الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ إبراهيم بن محمد بن ناصر بن سيف من أهل بريدة، وعادته أن يستوعب أخبار من يترجم لهم ويجمعها من المصادر التي اطلع عليها.
الشيخ سليمان بن مقبل (1220 - 1305 ه
ـ) (1):
نَسَبُه ودِرَاسَتُه:
القاضي الشيخ الزاهد الورع الداعية العلامة سليمان بن علي بن مقبل، قاضي مدينة بريدة.
ولد عام 1220 هـ، وتولى قضاء بريدة مدة بلغت تسعة وثلاثين عامًا، تخللها فترات قليلة ينوب عنه فيها الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، كان رحمه الله ورعًا ناسكًا مسددًا في أقضيته، ويُعتبر من خيرة أهل زمانه، وبلده قرية البصر جنوب غرب بريدة، وقد ثقل آخر عمره وتخلي عن القضاء، وجاور في مكة ثم انتقل إلى بلده البصر، ومات فيها عن عمر ناهز خمسة وثمانين عامًا، وذلك عام 1305 هـ رحمه الله.
وقد جاء في كتاب الشيخ صالح العمري (علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم) له ترجمة في الجزء الأول ننقل ملخصًا لها هنا، لكونها أولى مما لدينا فيما يلي:
ولد رحمه الله في البصر (2)، وقرأ القران وتعلم مبادئ الكتابة ثم طلب التعلم على علماء في القصيم، ومنهم الشيخ قرناس بن عبد الرحمن الذي أعطاه إجازة، رصد صورتها العمري في كتابه بخط الشيخ قرناس.
رحلة العلم الشريف:
سافر الشيخ سليمان بن مقبل إلى الشام وقدم دمشق، فأقام بالمسجد
(1)(علماء نجد خلال ثمانية قرون)(2/ 373)، و (روضة الناظرين)(1/ 124)، و (تراجم لمتأخري الحنابلة)(ص 132)، وعلماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم)، وهذه الحاشية من الأصل.
(2)
من قرى بريدة في القصيم، وهي خب.
الأموي، والتحق بالشيخ حسن بن عمر الشطي مفتي الحنابلة بالشام.
يقول الأخ العمري: وقد بلغني من بعض أسباط الشيخ سليمان أن الشيخ حسنًا كان مدة إقامة الشيخ سليمان بالشام قد انقطع للعبادة والتعليم، واعتزل الدنيا وبقي في حجرة بالمسجد الأموي لا يخرج منها إلا للصلاة والتدريس في المسجد الأموي، وأنه لمَّا رأى في الشيخ سليمان النجابة والرغبة في العلم وتحصيله، أكرمه وأنزله في إحدى غرف الجامع الأموي قريبًا منه، وقال له: يا بني إنه يأتيني في كل يوم طعام من أولادي وإنه يكفيني وإياك.
قال محدثي: وكان أولاد الشيخ حسن أربعة كل واحدٍ منهم يرسل له الطعام يومًا، واستمر الشيخ في ضيافته مدة إقامته لتعليم العلم في الشام عنده مدة تقارب عشر سنوات ملازمًا له ليلًا ونهارًا كأحد أبنائه فاستفاد منه فائدة عظيمة، وصار ينسخ بخطه بعض الكتب العلمية من مكتبات دمشق التي كانت تزخر بنفائس المخطوطات، وخاصة فقه الحنابلة، وكتب الحديث من رواية المقادسة، كان يشتري ما يمكنه شراؤه من المخطوطات، ولم تكن المطابع قد وجدت في البلاد العربية في ذلك الوقت، وقد أحضر معه حملين ومنها كتاب (الهداية) لأبي الخطاب، بخط الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة، كتبت عام 543، ولا تزال عند آل مقبل أو عند الشيخ عبد المحسن بن عبيد النسخة التي طبعنا عليها كتاب (الهداية) بمطابعنا مطابع القصيم عام 1390 هـ (1).
وقد أجازه الشيخ حسن الشطي في التدريس والإفتاء وأثنى عليه، وقال في مطلع إجازته في روايتي عن الشيخ عبد الرحمن المحمد آل مقبل الذي قد اطلع على الإجازة: ووصفها، وقال: إنها في ورقة خضراء صغيرة قال في مطلع الإجازة "سليمان بن علي النجدي
…
الخ" ولم يقل آل مقبل، ويبدو أنه قد اشتهر
(1) هذا من كلام الشيخ صالح العمري رحمه الله.
بهذا الاسم واللقب مدة إقامته في الشام، والإجازة بخط الشيخ حسن، وقد فقدت، وربما وجدت في بطن أحد كتب آل مقبل.
أعماله:
لما عاد إلى القصيم كان أهل بريدة بحاجة إلى قاضٍ لكبر سن قاضيهم الشيخ قرناس، فجمع الشيخ قرناس جماعتهم وقال لهم: لقد هيأ الله لكم قاضيًا منكم هو الشيخ سليمان بن مقبل.
فقال الجماعة: هذا تعلم بالشام ولا نعرف علمه ومعتقده، فقال لهم: عينوه على مسؤوليتي، فوافقوا وتولى القضاء، ولما بلغ المشايخ بالرياض تعيينه قاضيًا لبريدة كتبوا له يطلبون مقابلته لمعرفة معتقده وعلمه، حيث أخذ العلم بالشام وعدم اطمئنانهم لذلك، فأجاب لطلبهم وسافر إلى الرياض.
ولما عرف الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ مكانته العلمية وحسن معتقده جرى إقراره قاضيًا لبريدة، ولما كان القضاة آنذاك لا مرتبات لهم ولا قواعد، ولما كان الشيخ قد فتح منزله للأقرباء والغرباء، وابن السبيل حتى قيل: إنه كان يطعم الخصماء الوافدين مدة بقائهم في بريدة، وبعد فترة من قيامه بالقضاء لكثرة المصاريف المترتبة عليه، وقلة ذات يده تخلى عن القضاء دون إبداء الأسباب للجماعة.
ولما علم الشيخ قرنان واجتمع عنده جماعة بريدة قال لهم: أنا أعرف سبب تخلي قاضيكم عن العمل، فقاضيكم متعفف وليس عنده شيء ينفق منه، ولم يستطع تحمل المصاريف، واقترح أن تجعلوا أوقافًا على المسجد الجامع يكون ريعها للإمام، وسيكون القاضي هو إمام الجامع، فتم ذلك وكتبت الوقفية وتسلم الشيخ سليمان أوراق الوقفية (1).
وقال الأستاذ محمد بن عثمان القاضي:
(1) المبتدأ والخبر، ج 1، ص 504 - 507.