الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمان بن عليّ المقبل (أبو حنيفة)
ومنهم سليمان بن عليّ المقبل من الرجال ذوي النباهة والفصاحة، والبصيرة في الحديث حتى سماه طلبة العلم (أبو حنيفة) فلحقه هذا اللقب، وبقي يعرف به حتى الآن.
وأصله أنه كان في شبابه يجلس مع عدد من كبار طلبة العلم تلاميذ المشايخ آل سليم مثل الشيخ عبد العزيز العبادي والشيخ عبد الله بن رشيد الفرج فكانوا يتباحثون في المسائل العلمية في غياب شيخهم فيبدي بعضهم وهم من طلبة العلم - المحصلين - رأيه في مسئلة فينبري سليمان المقبل وهو صغير السن ومن الذين يستمعون للدرس فقط، فيبدي رأيه فيسألونه: كيف تبدي رأيك وأنت ما قرأت؟
فيجيبهم: صحيح أنا ما قرأت هذه المسئلة ولكني أقيسها على المسائل التي سبق أن سمعت بها، فيقول الشيخ العبادي رحمه الله:
نعم أنت يا أبو حنيفة، يريد الإمام أبا حنيفة لشهرته بالقياس.
وقد جلست مرارًا مع الشيخ سليمان العلي المقبل وبخاصة بعد أن أسن وزادت سنه على الثمانين وهو حاضر الذهن، فصيح اللسان قوي العارضة، كثير المحفوظ من الآيات والأحاديث، والقصص والأخبار، ولقد انتفعت به من ناحية حفظه لأخبار بعض أهالي بريدة الذين سبق عصرهم عصرنا جزاه الله خيرًا.
فأما حفظه للنصوص الشرعية فإن هذا ليس غريبا عليه مع عدم ملازمته لطلب العلم كما فعل المشايخ لأن والده (عليّ بن مقبل) رحمه الله كان محبًا للمشايخ وطلبة العلم من آل سليم وأتباعهم، وكان يحضر مجالس الذكر، ويذب عن المشايخ.
وعندما حدث الخلاف بين الشيخ ابن جاسر ومن تبعه وبين آل سليم كان عليّ المقبل من المعروفين غير المتهاونين في الذب عن آل سليم وتلامذتهم.
ومن الشواهد على ذكاء سليمان بن عليّ المقبل وقوة حجته أنه كان في أحد مواسم الحج في مكة المكرمة في درس لأحد المشايخ في المسجد الحرام أظنه صالحة الفلسطيني فوقف عليه أحد المصريين وكان البحث يدور حول حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره فقال المصري:
إن الرسول لم يمت، بل هو حيٌّ في قبره فبين له الشيخ أن حياته في قبره هي حياة برزخية ليست من جنس حياتنا.
ولكنه لم يقتنع فسكت عنه الشيخ وهنا انبرى سليمان المقبل، وقال وهو يرفع صوته الجهوري:
يا أيها المسلمون هذا الرجل يقول: إن الرسول لم يمت والله سبحانه وتعالى يقول (إنك ميت وإنهم ميتون) وأبو بكر يقول (من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) ثم تلا قوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} .
فأيهما نصدق، ولكن الرجل أصر على قوله ولم يقتنع بهذه النصوص.
وهنا قال سليمان العلي المقبل للرجل: ماذا تقول فيمن دفن رسول الله صلي الله عليه وسلم أهم الصاحبة أم غيرهم أم نقول إنه لم يدفن؟
فأجاب: بل هو مدفون في قبره في المدينة وقد دفنه الصحابة رضي الله عنهم وهنا رفع سليمان صوته للناس وهو يشير إلى سقاء كان يحمل على ظهره قربة مليئة بماء زمزم وقال: ما تقول فيمن قام الآن إلى هذا السقاء ودفنه وهو حي؟
فقال: يكون قتله.
فقال سليمان المقبل: إذا أشهدوا أيها المسلمون أن هذا الرجل يتهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم قتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنهم - على حد قولهم - دفنوه في الأرض وهو حيّ، فبهت الرجل وانقطع.