكشوف داخل السجن فيصب له أحدهم من الدلة حتى يشرب القهوة كلها.
قال: فرأينا العوني ويظهر أن فهد بن جلوي مثلي لم يره من قبل، فرأيناه رجلًا معتدل الجسم في وجهه طول، وعليه سمرة خفيفة ندية أي ليس أشهب الوجه ولا مغبره، فأراد السجان أن يثيره أمامنا لنتفرج بذلك فملأ فنجال القهوة له، فغضب غضبًا شديدًا ونثر الفنجال بالأرض ولم يشربه، وقال: ما يملأ الفنجال من القهوة إلا للثور.
وذلك من عادة الذين يشربون القهوة من كبار القوم أن يصبوا في الفنجال قليلًا منها يترشفه الشارب ترشفًا، وإذا لم يكتفوا بواحد أو اثنين أو حتى عشرة زادوا من القهوة حتى يكتفوا.
وقد نقل الأستاذ فهد المارك تفاصيل نقل العوني من سجن المصمك في الرياض عن الرجل الذي رافقه في ذلك، وكان مسئولًا عن إيصاله إلى ابن جلوي في الأحساء.
وذكر الأستاذ فهد المارك أنه سافر إلى مكة المكرمة للقاء ذلك الرجل واسمه صلف.
وروايته مبسوطة وواضحة لذلك رأيت نقلها - على طولها - لأنها الرواية التي يبدو أنها صحيحة.
قال الأستاذ فهد المارك:
لما كنت شديد الحرص على تتبع أخبار هذا الشاعر الداهية فقد نقل لي الرواة أن الأخ صلف ( .... ) هو الرجل الذي تولى نقل العوني وحراسته من سجن الرياض المسمى المصمك إلى سجن الأحساء - الذي يقال له دباب إبراهيم - وحيث أن صلفًا رجلًا شجاعًا وشهمًا ومن عادة الشجاع أن يكون صادقًا في كل روايته، لذلك فقد شددت الرحال إليه، وزرته في منزله في حي المعابدة في مكة - وكانت صدفة موفقة حيث كانت تلك الزيارة فيها كما يقال حجة وحاجة، وذلك أنني وجدته مريضًا فكانت زيارتي له فيها معنى من معاني التشافي له، وهي في الوقت ذاته وصلت بها إلى هدفي المنشود.
وبعد تبادل التحية والسؤال عن صحته وشرب فنجان القهوة والشاي بعد ذلك سألته عما عنيت من أجله، فذهب يقص لي رحلته هو والعوني من الرياض إلى الأحساء يرويها على الوجه الآتي:
يقول صلف - كنت قادمًا من الأحساء للرياض بمهمة كلفني بها الأمير عبد الله بن جلوي حاكم الأحسا - وعندما انهيت مهمتي وشئت أن أعود إلى الأحساء - جاءني رسول من قبل الإمام عبد العزيز يخبرني بأن هناك شخصًا
يراد مني أن أذهب به إلى الأحساء - وقد عين الرسول الزمان والمكان اللذين يتم فيهما سفري مع الشخص المذكور -.
وفي الوقت المحدد جئت للمكان وإذا بناقة موضوع فوقها (مسامة) ولم يكن فوق تلك المسامة أي وقاء، وبعد لحظة جائني برجل شاحب الوجه هزيل الجسم كث الشوارب - كأنه خارج من القبور وقيل لي هذا العوني سلمه للأمير عبد الله بن جلوي - فاركبته الناقة، وعندما خرجنا من أسوار الرياض قال العوني ما اسمك؟ فقلت اسمي صلف - فقال: بل اسمك خلف فقلت لم يكن لي تصرف باختيار اسمي - ولقد سماني والدي صلف - فقال: بل انت خلف، ولن أدعوك إلا خلف ويمضي صلف في حديثه قائلًا: إن قلبي رق لهذا الرجل لذلك أنخت راحلتي، وجعلته يركب راحلتي الذلول السهلة في ممشاها، والتي فيها الشداد وجميع وسائل الوقاية من (نطع وجاعد) وركبت فوق ناقته - وهنا أطمئن العوني إليَّ وقال ألم أقل أنك خلف؟
ثم سألني عماذا أوصيت أن أذهب به إليه؟ فقلت سوف أذهب بك إلى أمير الأحساء عبد الله بن جلوي، وعبد الله سوف يسفرك إلى البحرين.
وهناك تهلل وجهه الشاحب مسرورًا وقال: لقد انفرجت ما دام أن أمري موكول إلى عبد الله بن جلوي - ثم سألني متى نصل إلى الأحساء، فقلت له: رئاسة الطريق بيدك، فإن شئت استعجلنا وإن شئت تأخرنا، فالمكان الذي تريدنا أن نظل به أو تريدنا أن نواصل المشي منه فإنني تحت أمرك.
فقال: لقد قلت إنك خلف لا صلف - وهنا بدأ يشعر بالاطمئنان وقال: يا خلف إنني لم أستطعم اللحم منذ أن أدخلت السجن - فهل لك أن تطعمني لحمًا، فقلت: لك علي أن أقدم لك لحما حتى تشبع منه - وقد التقينا ببادية واشتريت منهم خروفًا وذبحته بيدي كما أني توليت طبخه حتى نضج، وقدمته له، وهناك